يُعدّ إيجاد علاجات دقيقة للأورام السرطانية مسعى صعباً نظراً لوجود الكثير من أنواع السرطان، والتي يتميّز كل منها بخصائص فريدة. تقليدياً، يتم التركيز على إجراء فحوصات جينية لتحديد الطفرات المسببة للسرطان، ثم تطبيق العلاجات التي قد تكون فعّالة ضد تلك الطفرات.
ومع ذلك، فإن العديد من مرضى السرطان لا يستجيبون لهذه العلاجات. إلّا أن دراسة جديدة نُشِرت في 18 أبريل/نيسان 2024 في مجلة نيتشر كانسر (Nature Cancer) تقدّم حلاً مبتكراً.
فقد طوّر فريق الدراسة بقيادة الدكتور سانجو سينها، الأستاذ المساعد في برنامج العلاجات الجزيئية للسرطان في مركز اكتشاف الأدوية سانفورد بورنهام بريبيس (Sanford Burnham Prebys)، أداة ذكاء اصطناعي يمكنها التنبؤ باستجابة المريض لأدوية السرطان على مستوى الخلية الواحدة.
اقرأ أيضاً: هل يمكن تحقيق اكتشافات دوائية ثورية بفضل الذكاء الاصطناعي
فهم بنية الورم وتطور المقاومة
تُعدّ أداة بيرسبشن (PERCEPTION) طريقة جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي. ووفقاً لفريق الباحثين، تستطيع الأداة استخدام المعلومات من مكونات الخلية الواحدة لفهم بنية الورم، ما يُتيح للأطباء اختيار العلاج الأنسب لكل مريض.
بالإضافة إلى ذلك، تساعد الأداة على التنبؤ بتطور مقاومة الخلايا السرطانية للعلاجات، حيث يُعدّ احتمال ظهور المقاومة الجانب الأكثر إثارة للاهتمام. ومن خلال التنبؤ به، يستطيع الأطباء تعديل العلاج عندما تتطور الخلايا السرطانية وتصبح مقاومة للعلاجات.
اقرأ أيضاً: تعاون فرنسي بريطاني لتطوير أدوية جديدة باستخدام الذكاء الاصطناعي
ما مدى دقة هذه الأداة؟
أُثبِت نجاح بيرسبشن من خلال قدرتها على التنبؤ بالاستجابة لكلٍّ من العلاج الأحادي (العلاج بدواء واحد) والعلاج المركب (العلاج بعدة أدوية معاً) في ثلاث تجارب سريرية مستقلة نُشِرت مؤخراً، شملت هذه التجارب سرطان المايلوما المتعددة (الورم النقوي المتعدِّد) وسرطان الثدي والرئة.
في كل حالة، صنّفت الأداة كل مريض بدقة ضمن فئتي المستجيب أو غير المستجيب للعلاج. وعلى وجه الخصوص، نجحت الأداة في التنبؤ بتطور مقاومة الخلايا السرطانية عند 24 مريضاً عولجوا بعلاجات مستهدفة لسرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة، وهو اكتشاف مهم يؤدي دوراً كبيراً في تعديل العلاج.
يقول الدكتور سينها إن بيرسبشن ليست جاهزة بعد للاستخدام السريري، لكن النهج يثبت أن معلومات الخلية الواحدة يمكن أن توجّه العلاج، ويأمل في اعتماد هذه الأداة في العيادات والمستشفيات لتوليد المزيد من البيانات، والتي يمكن استخدامها لمواصلة تطوير وتحسين الأداة للتطبيقات السريرية.
اقرأ أيضاً: نظام ذكاء اصطناعي يكتشف دواء جديداً محتملاً في 46 يوماً فقط
الحاجة إلى المزيد من البيانات
وفقاً للدكتور سينها، فإن جودة التنبؤ تزداد مع تحسن جودة وكمية البيانات المتاحة. وهدف الباحثين هو تطوير أداة يمكنها التنبؤ بالاستجابة العلاجية لكل مريض سرطان بشكلٍ منهجي. وهم يأملون أن يؤدي استخدام الأداة على نطاق واسع إلى توليد المزيد من البيانات التي ستجعل الأداة أكثر دقة في نتائجها.