أصبحت خيارات العمل المرنة مثل العمل عن بعد والهجين من الخيارات المفضلة لدى العديد من المهنيين في المنطقة العربية، إذ أظهرت الاستطلاعات الحديثة ومنها دراسة لمنصة التوظيف بيت دوت كوم، أن 85% من المهنيين يفضلون الشركات التي تقدم هذه الخيارات، بينما يعتبرها 81% من الموظفين أمراً بالغ الأهمية.
وهو ما يتفق معه معظم المدراء التنفيذيين، إذ يعتقدون أن منهجيات العمل هذه ستصبح الوضع الطبيعي الجديد، وهو ما يمكن أن يؤثر في مستقبل العمل في المنطقة العربية عموماً ومنطقة الخليج خصوصاً.
ففي دول الخليج تحديداً، أظهر استطلاع لشركة سيسكو، أن 90% من الموظفين بدوام كامل في الإمارات يرغبون في العمل إما في نموذج هجين وإما عن بعد بالكامل، فيما كشفت منصة غولف تالينت أن 87% من موظفي المكاتب في الخليج لديهم انفتاح كبير للانتقال إلى الشركات التي توفر خيارات العمل عن بعد أو الهجين.
من ناحية أخرى، يظهر العمل عن بعد مستويات عالية من الإنتاجية، حيث زادت إنتاجية الشركات التي تعتمده بنسبة تصل إلى 42% في الشركات الأعلى تصنيفاً والتي تعزز العمل عن بعد، مقارنة بأماكن العمل النموذجية، كما أفاد 77% من العاملين عن بعد بزيادة إنتاجيتهم وفقاً لاستطلاع أجرته شركة كونيكت للحلول.
ومع ذلك، برزت بعض التحديات مثل الشعور بالوحدة وانقطاع الاتصال، ما أدى إلى استقرار معدلات الإنتاجية بعد الزيادة الأولية التي شوهدت في أثناء بداية الحجر الصحي. ولمواجهة هذه التحديات أصبح القادة يتجهون بشكل متزايد إلى استخدام أدوات مراقبة الإنتاجية السحابية المدعومة بالذكاء الاصطناعي للمساعدة على سد الفجوة المادية بين أعضاء الفريق والحفاظ على مستويات عالية من الإنتاجية على المدى الطويل.
اقرأ أيضاً: مراقبة الأداء الذكي: أدوات تقنية تساعد المدراء على تتبع الإنتاجية بذكاء وشفافية
6 أدوات سحابية مدعومة بالذكاء الاصطناعي لمراقبة الإنتاجية للفرق الموزعة
إليك نظرة متعمقة على 6 من أدوات مراقبة الإنتاجية السحابية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، الهدف منها ليس تقديم مقارنة مبسطة، بل تسليط الضوء على القيمة الاستراتيجية الفريدة لكل أداة وحالات الاستخدام المحددة الأنسب لها، وتوضيح كيفية تطبيقها للذكاء الاصطناعي لتلبية احتياجات الأعمال المختلفة.
1. أداة إنسايت Insightful: الحصول على رؤية آنية لمنع الارهاق
مصممة لتوفير لوحات معلومات وتحليلات آنية تساعد الفرق العاملة عن بعد على الوضوح، دون الحاجة إلى مراجعة مستمرة، وتتمثل قيمتها الأساسية في القدرة على رؤية العمل فور حدوثه، ما يسمح للمدراء بتفكيك الاختناقات التي تعوق سير العمل من خلال توزيع المهام.
الميزات الرئيسية المدعومة بالذكاء الاصطناعي:
- تحليل أعباء العمل لتحديد الموظفين الذين يعانون الإرهاق أو لديهم وقت فراغ لإعادة توزيع المهام بشكل استباقي.
- تتبع الوقت وتسجيل ساعات العمل تلقائياً، ما يلغي الحاجة إلى إدخال البيانات يدوياً ويوفر بيانات دقيقة للحضور وكشوف المرتبات.
- مقارنة أداء الموظفين بأهداف الإنتاجية المتوقعة لوضع أهداف واقعية وتحديد أي قصور في الإنتاجية مبكراً.
