15 مفهوماً تحتاج إلى معرفتها لفهم الذكاء الاصطناعي

7 دقائق
15 مفهوماً تحتاج إلى معرفتها لفهم الذكاء الاصطناعي
حقوق الصورة: shutterstock.com/PopTika

ثمة لحظات مهمة في تاريخ الذكاء الاصطناعي لم تعد فيها التكنولوجيا كما كانت قبلها. إحدى هذه اللحظات كانت عام 1936 عندما نشر عالم الرياضيات آلان تورينغ بحثه الشهير المعنون "حول الأرقام القابلة للحوسبة" (On Computable Numbers)، وهو البحث الذي وضع أساس علوم الحاسوب. بعد 20 عاماً من نشر هذا البحث، حانت لحظة أخرى مهمة عندما وُلد اسم "الذكاء الاصطناعي" للمرة الأولى، خلال ورشة عمل دارتموث لعام 1956 (Dartmouth Workshop). وبعد 40 عاماً أخرى، وتحديداً في 11 مايو/ أيار 1997، أصبح ديب بلو أول نظام حاسوب يهزم غاري كاسباروف بطل العالم في الشطرنج في السلسلة التي اعُتبرت آنذاك "المعركة الأخيرة للدماغ البشري" ضد الذكاء الاصطناعي.

اليوم، لم تعد تطورات الذكاء الاصطناعي تحدث كل عدة سنوات أو حتى أشهر، بل باتت متواترة على نحو شبه أسبوعي. يكفي أن تذكر أن بوت الدردشة "تشات جي بي تي" الذي تسبب في هذه "الضجة" الحالية لم يمر على إطلاقه سوى أقل من 8 أشهر.

اقرأ أيضاً: ما هو «جي بي تي-4»؟ ولماذا قد يمثّل علامة فارقة في تاريخ الذكاء الاصطناعي؟

على مدار هذا التاريخ الطويل، تعددت التقنيات وتشعبت المصطلحات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي إلى درجة تجعل الشخص غير المتخصص يشعر بالضياع وسط هذا الكم من المفاهيم الغامضة التي لا تكف عن الظهور كل يوم. لذلك، حاولنا في هذه المقالة اختيار مجموعة من أبرز المفاهيم التي ستساعدك على فهم التطورات السريعة التي يشهدها هذا المجال.

1- الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative Artificial Intelligence):

يعد الذكاء الاصطناعي التوليدي مجالاً فرعياً للذكاء الاصطناعي، تُستخدم فيه الخوارزميات لإنشاء محتوى جديد يعكس خصائص البيانات التي تدربت عليها ولكن لا تكررها. يعتمد هذا النوع من الذكاء الاصطناعي على تقنيات مثل الشبكات العصبونية والنماذج اللغوية الكبيرة التي يتم تدريبها على كميات كبيرة من البيانات التي تتضمن أمثلة على المخرجات المطلوبة، وتقوم هذه النماذج بتحليل الأنماط والعلاقات ضمن البيانات لفهم القواعد الأساسية التي تحكم المحتوى.

لا يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي إنشاء نصوص جديدة فحسب، وإنما يولّد أيضاً الصور ومقاطع الفيديو والمقاطع الصوتية أو التعليمات البرمجية. وفي بعض الحالات المتقدمة، يصعب تمييز المحتوى الذي تم إنشاؤه باستخدام هذه التكنولوجيا عن المحتوى الذي ينتجه البشر.

اقرأ أيضاً: ما مصير الذكاء الاصطناعي التوليدي بعد أن يخبو الضجيج الإعلامي؟

2- النماذج اللغوية الكبيرة (Large Language Models) (LLMs):

النموذج اللغوي الكبير هو نوع من نماذج التعلم العميق المتقدمة يمكن تدريبها على فهم ومعالجة اللغات البشرية وتوليدها بطريقة شبيهة بالبشر. بكلمات أخرى، هي خوارزميات تعلم عميق يمكنها التعرف على المحتوى وتلخيصه والتنبؤ به وتوليده باستخدام مجموعات بيانات ضخمة للغاية. قد تحتوي النماذج اللغوية الشهيرة على مئات المليارات من المعاملات الوسيطة، ومن أشهر هذه النماذج جي بي تي-4 (GPT-4) الذي طوّرته شركة "أوبن أيه آي"، وبالم (PaLM) الذي طوّرته شركة جوجل، ولاما (LLaMA) الذي طوّرته شركة ميتا.

