تشغل السيارات تفكيري كثيراً، خصوصاً بالنسبة لشخص لا يمتلك سيارة خاصة به أو لا يقودها.
في الواقع، أقضي قدراً هائلاً من الوقت وأنا أفكر في النقل عموماً، بما أنه يمثل أحد أكبر القطاعات التي يجب تنظيفها في إطار مواجهة التغير المناخي، إذ يتسبب بإطلاق ربع الانبعاثات العالمية تقريباً. تُمثل السيارات التي نستخدمها في الذهاب إلى العمل والمدرسة والمتجر في أنحاء العالم كافة جزءاً كبيراً من المشكلة.
استضافت مجلة إم آي تي تكنولوجي ريفيو مؤخراً حدثاً خضت فيه حواراً مع زملائي حول مستقبل البطاريات والمواد المستخدمة في صنعها. طرحنا الكثير من الأسئلة المهمة، كما طرحنا إجابات عن العديد من هذه الأسئلة (يمكن للمشتركين الاطلاع على تسجيل كامل للحدث هنا).
لكن، ما زال أمامنا الكثير من الأسئلة التي تنتظر الإجابة عنها، خصوصاً حول السيارات الكهربائية، ولهذا سنلقي نظرة على بعضها. عدّلت هذه الأسئلة لزيادة وضوحها وتغيير طولها، لكنها وردت من المشتركين، ولهذا أتوجه بالشكر إلى الأشخاص الذين أرسلوا أسئلتهم جميعاً.
اقرأ أيضاً: أسرار لا تعرفها عن البطاريات قد تجعلها أكثر قيمة مما تظن
لماذا لا يشهد التحول إلى السيارات الكهربائية بالكامل توجهاً أكبر نحو السيارات الهجينة القابلة للشحن؟ هل يمكن أن يكون لهذه السيارات دور مفيد؟
عادة ما تجتذب السيارات الهجينة أقل قدر من الاهتمام في إطار النقاشات الدائرة حول السيارات الكهربائية، لكنني أعتقد أنها تستحق قدراً وافياً من النقاش دون شك.
قبل أن نتحدث عن هذه المسألة، يجب أن نوضح بعض المصطلحات المتعلقة بها. تعتمد السيارات الهجينة كافة على بطارية ومحرك احتراق داخلي يحرق الوقود، لكنها تُصنَّف إلى نوعين رئيسيين يجب التمييز بينهما، فالسيارات الهجينة القابلة للشحن تعتمد على شواحن السيارات الكهربائية، وتستطيع أن تسير مسافات قصيرة باستخدام الكهرباء، أما السيارات الهجينة الاعتيادية فهي مزودة ببطارية صغيرة تساعد على إعادة تخزين الطاقة المهدورة في حالة السيارات العادية، ما يساعد على تحسين فاعليتها في استهلاك الوقود، لكنها تعمل بالوقود على الدوام.
يمكن لأي تكنولوجيا تساعد على خفض الانبعاثات فورياً أن تسهم بدور إيجابي في مواجهة التغير المناخي، وحتى السيارة الهجينة الاعتيادية ستخفض الانبعاثات بنسبة تقارب 20%.
أعتقد شخصياً أن السيارات الهجينة القابلة للشحن على وجه الخصوص تمثل خياراً رائعاً للأشخاص الذين لا يستطيعون الالتزام بسيارة كهربائية بعد. غالباً ما يصل مدى هذه السيارات إلى 80 كيلومتراً تقريباً باستخدام الكهرباء، ولهذا، من الممكن لتنقلاتك بالسيارة أن تكون عديمة الانبعاثات إذا كانت المسافات التي تقطعها قصيرة.
غير أن السيارات الهجينة القابلة للشحن ليست حلاً مثالياً. فمن ناحية، قد تواجه هذه السيارات عدداً أكبر من المشاكل بالمقارنة مع السيارات الكهربائية والسيارات التي تعمل بالوقود، كما أنها في حاجة إلى قدر أكبر من الصيانة. إضافة إلى هذا، بيّنت بعض الدراسات أن السيارات الهجينة القابلة للشحن لا تخفف الانبعاثات بالمستوى المُعلن عنه بالكامل، لأن الناس يستخدمونها في الوضع الكهربائي بمعدل أقل من المتوقع.
علينا التوقف عن حرق الوقود الأحفوري في نهاية المطاف، ما يعني أنه يجب أن نعتاد على السيارات التي تعمل دون وقود على الإطلاق. لكن، وفي هذه الأثناء، يمثل الانتقال التدريجي إلى عالم السيارات الكهربائية خياراً جيداً للعديد من السائقين.
اقرأ أيضاً: كيف سيؤدي الكبريت إلى ابتكار جيل جديد من البطاريات الأكثر فاعلية؟
هل ستتمكن تكنولوجيات الشحن الحالية من دعم عمل السيارات الكهربائية؟ هل يمثل نشر محطات الشحن في المناطق النائية من البلاد حلاً عملياً؟
تذكّرنا هذه الأسئلة بأحد أكبر المشاكل التي تعوق تبنّي السيارات الكهربائية: توفر الشحن.
