ما هي أبرز استراتيجيات الإمارات والسعودية التي ساعدتهما في رحلة التحول الرقمي الحكومي؟

6 دقيقة
ما هي أبرز استراتيجيات الإمارات والسعودية التي ساعدتهما في رحلة التحول الرقمي الحكومي؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Viachaslau Krasnou

يبرز التحول الرقمي في القطاع الحكومي كونه محركاً حاسماً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وعنصراً أساسياً للنمو النوعي والتقدم في المجتمعات، فضلاً عن دوره في تعزيز الاستدامة وتحسين جودة الحياة، وتُعدُّ المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من النماذج الرائدة في هذا المجال على مستوى المنطقة العربية. إذ تبنت الدولتان رؤى طموحة للتحول الرقمي تتماشى مع أهدافهما التنموية الوطنية المتمثلة في رؤية السعودية 2030 ورؤية الإمارات 2071، وقد انعكس هذا الالتزام القوي على تحقيق الدولتين مراتب متقدمة في مؤشرات الحكومة الرقمية العالمية.

التحول الرقمي الحكومي في السعودية والإمارات: تنفيذ ناجح يتماشى مع رؤاهما الوطنية

إن الأهمية الاستراتيجية للتحول الرقمي الحكومي لكلٍّ من الإمارات والسعودية تظهر بوضوح في ربطهما المباشر برؤاهما التنموية الوطنية الطموحة وتطلعاتهما نحو الريادة العالمية، كما أن التركيز على الاستدامة وجودة الحياة يشير إلى تبنيهما نهجاً أساسياً يتمحور حول المواطن منذ البداية.

ففي المملكة العربية السعودية تتكامل مبادرات التحول الرقمي الحكومي مع رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز كفاءة الحكومة وتحسين جودة حياة المواطنين والمقيمين والزوار، وبالمثل تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال رؤية الإمارات 2071 إلى بناء حكومة مستقبلية رائدة عالمياً تعتمد على التكنولوجيا والابتكار في تقديم الخدمات وتحقيق الرفاهية لمجتمعها.

إذ حققت الدولتان تقدماً ملحوظاً في مجال التحول الرقمي الحكومي، وهو ما تعكسه العديد من المؤشرات العالمية والإقليمية، ففي دولة الإمارات العربية المتحدة تظهر الإحصائيات التالية مدى التقدم الذي أحرزته في مجال التحول الرقمي الحكومي:

  • الوصول إلى المرتبة الـ 11 عالمياً في مؤشر الأمم المتحدة للتنمية الحكومية الإلكترونية لعام 2024، ما يدل على مستوى عالٍ من التطور في المؤسسات الحكومية.
  • تصدر المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر البنية التحتية للاتصالات لعام 2024، ما يعكس الاستثمار الكبير في تطوير البنية التحتية الرقمية.
  • الوصول إلى المرتبة الأولى بين الدول الآسيوية والعربية في مؤشر رأس المال البشري لعام 2024، ما يشير إلى الاهتمام بتطوير المهارات الرقمية لدى الأفراد.
  • وصول مدينة دبي إلى المرتبة الخامسة عالمياً في مؤشر الخدمات المحلية عبر الإنترنت لعام 2022، ما يعكس التزام الدولة بتقديم خدمات رقمية متطورة على مستوى المدن.
  • تحويل نحو 99% من الخدمات الحكومية إلى خدمات رقمية مع تحقيق معدل رضا بلغ 90% بين المواطنين، ما يؤكد نجاح جهود التحول الرقمي في تلبية احتياجات المستفيدين.

أمّا في المملكة العربية السعودية فتشير الإحصائيات إلى تحقيق مستويات متقدمة في مجال التحول الرقمي الحكومي، على سبيل المثال:

  • احتلال المرتبة الثالثة عالمياً في مؤشر نضج الحكومة الرقمية حيث تجاوز مستوى النضج 97%.
  • في مؤشر الأمم المتحدة للتنمية الحكومية الإلكترونية لعام 2024، احتلت المرتبة السادسة عالمياً ما يؤكد نجاحها الكبير في التحول الرقمي.
  • تصدرت المملكة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤشر نضج الخدمات الإلكترونية الحكومية وخدمات الهاتف المحمول لعام 2024 للمرة الثالثة على التوالي، بمعدل نضج مرتفع بلغ 96%.
  • المرتبة الرابعة عالمياً في مؤشر الخدمات الرقمية للأمم المتحدة لعام 2024، ما يعكس التطور الذي شهدته المملكة في تقديم الخدمات الرقمية للمواطنين وقطاع الأعمال.
  • حصول مدينة الرياض على المرتبة الثالثة بين 193 مدينة حول العالم في مؤشر الخدمات الرقمية لعام 2024، ما يعكس التزام المملكة بتطوير الخدمات الرقمية في مدنها.
  • أكثر من 97% من الخدمات الحكومية أصبحت متاحة رقمياً، ما يسهّل الوصول إليها ويوفّر الوقت والجهد على المواطنين والمقيمين والزوار.