اقرأ أيضاً: هل ستغيّر النماذج اللغوية الكبيرة شكل الشركات كما فعلت الأجهزة الذكية قبل عقد؟

3- هلوسة الذكاء الاصطناعي (AI Hallucination):

عندما يولّد نموذج لغوي كبير معلومات أو حقائق خاطئة لا تستند إلى بيانات أو أحداث حقيقية، فإنه عادةً ما يوصف بأنه "يهلوس". يمكن أن تكون الهلوسة عبارة عن انحرافات عن الحقائق أو المنطق السياقي أو كليهما، وفي الغالب يقدّمها الذكاء الاصطناعي بطريقةٍ توحي بالثقة. يمكن لبوتات الدردشة مثلاً اختلاق معلومات تبدو مقنعة تتعلق بأسماء أو تواريخ أو أحداث تاريخية. وعلى الرغم من أن الهلوسة ترتبط بشكلٍ أكبر بالنماذج اللغوية (هلوسات نصية)، فإنها يمكن أن تظهر أيضاً في مقاطع الفيديو أو المقاطع الصوتية أو الصور التي يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضاً: هلوسات الذكاء الاصطناعي: ما الذي يدفع النماذج اللغوية لاختلاق المعلومات؟

4- بوت الدردشة (Chatbot):

بوت الدردشة هو برنامج حاسوبي يستخدم الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية لفهم أسئلة الناس والرد عليها بطريقة تحاكي المحادثات البشرية (سواء كانت مكتوبة أو منطوقة)، ما يسمح للبشر بالتفاعل مع الأجهزة كما لو كانوا يتواصلون مع شخص حقيقي. وكثيراً ما يُشار إلى بوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي باسم المساعدين الافتراضيين (Virtual Assistants) أو الوكلاء الافتراضيين (Virtual Agents). من أشهر بوتات الدردشة حالياً "تشات جي بي تي" و"جوجل بارد".

5- تشات جي بي تي (ChatGPT):

هو بوت دردشة طوّرته شركة "أوبن أيه آي" وأطلقته رسمياً يوم 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022. أصبح "تشات جي بي تي"، خلال فترة قصيرة، أشهر بوت دردشة في العالم. ففي يناير/ كانون الثاني الماضي، وبعد شهرين فقط من إطلاقه، وصل عدد مستخدميه إلى أكثر من 100 مليون مستخدم نشط، ما جعله التطبيق الأسرع نمواً للمستهلكين في التاريخ (قبل أن يتفوق عليه تطبيق ثريدز من شركة ميتا).

يمكن للبوت معالجة أسئلة وأوامر المستخدمين بلغات متعددة، ويمكنه إنتاج ردود لا يمكن تمييزها تقريباً عن النصوص التي يكتبها البشر. وتعتمد النسخة المجانية منه على النموذج اللغوي الكبير جي بي تي-3.5 (GPT-3.5)، بينما تعتمد خدمة "تشات جي بي تي بلس" المدفوعة على النموذج اللغوي الأحدث جي بي تي 4 (GPT-4).

اقرأ أيضاً: كيف أسهم تشات جي بي تي في نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي؟

6- الشبكة العصبونية (Neural Network):

الشبكات العصبونية هي فرع من فروع التعلم الآلي، وهي عبارة عن سلسلة من الخوارزميات التي تسعى إلى فهم العلاقات الأساسية في مجموعة البيانات من خلال محاكاة الدماغ البشري. بكلمات أخرى، هي نوع من عمليات التعلم الآلي، تُسمّى التعلم العميق، تستخدم عُقداً أو خلايا عصبونية مترابطة في بنية متعددة الطبقات تعمل بطريقة تشبه الطريقة التي ترسل بها الخلايا العصبية البيولوجية الإشارات إلى بعضها بعضاً.

تم اقتراح فكرة الشبكات العصبونية لأول مرة عام 1944 من قِبل وارن ماكولوغ ووالتر بيتس، وهما باحثان عملا في جامعة شيكاغو ثم جامعة إم آي تي. وفي الوقت الحالي تتعدد أنواع الشبكات العصبونية، ومن أبرزها الشبكات العصبونية السيامية (SNNs)، والشبكات العصبونية السائلة والشبكات العصبونية العميقة.

