عائلة سائق قُتل أثناء عمله لصالح أوبر تحاول إقناع الشركة بالمساعدة

4 دقائق
مقتل سائق في أوبر
الصورة تقدمة: عائلة يوسفي.

كان أحمد فواد يوسفي، والبالغ من العمر 31 سنة، نائماً في سيارته في موقف سيارات لأحد ملاعب سان فرانسيسكو حوالي الساعة الخامسة صباحاً في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني، عندما تقدم أحدهم إلى السيارة محاولاً سرقة محفظته، ومن ثم أطلق النار عليه وقتله. أتى يوسفي، وهو مهاجر أفغاني وصل إلى الولايات المتحدة بسمة دخول خاصة بعد العمل كمترجم للجيش الأميركي، إلى المدينة من منزله في ساكرامنتو للقيادة لشركة "أوبر" (Uber)، وكان يحاول الحصول على قسط من الراحة بين النوبات.

عائلة بلا معيل وأوبر تتهرب

ومنذ تلك الليلة الفظيعة، استماتت عائلة يوسفي، التي تتضمن أخيه وزوجته وثلاثة أطفال، في الحصول على إجابات، والآن، يقولون إن أوبر يجب أن تلعب دورها في المساعدة. وفي رسالة إلى الشركة نُشرت في 16 ديسمبر عبر مجموعة العمال غروب غيغ ووركرز رايزينغ، حدد محمد، أخو يوسفي الذي يعتمد اسم إلياس ويشير إلى أحمد بالأخ، ثلاثة مطالب: الوصول إلى حساب يوسفي على أوبر، ودفع 4 ملايين دولار كمساعدة فورية للعائلة، وتحسين أجور كافة سائقي أوبر. (يعمل إلياس أيضاً سائقاً لدى الشركة).

استجابت أوبر في البداية للجريمة بالقول إن يوسفي "بدا خارج الخدمة" في وقت إطلاق النار، ورفضت مشاركة أي سجلات أو توثيق لنشاط حسابه مع عائلته أو الصحافة.

وفي الرسالة، شكك إلياس في صحة اعتبار توقف النشاط على التطبيق سبباً لاعتبار أن يوسفي لم يكن يعمل لدى أوبر، وهي إحدى أهم المشاكل الأساسية في الوظائف غير الثابتة. "لقد قُتل أخي أحمد أثناء قيادة إحدى السيارات التابعة لشركتكم. لقد كذبتم عندما قلتم للصحافة إنه لم يكن يعمل لدى أوبر لدى مقتله. لقد كان في سان فرانسيسكو للعمل لأوبر... وكان قد توقف لأخذ استراحة بعد العمل لأوبر في تلك الليلة".

انتقل يوسفي إلى كاليفورنيا من أفغانستان منذ ثلاث سنوات، وهو إجراء احتياطي ضروري بعد الوقت الذي أمضاه في مساعدة الجيش الأميركي. كان يوسفي معيلاً أساسياً للعائلة، كما يقول إلياس، وعلى الرغم من أنهم كانوا يحاولون تدبر معيشتهم عبر بعض الأساليب التي تتضمن صفحة على موقع "غو فاند مي" (GoFundMe)، فإن زوجة يوسفي وأطفاله لا يمتلكون أي موارد مالية مناسبة.

اقرأ أيضاً: هل يمكننا التنبؤ بالزمان والمكان الذي ستحدث فيه جريمة ما؟

مخاوف متنامية حول السلامة

ليست الجريمة بالأمر الغريب بالنسبة للسائقين غير الثابتين في الولايات المتحدة. فقد كشف تحقيق حديث أجرته وول ستريت جورنال أن الشركة، وعلى الرغم من أنها رفضت مشاركة أرقامها، تتعرض إلى نسبة 11% من السطو على السيارات في مينيابوليس، كما أن تقريراً من "ذا مارك أب" (the Markup)، وهي مؤسسة إخبارية تجري تحقيقات عن كيفية استخدام المؤسسات القوية للتكنولوجيا في تغيير مجتمعاتنا، في يوليو كشف عن وجود 124 عملية إجرامية ضد سائقي الركوب المشترك، بين سطو على السيارات ومحاولات سطو على السيارات، وذلك على مدى السنة والنصف الماضية. 

أطلقت أوبر عدة مزايا جديدة للسلامة، مثل الوصول السريع إلى عاملي خدمة الطوارئ على الرقم 911، والقدرة على بث إحداثيات نظام تحديد الموقع العالمي إلى قوات الشرطة، إضافة إلى خيار لتسجيل الصوت أطلقته الشركة مؤخراً. ولكن، ووفقاً لبعض المعايير، فإن هذه الوظيفة هي واحدة من أخطر الوظائف في البلاد، وقد وجهت بعض المجموعات المناصرة للسائقين والعمال -مثل نقابة السائقين المستقلة- اتهامات للشركة بالتقصير في إجراءات حماية عامليها. إضافة إلى هذا، فقد قرر بعض السائقين الاعتماد على أنفسهم، وذلك بحمل بخاخات الفلفل، وتركيب كاميرات المراقبة، بل وحتى حمل الأسلحة.

