في زمن كورونا: لماذا من المبكر جداً البدء بمنح “جوازات حصانة مناعية”؟

9 دقائق

تخيل أن تتمكن -بعد بضعة أسابيع أو أشهر- من طلب توصيل مجموعة اختبار كوفيد-19 إلى منزلك. إنها صغيرة ومحمولة، ولكن استخدامها سهل للغاية: تقوم بوخز إصبعك، كما في اختبار السكري، وتنتظر حوالي 15 دقيقة، وبعد ذلك ستعرف ما إذا كنت منيعاً ضد فيروس كورونا أم لا.

إذا كنت منيعاً، يمكنك أن تطلب الحصول على وثيقة حكومية تثبت ذلك، وهي "جواز الحصانة المناعية"، أو جواز الحصانة. ابتداء من هذه اللحظة، لم يعد هناك ما يمنع مغادرتك للمنزل، والعودة إلى العمل، والمشاركة في كل نواحي الحياة الطبيعية، التي ستعود جميعها إلى حالها السابقة بفضل المنيعين من أمثالك.

فكرة مثيرة للغاية، أليس كذلك؟ بدأت بعض البلدان بدراسة هذه الفكرة جدياً. يريد الباحثون الألمان إرسال مئات الآلاف من الاختبارات إلى المواطنين على مدى الأسابيع القليلة المقبلة لتحديد المنيعين ضد كوفيد-19، ومنح رخصة للعودة إلى المجتمع لمن يثبت أنهم في وضع صحي مستقر بما يكفي. أما المملكة المتحدة، التي كدست أكثر من 17.5 مليون مجموعة اختبار منزلية للأجسام المضادة، فقد تحدثت عن إجراءات مشابهة، على الرغم من مواجهتها لتدقيق شديد من العلماء، الذين أثاروا بعض المخاوف المتعلقة بدقة هذه الاختبارات، التي قد لا تكون كافية لاستخدامها بشكل مفيد. ومع تصاعد ضغوط العامة المحتجزين منذ أسابيع داخل منازلهم، بدأت المزيد من البلدان بالبحث عن طريقة للالتفاف حول إجراءات الابتعاد الاجتماعي المشددة، بحيث لا تضطر إلى الانتظار لمدة 12 إلى 18 شهراً من أجل الحصول على لقاح، على فرض التوصل إليه في المقام الأول.

إذن، كيف تعمل اختبارات المناعة؟ بعد الإصابة بسارس-كوف-2 بفترة قصيرة للغاية، يمكن إجراء اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) للبحث عن دليل على وجود الفيروس في مجرى التنفس. تقوم هذه الاختبارات بتضخيم المادة الجينية الفيروسية إلى حد كبير، بحيث نستطيع تحديد الفيروس المصدر. ولكن بعد أسابيع أو أشهر من قضاء النظام المناعي على الفيروس، من الأفضل إجراء الاختبارات للبحث عن الأجسام المضادة.

بعد حوالي 6 إلى 10 أيام من التعرض للفيروس، يبدأ الجسم بتطوير أجسام مضادة ترتبط وتتفاعل تحديداً مع البروتينات الموجودة على سارس-كوف-2. يحمل أول جسم مضاد يتم إنتاجه اسم الغلوبيولين المناعي إم (IgM)، وهو قصير الأمد ولا يبقى في مجرى الدم سوى بضعة أسابيع. يقوم النظام المناعي بتحسين الأجسام المضادة، وبعد بضعة أيام وحسب، يبدأ بإنتاج الغلوبيولينات المناعية من النوع جي (IgG) والغلوبيولينات المناعية من النوع إيه (IgA)، التي يتمتع كل منها بأثر أكثر تحديداً. يبقى الغلوبيولين المناعي جي في الدم، ويضفي المناعة على الجسم لأشهر أو سنوات، أو حتى مدى الحياة، اعتماداً على المرض الذي يقي منه.

