بعض الأخبار الجيدة النادرة حول التغير المناخي

9 دقائق
التغير المناخي
حقوق الصورة: غيتي إيميدجيز.

لقد أصبحت العواقب المميتة للتغير المناخي واضحة في هذه السنة، وذلك مع تصاعد موجات الحر والفيضانات والحرائق البرية التي حطمت جميع الأرقام القياسية السابقة، وأدت إلى مقتل الآلاف، ووصلت بفرق الطوارئ إلى أقصى حدود التحمل والإرهاق.

وفي أواخر أيام العام 2021، حذر العلماء من أن الحافة الشرقية لكتلة جليدية بحجم فلوريدا توشك على الانفصال عن القطب الجنوبي، كما اكتشف المشرعون الأميركيون أنهم ربما أخفقوا في استغلال أفضل فرصة أتيحت خلال عقد كامل لفرض سياسات مناخية شاملة.

ولكن، وفي خضم هذه الأخبار الكئيبة، كانت هناك أيضاً بعض المؤشرات على تزايد الزخم نحو مواجهة التغير المناخي. وبالفعل، لدينا ما يكفي من الأسباب للاعتقاد بأن العالم يمكن على الأقل أن يتفادى الأخطار الأشد للاحترار العالمي.

فقد أشار الباحث المختص بالطاقة جيسي جينكينز من جامعة برينستون بدقة –وبلغة لا تنقصها التعابير البذيئة- إلى هذه المرحلة الغريبة التي وصلنا إليها في تغريدة جديدة، يمكن أن نعيد صياغتها كما يلي بلغة أكثر تهذيباً وأقل مرحاً: "لن يُقضى علينا تماماً، ولكننا أبعد ما نكون عن الأمان".

من المؤكد أن هذا التقدم المحدود ليس كافياً. فقد استغرقنا وقتاً طويلاً للغاية في تحقيق أي تغييرات فعلية. كما يمكن أن تؤدي الأحداث والسياسات العالمية إلى إبطاء أو حتى عكس هذا الاتجاه. ولا يمكن أن نسمح لشيء من التقدم في وجه التغيرات التي ستؤثر على عدة أجيال بأن يقلل من الضغوط الرامية إلى فرض إجراءات أكثر صرامة.

ولكن من المفيد أن نبرز هذه الخطوات التي اتخذها العالم ونفكر بها، لأنها تبين أن التغيير ممكن، وتمثل نموذجاً لتحقيق المزيد.

الزخم لإحداث تأثيرات في مواجهة التغير المناخي

إذن، ما هي دلالات التقدم في خضم الأجواء المناخية المكفهرة بالكآبة؟

بداية، يمكن أن نقول إن السيناريوهات الأسوأ التي تحدث عنها الكثيرون لعدة سنوات تبدو أبعد من ذي قبل عن التحقق. وتتضمن هذه السيناريوهات الاحترار بأربع أو خمس درجات لهذا القرن، وقد تحدثت أنا وغيري عن هذا الأمر كاحتمال وارد الحدوث.

كما أن سيناريو الانبعاثات الأسوأ الذي وضعته اللجنة المناخية في الأمم المتحدة، والمعروف باسم "RCP 8.5"، وجد أن درجات الحرارة العالمية يمكن أن تزداد بأكثر من 5 درجات بحلول العام 2100. وقد أُدرجت هذه الافتراضات مراراً وتكراراً في الدراسات التي تقيم مخاطر التغير المناخي، حيث توصلت إلى نتائج مرعبة وملفتة للنظر، وغالباً ما يُستشهد بها في الإعلام. (الجاني)

يقول البعض إن هذا السيناريو لم يكن مرجح الحدوث إلى هذا الحد في المقام الأول. كما أنه يبدو مستبعداً أكثر من ذي قبل، نظراً للابتعاد السريع عن توليد الطاقة بالفحم، والاعتماد في البداية على الغاز الطبيعي منخفض الانبعاثات، وبعده، وبوتيرة متسارعة، على طاقة الرياح وطاقة الشمس دون انبعاثات.

ومن المحتمل أن الانبعاثات العالمية وصلت إلى مرحلة الاستقرار إذا أخذنا بعين الاعتبار التغييرات الأخيرة في استخدام الأراضي، ما يعني تحديثات جديدة لمساحات الغابات والمزارع والمروج التي يكسبها العالم ويخسرها.

