لماذا سيتخلف المدراء الذين يتجاهلون التقنيات الناشئة عن الركب خلال السنوات القادمة؟

4 دقيقة
لماذا سيتخلف المدراء الذين يتجاهلون التقنيات الناشئة عن الركب خلال السنوات القادمة؟
حقوق الصورة: Shutterstock.com/SweetCh

يواجه المدراء وقادة الأعمال اليوم موجة متسارعة من الابتكارات الجديدة والناشئة. فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن يضيف الذكاء الاصطناعي وحده نحو 4.4 تريليونات دولار من القيمة عبر الصناعات العالمية كل عام، بينما تعمل برامج تدريب الواقع الافتراضي على تقليل وقت التعلم مقارنة بالطرق التقليدية، مثل حالة شركة يو بي إس التي نجحت في تقليص وقت تدريب سائقيها بنسبة 75% من 8 ساعات إلى ساعتين فقط.

تشير هذه الأرقام إلى حقيقة واضحة: التكنولوجيا لا تنتظر المدراء ليلحقوا بها، بل تتسارع، ولن يبقى سوى من يتكيف معها، ومن ثم بالنسبة لقادة الأعمال، يمثل هذا التسارع فرصة وتحدياً في آنٍ واحد، فالتقنيات الناشئة ليست مجرد أدوات مفيدة، بل تصبح بسرعة أدوات جوهرية للإدارة اليومية.

ومن ثم في السنوات الخمس المقبلة، سيواجه المدراء الذين يفشلون في فهم التقنيات الجديدة والناشئة ودمجها خطر التخلف عن الركب، ومع ذلك فإن الخبر السار هو أن المدراء ليسوا بحاجة إلى أن يكونوا خبراء في التكنولوجيا لينجحوا في هذه البيئة الجديدة، بل ما يحتاجون إليه هو الوعي بالتقنيات الأكثر أهمية وكيفية تطبيقها والخطوات العملية التي يمكنهم اتخاذها الآن لإعادة صياغة كيفية قيادة الفرق والتفاعل مع العملاء واتخاذ القرارات.

اقرأ أيضاً: العقود الذكية: مستقبل الأعمال بين القانون والتكنولوجيا الرقمية

5 من أبرز التقنيات الناشئة ينبغي أن يعرفها كل مدير خلال الخمس سنوات القادمة

نستعرض خمس تقنيات ينبغي لكل مدير فهمها في السنوات الخمس المقبلة، موضحين ليس فقط ماهيتها، بل كيف يمكن أن تؤثر بشكل مباشر في دورك ونجاح مؤسستك، ومن ثم ستكون لديك صورة أوضح لما هو قادم وكيفية الاستعداد لتتمكن من القيادة بثقة في عالم تحركه التكنولوجيا.

مع الأخذ بالعلم أن التقنيات الناشئة ليست مجرد صيحة عابرة، بل هي مجموعة من الابتكارات التي تمتلك خصائص فريدة تجعلها تغير قواعد اللعبة، وهي:

  • تكنولوجيا جديدة تماماً أو تستخدم بطريقة مبتكرة، ما يغير الوضع الحالي بشكل جذري.
  • تكنولوجيا تنتشر ويتم تبنيها بسرعة فائقة في عالم الأعمال.
  • لديها القدرة على إحداث تأثير كبير ودائم في المجتمع والاقتصاد.
  • لا تعمل بشكل منفصل بل هي جزء من منظومة مترابطة ومتكاملة.
  • يمكن تطبيقها وتوسيع نطاقها بكفاءة في بيئة الأعمال، ما يمنحك ميزة تنافسية خلال السنوات القادمة.

1. ثورة الذكاء الاصطناعي: من الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى الوكلاء

لم يعد الذكاء الاصطناعي عموماً والذكاء الاصطناعي التوليدي خصوصاً مجرد ابتكار هامشي، بل أصبح مكوناً أساسياً للبنية التحتية الاستراتيجية تدمج بشكل رئيسي في سير عمل الأعمال الأساسية، لا سيما في مجالات مثل التنبؤ المالي وخدمة العملاء.