عند مقارنة أداء البلدين في هذه المؤشرات يتضح أن كليهما يحقق أداءً متميزاً على المستويين العالمي والإقليمي في مجال الحكومة الرقمية والتحول الرقمي، فبينما تتقدم المملكة العربية السعودية في بعض المؤشرات مثل مؤشر نضج الخدمات الإلكترونية الحكومية وخدمات الهاتف المحمول، تتصدر دولة الإمارات العربية المتحدة في مؤشر البنية التحتية للاتصالات، ما يعكس التنافس الإيجابي بين البلدين في المجالات المتعلقة بالتحول الرقمي الحكومي.

اقرأ أيضاً: سوريا الرقمية حلم قابل للتحقيق: دروس مستفادة من التجربة السعودية إذا استثمرت بذكاء وواقعية

كيف نجحت الإمارات والسعودية في رحلة التحول الرقمي الحكومي حتى الآن؟

نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في رحلة التحول الرقمي الحكومي من خلال تبني مجموعة من الاستراتيجيات والمبادرات المتكاملة تشمل:

أسباب نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة في رحلة التحول الرقمي الحكومي

1- رؤية استراتيجية واضحة: هدفت إلى بناء حكومة ذكية تقدّم خدمات متميزة على مدار الساعة وتعتمد على التكنولوجيا في تسهيل حياة مواطنيها ومقيمها وزوارها وتعزيز رفاهيتهم، وقد تطورت الرؤية لتشمل أهدافاً أوسع تتعلق ببناء اقتصاد رقمي مستدام.

2- إنشاء بنية تحتية رقمية متطورة: بما في ذلك شبكات اتصالات متقدمة ومراكز بيانات حديثة وتقنيات الجيل الخامس ما أتاح تقديم خدمات رقمية عالية الجودة.

3- إطلاق استراتيجيات ومبادرات رقمية شاملة: للتحول الرقمي على المستويين الوطني والمحلي، بالإضافة إلى العديد من الاستراتيجيات العلمية والتكنولوجية والصناعية أبرزها مبادرة الحكومة الذكية واستراتيجية دبي للمعاملات اللاورقية.

4- تطوير منصات رقمية موحدة: لتسهيل الوصول إلى الخدمات الحكومية والمساهمة في تبسيط الإجراءات وتعزيز تجربة المستخدم.

5- التركيز على تجربة المستخدم ورضا المتعاملين: من خلال تصميم خدمات سهلة الاستخدام ومتوفرة على مدار الساعة، ما انعكس إيجاباً على ارتفاع معدلات الرضا بين المتعاملين.

6- الاستثمار في الكفاءات والمهارات الرقمية: من خلال إطلاق العديد من البرامج والمبادرات لتطوير مهارات الكوادر الحكومية والمجتمع في مجال التكنولوجيا الرقمية مثل أكاديمية الحكومة الرقمية وبرنامج جاهز.

اقرأ أيضاً: لماذا نجحت دول الخليج في التحول الرقمي في حين فشلت أخرى؟

أسباب نجاح المملكة العربية السعودية في رحلة التحول الرقمي الحكومي

1- استراتيجية تحول رقمي ناجحة تتوافق مع رؤية 2030: وضع التحول الرقمي في صميم رؤية 2030 بهدف بناء مجتمع رقمي مزدهر واقتصاد متنوع وحكومة فعّالة.

2- إنشاء هيئات ومؤسسات متخصصة: للإشراف على جهود التحول الرقمي وتنظيمها، مثل هيئة الحكومة الرقمية والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي سدايا (SDAIA).

3- إطلاق استراتيجيات وخطط عمل رقمية: مثل استراتيجية الحكومة الرقمية والبرنامج الوطني للتحول الرقمي التي تضمنت أهدافاً ومبادرات محددة لتطوير البنية التحتية الرقمية والخدمات الإلكترونية وتعزيز المشاركة الرقمية.

4- الاستثمار في البنية التحتية الرقمية: بما في ذلك شبكات الإنترنت عالية السرعة وتقنيات الجيل الخامس ومراكز البيانات السحابية، ما أدّى إلى ارتفاع معدل انتشار الإنترنت وتحسين سرعات الاتصال.