واليوم، إذا أخذنا جميع السياسات المناخية العالمية التي بدأ تطبيقها فعلياً في كافة أنحاء العالم، فنحن متجهون نحو احترار 2.7 درجة مئوية لهذا القرن كتقدير وسطي، وفقاً لمتتبع الإجراءات المناخية. وبشكل مماثل، فقد وجد أحدث تقرير للأمم المتحدة أن احترار الكوكب سيصل على الأرجح إلى ما بين 2.1 و3.5 درجة مئوية في إطار السيناريوهات "المتوسطة".

وعلى افتراض التزام الدول بتعهداتها المناخية في اتفاق باريس، بما فيها الالتزامات الجديدة في قمة الأمم المتحدة التي عُقدت مؤخراً في غلاسغو، فيمكن أن ينخفض هذا الرقم إلى 2.4 درجة مئوية. وإذا حققت جميع البلدان أهداف الانبعاثات الإجمالية الصفرية بحلول منتصف هذا القرن، فسينخفض هذا الرقم إلى 1.8 درجة مئوية.

ونظراً لتزايد صرامة السياسات المناخية وتراجع تكاليف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فنحن على وشك أن نشهد ازدهاراً كبيراً في تطوير الطاقات المتجددة. كما أن وكالة الطاقة الدولية، والمعروفة جيداً بتقليلها من تقديرات نمو الطاقات المتجددة في الماضي، تقول الآن إن سعتها العالمية ستزيد بنسبة تفوق 60% بحلول العام 2026. وعندها، ستصل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والسدود الكهرمائية وغيرها من الطاقات المتجددة إلى مرحلة مضاهاة سعة التوليد العالمية لمحطات التوليد بالوقود الأحفوري والطاقة النووية.

إضافة إلى ذلك، فإن مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة، والتي كانت تراوح في مكان منخفض لسنوات، بدأت أيضاً بالارتفاع. وستصل إلى نحو 5.6 مليون هذه السنة، بزيادة أكثر من 80% عن مبيعات 2020، مع إطلاق صانعي السيارات للمزيد من الطرازات الجديدة، وتطبيق الحكومات لسياسات أكثر صرامة، وذلك وفقاً لشركة "بلومبيرغ إن إي إف" (BloombergNEF).

فقد ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية من 2.8% من المبيعات الجديدة في النصف الأول من 2019 إلى 7% في النصف الأول من 2021، مع زيادات كبيرة واضحة في الصين وأوروبا على وجه الخصوص. وستشكل السيارات معدومة الانبعاثات ما يقارب 30% من جميع عمليات الشراء الجديدة بحلول العام 2030 كما تتوقع الشركة البحثية.

اقرأ أيضاً: هل يساهم التغير المناخي في تأجيج الحرائق الهائلة في كاليفورنيا؟

التقدم في الجهود الرامية لمواجهة التغير المناخي

في هذه الأثناء، هناك الكثير من المؤشرات على التقدم التكنولوجي. حيث يعمل الباحثون والشركات على ابتكار أساليب جديدة لإنتاج الفولاذ من دون كربون والإسمنت من دون كربون. كما أن اللحوم البديلة نباتية الأساس أصبحت أفضل مذاقاً وأكثر شعبية بشكل أسرع مما توقعه الجميع. أما الشركات فقد بدأت ببناء محطات أكثر ضخامة على نحو متزايد لشفط ثنائي أوكسيد الكربون من الهواء. وارتفعت استثمارات رؤوس الأموال في الشركات الناشئة التي تركز على المناخ والتكنولوجيا النظيفة إلى مستويات غير مسبوقة، لتصل في الإجمال إلى أكثر من 30 مليار دولار مع نهاية الربع الثالث من عام 2021، وفقاً لشركة "بيتش بوك" (PitchBook).

ونقدم أيضاً نتيجة هامة، وتبدو مناقضة للبديهة: فعلى الرغم من أن الأحداث الطقسية الخطيرة والشديدة أصبحت أكثر تكراراً وشدة، فإن البشر أصبحوا على ما يبدو أكثر براعة في الاحتماء منها. فقد تراجع إجمالي عدد الوفيات الناجمة عن الكوارث الطبيعية بحدة خلال العقود الأخيرة.