وتتطور هذه التكنولوجيا الآن إلى أشكال أكثر استقلالية، وهي وكلاء الذكاء الاصطناعي  التي بدأت بأخذ زمام المبادرة، إذ أصبحت تتمتع بالقدرة على التخطيط واتخاذ القرارات وتنفيذ مهام متعددة الخطوات لتحقيق هدف محدد، ما يمثل تحولاً جذرياً من مجرد مساعدة بسيطة إلى استقلالية حقيقية.

فوفقاً لتوقعات شركة غارتنر للأبحاث، من المتوقع أن تزيد نسبة تطبيقات برامج المؤسسات التي تحتوي على وكلاء الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، مرتفعة من أقل من 1% عام 2024 إلى نحو 33% بحلول عام 2028.

ومن المتوقع أن يكون التأثير في القوى العاملة تحويلياً، إذ تشير توقعات شركة بي دبليو سي إلى أن وكلاء الذكاء الاصطناعي يمكنها مضاعفة قوة العمل المعرفية بفاعلية من خلال أداء مجموعة واسعة من المهام بشكل مستقل، بدءاً من التعامل مع استفسارات العملاء الروتينية وصولاً إلى إنتاج مسودات أولية لأكواد البرامج.

اقرأ أيضاً: أفضل 5 أدوات رقمية للعصف الذهني لتحفيز الإبداع وتوليد الأفكار

2. التقنيات الغامرة: إعادة تشكيل بيئة العمل الحديثة

لم تعد التقنيات الغامرة مثل الواقع المعزز والافتراضي  والممتد والمختلط مجرد تجارب مستقبلية، بل أصبحت أدوات عملية تغير طريقة عملنا وتفاعلنا بشكل جذري، إذ تدمج بين العالمين الرقمي والمادي لتعزيز قدرات الإنسان بدلاً من استبداله.

إذ أصبحت تؤثر في بيئة الأعمال بمجالات متعددة. على سبيل المثال، في مجال التدريب وتطوير المهارات توفر بيئات تدريب واقعية وآمنة، ما يعزز التعلم ويحسن من الاحتفاظ بالمعلومات بشكل أفضل من الطرق التقليدية، بينما في مجال التعاون والإنتاجية فهي تعيد تعريف العمل الجماعي عن بعد من خلال الاجتماعات الافتراضية التي تضفي شعوراً بالوجود المادي للفرق المتفرقة جغرافياً، ما يعزز فاعلية التواصل.

3. الحافة الذكية: إنترنت الأشياء والحوسبة الطرفية للعمليات الفورية

أصبحت تكنولوجيا إنترنت الأشياء جزءاً لا يتجزأ من عالمنا، حيث من المتوقع أن يرتفع عدد الأجهزة المتصلة إلى أكثر من 40 مليار جهاز بحلول عام 2034، ومن ثم يحدث الجمع بين إنترنت الأشياء والحوسبة الطرفية تحولاً كبيراً في الكفاءة التشغيلية عبر مختلف القطاعات.

ففي مجال الخدمات اللوجستية وسلسلة التوريد يوفر هذا التكامل رؤية شاملة، حيث يمكن للشركات أن تتبع الشحنات في الوقت الفعلي وتحسين مسارات التسليم بناءً على بيانات حركة المرور والطقس المباشرة، وإجراء صيانة استباقية وتنبؤية لأساطيلها.

وهذا من شأنه أن يحول دور المدير جذرياً من معالج للمشكلات بشكل تفاعلي إلى منسق استباقي. فعلى سبيل المثال، في العمليات التقليدية كان المدراء غالباً ما ينتظرون تعطل الآلة أو تأخر الشحنة قبل الاستجابة للمشكلة، ولكن مع المعرفة العميقة بهذه التكنولوجيا المدعومة بالبيانات الفورية، يمكن للمدير التنبؤ بالمشكلات ومنعها قبل حدوثها.