أفضل حالات الاستخدام: صممت الأداة للشركات التي لديها فرق تعمل عن بعد أو مختلطة، حيث يحتاج المدراء إلى فهم أعباء العمل وتجنب الإرهاق دون اللجوء إلى عمليات مراجعة متكررة ومزعجة أو إدارة تفصيلية.
2. أداة ويب وورك أيه آي WebWork AI: تقديم تقارير إنتاجية عملية
أداة لمراقبة الوقت والإنتاجية، سواء للفرق العاملة عن بُعد أو في مقر الشركة، وتتميز بتقارير الإنتاجية المباشرة، وهي مصممة لتوفير رؤى واضحة وعملية تساعد المدراء والفرق على تحسين كفاءتهم دون الحاجة إلى نظام معقد للغاية.
الميزات الرئيسية المدعومة بالذكاء الاصطناعي:
- تحليل بيانات الأنشطة لتوفير تقارير تساعد المدراء على تحديد المشكلات التي تعوق الإنتاجية وإدارة أعباء العمل بكفاءة.
- التنبؤ بالجداول الزمنية للمشاريع وقدرات الفريق بناءً على تحليل البيانات التاريخية لتحديد مواعيد نهائية واقعية.
- مراقبة أنماط العمل باستمرار لتحديد أي سلوكيات غير اعتيادية أو مشكلات محتملة بشكل فوري لاتخاذ إجراءات سريعة.
أفضل حالات الاستخدام: مثالية للفرق والمدراء الذين يحتاجون إلى رؤى واضحة وقائمة على البيانات لتحسين الكفاءة وتحديد مجالات التحسين، كما أنها حل عملي لمن يحتاجون إلى نظرة عامة واضحة على أنشطة العمل والبيانات لاتخاذ قرارات مدروسة.
اقرأ أيضاً: كيف تسهم أدوات الذكاء الاصطناعي في خلق بيئة محفزة للموظفين؟
3. أداة إنتلوغوس Intelogos: التركيز على الموظفين للحصول على رؤى استباقية
تتبنى نهجاً يركز على الموظف، حيث صممت ليس لمراقبة الموظفين بل لتدريبهم ودعمهم مع إعطاء الأولوية لتحسين الأداء والوقاية الاستباقية من الإرهاق، مع تجنب الميزات المزعجة مثل تسجيل ضغطات المفاتيح أو تسجيل الفيديو لتعزيز الثقة.
الميزات الرئيسية المدعومة بالذكاء الاصطناعي:
- تقديم اقتراحات وتوصيات مخصصة لتحسين الأداء للمساعدة على تحسين أداء الموظفين وتطويرهم المهني
- تحليل أنماط العمل لتحديد العلامات المبكرة للإرهاق المهني، ما يمكن المدراء من التدخل ودعم الموظفين قبل أن يتأثروا سلباً.
- مراقبة استخدام التطبيقات والمواقع الإلكترونية مع التركيز على توفير رؤى غنية بالسياق تساعد الموظفين والمدراء على فهم كيفية العمل بفاعلية وذكاء.
أفضل حالات الاستخدام: مثالية لفرق الموارد البشرية التي ترغب في استخدام التكنولوجيا لدعم الموظفين وتدريبهم، كما أنها موجهة للقادة الذين يدركون أن معنويات الفريق ورفاهيته هما المحركان الرئيسيان للإنتاجية طويلة المدى، والذين يرغبون في تجاوز أسلوب الإدارة العقابي.
4. أداة دبليو أني واير WAnywhere: التركيز على الأمان
تركز على الأمان الرقمي المدعوم بالذكاء الاصطناعي لتتبع الإنتاجية وضمان الامتثال في الوقت الفعلي سواء الويب أو الهاتف المحمول، وتقدم ميزات مراقبة وحضور للشركات التي تحتاج إلى رقابة صارمة على ساعات العمل وأمن البيانات.
الميزات الرئيسية المدعومة بالذكاء الاصطناعي:
- استخدام تقنية التعرف على الوجه لأتمتة التحقق من الهوية وتسجيل الحضور لمنع التلاعب في سجلات الدخول والخروج.
- مراقبة امتثال البيانات من خلال أدوات ذكية، مثل محاولات نسخ ولصق المعلومات الحساسة على مواقع غير آمنة.
- مراقبة الموقع الجغرافي واستخدام الهاتف المحمول لضمان دقة بيانات الإنتاجية للفرق الميدانية، مع إمكانية تقييد استخدام التطبيقات غير المعتمدة.
