ما بعد بوتات الدردشة: صعود وكلاء الذكاء الاصطناعي

3 دقيقة
حقوق الصورة: shutterstock.com/Thx4Stock team

في مشهد التكنولوجيا المتطور باستمرار، يستمر الذكاء الاصطناعي في دفع حدود ما هو ممكن. لا تأتي القفزة الأخيرة من بوتات الدردشة، التي أصبحت مألوفة لمعظم الناس، بل من جيل جديد من الذكاء الاصطناعي، وهي وكلاء الذكاء الاصطناعي (AI Agents).

هذا الشهر، تصدرت شركة ناشئة تُدعى كوغنيشن أيه آي (Cognition AI) عناوين الأخبار بعد أن نشرت فيديو يمكن أن يغيّر مسار التطور التكنولوجي. عرضت الشركة في الفيديو برنامجاً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي يُدعى ديفين (Devin)، والذي تتجاوز قدراته النطاق التقليدي لبوتات الدردشة.

اقرأ أيضاً: ما هو متجر جي بي تي الذي أطلقته شركة أوبن أيه آي؟ وهل ستحقق الأرباح منه؟

ما الذي قدّمته شركة كوغنيشن أيه آي؟

من المعروف أن بوتات الدردشة مثل تشات جي بي تي (ChatGPT) وجيميناي (Gemini) يمكنها توليد التعليمات البرمجية، لكن وظائفها اقتصرت فقط على الاستجابة للطلبات بدلاً من الانخراط في عملية البرمجة.

ديفين يتجاوز قدرات بوتات الدردشة، فهو لا يولّد التعليمات البرمجية فحسب، بل يختبر وينفذ تلك التعليمات، تماماً كما يفعل المبرمجون المحترفون.

في الفيديو الذي نشرته الشركة، طُلِب من ديفين اختبار كيفية أداء نموذج اللغة الكبير المفتوح المصدر لاما 2 (Llama 2) الذي طوّرته شركة ميتا (Meta) الأميركية، وقد أنجز ديفين المهمة خطوة بخطوة، حيث كتب التعليمات البرمجية اللازمة للوصول إلى واجهات برمجة التطبيقات وأجرى اختبارات قياس الأداء، كما أنشأ موقعاً إلكترونياً لعرض النتائج.

اقرأ أيضاً: شركة ميتا تطوّر نماذج ذكاء اصطناعي جديدة تتحدث أكثر من ألف لغة

ما مدى دقة النتائج التي قدمها ديفين؟

من الصعب الحكم على العروض ونتائجها، لكن ديفين أظهر أنه قادر على التعامل مع مجموعة واسعة من المهام المعقدة بطريقة ذكية ومثيرة للإعجاب. وقد أبهرت قدراته المستثمرين والمهندسين الذين شاهدوا الفيديو، حتى إن البعض توقع أن يكون ديفين مسؤولاً عن موجة كبيرة من تسريح الموظفين في قطاع التكنولوجيا.

بوتات الدردشة مقابل وكلاء الذكاء الاصطناعي: فهم الفرق

تعتبر بوتات الدردشة من أكثر أدوات الذكاء الاصطناعي التي يتفاعل معها المستهلكون اليوم، فهي توفر ردوداً مكتوبة بناءً على المطالبات، وتعمل بالاعتماد على مجموعة من القواعد المحددة مسبقاً، وهي ممتازة للتعامل مع المهام المباشرة. لكن قدراتها محدودة ولا يمكنها التعامل مع الطلبات المعقدة أو المحادثات المستمرة.

وكلاء الذكاء الاصطناعي تعتبر تقدماً كبيراً عن بوتات الدردشة، فهي أدوات ذكاء اصطناعي مصممة للتعلم والتكيف واتخاذ القرارات في الوقت الفعلي. على عكس بوتات الدردشة، يمكنها فهم السياق وتذكر التفاعلات السابقة وبدء الإجراءات بشكل مستقل. هذا التحول في ردة فعل الذكاء الاصطناعي يفتح عالماً واسعاً من الاستخدامات.

اقرأ أيضاً: 6 أدوات قائمة على تشات جي بي تي توفّر عليك ساعات من العمل

صعود وكلاء الذكاء الاصطناعي

من المتوقع أن تحدث وكلاء الذكاء الاصطناعي ثورة في الصناعات المختلفة من خلال توفير خدماتها لكل مستخدم والتعامل مع مهام أكثر تعقيداً.

يمكن تطوير وكلاء ذكاء اصطناعي لمجموعة واسعة من التطبيقات في مختلف الصناعات. فيما يلي بعض الأمثلة واستخداماتها المحتملة:

في قطاع خدمة العملاء، لا يجيب وكيل الذكاء الاصطناعي عن الأسئلة فحسب، بل يمكنه القيام بالمهام المعقدة. على سبيل المثال، إذا كان المستخدم لا يعرف كيفية إنشاء حساب له على إنستغرام، سيُنشئ وكيل الذكاء الاصطناعي حساباً له بدلاً من تقديم معلومات عن كيفية إنشاء حساب.

في مجال الرعاية الصحية، بدلاً من تقديم معلومات للمريض حول كيفية إدارة مرضه، يستطيع وكيل الذكاء الاصطناعي تسجيل أعراض المريض وتحليلها وإرسال التحليل إلى الطبيب المختص وحجز موعد، وحتى تحديد الأدوية التي يجب شراؤها وأسعارها ومكان توفرها.

لا يقتصر الأمر على ذلك، تمتد إمكانات وكلاء الذكاء الاصطناعي إلى ما هو أبعد من أدوار الخدمة. حيث يمكنها العمل كمساعدين شخصيين للقيام بالكثير من المهام بالنيابة عنك، على سبيل المثال، إذا كنت صحفياً يعمل في قسم الأخبار، يجمع وكيل الذكاء الاصطناعي في كل صباح الأخبار الحديثة من عدة مصادر وتلخيصها لك ووضعها في مستند.

اقرأ أيضاً: 11 أداة قائمة على تشات جي بي تي توفّر عليك ساعات من العمل

المستقبل الآن

إن الانتقال من بوتات الدردشة إلى وكلاء الذكاء الاصطناعي ليس أمراً سيحدث في المستقبل الآن، بل إنه يحدث الآن. يستثمر الكثير من شركات التكنولوجيا لتطوير وكلاء الذكاء الاصطناعي بهدف توفير ميزة تنافسية وتلبية التوقعات المتزايدة للمستهلكين، وعندما تصبح وكلاء الذكاء الاصطناعي أكثر اندماجاً في حياتنا اليومية، ستصبح المعيار الجديد لتفاعل المستهلكين مع الذكاء الاصطناعي. هذا يعني أن مستقبل الذكاء الاصطناعي لا يتعلق بالحصول على إجابات مكتوبة من قبل بوتات الدردشة، بل بإنشاء أنظمة ذكية قابلة للتعلم يمكنها تحسين حياتنا بطرق بدأنا للتو بتخيلها.

باختصار، يستعد وكلاء الذكاء الاصطناعي لإعادة تعريف طريقة تفاعلنا مع التكنولوجيا بشكلٍ عام والذكاء الاصطناعي بشكل خاص، وقد نودع قريباً عصر بوتات الدردشة، ونرحب بعصر جديد من وكلاء الذكاء الاصطناعي.

المحتوى محمي