بالنسبة لشخص شفي من الإصابة بكوفيد-19، يُفترض بأن تتواجد هذه الأجسام المضادة في الدم، وتحمي من أية إصابة لاحقة بفيروس سارس-كوف-2. إن تحديد وجود المناعة لدى الشخص (وبالتالي أهليته للحصول لاحقاً على الوثائق آنفة الذكر) يتعلق بإجراء الاختبارات المَصْليّة، التي تتطلب سحب الدم للبحث عن دلالات على وجود هذه الأجسام المضادة. إذا كانت النتيجة إيجابية، يستطيع هذا الشخص أن يمشي في الشارع بأمان مرة أخرى، ويساهم في تحريك الاقتصاد. الأمر بهذه البساطة.

غير أن الأمر ليس كذلك في الواقع. هناك بعض المشاكل الكبيرة المتعلقة بمحاولة استخدام هذه الاختبارات لتحديد الوضع المناعي؛ فعلى سبيل المثال، ما زلنا لا نعرف الكثير حول مناعة الجسم البشري ضد هذا المرض، وزمن بقائه، وما إذا كانت الاستجابة المناعية كافية لمنع الإصابة مرة أخرى أم لا، وما إذا كانت إمكانية العدوى ونقل المرض ستبقى موجودة حتى بعد اختفاء الأعراض وظهور الأجسام المضادة من النوع جي. تتباين الاستجابة المناعية بشكل كبير بين المرضى، وما زلنا لا نعرف السبب، قد يكون هناك دور للجينات في هذا التباين.

يقول دونالد ثيا، وهو بروفيسور في الصحة العالمية بجامعة بوسطن: "لم نعرف بوجود هذا الفيروس إلا منذ بضعة أشهر". ويضيف: "لدينا نقص كبير في البيانات المتعلقة به".

يبدو أن سارس-كوف-1 -وهو فيروس يتسبب في مرض سارس ويشبه سارس-كوف-2 جينياً بنسبة 76%- يتسبب في ظهور مناعة تدوم لفترة تصل إلى ثلاث سنوات. أما بعض الفيروسات التاجية الأخرى التي تتسبب في الزكام العادي، فيبدو أنها تؤدي إلى ظهور مناعة أقل أمداً بكثير، على الرغم من أن البيانات حولها محدودة، وقد يعود هذا –وفقاً لثيا- إلى عدم وجود حاجة ملحة لدراستها بالتفصيل. ما زال من المبكر الجزم بالمدى الزمني للمناعة الناتجة عن سارس-كوف-2. 

وحتى من دون هذه البيانات، تعمل عشرات المجموعات في الولايات المتحدة وحول العالم على تطوير اختبارات الأجسام المضادة لفيروس كوفيد-19. تتصف الكثير من هذه الاختبارات بسرعتها وإمكانية إجرائها في المراكز الطبية، أو حتى في المنازل، وإعطاء النتائج في ظرف دقائق معدودة. حازت شركة سكانويل هيلث الأميركية على ترخيص لإنتاج اختبار أجسام مضادة لكوفيد-19 من شركة إينوفيتا الصينية، ويمكن لهذا الاختبار تحديد الأجسام المضادة من النوع إم والأجسام المضادة من النوع جي لفيروس سارس-كوف-2 عبر مجرد عينة دم من وخزة إصبع، وإعطاء النتائج في 13 دقيقة. 

هناك معياران أساسيان يجب أن نأخذهما بعين الاعتبار عند تقييم دقة اختبار الأجسام المضادة. المعيار الأول هو الحساسية، أي المقدرة على كشف الأجسام المضادة. أما المعيار الآخر فهو الدقة، أي كشف الأجسام المضادة من النوع المطلوب بالضبط. يقول المسؤول الطبي الأساسي في سكانويل، جاك جينغ، إن الاختبارات السريرية في الصين بينت أن اختبار إينوفيتا حقق حساسية بنسبة 87.3% ودقة 100% (لم تُنشر النتائج بعد). هذا يعني أنه لن يستهدف النوع الخاطئ من الأجسام المضادة ولن يعطي أية نتائج إيجابية خاطئة (أي أن وجود المناعة نتيجة صحيحة تماماً)، ولكنه لن يستطيع كشف وجود الأجسام المضادة لدى 12.7% من جميع العينات التي يحللها، أي أنها ستمثل نتائج سلبية خاطئة تقول إن الشخص ليس لديه مناعة.