7- هندسة التوجيه بالأوامر (Prompt Engineering):

هي استخدام أوامر تمت صياغتها بعناية باستخدام مفردات دقيقة، لجعل الذكاء الاصطناعي يوفّر أفضل النتائج الممكنة. تُستخدم هندسة التوجيه بالأوامر مع واجهات إدخال النصوص، مثل النماذج اللغوية الكبيرة أو بوتات الدردشة أو نماذج تحويل النص إلى صورة.

بشكلٍ عام، يسعى مهندس التوجيه بالأوامر إلى تحسين مخرجات الآلة بطرق قابلة للتكرار. وبمعنى آخر، يحاول التوفيق بين سلوك الذكاء الاصطناعي والنوايا البشرية. وتعد هندسة التوجيه بالأوامر إحدى الوظائف المطلوبة بشدة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي في الوقت الحالي، حيث تصل رواتبها إلى 335 ألف دولار سنوياً.

8- معالجة اللغة الطبيعية (Natural Language Processing):

تشير معالجة اللغة الطبيعية (NLP) إلى أحد فروع الذكاء الاصطناعي التي تهدف إلى تمكين أجهزة الحاسوب من فهم اللغة البشرية ومعالجتها. تجمع معالجة اللغة الطبيعية بين اللغويات الحاسوبية -النمذجة القائمة على قواعد اللغات البشرية- والنماذج الإحصائية ونماذج التعلم الآلي والتعلم العميق. وتعمل هذه التقنيات معاً على تمكين الحاسوب من فهم النصوص والكلمات المنطوقة وإكمالها بناءً على نوايا المتحدث أو الكاتب ومشاعره.

اقرأ أيضاً: معهد الابتكار التكنولوجي يُطلق "نور": نموذج الذكاء الاصطناعي القادر على معالجة اللغة العربية

9- مجموعة البيانات (Dataset):

تشير مجموعة البيانات في مجال التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي إلى مجموعة من البيانات المستخدمة لتدريب الخوارزميات والنماذج واختبارها، بهدف إيجاد أنماط يمكن التنبؤ بها داخل مجموعة البيانات. ويمكن استخدام مجموعات بيانات ذات أنواع مختلفة بما في ذلك البيانات المهيكلة وغير المهيكلة، كما أن مجموعات البيانات يمكن أن تتكون من بيانات نصية أو بيانات صور أو بيانات صوتية أو بيانات مقاطع فيديو.

وتُعرف مجموعات البيانات المتاحة للجمهور باسم "مجموعات البيانات العامة"، وتسمح هذه النوعية للباحثين باستخدامها بشكلٍ متكرر لاختبار وتقييم الخوارزميات. أمّا مجموعات البيانات الخاصة، فهي تلك التي تنتمي إلى شركة أو مؤسسة معينة ولا يمكن سوى لأشخاص أو مجموعات مختارة الوصول إليها.

10- الذكاء الاصطناعي العام (Artificial General Intelligence) (AGI):

هو شكل افتراضي من أشكال الذكاء الاصطناعي يمكن للآلة فيه أن تتعلم وتفكر مثل الإنسان. سيتمكن الذكاء الاصطناعي العام (يُسمّى أحياناً الذكاء الاصطناعي القوي) من أداء مجموعة واسعة من المهام بشكلٍ مستقل، وسيفهم السياق دون الحاجة إلى تدخل بشري، كما سيتمكن من تنفيذ أعمال إبداعية كان تنفيذها مقتصراً في السابق على البشر. ومن الناحية النظرية، يمكن للذكاء الاصطناعي العام أن يطوّر إحساساً بالذات وأن يكتسب وعياً، وربما يصبح "قوة خارجة عن سيطرتنا أو فهمنا".

اقرأ أيضاً: هل اقتربنا من تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي العام التي تتمتع بقدرات البشر؟

11- نموذج التعلم الآلي (Machine Learning Model):

نموذج الذكاء الاصطناعي هو برنامج أو خوارزمية يتم تدريبها على مجموعة من البيانات لأداء مهام محددة، مثل التعرف على الأنماط وإجراء التنبؤات واتخاذ القرارات المنطقية. بمجرد تدريب النموذج، يمكنك استخدامه لفهم البيانات التي لم يرها من قبل، والتنبؤ بهذه البيانات. وكلما زاد عدد نقاط البيانات التي يتلقاها نموذج الذكاء الاصطناعي، زادت دقة تحليله للبيانات تنبؤاته.