يُعتبر يوسفي واحداً من العديد من اللاجئين الأفغان الذين يعيشون في ساكرامنتو ويقودون السيارات لصالح أوبر في سان فرانسيسكو، حيث يوجد طلب كبير على الرحلات (تصل نسبة المهاجرين بين العاملين في وظائف غير ثابتة في سان فرانسيسكو إلى نحو 56%). يقول إلياس إن يوسفي غادر ساكرامنتو متوجهاً إلى منطقة خليج سان فرانسيسكو يوم الجمعة في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني، وذلك للعمل لأوبر، ونام في سيارته قدر ما يستطيع بين الرحلات، وهو أمر معتاد بين السائقين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف غرف الفنادق. ووفقاً لإلياس، فقد قال أحد أصدقائهم، وهو أيضاً سائق آخر كان موجوداً مع يوسفي، إنهما كانا يستريحان في السيارة عندما حدثت عملية إطلاق النار.

تسمح أوبر للسائقين بالبقاء في حالة نشاط على التطبيق لمدة 12 ساعة فقط قبل أن تفرض استراحة لمدة 6 ساعات، وهو إجراء يهدف إلى ضمان سلامة الرحلات. وخلال الاستراحة والقيلولة ووجبات الطعام، يقوم السائقون بإيقاف التطبيق، وذلك لزيادة الوقت المتاح لكسب المال قدر الإمكان. 

وفي الرسالة، قال إلياس إن الأجور المنخفضة لسائقي أوبر "تفرض ظروف عمل خطيرة، وتدفع بالمئات من السائقين الأفغان إلى القيادة من ساكرامنتو إلى سان فرانسيسكو في كل أسبوع، والنوم في سياراتهم في بيئات غير آمنة، فقط لكسب ما يكفي لاحتياجات عائلاتهم في كل أسبوع". 

اقرأ أيضاً: هل تستطيع شبكة سنيكرنت الخفية في أفغانستان أن تنجو من طالبان؟

ما الذي يُحتسب عملاً؟

لم ترد أوبر على الرسالة بعد، على الرغم من أنها تتواصل مع العائلة. وفي تصريح لإم آي تي تكنولوجي ريفيو قبل نشر الرسالة، قال ناطق باسم أوبر: "نحن نشعر بالأسى بسبب هذا الفعل العنيف والمؤسف، والذي أدى إلى مقتل السيد يوسفي، وتتوجه قلوبنا إلى عائلته بخالص التعازي والمشاعر الصادقة في هذه الفترة الصعبة". 

ولكن، وبدون أي إجابات من دائرة شرطة سان فرانسيسكو، فإن إلياس وعائلة شقيقه متلهفون لمعرفة المزيد حول ظروف مقتل يوسفي. فقد حاول إلياس الدخول إلى حساب يوسفي على أوبر، ويقول إن الحساب قد أوقف. كما حاول التواصل مع أوبر بخصوص هذه المسألة، ويقول إن أوبر ردت عليه بأن هذا مخالف لسياستها. 

وفي 5 ديسمبر/ كانون الأول، أوردت قناة الأخبار المحلية "إيه بي سي 10" (ABC10) في أحد تقاريرها أن أوبر قالت إن يوسفي "بدا خارج الخدمة" في وقت إطلاق النار. 

وفي اتصال هاتفي مع إم آي تي تكنولوجي ريفيو، قال ناطق باسم أوبر إن يوسفي لم يكن نشطاً على التطبيق منذ منتصف الليل وحتى الخامسة صباحاً في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني، تقريباً عند استجابة الشرطة للحادثة، ولكنه كان نشطاً في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني. وقد رفضت أوبر الكشف عن سجلات هذه الأوقات. كما رفضت أيضاً تقديم وثائق تبين سجلات قيادة يوسفي لإم آي تي تكنولوجي ريفيو عندما طُلب منها ذلك، متذرعة بمخاوف متعلقة بالخصوصية.

إن قضية يوسفي تمثل إضافة جديدة إلى قلب الجدل المتواصل حول تصنيف عمال الوظائف غير الثابتة كموظفين في الشركة. وقد اتسم قانون ولاية كاليفورنيا بالتقلب إزاء هذه المسألة على مدى السنوات القليلة الماضية، وفي 2020، أنفقت شركات أوبر و"ليفت" (Lyft) و"دورداش" (DoorDash) و"إنستاكارت" (Instacart) نحو 200 مليون دولار للضغط على المشرعين لإصدار قانون يستثني عاملي الوظائف غير الثابتة من الحوافز، مثل الاستراحات المدفوعة. وقد أُقر هذا القانون، والذي يحمل اسم المقترح 22، في 2020، ولكن أحد القضاة أصدر حكماً بإبطاله بسبب مخالفته الدستور. وحتى انتهاء التجاذبات القانونية، سيبقى عمال الوظائف غير الثابتة محرومين من الحماية.

أما بالنسبة لعائلة يوسفي، فإن كونه نشطاً على تطبيق أوبر وقت الحادثة أم لا ليس بالأمر المهم. ومن وجهة نظرهم، كما يقول إلياس، فإنه كان في سان فرانسيسكو ليقود سيارته لصالح أوبر. "نحن لاجئون في هذا البلد. وليس لدينا معلومات جيدة. نحن حديثو العهد بالإقامة هنا، وليس لدينا من يقف معنا. ويمكنهم أن يفعلوا ما يشاؤون".

المحتوى محمي