5- تطوير منصات وتطبيقات رقمية حكومية: لتوفير الخدمات الحكومية للمواطنين ما أسهم في تسهيل الوصول إلى الخدمات وتقليل الحاجة إلى زيارة المكاتب الحكومية.

6- تعزيز الأمن السيبراني وحماية البيانات: أولت المملكة اهتماماً كبيراً بالأمن السيبراني وحماية البيانات في إطار التحول الرقمي، من خلال وضع استراتيجيات وتشريعات لضمان سلامة البيانات والمعلومات.

7- تشجيع الابتكار وريادة الأعمال الرقمية: من خلال تهيئة بيئة محفزة للابتكار وريادة الأعمال في مجال التقنية الرقمية ودعم الشركات الناشئة وتقديم الحوافز والتسهيلات.

أمثلة على التحول الرقمي الحكومي الناجح في الإمارات والسعودية

توجد عدة أمثلة ناجحة على التحول الرقمي الحكومي في المؤسسات الحكومية في الإمارات والسعودية تشمل مختلف القطاعات والخدمات، ففي الإمارات العربية المتحدة نجد:

اقرأ أيضاً: أهمية تحديد أهداف الحكومة في سعيها نحو التحول الرقمي

أمّا في المملكة العربية السعودية فنجد:

  • منصة أبشر(Absher): توفّر أكثر من 300 خدمة إلكترونية للمواطنين والمقيمين مثل تجديد الهوية وإصدار جوازات السفر وتجديد رخص القيادة وغيرها من الخدمات الأساسية.
  • منصة اعتماد (Etimad): تعمل على تقديم الخدمات المالية الحكومية وأتمتة العمليات المالية وتسريع إنجاز المعاملات وإجراءات المناقصات والمشتريات الحكومية ورفع كفاءة إدارة الموارد المالية.
  • منصة توكلنا (Tawakkalna): توفّر أكثر من 160 خدمة في القطاع الصحي بما في ذلك الجواز الصحي وتصاريح السفر وحجز المواعيد الطبية وغيرها.
  • منصة سداد (SADAD): تُتيح للمواطنين والمقيمين تسديد الفواتير والمدفوعات الحكومية المختلفة ويُعدُّ نظاماً مركزياً للمدفوعات الإلكترونية في المملكة.
  • مستشفى صحة الافتراضي: يمثّل نموذجاً مبتكراً للتحول الرقمي في قطاع الرعاية الصحية، إذ يقدّم نحو 50 خدمة متخصصة عن بُعد باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والواقع المعزز مثل الاستشارات الطبية عن بُعد والعيادات المتخصصة وخدمات الرعاية المنزلية الافتراضية.

اقرأ أيضاً: 5 من أبرز المدن الذكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

أبرز الدروس المستفادة من رحلة التحول الرقمي الحكومي الناجحة لدولتي الإمارات والسعودية

تُظهر تجربة الإمارات والسعودية في مجال التحول الرقمي الحكومي نموذجاً ناجحاً لبقية الدول في المنطقة العربية، إذ تمكنت الدولتان من تحقيق تقدم كبير في رقمنة الخدمات الحكومية وتعزيز رضا المستفيدين، ومن أبرز الدروس المستفادة من تجربتهما:

  • الدعم والالتزام من القيادة العليا في كلا البلدين عامل حاسم في نجاح مسيرة التحول الرقمي.
  • وجود رؤى استراتيجية واضحة للتحول الرقمي أسهم في التكامل مع الأهداف التنموية الوطنية.
  • الاستثمار في توفير بنية تحتية رقمية قوية وموثوقة لتقديم خدمات رقمية عالية الجودة.
  • تصميم الخدمات الرقمية بناءً على احتياجات المستخدمين وتوقعاتهم لزيادة اعتمادها وتحقيق الرضا.
  • الاستثمار في بناء قدرات الكوادر الحكومية والمجتمع في مجال التكنولوجيا الرقمية لضمان استدامة جهود التحول الرقمي.
  • تأسيس هيئات متخصصة ووضع تشريعات وسياسات موحدة لضمان تنسيق وتكامل الجهود.

اقرأ أيضاً: 6 أسباب تجعل المدن الذكية مطلوبة أكثر من أي وقت مضى

تُظهر التجارب الإماراتية والسعودية أن التحول الرقمي الحكومي الناجح ليس مشروعاً تقنياً فحسب، بل مساراً شاملاً يتطلب تكاملاً بين الاستراتيجية والتنظيم والتقنية والمواطن. ومن خلال الالتزام بمعايير واضحة ودعم حكومي متواصل، أثبتتا دورهما في مجال الحكومة الرقمية لتكونا نموذجاً يحتذى في المنطقة العربية.

المحتوى محمي