تقول هانا ريتشي، مديرة البحث في مجلة "Our World of Data"، في مقالة حديثة بمجلة "Wired UK"، مستشهدة بأبحاثها الخاصة: "لدينا تكنولوجيات أفضل لتوقع العواصف، والحرائق البرية، والفيضانات، ولدينا بنى تحتية أفضل لحماية أنفسنا، وشبكات للتعاون وإزالة الأضرار عند وقوع الكارثة فعلياً".

وهو ما يمنحنا أملاً إضافياً بأن الاستثمارات الصحيحة في الإجراءات الخاصة بالتكيف مع المناخ، مثل الأسوار البحرية ومراكز التبريد العامة، ستسمح لنا بالتعامل مع الأخطار المتزايدة التي سنشهدها. ولكن الأمم الغنية التي أطلقت أكبر نسب من غازات الدفيئة يجب أن تؤمن الدعم المالي لمساعدة الدول الفقيرة على تعزيز دفاعاتها أيضاً.

اقرأ أيضاً: التغير المناخي يُحدث موجة حر تفوق المعدلات القياسية في شمال غرب الولايات المتحدة

خط أساسي واقعي

لقد استغل البعض دلالات التحسن هذه كمؤشر على الفكرة القائلة بأن التغير المناخي ليس بهذه الدرجة من الخطورة. وهذا محض هراء. فما زالت الإجراءات المتخذة عالمياً لمواجهة الأخطار المتزايدة للتغير المناخي ضعيفة ولا ترقى إلى المستوى المطلوب، بأي مقياس شئنا.

فإذا ارتفعت حرارة الكوكب بمقدار 3 درجات مئوية، سيصبح أكثر خطورة وعشوائية بكثير. وتهدد هذه الدرجات بالقضاء على الشعاب المرجانية، وإغراق أجزاء كبيرة من مدننا الساحلية وجزرنا المنخفضة، وتعريض الملايين من الناس إلى أخطار شديدة، مثل موجات الحر الشديدة، وموجات الجفاف، والمجاعة، والفيضانات.

إضافة إلى ذلك، ما زلنا نقلل من تأثير حساسية الغلاف الجوي لغازات الدفيئة، إضافة إلى الآثار المتزايدة لنقاط الانقلاب المناخي، وأخطار ارتفاع الحرارة. أيضاً، لا توجد أي ضمانة بعدم تراجع الدول عن سياساتها والتزاماتها في خضم الصدمات الاقتصادية، والصراعات، وغيرها من الأحداث غير المتوقعة.

ولكن، ودون شك، فإن زيادة 3 درجات مئوية تبقى أفضل بكثير من زيادة 5 درجات مئوية، وتمثل نقطة بداية واعدة للغاية للوصول إلى زيادة درجتين مئويتين.

يقول زيك هاوسفاذر، مدير المناخ والطاقة في معهد "بريكثرو" (Breakthrough): "لا نقصد بأن نقول إنها نتيجة جيدة، بل إنه الخط الأساسي الذي نرتكز عليه حالياً، ومن الممكن أن نتخيل بناء عليه انخفاضاً حرارياً أكثر سرعة بكثير".

ووفقاً لبعض وجهات النظر، فإنه من الملفت على وجه الخصوص ملاحظة أن العالم حقق هذا التقدم دون إجراءات مناخية شاملة في الكثير من الدول، وعلى الرغم من وجود الكثير من السياسات الحزبية السامة التي تحيط بمسألة التغير المناخي.

فهذه الانتقالات نحو الغاز الطبيعي، ومن ثم الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتزايد استخدام السيارات الكهربائية، كانت جميعاً مدعومة حكومياً بعدة أشكال، مثل القروض، والمنح وغيرها من السياسات التي دفعت هذه التكنولوجيات إلى الأسواق. كما أن عملية التوسع المدفوعة من قبل الشركات أدت إلى تخفيض حاد في تكاليف تلك التكنولوجيات، ما ساعد على زيادة جاذبيتها وانتشارها.