من ناحية أخرى، فقد حققت سيليكس -وهي أول شركة تحصل على موافقة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية لإنتاج اختبار سريع للأجسام المضادة لكوفيد-19- حساسية بنسبة 93.8% ودقة بنسبة 95.6%. لم تتوان شركات أخرى أيضاً عن الإعلان عن مواصفات اختباراتها؛ وعلى سبيل المثال، يقول جاكي زانج، وهو رئيس مجلس إدارة بيروني جروب ورئيسها التنفيذي، إن اختبار الأجسام المضادة من شركته يتمتع بحساسية 88.57%. ويقول آلان باربييري من بيوميتريكا إن حساسية اختبار شركته تفوق 90%. كما أتاحت عيادة مايو استخدام اختبارها المصلي لكوفيد 19 للبحث عن الأجسام المضادة من النوع جي، الذي تقول مديرة علم الميكروبات السريرية في العيادة إيليتزا ثيل إن دقته تبلغ 95%.

تمثل الدقة والحساسية معايير متضاربة إلى حد ما. يمكن لازدياد الحساسية أن يحد من الدقة قليلاً، حيث إن الاختبار يستطيع أن يتفاعل مع أي جسم مضاد في العينة بشكل أفضل، حتى لو لم يكن الجسم المضاد المطلوب. ويمكن لازدياد الدقة أن يحد من الحساسية؛ لأن أدنى فرق في البنية الجزيئية للأجسام المضادة (وهو أمر طبيعي) يمكن أن يمنع الاختبار من كشف هذه الأهداف.

يقول روبرت جاري، وهو أخصائي فيروسات في جامعة تولين: "يعتمد الأمر على ما تهدف إليه بالضبط" ويضيف إن نسبتي الدقة والحساسية اللتين تبلغان 95% تعتبران نقطة مقارنة مرتفعة للغاية، ولكن تحقيق هذه الأرقام ليس بالأمر السهل، وتعتبر نسبة 90% مفيدة سريرياً، في حين تعتبر نسبة 85% مفيدة وبائياً. ولكن تحقيق أرقام أعلى من ذلك في مجموعات الاختبار المنزلية يعد أمراً صعباً للغاية.

ولكن في الواقع، فإن اختباراً تبلغ دقته 95% ليس بذي فائدة كبيرة؛ لأنه يمكن حتى لأصغر الأخطاء أن تعطي نتائج كارثية بالنسبة لعدد ضخم من السكان. لنفترض أن 5% من السكان أصيبوا بفيروس كورونا. إذا اختبرنا مليون شخص بشكل عشوائي، فيجب أن نجد 50,000 نتيجة إيجابية و950,000 نتيجة سلبية. ولكن إذا بلغت كل من الدقة والحساسية 95%، فسوف يعطي الاختبار 47,500 نتيجة إيجابية و902,500 نتيجة سلبية صحيحة. هذا يعني وجود 50,000 شخص بنتائج خاطئة. وبالتالي يصبح لدينا 2,500 شخص لديهم مناعة حقيقية، ولكنهم لن يحصلوا على جوازات حصانة ويجب أن يبقوا في المنزل، وهو أمر سيئ بحد ذاته. ولكن الأسوأ من ذلك هو وجود عدد ضخم يساوي 47,500 شخص ممن ليس لديهم مناعة، ويمكن أن يحصلوا على نتائج إيجابية. ويُحتمل أن نصف الأشخاص الذين قيل لهم إنهم منيعون ويمكن لهم التنقل بحرية، والبالغ عددهم 95,000 شخص، لم يسبق لهم حتى الإصابة بالفيروس.

ونظراً لعدم معرفة نسبة الإصابة الفعلية -قد تكون 1% أو 3% أو 5%... إلخ- فلا يمكننا أن نتوقع فعلياً ما نسبة جوازات الحصانة التي يمكن أن تُقدم لمن لا يستحقها. فكلما انخفض معدل الإصابة، ازدادت كارثية الأخطاء في نتائج اختبارات الأجسام المضادة. وكلما زاد معدل الإصابة، ازدادت دقة النتائج الإيجابية.