12- المعامل الوسيط (Parameter):

في الحوسبة، يعد المعامل الوسيط إدخالاً يتم تمريره إلى وظيفة أو برنامج أو أمر من أجل تخصيص سلوكه أو التأثير على مخرجاته. المعاملات الوسيطة في نموذج التعلم الآلي هي متغيرات يتم تعديل قيمها أثناء التدريب لتحديد كيفية تحويل بيانات الإدخال إلى المخرجات المرغوبة.

تحدد قيم المعاملات الوسيطة كيفية عمل النموذج أو الخوارزمية، ويمكن أن يكون لها تأثير كبير على أداء النموذج. تمثّل معاملات نموذج معين وزن الاحتمالات المختلفة التي يمكن أن ينتجها. وتحتوي النماذج الكبيرة على أعداد ضخمة من المعاملات. فمثلاً، يحتوي نموذج "جي بي تي-3" على 175 مليار معامل وسيط، ولا يعرف تحديداً عدد المعاملات في النموذج "جي بي تي-4" لكن التقارير الصحفية تشير إلى أنه ربما يبلغ 1.76 تريليون معامل.

13- اختبار تورينغ (Turing test):

يعد اختبار تورينغ أشهر اختبار في مجال الذكاء الاصطناعي لتحديد ما إذا كان الحاسوب قادراً على التفكير مثل الإنسان أم لا. سُمي الاختبار على اسم عالم الرياضيات والحاسوب البريطاني آلان تورينغ، الذي اقترح هذا الاختبار للمرة الأولى عام 1950.

تقوم فكرة الاختبار على إجراء محادثة باستخدام اللغة الطبيعية بين حكم بشري ومحاورَين اثنين؛ أحدهما إنسان والآخر حاسوب قادر على توليد ردود مشابهة لردود البشر؛ صُمم بهدف خداع الحكم ليظن أنه إنسان حقيقي. يتم الفصل بين الأطراف الثلاثة وتُجرى المحادثة باستخدام قناة نصية فقط كي لا تتأثر النتيجة بقدرة الآلة على توليد كلام منطوق. هل يمكن للحكم أن يكتشف بشكلٍ موثوق أياً من المحاورين هو الحاسوب؟ هذا السؤال بالنسبة لتورينغ كان يعادل سؤال "هل تستطيع الآلات التفكير؟".

14- التعلم الآلي (Machine Learning):

التعلم الآلي هو مجال فرعي من الذكاء الاصطناعي، وقد عرَّفه رائد الذكاء الاصطناعي آرثر صموئيل في الخمسينيات من القرن الماضي بأنه "مجال الدراسة الذي يمنح أجهزة الحاسوب القدرة على التعلم دون أن تتم برمجتها بشكلٍ صريح". الهدف الأساسي من التعلم الآلي هو السماح لأجهزة الحاسوب بالتعلم بشكلٍ مستقل دون تدخل بشري أو مساعدة وتعديل الإجراءات وفقاً لذلك.

اقرأ أيضاً: التعلم الآلي يتنبأ بما إذا كنت ستنفصل عن شريك حياتك

15- التوجيه البشري للآلة (Human-in-the-Loop):

يشير هذا المفهوم إلى مساهمة الإنسان والآلة بشكلٍ مشترك في تحسين النتائج الإجمالية لأنظمة الذكاء الاصطناعي وتسريع عملية تعلمها. بكلمات أخرى، هي عملية الجمع بين ذكاء الآلة والذكاء البشري للحصول على أفضل النتائج على المدى الطويل.

عادةً ما تتضمن هذه العملية تفاعلاً مستمراً بين الإنسان والآلة من أجل تدريب واختبار وتعديل الذكاء الاصطناعي ثم مراقبته وتحديثه بمجرد نشره لتحقيق نتائج أكثر موثوقية. في كل مرة يقدّم فيها الإنسان ملاحظات، يقوم النموذج بتحديث وتعديل نظرته للعالم. وكلما زادت الملاحظات فاعلية، زادت سرعة تحديث النموذج، ما تنتج عنه نتائج أكثر دقة.

المحتوى محمي