قد يساعد سحب الميثان من الغلاف الجوي على إبطاء الاحترار العالمي في العقود القليلة المقبلة، ولكن الباحثين ما زالوا يحاولون تحديد ما إذا كان هذا ممكناً بالفعل.
يعتبر الميثان من غازات الدفيئة العالية التأثير، وقد زادت النشاطات البشرية، مثل استخراج الغاز الطبيعي والزراعة، من تركيزه بأكثر من الضعف مقارنة مع الحقبة قبل الصناعية. ولن تؤدي إزالة بعض الميثان من الغلاف الجوي أو "عدم إصداره في المقام الأول" إلى إيقاف التغير المناخي لوحدها، ولكن إزالة الميثان يمكن أن تلعب دوراً مهماً في منع وقوع أسوأ تأثيرات الاحترار في هذا القرن.
ويمكن لخفض الميثان في الغلاف الجوي بنسبة 40% أن يؤدي إلى تقليل الاحترار بمقدار 0.4 درجة مئوية بحلول العام 2050، وذلك وفقاً لبحث جديد. نشر الباحثون مؤخراً أيضاً خطة توضح الأساليب الممكنة وتدعو إلى المزيد من الأبحاث في تكنولوجيا إزالة الميثان، والتي اقتصر معظمها حتى الآن على العمل المخبري.
يقول روب جاكسون، وهو باحث في ستانفورد، وأحد مؤلفي كلتا الدراستين: "من المرجح أن إزالة الميثان هي أفضل ما يمكن فعله لتحقيق أعلى فعالية في التقليل من الحرارة القصوى للاحترار خلال العقود المقبلة".
يعتبر الميثان نادراً نسبياً، حيث يبلغ تركيز ثنائي أوكسيد الكربون 200 ضعف تركيز الميثان في الغلاف الجوي. وعلى الرغم من هذا، فقد أسهم بنسبة 30% تقريباً من إجمالي الاحترار العالمي حتى الآن، أي ما يعادل 0.5 درجة مئوية، وذلك وفقاً لتقرير جديد من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أنه موجود في الغلاف الجوي منذ حوالي 10 سنوات فقط، فإن فعاليته على المدى القصير كغاز دفيئة تساوي 86 ضعف من فعالية ثنائي أكسيد الكربون.
تقول فايشالي نايك، وهي عالمة متخصصة بالغلاف الجوي في الإدارة الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي: "سيزول الميثان لاحقاً، لكنه سيسبب الكثير من المشكلات حتى ذلك الحين".
ونظراً لعمر الميثان القصير، فإن التخفيف من انبعاثات الميثان حالياً سيؤدي إلى تراجع تركيزه في الغلاف الجوي بسرعة. وفي تقرير حديث أصدره برنامج الأمم المتحدة البيئي حول الميثان، وهو تقرير شاركت نايك في تأليفه، يقدّر الباحثون أن تخفيض انبعاثات الميثان بنسبة 45% اليوم سيؤدي إلى تخفيف الاحترار بمقدار 0.28 درجة مئوية بحلول منتصف القرن، ما يبقي الاحترار العالمي تحت عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات الحقبة قبل الصناعية، كما حددها اتفاق باريس.
ويمكن تحقيق حوالي ثلثي هذه التخفيضات باستخدام حلول جاهزة وموجودة حالياً، كما تقول نايك. وتتضمن هذه الحلول إغلاق آبار الغاز الطبيعي التي يتسرب منها الغاز، والتقليل من الاعتماد على مناجم الفحم، التي تطلق الميثان المخزن تحت سطح الأرض، الذي ينتج عن تحول المواد النباتية إلى فحم. وتضيف قائلة إن التخفيف من بعض الانبعاثات قد يكون أرخص وأسهل من توسيع نطاق تكنولوجيا الإزالة.
ولكن، لإبقاء الاحترار تحت 1.5 درجة مئوية، يجب أيضاً تخفيض انبعاثات الميثان من بعض الصناعات مثل الزراعة، وهو ما قد يكون أمراً صعباً مع تزايد عدد السكان.
ويمكن أن تساعد تكنولوجيا إزالة الميثان، في حال وجودها. وتعمل المجموعات البحثية على اختبار بضع طرق، ويتضمن معظمها تحريك الهواء فوق حفاز لتسريع تفكك الميثان إلى ثنائي أكسيد الكربون أو غيره من الغازات. وتكمن المشكلة الرئيسية في الحاجة إلى تطبيق هذه التكنولوجيا على نطاق واسع للغاية، حيث يجب أن يقوم النظام المستخدم بمعالجة 0.4% من إجمالي الغلاف الجوي للأرض لإزالة تيراجرام واحد من الميثان، على حين ينتج البشر حوالي 350 تيراجرام من انبعاثات الميثان كل سنة.
ويقول جاكسون إن عدة مبادرات تجارية لإزالة الميثان بدأت بالظهور والعمل، وهو يشارك في إحداها شخصياً. ولكن مجموعته لم تختبر تكنولوجيتها في الميدان بعد، ولا يعتقد أن أي شركات أخرى حققت إنجازاً كبيراً في هذا المجال. ووفقاً لتقديرات جاكسون، يجب أن تبدأ المحطات التجريبية بالعمل خلال العقد المقبل لخفض الاحترار بحلول العام 2050. وهو ما يعني ضيق الوقت المتاح لتطوير هذه التكنولوجيات والتحقق من فعاليتها.
يقول جاكسون: "ليس هناك أي ناحية سهلة في إزالة الميثان". ولكن، قد يكون هناك دروس يمكن أن نستقيها من التقاط ثنائي أكسيد الكربون، فعلى الرغم من أن هذه التكنولوجيا تواجه نفس مشكلات التوسع، فإنها تلعب دوراً كبيراً في خطة إدارة بايدن للتعامل مع التغير المناخي، وقد بدأ استخدامها تجارياً في عدة أماكن حول العالم، وستُفتتح عدة محطات جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقد يكون استهداف التراكيز المرتفعة من الميثان بوضع تكنولوجيات الإزالة مباشرة عند مصادر الانبعاثات أكثر سهولة من محاولة سحب هذا الغاز من الغلاف الجوي. وبشكل عام، فإن إيقاف الانبعاثات لا يزال على الأرجح أكثر سهولة من معالجتها.
يقول جاكسون: "خفف أولاً، أزِل ثانياً، هذا هو شعاري".