أما الأشخاص ذوو النتائج السلبية الخاطئة، فهم يمثلون مصادر خطر متنقلة، حيث يمكن أن يصابوا بالمرض وينشروا الفيروس، سواء بوجود أعراض أو من دونها. إذا أردنا وضع نظام لمنح الوثائق، فيجب إجراء الاختبارات على الناس بشكل متكرر لعدة أسابيع قبل إصدار الجواز الذي يسمح بالعودة إلى العمل، وحتى في هذه الحالة، فإن هذا سيؤدي إلى تخفيف نسبة المخاطرة فقط، لا القضاء عليها تماماً.

كما ذكرنا آنفاً، فإن التفاعل مع أجسام مضادة أخرى، خصوصاً تلك التي تستهدف فيروسات تاجية أخرى، يمثل مصدر قلق إضافي. يقول ثيا: "هناك ستة أنواع معروفة من الفيروسات التاجية التي تستهدف البشر. ومن المحتمل للغاية أن تصاب بنوع شائع منها في نوفمبر ولا تصاب بكوفيد-19، وأن تحصل بالرغم من هذا على نتيجة إيجابية في اختبار الأجسام المضادة لسارس-كوف-2".

يعمل لي جيركي أخصائيَّ فيروسات وباحث تكنولوجيا حيوية في كل من جامعتي هارفارد وإم آي تي، وتعمل شركته إي-25-بيو أيضاً على تطوير اختبارات مصلية لكوفيد-19، ويثير تساؤلاً آخر؛ حيث يقول: "ليس من الواضح فورياً ما إذا كانت الأجسام المضادة التي تكشفها هذه الاختبارات تكافح الفيروس". أي أن الأجسام المضادة التي يكشفها الاختبار قد لا تقوم بالضرورة بالتصدي للفيروس وحماية الجسم منه، بل قد تتفاعل معه ببساطة، وربما قد ترتبط بالفيروس حتى تلعب دور علامة تعتمد عليها أجزاء أخرى من الجهاز المناعي لاستهدافه.

يقول جيركي إنه يفضل البدء بدراسة معمقة على مستوى أصغر لعينات المصل من مرضى مؤكدين، وذلك لتحديد الأجسام المضادة المكافِحة بشكل أكثر دقة. ستكون هذه العملية مضنية، ولكن وفقاً لجيركي: "فقد يكون من المطمئِن أن نفعل هذا في الولايات المتحدة قبل أن نبدأ بإجراء الاختبارات على نطاق واسع".

ويتحدث آلان ويلز، وهو المدير الطبي للمختبرات السريرية في المركز الطبي لجامعة بيتسبيرج، عن وجهة نظر مماثلة؛ حيث يقول إن بعض المرضى ممن يشفون من الإصابة والذين اكتسبوا مناعة ضدها، قد لا يولّدون الأجسام المضادة التي نبحث عنها، ببساطة. أو قد يولّدونها بمستويات منخفضة لا تكفل اكتساب المناعة، وهي نتيجة يقول بعض الباحثين الصينيين إنهم توصلوا إليها.

يقول ويلز: "أشعر بالرعب إزاء استخدام اختبارات الأجسام المضادة من النوعين إم وجي لتحديد من لديه مناعة ومن ليس لديه مناعة. هذه الاختبارات ليست جاهزة بعد لاستخدام كهذا".

وحتى لو كانت التكنولوجيا أكثر دقة، فببساطة: ما زال من المبكر البدء بإصدار شهادات للحصانة لمجرد إعادة تنشيط الاقتصاد. ومن جهة كريس موراي، من معهد معايير وتقييم الصحة في جامعة واشنطن، فقد قال لموقع إن بي آر إن نموذج مجموعته يتوقع أنه بحلول شهر يونيو "سيبقى 95% على الأقل من سكان الولايات المتحدة معرضين للفيروس"، أي أنهم سيكونون معرضين للإصابة في وقت يُحتمل فيه أن تنطلق موجة جديدة من الإصابات بحلول الشتاء المقبل. إن منح جوازات حصانة مناعية لأقل من 5% من القوى العاملة قد لا يستحق كل هذا العناء.