ثمة حاجة هائلة في الكثير من أنحاء العالم إلى بناء المزيد من الشواحن لدعم السيارات الكهربائية المنتشرة على الطرقات، إضافة إلى جميع السيارات الكهربائية التي تُصنع وتُباع كل عام. نصحت بعض الوكالات بأنه يجب تخصيص شاحن عام واحد لكل 10 سيارات كهربائية على الطرقات، على الرغم من أن بعض العوامل مثل الكثافة وانتشار تجهيزات الشحن المنزلية يعني أن الاحتياجات تختلف باختلاف التجمعات السكانية.
بلغ عدد السيارات الكهربائية التي تقابل كل شاحن في الولايات المتحدة 24 سيارة تقريباً في نهاية 2022، في حين بلغ عددها في الاتحاد الأوروبي 13، كما أن الصين تُعَد من البلدان التي تتصدر هذا المجال، فقد بلغ هذا العدد فيها 8 سيارات فقط. يمثل تحسين هذه النسبة عاملاً مهماً في تشجيع المزيد من السائقين على استخدام السيارات الكهربائية.
لكن بناء شبكة الشحن مشروع ضخم، ويتخذ بنية مختلفة باختلاف التجمعات السكانية. ففي المدن الكثيفة سكانياً، يعيش الكثير من الأشخاص في شقق سكنية، لا في منازل مخصصة لعائلة واحدة مع مرآب، ولهذا تحتاج هذه المناطق إلى المزيد من الشواحن العامة حتى لتعويض نقص الشحن المنزلي، أما في المناطق الريفية، أو المناطق الأقل ثراء، فيمكن أن يمثل بناء أي شواحن على الإطلاق عملية صعبة.
يُطلق على هذه المناطق اسم "صحاري الشحن"، وغالباً ما تعاني مشكلة أشبه بمعضلة البيضة والدجاجة: لا يوجد طلب على الشواحن لأن السكان لا يقودون السيارات الكهربائية، كما أن الناس لا يقودون السيارات الكهربائية لعدم وجود الشواحن.
سيكون التمويل الحكومي عاملاً مهماً في سد الثغرة التي تركتها الشركات الخاصة في بناء شبكات الشحن. ففي الولايات المتحدة، يرتبط جزء من التمويل بضمان استفادة التجمعات السكانية المهمشة.
خلاصة القول هي أنه من الممكن توفير عدد مناسب من الشواحن وتوزيعها على الجميع بإنصاف، لكن من المؤكد أن هذه العملية ستستغرق بعض الوقت، وستكون باهظة التكاليف.
اقرأ أيضاً: كيف تختار النوع الأفضل من البطاريات وفقاً لاحتياجاتك؟
ماذا عن الهيدروجين؟ هل يمكن أن يصبح بديلاً للبطاريات؟
كنت أدرس هذا السؤال منذ بعض الوقت، ولهذا توقعوا مقالاً عن هذا الموضوع قريباً جداً. لكنني سأقدم لكم تلميحاً: الإجابة المختصرة هي أنني أعتقد أن ثمة الكثير من الأسباب التي تدعو إلى التشكيك بالمزاعم القائلة بأن الهيدروجين سيقدم حلاً سحرياً لمشاكل السيارات.
يعتمد عدد قليل من السيارات على الهيدروجين وقوداً في الوقت الحالي. وتُعد تويوتا ميراي أحد أكثر الطرازات التي تعمل بخلايا الوقود شعبية في الأسواق، على الرغم من أن عدد السيارات التي بيعت من هذا الطراز العام الماضي لا يتجاوز بضعة آلاف.
تتمتع هذه السيارات بميزة كبيرة، وهي أن تزويدها بالوقود يشبه تزويد السيارات التقليدية بالوقود، إذ يستغرق بضع دقائق عند المضخة. حتى أسرع أجهزة الشحن يتطلب نصف ساعة تقريباً لشحن سيارة كهربائية، ما يعني أن تعبئة الهيدروجين أسرع وأكثر راحة عموماً.
لكن شراء سيارات الهيدروجين وقيادتها أكثر تكلفة لعدة أسباب، ومن المرجح أن تبقى كذلك حالياً. ثمة استخدامات أفضل للهيدروجين أيضاً، في الصناعات الثقيلة وصناعة الأسمدة، وحتى الشحن لمسافات بعيدة. ولهذا، من المرجح أن تبقى السيارات الكهربائية خيارنا الأفضل لفترة طويلة.
آمل أنني تمكنت من إثارة اهتمامكم، وتوقعوا أن أنشر مقالاً أطول حول هذا الموضوع قريباً. حتى ذلك الحين، يمكنكم الاطلاع على عدد من مقالاتنا الأخرى حول موضوع النقل.