4 طرق لإصلاح خط الغاز الحيوي «نورد ستريم»

6 دقائق
4 طرق لإصلاح خط الغاز الحيوي «نورد ستريم»
بيرند ويستنيك/ دي بي إيه عبر أسوشيتد برس

كان خطّا أنابيب الغاز نورد ستريم 1 و2 جزءاً أساسياً من البنية التحتية للطاقة في أوروبا، إلى أن بدأت الحرب الروسية الأوكرانية. وفي الربع الرابع من عام 2021، وفّرت خطوط نورد ستريم %18 من مجموع واردات أوروبا من الغاز. وصل نصف واردات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خط نورد ستريم 1، وهو رقم قياسي مرتفع. (وبعد أن تم إنجازه، لم يدخل خط نورد ستريم 2 حيز التشغيل حتى الآن، وذلك لأن ألمانيا كانت قد ألغت خطة استخدامه بعد الغزو).

ومنذ ذلك الحين، أصبح خط نورد ستريم بيدقاً جيوسياسياً حيث ردت روسيا من خلاله على العقوبات الاقتصادية التي فُرضت عليها بعد الغزو. في يوليو/ تموز، أوقفت روسيا خط الأنابيب للصيانة المخطط لها مسبقاً، لكنها لم تعده إلى طاقته الكاملة، وبحلول آب/ أغسطس، أعلنت شركة الطاقة الحكومية الروسية عن انقطاع غير مخطط له.

وفي أواخر سبتمبر، تسبب عطل غير متوقع في حدوث أربعة تسربات في نظام خطوط الأنابيب تحت سطح البحر. قام الجميع باتهام روسيا بالقيام بهذا العمل التخريبي على حد وصفهم، لأنها تحاول تقليص الإمدادات قبل نقص الطاقة في فصل الشتاء القارس في أوروبا، حيث تخطط البلدان بالفعل لخفض استخدام الطاقة.

اقرأ أيضاً: كيف يساعد التحول الرقمي قطاع النفط والغاز على مواجهة الأزمة الحالية في الطاقة؟

ويستمر السباق الآن لإصلاح خطوط الأنابيب الحيوية قبل الشتاء- إذا كان ذلك ممكناً. إن الشركة المشتركة التي تتخذ من سويسرا مقراً لها، وتشغل خط نورد ستريم، المملوك بنسبة 51% لشركة الطاقة الروسية الحكومية "غازبروم" (Gazprom)، غير متأكدة ما إذا كان سيتم حل هذه المشكلات. يعتقد رئيس لجنة الطاقة البرلمانية الروسية، بافيل زافالني، أنه من الممكن حل المشكلة في غضون ستة أشهر بسهولة بعد انتهاء فصل الشتاء، حيث تكون هناك حاجة ماسة للإمدادات. 

ما نعرفه هو أن أي مهمة ستشكل تحدياً غير مسبوق لقطاع النفط والغاز، ما يتطلب روبوتات معقدة وهندسة ابتكارية.

وعلى الرغم من أننا لسنا متأكدين من مدى سوء الوضع، فمن المتوقع أن يكون الضرر كبيراً، ومن المعتقد أن الانفجارات التي حدثت بتاريخ 26 سبتمبر قد تسببت في حدوث تصدعات في خط الأنابيب، وبلغت قوة تلك الانفجارات 2.2 درجة على مقياس ريختر، وفقاً لشبكة رصد الزلازل الوطنية السويدية. وأوضح المحققون السويديون والدنماركيون، الذين أخذوا زمام المبادرة في التحقيق في التسربات باعتبارها حدثت بالقرب من بلدانهم: إن سبب هذه التسربات هو انفجارات تعادل "مئات الكيلوغرامات من المتفجرات".

انفجارات مفتعلة تسبب تسريبات في خط الغاز

يقول محلل الطاقة المستقل، جيل فان دين بوكيل، والذي عمل في شركة شِل لمدة 25 عاماً، كان آخرها كعالم جيولوجيا رئيسي: "من الممكن أن تكون هذه الانفجارات الهائلة قد ألحقت أضراراً بخط الأنابيب هذا على مسافة أكبر مما نعرف، وربما لم يعد هذا الخط كما كان في وضعه الأصلي".

اقرأ أيضاً: هل ستتمكن الجهات المسؤولة عن قطاع الوقود الأحفوري من تنظيف انبعاثاته؟

وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الحادث بأنه "تعطيل متعمد للبنية التحتية للطاقة الأوروبية النشطة". ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن ذلك بأنه "عمل تخريبي متعمد". ورغم الادعاءات التي تقول إن هوية المتسبب واضحة، قال متحدث باسم الكرملين إن توجيه أصابع الاتهام إلى الروس هو أمر "غبي ومتوقع".

