أجمع العلماء الذين اجتمعوا في ندوة في جامعة الشارقة على أن المعلمين يخاطرون بالتخلّف عن الركب ما لم تتخذ مؤسساتهم إجراءات لدمج بوتات الدردشة الذكية في برامجها التعليمية. فوفقاً للدكتور بسام عبد الله خويلة: "يجب ألا تُحظر بوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، بل يجب الاستعانة بها في التعليم وتنظيم استخدامها".
كان الدكتور محمد عادل مفتي أكثر حماساً؛ إذ قال: "نعلم أن التكنولوجيا سيف ذو حدين؛ فإما أن ندينها ونحرم الطلاب من فرصة التطوّر، وإما أن نتقبّلها ونستخدمها في تحسين طرق التعلّم. لن يحل الذكاء الاصطناعي محل المعلمين، ولكن المدرّسين الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي سوف يحلون محل الذين لا يستخدمونه".
حضر نحو 130 عالماً من جامعة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة الندوة السابقة الذكر التي عُقدت في 8 فبراير/ شباط 2023 عبر الإنترنت، للتحقيق في إمكانات أحد أشهر بوتات الدردشة التي أُصدرت في 2022 وتقييمها.
اقرأ أيضاً: جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي: الجامعة الأولى من نوعها في العالم العربي
دراسة الفرص التعليمية التي توفرها بوتات الدردشة
اجتمع العلماء لدراسة الفرص التي توفرها برامج الكمبيوتر المدعومة بالذكاء الاصطناعي ونظم معالجة اللغة الطبيعية والتهديدات التي تمثّلها، ولفهم أسئلة العملاء والإجابة عنها.
وفقاً لشركة أوبن أيه آي التي طورت بوت الدردشة تشات جي بي تي، يتيح النظام الحواري لتشات جي بي تي الإجابة عن الأسئلة وطرح أسئلة المتابعة والاعتراف بالأخطاء والتشكيك بالمنطلقات غير الصحيحة ورفض الطلبات غير الملائمة.
يستطيع هذا النموذج أداء مجموعة متنوعة من المهام تشمل على سبيل المثال لا الحصر، كتابة رسائل البريد الإلكتروني وشرح المفاهيم وكتابة المقالات وتحضير العروض التقديمية وتطوير الرموز البرمجية الحاسوبية وتصحيحها. وفي هذا السياق، تقول الدكتورة صدف رباب: "هذا النموذج قادر على توليد النصوص التي تبدو طبيعية للغاية، مثل التي يؤلفها البشر".
أما الدكتور خويلة فيرى أن تشات جي بي تي يمكن أن يقلل مقدار الوقت الذي يقضيه الطلاب في البحث، ويعثر على المعلومات المطلوبة في عدد محدود من الكلمات، وذلك مقارنة بجوجل.
أضاف خويلة أن هذا النموذج يمكن أن يساعد المعلمين أيضاً على تحضير المناهج الدراسية وتقليص الوقت اللازم لتحضيرها بنسبة 60-70%، كما أنه يمكن أن يساعد الطلاب على تدريب أنفسهم بأنفسهم وتعزيز كل من قدرتهم على التفكير النقدي وإبداعهم وصقل مهاراتهم.
اقرأ أيضاً: كيف سيغير تشات جي بي تي العملية التعليمية الحالية؟
فرص تعليمية للمعلمين والطلاب على حد سواء
أصبح تزايد شعبية بوتات الدردشة مثل تشات جي بي تي، الذي أُصدر في عام 2022، مصدر قلق للعديد من القطاعات، وخصوصاً قطاع التعليم وقد طرح مفتي التساؤل التالي: "إذا بدأ الطلاب في الاعتماد بشدة على هذه البوتات، فهل سنعطّل قدرتهم على الإبداع إذا سمحنا لهم باستخدامها؟"، وأضاف أن استخدام هذه التكنولوجيات يثير أيضاً مخاوف إضافية بشأن أصالة العمل الذي يقدمه الطلاب. وأوضح أنه على الرغم من وجود منصات تكتشف المحتوى الذي أنشأه الذكاء الاصطناعي، فثمة طرق للتحايل عليها. كما أن تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي هو عامل يؤثر في أصالة المحتوى؛ فعلى سبيل المثال، تعود البيانات التي تم تدريب تشات جي بي تي عليها إلى عام 2021، ما يعني أن المعلومات التي يقدمها قد تكون قديمة.
يتابع مفتي: "عندما نطرح السؤال ونحصل على الإجابة، لا نعرف من ألّف المعلومات فيها أو مدى موثوقيتها. يمكن أن يثق الطلاب ثقة عمياء في أصالة تشات جي بي تي وموثوقيته من دون فهم العوامل التي تحد من قدراته ومصداقيته".
على الرغم من هذه المشكلات، نصح مفتي بعدم حظر هذه التكنولوجيات، واستشهد بالمدرسين الذين عارضوا استخدام الآلات الحاسبة عندما طُوّرت لأول مرة بسبب خوفهم من أنها قد تخفض مهارات الطلاب وتعيقهم عن تذكّر المعادلات.
اقرأ أيضاً: يكتب الاختبارات ويصحح الإجابات: هل يهدد تشات جي بي تي التعليم العالي؟
وطرح الدكتور يوسف الحايك السؤال التالي: "هل يجب حقاً أن يتذكر خريجونا المعادلات، أم أننا بحاجة إلى تزويدهم بأفضل التكنولوجيات ليحسنوا أداءهم؟"، أضاف أيضاً أنه يجب على المؤسسات التعليمية مواكبة التغيرات التكنولوجية السريعة، وأن هذه المؤسسات بحاجة إلى تثقيف أعضاء هيئاتها التدريسية وإجراء ورش عمل يمكن أن تساعد على تحديث استراتيجيات التقييمات والتعليم.