وتعد التنافسية المتصاعدة والبدائل النظيفة ذات الجدوى الاقتصادية التنافسية بتبسيط السياسات لمزيد من الإجراءات المناخية. وإذا قررت المزيد من الدول تطبيق سياسات أكثر صرامة، مثل الضرائب الكربونية ومعايير الطاقة النظيفة وزيادة التمويل للأبحاث والمشاريع التجريبية، فسوف نقلل من الانبعاثات بنسب متزايدة.

اقرأ أيضاً: علماء ومصورون يتعاونون على إظهار سرعة تفاقم التغير المناخي

العالم لا يحتضر 

هناك أسباب أخرى تدعونا إلى ملاحظة التقدم المتواضع الذي حققناه.

فالسياسيون الأميركيون التقدميون أصبحوا الآن يكررون، وبشكل عادي، الادعاء القائل بأن التغير المناخي يمثل "خطراً وجودياً"، مشيرين إلى أنه قد يقضي على البشرية جمعاء. وبعد أن أورد تقرير من الأمم المتحدة صدر في 2018 أن الاحترار العالمي يمكن أن يصل إلى 1.5 درجة مئوية بين 2030 و2052، قام ناشطو المناخ والشركات الإعلامية بتحويل تلك النتيجة إلى استغاثة مدوية تقول: "أمامنا 12 سنة لإنقاذ الكوكب!".

إذا كان هذا صحيحاً، فهذا يعني أن المهلة انخفضت إلى 9 سنوات. ولكن 1.5 درجة مئوية ليست عتبة محسوبة علمياً لانهيار المجتمعات. وعلى الرغم من أن العالم لن يتمكن من تحقيق هذا الهدف، فما زال من الضروري أن نبذل جميع الجهود الممكنة لاكتساب أي نصف درجة إضافية تزيد عليه، لأن كلاً من هذه المقادير الصغيرة تحمل مخاطر إضافية مؤكدة.

وفي هذه الأثناء، فإن الأبحاث المناخية لا تشير إلى أن الاحترار البالغ 3 درجات مئوية، والذي نتجه إليه على ما يبدو، سيؤدي إلى تحويل الكوكب بأسره إلى جحيم لا يطاق.

وبالتالي، فإن التغير المناخي ليس بالخطر الوجودي.

ولكن هذه الفكرة أصبحت راسخة لدى معظمنا دون شك، ففي وقت سابق من هذه السنة، أجرى باحثون من جامعة باث استبياناً شمل 10,000 شخص يافع، بأعمار من 16 إلى 25 سنة في 10 بلدان، وذلك لتقييم مستويات "القلق المناخي". وقد وافق 56% من المشاركين، أي أكثر من النصف، على الفكرة القائلة بأن "البشرية هالكة لا محالة".

إن المبالغة في الأخطار والمطالب أمر معتاد لدى السياسيين والناشطين، وذلك على أمل التوصل إلى تسوية ما في نهاية المطاف. كما أن تزايد المخاوف المناخية، وتزايد أثر حركة الناشطين المناخيين، أديا دون شك إلى زيادة الضغوط على السياسيين والشركات للتعامل مع هذه المسائل بجدية أكبر، ما ساعد على تحقيق بعض التغييرات السياسية التي شهدناها. وبهذا، فهم أصحاب فضل حقيقي في هذا الإنجاز.

ولكن الإصرار على أن العالم يوشك على الانهيار، على الرغم من أن هذا غير صحيح، يرسل رسالة فظيعة إلى الشباب، وينطوي على بعض المخاطر الحقيقية أيضاً. فهو يؤدي دون شك إلى تقويض المصداقية. ويمكن أن يؤدي بالبعض إلى فقدان الأمل ببساطة. كما يمكن أن يدفع بآخرين إلى المطالبة بإجراءات متطرفة، وغالباً ما تؤدي إلى نتائج عكسية.

وقد كتبت ريتشي قائلة: "لقد آن لنا أن نكف عن إخبار أطفالنا بأنهم سيموتون بسبب التغير المناخي، فهذا السلوك ليس قاسياً ومؤذياً وحسب، بل يمكن أن يزيد من احتمال حدوث هذا الأمر فعلياً".

فعندما لا يرى الناس أي طريق منطقي لتحقيق التقدم، سيبدؤون بتبرير الطرق غير المنطقية.