يقول فان دين بوكيل: "بغض النظر عن الفاعل، فقد كان حادثاً متعمداً، لأن خطوط الأنابيب هذه لا تتعطل بسهولة". إذ يبلغ سمك أنابيب نورد ستريم الفولاذية 1.6 بوصة، كما يصل سمك الخرسانة المحيطة بها إلى 4.3 بوصة. ويزن كل جزء من أجزاء خط الأنابيب البالغ عددها 100.000 تقريباً 24 طناً مترياً.

يضيف فان دير بوكيل: "توصف هذه الأنواع من التسربات بأنها تحدث مرة واحدة كل 100.000 عام، والطريقة الوحيدة لحدوث هذه التسربات هي الأعمال التخريبية".

نظراً لأن خط الأنابيب لم يكن في الخدمة الفعلية بسبب الوضع الجيوسياسي، فإن التأثيرات البيئية لا تشكل مشكلة كبيرة كما كان متوقعاً لها، رغم أنها لا تزال مقلقة. وفقاً للتقديرات، فإن حجم الغاز المحتمل تسربه من خط الأنابيب يتراوح ما بين 7.5 مليون و 14 مليون طن متري من مكافئ ثاني أوكسيد الكربون، حسبما أبلغت السلطات الألمانية والدنماركية الصحفيين. قال متحدث باسم شركة غازبروم في اجتماع لمجلس الأمن الدولي في 30 سبتمبر/ أيلول إن المنظمة تعتقد أن خطوط الأنابيب كانت تحتوي على 800 مليون متر مكعب من الغاز في وقت الانفجار، ما يضع سقفاً محتملاً لحجم الغاز الذي كان من الممكن أن يتسرب. لكن التحقيق في الإصلاحات المحتملة وتحديدها ليس آمناً في ظل استمرار تسرب الغاز.

اقرأ أيضاً: ماذا سيكون مستقبل التكنولوجيا في قطاع النفط والغاز؟

طرق لإصلاح خط أنابيب الغاز نورد ستريم

بمجرد أن يتمكن المحققون من العمل بأمان، يبدأ العمل الصعب المتمثل في فرز المشكلات وإيجاد الحلول. يقول جان فرانسوا ريبيه، من شركة "ثري إكس إنجينيرينغ" (3X Engineering) لإصلاح خطوط أنابيب النفط والغاز ومقرها موناكو، والتي قامت في السابق بإصلاح خطوط الأنابيب التي تم تخريبها من قبل تنظيم القاعدة في اليمن: "لتقييم الوضع علينا أن نسأل ، ما حالة الأنبوب؟ وما الأضرار؟" يمكن إجراء هذا التقييم باستخدام روبوت فحص أو مركبة تعمل عن بعد أو غواصين متخصصين.

يسبب الغاز الموجود تحت الماء اضطرابات على سطح مياه البحر. خفر السواحل السويدي عبر أسوشيتد برس

استخدام روبوتات وغواصين

يعد إرسال الغواصين إلى الموقع أمراً صعباً بسبب عمق خط الأنابيب، فبينما تتركز التسربات في المياه الضحلة نسبياً، بعمق 50 متراً، يقع غالبية خط الأنابيب على عمق 80 إلى 100 متر تحت الماء. وينبغي فحصها كلها بحثاً عن أي عطب محتمل.

يقول مسؤول البحث والتطوير والمدير التقني في شركة "ثري إكس إنجينيرينغ"، أوليفييه مارين: "لقد أجرينا إصلاحات على هذا العمق، ولكن علينا استخدام غوص التشبع، بحيث يمكن الغوص لـ10 ساعات، ولكن ذلك يستوجب البقاء لمدة شهر في غرفة ذات ضغط عالي"، (في الغوص بالتشبع، والذي يستخدم لظروف أعماق البحار، يظل الغواصون في أقصى العمق في بيئة متخصصة ويخضعون لتخفيف الضغط مرة واحدة بمجرد انتهاء العملية).

لن تكون عمليات الإصلاح سهلة. يقول ريبيه: "لدينا عدة خيارات، الأول هو استبدال جميع الأجزاء المعطوبة من الأنبوب- على الرغم من أن هذا الخيار هو الأعلى كلفة، كما أننا بحاجة إلى أنابيب لها نفس حجم القطر، ونوع الفولاذ ذاته، وما إلى ذلك". ونحتاج إلى إحضار رافعات محمولة على السفن تكون قوية بما يكفي لرفع أجزاء الأنابيب الثقيلة من الماء.

