هل تذكر حين بدأنا نسمع عن السيارات ذاتية القيادة لأول مرة في وسائل الإعلام، لقد مر أكثر من عقد منذ أن بدأت شركات التكنولوجيا بتقديم وعودٍ أننا في المستقبل القريب سنكون قادرين على التنقل بسيارات تسير بشكلٍ مستقل دون الحاجة إلى وجود سائق داخلها.
جميعنا شاهد أيضاً مقاطع الفيديو التي تظهر تصورات لمدن المستقبل المليئة بسيارات الأجرة ذاتية القيادة والمركبات التي يسترخي فيها الركاب ويقرأون الكتب أو يستخدمون هاتفهم المحمول أو يشاهدون التلفاز.
هذا ما وعدونا به. لكن اليوم، يبدو أن تحقيق ذلك ما يزال بعيد المنال. فما الذي يمنع انتشار السيارات ذاتية القيادة على الرغم من مزاياها الواعدة في تعزيز رفاهيتنا وزيادة الأمان على الطرقات؟
المبالغة في التقديرات
الجواب البسيط هو أن الجميع بالغ في تقدير إمكانات أكثر التقنيات تقدمًا وقللوا من العقبات التقنية والمشكلات التي يمكن أن تواجهها هذه التكنولوجيا.
فالقيادة، على الرغم من أن معظمنا يعتبرها عملاً سهلاً، هي عمل معقد ومتعدد المهام. يتطلب أن يكون السائق يقظاً ويجمع الكثير من المعلومات من خارج وداخل السيارة، ليس من السهل الحفاظ على سرعة السيارة ومسارها مع مراقبة حالة الناس وحركة المرور واللافتات وإشارات المرور، هذا الأمر في الحقيقة يتطلب العديد من المهارات والقدرات العقلية والإدراكية والحركية المتنوعة التي يتمتع بها السائق البشري.
نظام القيادة الذاتية يعتمد على خوارزميات التعلم الآلي والشبكات العصبية للتعلم العميق التي تتضمن ملايين الخلايا العصبية الافتراضية التي تحاكي الدماغ البشري.
في حين أن هذه الخوارزميات يمكنها اكتشاف وتصنيف الأشياء بدقة كبيرة، لكنها لا تزال غير قادرة على محاكاة تعقيدات القيادة في العالم الحقيقي. لا تحتاج المركبات ذاتية القيادة إلى اكتشاف البشر والأشياء الأخرى والتعرف عليها فحسب، بل يجب عليها التفاعل مع حركة البشر والسيارات الأخرى، أي التعامل مع بيانات متغيرة باستمرار.
اقرأ أيضاً: نظام تعلم آلي جديد يساعد السيارات ذاتية القيادة على التنبؤ بحركة ما حولها
القبول العام
يجب ألا ننسى المحاولات المتعددة من قبل مصنعي السيارات لتضليل الناس من خلال استخدام أسماء مثل "الربان الآلي" (Auto pilot) الذي طورته شركة تسلا، والذي يظن الكثيرون أن قادر على قيادة السيارة بشكلٍ مستقل تماماً، لكنه في الحقيقة مجرد نظام قيادة ذاتي محدود الإمكانيات، ويحتاج إلى أن يكون السائق مستعداً لتولي القيادة في أي وقت حين يواجه نظام القيادة مشكلات طارئة.
أدى هذا التضليل إلى خلق مشكلة كبيرة، وهي الإحساس الزائف بالأمان عند استخدام أنظمة القيادة هذه، حيث شعر بعض السائقين أنهم يستطيعون إعفاء أنفسهم عن مهمة مراقبة حركة السيارة والطريق، ما أدى إلى حوادث كان من الممكن تجنبها.
في أبريل 2021 بولاية تكساس الأميركية، اصطدمت سيارة تسلا ذاتية القيادة بأشجار بعد أن فشل نظام القيادة الذاتي في تجاوز منعطف، أدى ذلك لاشتعال النيران بالسيارة، ما أسفر عن مقتل رجلين كانا فيها، وفقاً لتقرير الشرطة، لم يكن أي من الرجلين جالساً في مقعد السائق خلف المقود كما تقتضي تعليمات الشركة وبروتوكولات السلامة المعتمدة.
Two men dead after fiery crash in Tesla Model S.
“[Investigators] are 100-percent certain that no one was in the driver seat driving that vehicle at the time of impact,” Harris County Precinct 4 Constable Mark Herman said. “They are positive.” #KHOU11 https://t.co/q57qfIXT4f pic.twitter.com/eQMwpSMLt2
— Matt Dougherty (@MattKHOU) April 18, 2021
هناك خطر من أن تؤدي مشكلات السلامة إلى تقويض ثقة الجمهور، لهذا السبب، يجب أن يشارك الجمهور في القرارات المتعلقة بنشر واعتماد السيارات ذاتية القيادة. فانعدام الثقة لن يؤدي إلى تجنب الناس لركوب هذه السيارات فحسب، بل يمكن أن يؤدي الضغط من أجل عدم السماح لها بالسير على الطرقات.
اقرأ أيضاً: بعد السيارات والطائرات: الآن جاء دور القوارب لتصبح ذاتية القيادة