ومن بين هذه الطرق، سمعت بعض المطالبات التي تتكرر على مستوى يدعو إلى الدهشة، والتي تقول: يجب أن نغلق جميع البنى التحتية للوقود الأحفوري، ونوقف استخراج النفط والغاز على الفور. ويجب أن نحاول إصلاح كل شيء بالتكنولوجيا المتوافرة حالياً، ونرفض تكتيك "التأخير الذي يهدف إلى تحقيق نتيجة أفضل"، والذي يقوم على مواصلة الاستثمار في الابتكار في مجال الطاقة النظيفة. ويجب أن نوقف الاستهلاك، والبناء، والتنمية الاقتصادية. بل وحتى: يجب أن ندمر النظام الرأسمالي العالمي الذي تسبب بكل هذه المشاكل!

اقرأ أيضاً: كيف نستفيد من توائم الأرض الرقمية في مواجهة التغير المناخي؟

موازنة العوامل المتضاربة

لم يبدُ لي أي شيء من هذه المطالبات منطقياً من الناحية السياسية أكثر من ضرورة إصلاح أنظمة الطاقة لدينا.

فيجب فعلياً أن نغلق محطات توليد الكهرباء بالوقود الأحفوري، واستبدال سياراتنا، والانتقال إلى أساليب جديدة في إنتاج الغذاء والإسمنت والفولاذ وغيرها من المنتجات، وبسرعة نسبياً. ولكن يجب أن نقوم بهذا عن طريق تطوير البدائل التي لا تطلق انبعاثات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي.

وإذا عدلنا هدف الاحترار إلى درجتين مئويتين، وهو أمر مؤسف ولكنه أكثر واقعية في هذه المرحلة، فسيكون أمامنا عدة عقود لتطبيق التحولات المطلوبة. وضمن سيناريو انبعاثات متواضعة، لن يتجاوز العالم هذه العتبة حتى 2052 تقريباً كتقدير متوسط، كما يشير تحليل هاوسفاذر في أحدث تقرير مناخي للأمم المتحدة.

ولكننا لا نستطيع ببساطة إغلاق البنى التحتية التي تسيّر الاقتصاد العالمي، لأن هذا سيؤدي إلى أضرار فادحة بالوظائف، والغذاء، والرعاية الصحية، والسلامة العامة. وسيعني هذا التضحية بالموارد الاقتصادية التي نحتاجها لتطوير اقتصاد أكثر استدامة، إضافة إلى جعل مجتمعاتنا أكثر مقاومة للأخطار المناخية المقبلة.

وفي الواقع، لا يحق لأبناء البلدان الثرية، على وجه الخصوص، أن يطلبوا من البلدان الفقيرة إيقاف عملية التنمية لديها، ما يؤدي إلى إيقاع المليارات من الناس في العجز الاقتصادي والطاقي.

وإذا كنا نشعر بالقلق حول التغير المناخي بسبب المعاناة التي سيجلبها للناس، فيجب أن نشعر بالقلق أيضاً حول الخسائر البشرية التي تفرضها طريقة مواجهته. إن موازنة هذه العوامل المتضاربة بشكل صحيح يتطلب التعامل بصدق مع ما يقوله العلم وما لا يقوله، والاعتراف بالتقدم المحدود الذي حققناه، وعدم اللجوء إلى المبالغة ببساطة لأننا نعتقد أننا سنتوصل بهذه الطريقة إلى تحقيق الإجراءات التي نأمل برؤيتها.

وبالتالي، فإن اعتقادنا بأننا سنوقف التغير المناخي بدفع البشر إلى العيش تحت ظل الفقر، والتخلي عن الطعام والطب والتدفئة والتكييف في عالم عشوائي ومرعب، أو توقع قيامهم بهذا طوعاً، عبارة عن محض خيال خطر وقاسٍ ومؤذٍ للجميع.

ونحن بحاجة إلى المزيد من ضغوط الناشطين والمزيد من السياسات المناخية الصارمة لمواجهة التغير المناخي. ولكن، وفي نهاية المطاف، يجب أن نعتمد على ابتكاراتنا وعملنا للخروج من المشكلة. والخبر الجيد النادر، والذي يمثل نقطة من الأمل في وسط كل هذه الكآبة، هي أننا بدأنا برؤية الأدلة على قدرتنا على القيام بهذا.

المحتوى محمي