اقرأ أيضاً: العامل الذكي: تكنولوجيا الصحة والسلامة في قطاع النفط والغاز

ترميم الأجزاء المعطوبة بمشابك

سيكون خيار الإصلاح الثاني هو تثبيت مشبك يغطي الأجزاء المعطوبة من الأنبوب، ما يؤدي بشكل أساسي إلى ترميم الأجزاء المتضررة. ومع ذلك، ستتطلب خطوط أنابيب نورد ستريم مشابك ضخمة، وذلك لأن القطر الداخلي للأنبوب يبلغ 1.153 متر، كما يجب تركيب غواصة خاصة بشكل مؤقت تحت الماء، وهي غرفة مانعة لتسرب الماء تغلف قسم خط الأنابيب حتى يتمكن المهندسون من العمل فيه.

يعتقد مارين أن هذا الحل سيكون "الأسهل". ويضيف: سيستغرق الأمر شهوراً لتأمين مشبك كبير بما يكفي لتغليف خط الأنابيب. لكن هذه الطريقة لن تنجح أيضاً إذا تبين أن هناك ضرراً كبيراً، لأنه لا يمكن بناء مشابك كبيرة بما يكفي لتغطية الثقوب الكبيرة.

تقنية الإصلاح المركّب

أما الخيار الثالث فهو الإصلاح المركّب الذي يجمع بين الطريقتين: استبدال الأجزاء الأكثر تضرراً في خط الأنابيب، وتثبيت الأقسام الأقل تأثراً.

ويقترح ريبيه خياراً رابعاً قد يكون مستبعداً، وهو بناء وتركيب قسم خط أنابيب جديد يمكنه تجاوز الأقسام المعطوبة، والتي ستُترك في مكانها. ويشير المحللون الروس أيضاً إلى أن أحد خطوط الأنابيب الفردية الأربعة لمشروع خط نورد ستريم لم يتأثر على ما يبدو، ما يعني أنه قد يستمر في نقل الغاز، وإن كان بمعدل أقل.

لكن هناك مشكلة أخرى تعقّد أي عمل محتمل للإصلاح، وهو مدى قانونية هذه الإصلاحات. تدّعي شركة "نورد ستريم إيه جي" التي تدير خط أنابيب نورد ستريم 1، أنها كيان منفصل عن شركة "نورد ستريم 2 إيه جي"، والتي تدير خط أنابيب نورد ستريم 2. حيث تخضع هذه الأخيرة للعقوبات الدولية المفروضة بعد الغزو الروسي. ويعتقد الوزير الروسي زافالني أنه من الممكن أن تبطئ العقوبات عمليات إصلاح خط الأنابيب، كما سيكون من الصعب العثور على سفن مستعدة للقيام بأعمال نقل المعدات. 

وفي نفس السياق، لم يرد متحدث باسم شركة "نورد ستريم إيه جي" على ثلاثة طلبات للتعليق حول كيفية تخطيط الشركة للتعامل مع قضية العقوبات.

حتى إذا كان بالإمكان إجراء الإصلاحات، فمن غير المحتمل أن يستأنف خط نورد ستريم الإمدادات في المستقبل القريب. أحد العوامل الرئيسية التي يجب مراعاتها أيضاً عندما يتسرب الغاز، يتدفق الماء إلى الداخل، ما يسبب تآكل وصدأ الأنابيب. يقول فان دين بوكيل: "من المؤكد أن المياه المالحة داخل خط الأنابيب ليست جيدة". وفقاً لوكالة الطاقة الدنماركية، بعد توقف تسريب الغاز من خط الأنابيب، بدأ السباق لمحاولة سد الثقوب باستخدام تقنية "الخنازير"، وهي أجهزة قياس لفحص خطوط الأنابيب، والتي تُستخدم لدفع المواد غير المرغوب بها خارج خطوط الأنابيب، كما تستخدم عادةً لتنظيف الأنابيب كجزء من الصيانة الدورية. كلما زادت سرعة إرسال هذه الأجهزة إلى الأجزاء المتضررة، كان ذلك أفضل للحد من الأضرار على المدى البعيد.

ومهما كان الحل النهائي، سيكون الإصلاح صعباً ومكلفاً.

اقرأ أيضاً: مستقبل الذكاء الاصطناعي في صناعة النفط والغاز

عندما سُئل فان دين بوكيل عما إذا كنا قد شهدنا مشكلة بهذا الحجم تحت سطح البحر من قبل، أجاب: "لا. عندما تتحدث عن الأعمال التخريبية، فإنها عادةً ما تكون على الشاطئ وعلى نطاق أصغر بكثير". ويضيف: "لا أعتقد أن هناك شيئاً مشابهاً لهذا على الإطلاق".

المحتوى محمي