هل يمكن للمكانس الذكية أن تهدد خصوصيتك؟ حدث بالفعل

3 دقائق
هل يمكن للمكانس الذكية أن تهدد خصوصيتك؟ حدث بالفعل
حقوق الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية. تصميم الصورة: مهدي أفشكو.

كثيراً ما يتحدث الناس عن مخاوفهم من أن تكون هواتفهم أو حواسيبهم المحمولة تتجسس عليهم أو تراقب ما يفعلونه بطريقة ما. وللتغلب على هذه الشكوك، نلجأ إلى كل الطرائق الممكنة لمنع هذه المراقبة، بما في ذلك الطرائق البدائية، كتلك التي تظهر في صورة تعود لعام 2016 لمؤسس شركة ميتا، مارك زوكربيرغ، وهو يضع شريطاً لاصقاً على الكاميرا والميكروفون في حاسوبه المحمول، في إشارة اعتبرها الناس عدم ثقة في برمجيات الحماية القوية التي يفترض أن شخصاً مثله يمتلكها. 

هل يمكن للمكانس الذكية أن تهدد خصوصيتك؟ حدث بالفعل

لكن، هل فكرت يوماً في أن الكثير من الأجهزة المنزلية التي نستخدمها اليوم بدأت تمتلك نوعاً من الذكاء وربما تمثل نفس المخاطر، وأن الشريط اللاصق لم يعد خياراً كافياً؟ هذا ما يكشف عنه تقرير جديد نشرته مجلة إم آي تي تكنولوجي ريفيو الإنجليزية.

اقرأ أيضاً: هل ستكون تقنية التعرف على بصمة الكف من شركة تينست وسيلة جديدة للمراقبة في الصين؟

من مكانس رومبا إلى فيسبوك

يبدأ التقرير الذي أعدته مراسلة التحقيقات في المجلة إيلين غوه، من اللحظة التي دخلت فيها مكنسة كهربائية روبوتية إلى حمام أحد المنازل والتقطت صوراً لامرأة جالسة على المرحاض، وانتهى الأمر بمشاركة هذه الصورة وغيرها على منصتي فيسسبوك وديسكورد.

تمكنت "تكنولوجي ريفيو" من الحصول على 15 صورة مماثلة، تراوحت بين صور تُظهر غرفاً في منازل مختلفة حول العالم إلى صورة المرأة الشابة التي تجلس في الحمام وصورة أخرى لصبي يبدو أنه يبلغ من العمر 8 أو 9 سنوات، يرقد على بطنه محدقاً في المكنسة المتوقفة في أرضية الردهة، تتضمن الصور صناديق مستطيلة تحتوي على أوصاف توضيحية لأنواع الأثاث والديكور الموجود في الغرف، بكلمات مثل "تلفزيون" و"زهرة" و"ضوء السقف".

وفقاً للتحقيق، تم التقاط هذه الصور بواسطة نُسخ مخصصة لتطوير مكانس كهربائية روبوتية من طراز رومبا جيه 7 (Roomba J7) تنتجها شركة آي روبوت (iRobot) الأميركية، وهي أكبر بائع للمكانس الروبوتية في العالم استحوذت عليها شركة أمازون عام 2022، بعد ذلك تم إرسال الصور إلى شركة سكايل إيه آي (Scale AI)، وهي شركة ناشئة تتعاقد مع عمال من حول العالم لتصنيف بيانات الصوت والصور ومقاطع الفيديو المستخدمة لتدريب الذكاء الاصطناعي، ومن هناك تمت مشاركة الصور على مجموعات خاصة قام موظفون من فنزويلا بإنشائها على موقع فيسبوك وتطبيق الدردشة ديسكورد في خريف عام 2020 لتبادل النصائح حول التعامل مع المدفوعات وتصنيف الأشياء الصعبة.

