أصبحت تقنية إنترنت الأشياء جزءاً لا يتجزأ من حياتنا العملية، وتزداد انتشاراً وتعقيداً، وستتأثر بيئة العمل بها. لكن لمعرفة كيف ستؤثر إنترنت الأشياء على وظائف المستقبل يمكننا العودة بذاكرتنا للثلاثين عاماً الماضية قبل أن تدخل أجهزة الحواسيب إلى المكاتب، ونستذكر كيف تغيّرت بيئة العمل تغييراً جذرياً. ومع تطور إنترنت الأشياء، سنشهد تغييراً جذرياً آخر خلال الثلاثين عاماً القادمة من عدة جوانب.
بدأت بعض الشركات والمؤسسات بالفعل استخدام إنترنت الأشياء في مكاتبها، بينما ما زال البعض الآخر بعيداً عنها. عموماً، لن تبقى هذه الشركات بعيدة عن هذه التكنولوجيا الجديدة المتنامية لوقت طويل، وستسعى قريباً للحصول على فوائد تطبيقها. وفيما يلي بعض تطبيقات وفوائد إنترنت الأشياء التي ستغيّر وجه وظائف المستقبل.
اقرأ أيضاً: إليك أهم تطبيقات إنترنت الأشياء في مواجهة تلوث البيئة
فوائد تطبيق إنترنت الأشياء في وظائف المستقبل
ستغيّر إنترنت الأشياء طريقة العمل من خلال توفير الوقت والموارد وفتح فرص جديدة للنمو والابتكار وفوائد أخرى.
جمع البيانات للحصول على نتائج أفضل
يمكن للشركات جمع الكثير من البيانات في كل جانب من جوانب العمل من أجهزة إنترنت الأشياء، حيث تستمد الشركات رؤيتها عن كيفية تنفيذ العمال مهامهم من تحليل البيانات، ومعرفة المشكلات والعقبات التي يواجهونها، ومن ثَمَّ محاولة حلها في سبيل تطوير العمل.
في المقابل، لا يضيع الموظفون وقتاً كبيراً في المراقبة وإدخال البيانات وتوفير هذا الوقت لحل المشكلات التي تؤدي إلى نتائج ملموسة.
بيئة عمل أكثر أماناً
تساعد بعض الأجهزة القابلة للارتداء على جعل مساحة العمل أكثر أماناً، إذ تنبه مرتديها على وجود مشكلة أو خطر في المكان خاصة في المجالات التي يعمل فيها العمال في ظروف قاسية أو بالقرب من الآلات الثقيلة.
اقرأ أيضاً: باحث عربي يبتكر سواراً لحماية عمال المناجم من الغازات السامة
زيادة التركيز على العملاء
العملاء هم أكثر ما يهم الشركات، ولإنترنت الأشياء دورٌ في تحسين خدماتهم. يمكن للعملاء تجربة المنتجات والخدمات، ومن ثَمَّ تجمع الشركات البيانات من نقاط الاتصال الرقمية بهدف معرفة وجهة نظر العميل بالمنتج أو الخدمة التي تقدمها عن طريق تحليل هذه البيانات، وإجراء التحسينات اللازمة بناءً على تجربة العملاء.
يمكن أن تساعد البيانات المستمدة من إنترنت الأشياء أيضاً في الإجابة عن بعض الأسئلة الأساسية المتعلقة بتوقعات العملاء وتنفيذ الخدمة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأجهزة استشعار إنترنت الأشياء المتصلة تنبيه الشركة المصنّعة أو مزود الخدمة عندما يواجه جهاز العميل مشكلات.
التعرّف على الموظفين
من المتوقع أن تختفي مهمة مراقب الدوام مستقبلاً، ولن يكون الموظفون في حاجة لبطاقات دخول إلى المبنى، بل سيتم التعرف عليهم من خلال أنماطهم السلوكية، أي طريقة سيرهم ونبرة صوتهم.
اقرأ أيضاً: ما الفرق بين إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي؟
تتبع المواقع
يزيد تبني الشركات لإنترنت الأشياء من الكفاءة والإنتاجية. على سبيل المثال، يمكن ربط الأجهزة والأدوات بالإنترنت، وبالتالي يمكن تحديد موقعها بسهولة واختصار الوقت الضائع في البحث عنها.
اختصار الوقت الضائع في التنقلات
تعتبر وسائل المواصلات والنقل من أكبر المشكلات التي تواجه الموظفين، وتتسبب في تأخرهم عن أعمالهم، لكن عند ربط السيارات وإشارات المرور بالأجهزة المحمولة والإنترنت (المدن الذكية)، سيصبح من السهل على الموظفين إيجاد وسائل المواصلات واتباع الطرق الأقل ازدحاماً، والوصول إلى وظائفهم دون عناء.