يقول ثيل إن الاختبارات المصلية يجب ألا تُستخدم لمنح جوازات فردية، بل يجب أن تُجرى على نطاق واسع وعلى فترة طويلة من الزمن، وذلك للتحقق من ظهور ما يسمى بالمناعة الجماعية، مما يتيح إنهاء العمل بالإجراءات أو تخفيفها بعد ظهور المناعة لدى 60% إلى 70% من السكان. هناك عدد قليل من الدراسات العملية الواعدة؛ حيث عقدت مقاطعة سان ميجيل في كولورادو شراكة مع شركة يونايتد بيوميديكال للتكنولوجيا الحيوية في محاولة منها لإجراء اختبارات مصلية على جميع سكان المقاطعة. يتصف المجتمع المحلي لهذه المقاطعة بصغر حجمه وانعزاله، ولهذا يمكن إجراء اختبار شامل بسهولة. كانت السلطات الآيسلندية تقوم بعمل مماثل في جميع أنحاء البلاد.

يتطلب تحقيق هذا الأمر بشكل جيد في المناطق المكتظة بالسكان جهداً منظماً ضخماً، وليس من المؤكد ما إذا كان النظام الصحي الأميركي اللامركزي قادراً على تحقيق هذا الأمر. ولكنه أمر يستحق الدراسة، خصوصاً إذا كنا نرغب في إعادة تنشيط الاقتصاد في مناطق كاملة، بدلاً من الاكتفاء فقط بتقديم بطاقات تجول حر لبضعة أفراد.

لا يشعر الجميع بالشكوك إزاء جدوى استخدام الاختبارات المصلية للحالات المنفردة. يعتقد ثيا أن البيانات الحالية تشير إلى أن سارس-كوف-2 يتصف بسلوك مقارب لسلوك نسيبه سارس-كوف-1، أي سيؤدي إلى مناعة قد تدوم لنحو عامين. ويقول: "إذا أخذنا هذه المعلومة بعين الاعتبار، فليس من المنافي للمنطق أن نحدد الأفراد الذين يتمتعون بالمناعة ضد الإصابة مرة أخرى. يمكننا أن نحقق عدة فوائد في نفس الوقت. ويمكن أن نعيد تأهيل القوى العاملة، خصوصاً العاملين في مجال الرعاية الصحية". وعلى سبيل المثال، تعرضت بعض المدن -مثل نيويورك- إلى موجة شديدة من الإصابات، وتعاني من نقص في عاملي الرعاية الصحية، ويمكن للاختبارات المصلية أن تساعد أخصائيي التمريض والأطباء على تحديد من يتمتعون بالمناعة، وبالتالي من يستطيعون تحمل العمل في وحدات العناية المشددة، أو القيام بأعمال تعرضهم للفيروس بشكل مباشر، إلى حين توافر اللقاح.

فعلى الأقل، يمكن للاختبار المصلي أن يكون مفيداً؛ لأن الكثير من إصابات كوفيد-19 لا تتضمن على الأكثر إلا أعراضاً خفيفة، ولا تتطلب أي تدخل طبي. من بين الركاب المصابين على متن سفينة دياموند برينسيس، هناك نسبة 18% لم تظهر عليهم أية أعراض على الإطلاق، مما يشير إلى احتمال وجود الكثير من الإصابات الخالية من الأعراض. من شبه المؤكد أن هؤلاء لا يخضعون إلى أية اختبارات؛ حيث إن توجيهات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تفرض -وبشكل واضح- عدم إجراء اختبارات على من لا يعانون من الأعراض. غير أن أجسامهم ما زالت تنتج الأجسام المضادة، التي يجب أن نكون قادرين على كشفها بعد الشفاء من الإصابة. إذا تبين -وبشكل مثبت- أنهم تمكنوا من بناء مناعة ضد كوفيد-19، فيمكنهم نظرياً مغادرة المنزل بحرية.

ولكن، في الوقت الحالي، هناك الكثير من المشاكل والجوانب الغامضة التي تعيق استخدام اختبارات الأجسام المضادة لإصدار جوازات الحصانة المناعية. يتعين على البلدان التي تدرس هذه المسألة أن تختار أحد الخيارين التاليين: إما القبول بمخاطرات كبيرة، أو بقاء الوضع على ما هو عليه حالياً لفترة أطول.