اقرأ أيضاً: أوروبا تقرر تطبيق قواعد أكثر صرامة على تكنولوجيا المراقبة

أوضحت "آي روبوت" (التي تستحوذ على 30% من سوق المكانس الروبوتية في العالم) أن نُسخ الاختبار الخاصة هذه قد تم تمييزها بملصق أخضر لامع يوضح أنها تقوم بتسجيل فيديو، وأنها نصحت الأشخاص الخاضعين للاختبار "بإزالة أي شيء يعتبرونه حساساً من أي مكان يعمل فيه الروبوت، بما في ذلك الأطفال". وأضافت في بيان، أن هذا النوع من "العتاد والبرمجيات المعدّلة ليس موجوداً، ولم يكن موجوداً قط في منتجات آي روبوت الاستهلاكية المتاحة للشراء"، وقد تم إعطاؤها إلى "جامعي البيانات والموظفين مقابل أجر" الذين وقّعوا اتفاقيات مكتوبة يوافقون فيها على إرسال بياناتهم، بما في ذلك مقاطع الفيديو، إلى الشركة لأغراض التدريب، وبالتالي فإن الشركة ترى أن أي شخص ظهرت صوره أو مقاطع الفيديو الخاصة به في هذه التسجيلات كان قد وافق مسبقاً على السماح لمكانس رومبا بتصويره.

انتهاك للاتفاقيات

لا تمثل الصور الـ 15 التي حصلت عليها المجلة سوى شريحة صغيرة من منظومة شاملة للبيانات، حيث شاركت "آي روبوت" أكثر من مليوني صورة مع "سكايل إي آي" وكمية غير محددة مع منصات أخرى متخصصة فيما يعرف بتسمية البيانات (Data Annotation)، وهي العملية التي تتم فيها إضافة معلومات وصفية إلى مجموعة البيانات لاستخدامها كمدخلات لنموذج التعلم الآلي، بحسب شرح الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا).

على الرغم من ذلك، تعترف كلٌّ من "آي روبوت" و"سكايل إيه آي" بأن مشاركة الصور على وسائل التواصل الاجتماعي تنتهك اتفاقياتهما، كما توضح "سكايل إيه آي" أن العمال المتعاقدين الذين شاركوا في نشر الصور انتهكوا اتفاقياتهم الخاصة أيضاً. وتقول "آي روبوت" إن الصور جاءت من أجهزتها في دول مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا والولايات المتحدة واليابان.

اقرأ أيضاً: تُرى ما السبب وراء حذف آبل للتطبيقات التي تتيح للأهل مراقبة وقت الاستخدام؟

وأوضح الرئيس التنفيذي للشركة كولين أنجل، أن "آي روبوت تنهي علاقتها بمزود الخدمة الذي سرب الصور، وتحقق بنشاط في الأمر، وتتخذ إجراءات تساعد في منع حدوث تسرب مماثل من قبل أي مقدم الخدمة في المستقبل".

من جانبه، يقول دينيس جيزي باحث الدكتوراة في جامعة نورث إيسترن الذي يدرس نقاط الضعف الأمنية لأجهزة إنترنت الأشياء، إن البيانات التي تم جمعها بواسطة المكانس الروبوتية يمكن أن تكون متطفلة بشكل خاص، إذ إنها تمتلك "عتاداً قوياً وأجهزة استشعار قوية ويمكنها التحرك في منزلك، ولا يمكنك التحكم في ذلك"، ويضيف أن هذا الأمر ينطبق بشكل خاص على الأجهزة المزودة بكاميرات متقدمة وذكاء اصطناعي، مثل المكنسة الروبوتية "رومبا جيه 7".

مع التزايد السريع في أعداد الشركات التي تدمج كاميرات في المكانس الروبوتية الخاصة بها لتحسين قدرتها على التنقل والتعرف على الأشياء، لا يسع المرء سوى التفكير في المقابل غير المحسوس الذي ندفعه عندما يتعلق الأمر بالسماح للأجهزة الذكية بمراقبة بياناتنا وجمعها. وبعد هذه الحادثة، ربما سنطلب من أجهزتنا المنزلية أن تطرق الباب في المرة القادمة قبل أن تدخل الغرف.

المحتوى محمي