مسميات وظيفية جديدة
في كل مرة تحدث ثورة تكنولوجية، تُبصر وظائف جديدة النور في سوق العمل، ومع تزايد اعتماد الشركات والمؤسسات تكنولوجيّاً على إنترنت الأشياء، ستظهر وظائف جديدة منها مختصي الأمن السيبراني والتطبيقات مثلاً.
ومع انتشار هذه التكنولوجيا في العمل، يجب أن يكتسب الموظفون مهارات جديدة خاصةً بالاتصالات والمعلومات.
اقرأ أيضاً: ما هي فوائد واستخدامات إنترنت الأشياء في التعليم؟
تطبيقات إنترنت الأشياء في وظائف المستقبل
من بعض تطبيقات إنترنت الأشياء التي سنراها في وظائف المستقبل:
المساعدون الرقميون
يعد المساعد الرقمي أحد أكثر الاستخدامات المألوفة لإنترنت الأشياء. يمكن أن نجده مستقبلاً على مكاتب الموظفين لمساعدتهم في مهامهم الشخصية وإجراء المكالمات، وإخبارهم عن غرف الاجتماعات المتاحة والتحكم في إعدادات معدات غرفة الاجتماعات وطلب المستلزمات.
بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن يذكّر المساعد الرقمي الموظف بمواعيد اجتماعاته، وبدء الاجتماع. أمّا في غرفة الاجتماعات فيمكنه تشغيل التلفاز الذكي أو الشاشة وخفت الأضواء تلقائياً، دون جهد من الموظف.
المباني الذكية
يرتبط مصطلح إنترنت الأشياء بالمباني والمنازل الذكية. وفي الحديث عن إنترنت الأشياء ومستقبل العمل، لا بُدّ أن تكون مباني الشركات والأعمال ذكية. ويمكن أن يُطبّق الأمن الذكي في المباني الذكية، بالإضافة إلى أنظمة تساعد على توفير التكاليف وتدعم التشغيل عن بُعد.
على سبيل المثال، أنظمة التدفئة الذكية التي يمكنها استشعار حرارة المكتب، ومن ثَمَّ ضبط أجهزة التدفئة والتكيف وفقاً لذلك، يمكنها أيضاً تحديد المكاتب الفارغة وإيقاف تشغيل التكييف فيها، وتحدد وقت الذروة خلال أوقات مختلفة من اليوم وضبط الإضاءة والحرارة وفقاً لذلك. يمكن بذلك توفير الكثير من الطاقة والتكاليف التي تُنفق على تدفئة غرف فارغة مثلاً.
اقرأ أيضاً: إليك أهم تطبيقات إنترنت الأشياء في مواجهة تلوث البيئة
مستشعرات الإشغال
بوجود إنترنت الأشياء، يمكن لأرباب العمل إحصاء عدد الموظفين في مكان ما، كالمكاتب مثلاً، وضمان عدم ازدحامهم في هذا المكان. تجلّت أهمية هذه التكنولوجيا عند عودة الموظفين بعد انتهاء الحجر الصحي بسبب تفشي جائحة كوفيد-19، إذ كان يجب على الموظفين والعملاء الحفاظ على مسافة أمان فيما بينهم.
وبعد انحسار الوباء، يمكن أن تساعد مستشعرات الإشغال في تحديد أنماط استخدام المساحة حتى يتمكن المعنيون من تحسين مكان العمل وفقاً لاحتياجات الموظفين.
رفاهيات الموظف
يمكن الآن استخدام إنترنت الأشياء للمساعدة في توفير تحليلات حديثة حول صحة الموظف ورفاهيته. على سبيل المثال، تُنبه المكاتب الذكية الموظف أنه جالس منذ فترة طويلة جداً ويجب أن يقف ويمشي قليلاً، وكذلك الأمر بالنسبة للكراسي الذكية المزودة بمستشعرات تنبه الموظفين بأن طريقة جلوسهم خاطئة مثلاً.
يمكن للأجهزة القابلة للارتداء فعل الأمر ذاته، إذ تنبه المستخدمين بحاجتهم إلى المشي أو تغيير إعدادات الإضاءة على جهاز الحاسوب، أو حتى شرب كوب من الماء. بهذه الطريقة يمكن لأرباب العمل تحسين بيئة العمل للموظفين، وزيادة مستويات التركيز ومساعدتهم لتزداد إنتاجيتهم.
اقرأ أيضاً: 10 من أبرز تطبيقات إنترنت الأشياء ومجالات استخداماتها
ختاماً، يجب القول إنه عندما تتبنى شركة ما تكنولوجيا إنترنت الأشياء، ستحتاج بالتأكيد إلى إجراء تحديثات على البنية التحتية، وستحتاج أيضاً إلى شبكات وخوادم سحابية، وبالطبع ستضطر إلى شراء أجهزة مادية وأجهزة الاستشعار من أجل إرسال الإشارات واستقبالها ومعالجتها.