أفضل حالات الاستخدام: مناسبة للشركات العاملة في القطاعات الخاضعة للتنظيم التي تحتاج إلى تحكم دقيق في ساعات العمل وأمن البيانات، مثل الخدمات اللوجستية لتتبع ساعات عمل السائقين وشركات البناء لتسجيل حضور الموظفين في الموقع.
5. أداة كليفر كنترول CleverControl: التقاط نشاط الموظف
برنامج لمراقبة الموظفين يعمل على التقاط نشاط الموظف بالتفصيل عبر التطبيقات والويب والبريد الإلكتروني، ثم يستخدم ميزات الذكاء الاصطناعي لتقييم إنتاجية كل موظف مقارنة بمعايير الأداء المعتمدة على المهام.
الميزات الرئيسية المدعومة بالذكاء الاصطناعي:
- تقييم إنتاجية الموظف بناءً على معايير وظيفته وقطاعه بدلاً من تطبيق قواعد الإنتاجية الشاملة، مثل تأثير قضاء ساعتين على منصات التواصل الاجتماعي سلباً في تقييم مطور البرامج، ولكن ليس على تقييم مسوق المحتوى.
- تصنيف الأنشطة إلى منتجة وغير منتجة وتقديم ملخص دقيق للمدراء عن سبب انخفاض تقييم الإنتاجية لموظف معين.
- معالجة البيانات الضرورية للتقييم فقط، ما يقلل مخاوف الخصوصية مقارنة بأنظمة المراقبة التقليدية.
أفضل حالات الاستخدام: مناسبة للشركات التي ترغب في تقييمات أداء موضوعية قائمة على البيانات لمساعدة المدراء على اتخاذ قرارات مدروسة بشأن التدريب وتوزيع أعباء العمل والمكافآت بأقل قدر من التحليل اليدوي.
اقرأ أيضاً: كيف تتخلص من الفوضى الرقمية وتركز أكثر في عملك؟
6. أداة فيرياتو Veriato: إدارة استباقية للمخاطر الداخلية
تركز الأداة بشكل أساسي على إدارة المخاطر الداخلية موفرة حلاً فعالاً لمراقبة نشاط الموظفين وتحليله لمنع التهديدات السيبرانية الداخلية مثل التجسس، وهي قيمة بشكل خاص للمؤسسات في البيئات شديدة التنظيم مثل الرعاية الصحية والتمويل، حيث تعد البيانات أصولاً حساسة.
الميزات الرئيسية المدعومة بالذكاء الاصطناعي:
- استخدام التعلم الآلي لتحليل سلوك الموظفين وتحديد المخاطر، مع تعيين درجة مخاطرة لكل فرد بشكل فوري لتعزيز عملية اكتشاف التهديدات.
- استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتفسير الإشارات السلوكية المتقدمة، مثل تحليل نبرة وشعور المتحدثين بالاتصالات، واكتشاف استخدام المعلومات الشخصية في رسائل البريد الإلكتروني والمحادثات.
- اكتشاف الأنماط غير الطبيعية التي تشير إلى تهديدات محتملة وإصدار تنبيهات فورية لفرق الأمن السيبراني للتدخل السريع، لمنع خروقات البيانات المتعمدة أو العرضية.
أفضل حالات الاستخدام: مثالية للشركات التي تحتاج إلى حل ذكي قوي واستباقي للكشف عن التهديدات الداخلية والتخفيف منها قبل تفاقمها.
ما هي الميزات التي ينبغي أن تبحث عنها في أداة مراقبة الإنتاجية السحابية؟
إن النجاح الحقيقي لأداة مراقبة الإنتاجية السحابية لا يقتصر على ميزات الذكاء الاصطناعي فقط، بل يعتمد على قدرتها على دعم نهج إداري استراتيجي. ولتحقيق هذا الهدف ينبغي للقادة التركيز على عدة عوامل عند اختيار الأداة المناسبة، منها:
- لوحات معلومات آنية وتحليلات متقدمة: ركيزة أساسية لأدوات مراقبة الإنتاجية السحابية لقدرتها على استبدال عمليات تسجيل الوصول المجزأة وجعل البيانات تبدو واقعية ومفيدة وليست عشوائية.