4. تحليلات البيانات المتقدمة: من الرؤى إلى الاستراتيجية التنبؤية

تعد تحليلات البيانات المتقدمة المحرك الذي يعزز اتخاذ القرارات الاستراتيجية والابتكار، من خلال الجمع بين الذكاء الاصطناعي والمعالجة الفورية ومصادر البيانات المتنوعة، إذ تتجاوز التحليل الوصفي التقليدي الذي يلخص ببساطة ما حدث بالفعل، لتقدم رؤى عميقة واستشرافية.

توجد تقنيتان رئيسيتان في تحليلات البيانات المتقدمة قيمتان بشكل خاص للمدراء هما:

  • التحليلات التنبؤية التي تستخدم أنماطاً من البيانات التاريخية للتنبؤ بالمستقبل.
  • التحليلات العميقة التي تجمع بين تقنيات معالجة البيانات المتقدمة مثل التعلم الآلي والشبكات العصبونية لأتمتة المهام واستخلاص الرؤى بشكل أسرع.

ومن ثم فإن معرفة المدير بهذه التقنيات والإلمام بها سيكون له تأثير بعيد المدى، من خلال القدرة على تحليل الخيارات وتحديد الاتجاهات وتوجيه الاستراتيجية على المستويات جميعها واستخدام الرؤى المتطورة لتعزيز ثقافة الاعتماد على البيانات، ما يمكنه من تقييم الأداء واتخاذ القرارات الاستراتيجية بثقة أكبر.

اقرأ أيضاً: تحليلات البيانات المتقدمة: حين تتحول الخوارزميات إلى بصيرة مؤسسية

5. شبكات الجيل الخامس والاتصال من الجيل التالي

سيؤدي إطلاق شبكات الجيل الخامس إلى زيادة عرض النطاق الترددي بشكل كبير وتقليل زمن الوصول للأجهزة المحمولة وأجهزة إنترنت الأشياء، وبالنسبة للمدراء فهذا يعني أمرين مهمين: الأول هو استمرار تزايد العمل عن بعد، والثاني زيادة كبيرة في عدد الأجهزة المتصلة.

لذا ينبغي للمدراء البدء بتقييم دقيق لاحتياجاتهم الخاصة بالاتصال، إذ إن انتشار شبكات الجيل الخامس سيمكن من ظهور العديد من التقنيات المستقبلية الأخرى، لذلك من الأهمية بمكان أن يولي المدراء الأولوية لتحديث البنية التحتية لشبكاتهم وتطوير مهارات فرق العمل لديهم لمواكبة هذه التغيرات المتسارعة.

الخطوات العملية للمدير الحديث: كيف تبدأ؟

للاستعداد للتقنيات الناشئة الجديدة وتحويلها من تهديد إلى فرصة للنمو والنجاح على المدى الطويل، يمكن للمدراء اتباع خمس استراتيجيات رئيسية:

  • البقاء على اطلاع من خلال تقارير الصناعة والنشرات الإخبارية التقنية.
  • البدء بمشاريع صغيرة لاختبار التقنيات الجديدة لتقليل المخاطر واستكشاف التحديات مبكراً.
  • الاستثمار في تدريب الموظفين على المهارات التقنية الجديدة.
  • تعزيز ثقافة الابتكار من خلال تشجيع الموظفين على التجربة وتحمل المخاطر المعقولة.
  • الموازنة بين المخاطر والأمن والأخلاقيات لضمان الاستخدام المسؤول للتقنيات الجديدة.

الموجة القادمة من الابتكار التكنولوجي آتية بأسرع مما نتخيل، وللقيادة بثقة ينبغي للمدراء تقبل التغيير واتخاذ الخطوة الأولى اليوم من خلال تشكيل فريق عمل متعدد الوظائف لمراجعة الفرص التقنية الناشئة ووضع مؤشرات الأداء الرئيسية للابتكار ووضع خارطة طريق لتنفيذها لضمان أن المؤسسة لا تلاحق التوجهات الناشئة لاحقاً، بل تكون على الطريق الصحيح لتطبيقها، إذ إن المستقبل سيكون مفتوحاً لمن يكون جاهزاً.

المحتوى محمي