أثبتت منطقة الشرق الأوسط أنها من أولى المناطق التي اعتمدت التقنيات الرقمية المتطورة. فمع مواصلة الحكومات تنويع اقتصاداتها، يتم التركيز حالياً على التحول الرقمي واسع النطاق. وبالتالي، أدى النمو السريع للاقتصاد الرقمي إلى زيادة الطلب على الاتصالية العالمية.
تعتمد الشركات تكنولوجيات جديدة مثل شبكة اتصالات الجيل الخامس 5G والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وإنترنت الأشياء، كجزء من استراتيجية التحول الرقمي. ويؤدي هذا إلى زيادة حجم البيانات ومتطلبات عرض نطاق الشبكة.
وسعياً إلى دعم نمو البنية التحتية الرقمية في المنطقة ونضجها، وتلبية المتطلبات المتزايدة في المواقع البعيدة وعلى أطراف الشبكة بهدف معالجة الكميات المتزايدة من البيانات بسرعة أكبر، تبرز الحاجة إلى بنية تحتية رقمية مستقلة لا تقتصر على مزوّد واحد في المزيد من الأماكن حول العالم من أجل تسهيل التحول الرقمي وتقديم حلول مبتكرة حيثما يحتاج إليها المستخدمون النهائيون.
وفي هذا الإطار، تربط الممرات الرقمية منظومات الشركات أو القطاعات ذات الصلة عبر المناطق بحيث تعزز الشراكات والتعاون وتبادل البيانات قيمة الأعمال. ويساعد هذا الربط الشركات على الاستفادة من اتصال رقمي أسرع وأكثر موثوقية، ما يسهّل اعتماد التكنولوجيا ويوفر فرصاً جديدة للنمو الاقتصادي.
الشرق الأوسط: واقع نقل البيانات من المنطقة وإليها
وبالنسبة إلى الشرق الأوسط، بدأت المنطقة بزيادة السعة المحلية لتحسين كفاءة نقل البيانات وخفض التكاليف عبر التخزين المؤقت للمحتوى والوسائط الرقمية في المنطقة والتي يتم نقلها من أوروبا عبر أنظمة الكابلات البحرية –83% من إجمالي سعة الشرق الأوسط تُنقل إلى أوروبا. ومن خلال نقل المحتوى من المواقع البعيدة في أوروبا إلى مراكز البيانات المحلية المستقلّة التي تستضيف منظومة خاصة وعامة للتبادل عبر الإنترنت، يمكن لمقدمي الخدمة تقليل تكلفة نقل البيانات عبر المناطق وتحسين الأداء من خلال خفض مدة انتقال البيانات بين المستخدمين النهائيين ومنشأ المحتوى.
وتحتضن منطقة الشرق الأوسط ممرّين رقميين رئيسيين، الأول من تركيا إلى أوروبا والثاني من المملكة العربية السعودية إلى أوروبا. وتستوعب تركيا نحو 48% من عرض نطاق الإنترنت الدولي في المنطقة، وتعدّ بالتالي أكبر مستهلك لخدمات الإنترنت على حافة منطقة الشرق الأوسط. ويمرّ الجزء الأكبر من هذه الحركة عبر ألمانيا (فرانكفورت) وبلغاريا (صوفيا)، وتليهما هولندا بدرجة أقل، ولكنّ ممرّين يشهدان نمواً سريعاً (من تركيا إلى فرنسا ومن تركيا إلى بلغاريا).
كذلك، تعتبر المملكة العربية السعودية ثاني أكبر ممر رقمي في المنطقة، وتسجّل معدل نفاذ مرتفع إلى الإنترنت (98%)، وتضمّ مستخدمين ناشطين لوسائل التواصل الاجتماعي تبلغ نسبتهم 82.3%، وهو توجّه يثير اهتمام العلامات التجارية والوكالات وشركات الإعلام على حد سواء لتركيز إعلاناتها فيها. وتعدّ مشاهدة مقاطع الفيديو عبر الإنترنت النشاط الأبرز، حيث يستهلك 96.6% من مستخدمي الإنترنت السعوديين محتوى الفيديو شهرياً. وعلى عكس تركيا، يتم توزيع حركة البيانات في المملكة العربية السعودية بتساوٍ أكبر بين أسواق ألمانيا والمملكة المتحدة وهولندا وفرنسا، وتؤدي إيطاليا دوراً أيضاً في هذه العملية. كما أنها أصبحت مركزاً مهماً لحركة البيانات ضمن المنطقة إلى جانب الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان.
ولا تزال الإمارات توجّه معظم حركة بياناتها عبر أوروبا، وتشهد الدولة إلى جانب ذلك نمواً كمركز ربط بينيّ في المنطقة (مع المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان)، ودولياً مع دول غير أوروبية مثل سنغافورة.
اقرأ أيضاً: 10 طرق لتسريع الانتفاع بخدمات الصحة الرقمية في المملكة العربية السعودية
موقع المملكة العربية السعودية في أنظمة كابلات النقل البحرية
وتشكّل المملكة العربية السعودية موقعاً استراتيجياً لأنظمة الكابلات البحرية، وتعدّ جدة مركزاً تجارياً ورقمياً مهماً فيها وفي منطقة الشرق الأوسط ككلّ. وكانت إكوينيكس قد أطلقت بالشراكة مع "موبايلي"، شركة الاتصالات الرائدة في المملكة العربية السعودية، مركز Equinix Internet Exchange™ الجديد في بداية هذا العام والقائم ضمن مركز بيانات موبايلي جدة 1. وسيشكّل هذا المرفق مركز اتصال دولياً بالشرق الأوسط وأوروبا، ويتيح الوصول إلى أنظمة الكابلات البحرية التي ستوفر خدمات رقمية وربطاً بينياً عالمي المستوى للمستهلكين في كافة أنحاء المملكة عبر مركز البيانات الجديد متعدد الشبكات. كما سيمكّن المشغّلين ومقدمي خدمات الإنترنت ومبتكري المحتوى من تقديم تجارب جديدة غامرة للمستخدمين من الأفراد مع ضمان الموثوقية والاتصال السريع.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن لأمانات البيانات أن تحمي خصوصيتنا؟
وتعدّ هذه الشراكة تطوراً مهماً بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط، حيث توسّع حضور شركة إكوينيكس فيها وفي شمال إفريقيا خارج إطار مركز Dubai International Business Exchange™ (IBX®) الذي يعدّ نقطة تجمّع للاتصال الإقليمي والدولي ومركزاً للأعمال الدولية في المنطقة، ومركز بياناتها International Business Exchange™ في بركاء الذي تمّ تدشينه قرب مسقط عام 2020 بالتعاون مع عمانتل، الشركة الرائدة إقليمياً لخدمات الاتصالات المتكاملة. وأعلنت إكوينيكس وعمانتل في وقت سابق من العام عن خطط لبناء مركز بيانات IBX® ثانٍ في مدينة صلالة. وتعتبر مراكز بيانات إكوينيكس في منطقة الشرق الأوسط نقطة رئيسية لتدفق حركة البيانات بين آسيا وأوروبا وإفريقيا.
وأظهرت دراسات عدة الفوائد الاقتصادية للاقتصاد الرقمي ولكنه يعتمد على وصول المستخدم النهائي الموثوق إلى المحتوى والتطبيقات بأسعار قريبة إلى المتناول وبأوقات استجابة سريعة. ويمكن لمقدمي الخدمات الإقليميين من خلال تعزيز السعة المحلية تجنّب التكلفة العالية والتأخير الناتج عن توجيه حركة البيانات عبر المواقع البعيدة.