- تكامل تتبع الأنشطة وإدارة المشاريع: لا تكمن قيمة تتبع الأنشطة في البيانات نفسها بل في سياقها، حيث تتجلى القوة الحقيقية لأدوات مراقبة الإنتاجية السحابية مع تكاملها مع منصات إدارة المشاريع، لمقارنة الجهود المبذولة بالتقدم المحرز ورصد الاختناقات في الوقت الفعلي.
- ذكاء التقارير والتحليلات: ينبغي أن توفر الأداة إمكانات قوية وذكية لإعداد التقارير والتحليلات، لمساعدة القادة على اتباع نهج إداري قائم على البيانات واتخاذ قرارات مدروسة.
- تدابير خصوصية البيانات وأمنها: خصوصية البيانات ليست أمراً ثانوياً، بل مطلباً أساسياً عند اختيار الأداة، فبدون ميزات خصوصية صارمة يخاطر القادة ليس فقط بعواقب قانونية بل أيضاً بانهيار ثقة الموظفين بالشركة.
اقرأ أيضاً: ما هي أدوات لوحات المعلومات التفاعلية؟ وكيف تستخدمها لمراقبة الأداء؟
نهج الثقة أولاً: أفضل الممارسات للتنفيذ الأخلاقي
أظهرت نتائج استطلاع العمل في أميركا لعام 2023 الذي أجرته جمعية علم النفس الأميركية أن المراقبة الدقيقة للسلوك في العمل مرهقة للغاية، وتحد من استقلالية الموظفين وتخلق مخاوف من انعدام الأمن الوظيفي، حيث يشعر نحو 56% من الموظفين الذين يخضعون للمراقبة بالتوتر في العمل مقارنة بـ 40% من أولئك الذين لا يخضعون للمراقبة، مع نمو مشاعر أخرى مختلطة مثل التعرض للتجسس وعدم ثقة أصحاب العمل وانتهاك الخصوصية.
لذا لتنفيذ أدوات مراقبة الإنتاجية السحابية بشكل أخلاقي، توصي أستاذة الموارد البشرية وعلاقات العمل في جامعة ولاية ميشيغان الدكتورة تارا بيريند قادة الشركات باتباع نهج الثقة أولاً، من إشراك الموظفين مباشرة في تشكيل عملية المراقبة من خلال سؤال الموظفين عن الطريقة الأفضل والعادلة لقياس الأداء لأدوارهم المحددة.
علاوة على ذلك، يتفق معظم علماء النفس على أن الافتقار إلى الشفافية يقوض الثقة ويسبب القلق، ومن ثم من المهم قبل تنفيذ أدوات المراقبة شرح بوضوح البيانات التي تُجمع ولماذا هي ضرورية وكيف ستُستخدم، بالإضافة إلى التركيز على النتائج وليس النشاط، إذ غالباً ما تؤدي أدوات المراقبة التي تتعقب النشاط الدقيق مثل ضغطات المفاتيح وحركات الماوس إلى نتائج عكسية.
على سبيل المثال، عندما يشعر الموظفون بالإدارة الدقيقة بناءً على مستويات النشاط فإنهم يعطون الأولوية للظهور بمظهر مشغول على القيام بعمل هادف، وهو ما يعرف بمفهوم "مسرح الإنتاجية"، وبالمثل ينبغي استخدام البيانات لدعم نمو الموظفين وليس معاقبتهم، من خلال استخدام بيانات المراقبة كأداة تشخيصية لتحديد المجالات التي قد يحتاج فيها الموظف إلى الدعم أو التدريب، ما يشجعه على تحسين إنتاجيته وزيادتها ويحول أداة المراقبة إلى مورد استراتيجي للنمو والتحسين.
ومن المهم احترام خصوصية الموظفين وحدودهم، إذ إن تنفيذ المراقبة بشكل أخلاقي يعني احترام الحدود الشخصية والالتزام بلوائح خصوصية البيانات، مثل مراقبة التطبيقات المتعلقة بالعمل أو حركة مرور الشبكة فقط بدلاً من الجهاز الشخصي والتأكد أن الأدوات لا تتعقب النشاط خارج ساعات العمل، حيث يمكن اعتبار ذلك انتهاكاً للخصوصية ويزيد من الإضرار بالثقة.