هل يمكن للخرائط المُعدّة بأسلوب التعهيد الجماعي مساعدة السيارات ذاتية القيادة على التنقل بأمان أكبر؟

3 دقائق

إن خرائطنا الحالية المخصصة للشوارع ليست مجدية بما يكفي لمساعدة السيارات العاملة بدون سائق على التنقل. فعلى الرغم من أننا أعددنا الخرائط لمعظم الطرق (في الولايات المتحدة)، إلا أن تحديث معلوماتها يتم كل عامين فقط. وهذه الخرائط لا تسجل أياً من البنية التحتية على جانبي الطريق كاللافتات الطرقية، ومداخل الطرق والممرات، والعلامات الخاصة بالمسارات.

من دون هذه الطبقة الإضافية من المعلومات، سيكون من الصعب جداً على السيارات ذاتية التحكم أن تتجول في مدننا بأمان. كما أن خدمات التوصيل الروبوتية هي الأخرى سوف تتطلب في النهاية توفر تفاصيل دقيقة عن أسطح الطرقات، والأرصفة، والعوائق.

هناك شركة ناشئة سويدية تعرف باسم مابيلاري تعتقد أن لديها الحل. وهي عبارة عن منصة مفتوحة تستعين بالمصادر الخارجية (الجماهيرية) لتجميع صور الشوارع التي يلتقطها الناس على هواتفهم الذكية، أي أنه نوع من الويكيبيديا الخاصة بالخرائط. تقول الشركة إنها تعد الآن واحدة من أكبر قواعد البيانات المتاحة للعموم في العالم التي تتضمن صوراً على مستوى الشوارع والطرقات.

يقول المدير التنفيذي للشركة جان إيريك سوليم: "تحتاج السيارات التي تعمل بدون سائق لأحدث منظور تم التقاطه للطريق". ويضيف: "إنها تتطلب تحديث الخرائط بشكل متكرر ووتيرة عالية على الدوام، حيث يزداد تواتر التحديث من الربعي (كل 3 أشهر) إلى الشهري، إلى الأسبوعي وصولاً إلى اليومي. والطريقة الوحيدة القابلة للتطبيق والتطوير لتحقيق ذلك هي استخدام التكنولوجيا".

هناك عدد من الأساليب المتبعة لجمع البيانات الخاصة بالخرائط، وهناك منافسة بين الشركات الناشئة في هذا المجال. تقول مابيلاري إن أسلوبها مختلف لأنه يعتمد على التعهيد الجماعي، وذلك خلافاً لخدمة ستريت فيو المملوكة لجوجل – على سبيل المثال – والتي يتم تحديث بياناتها كل عامين. فنظراً لأن أي شخص يمكنه المساهمة في منصتها، فإن التحديث يطال بياناتها كل يوم.

هذا الأسلوب مشابه لخدمة أوبن ستريت ماب، التي تم إطلاقها في 2004 وهي تقدم خريطة للعالم مجانية وقابلة للتعديل، ولكنها لا تسجل أياً من هذه التفاصيل الإضافية المتعلقة بما هو متواجد على جانب الطريق.

تستخدم مابيلاري برنامجاً للرؤية الحاسوبية لتحليل الصور التي جمعها بشكل جماعي وتحديد الأشياء الظاهرة فيها. يمكن لقاعدة البيانات الخاصة بها والتي تضم 422 مليون صورة أن تغطي مساحة تبلغ 6.2 مليون كيلومتر من سطح الكرة الأرضية. وهي تكبر بشكل مستمر: فقد وضع برنامج الشركة مؤخراً 186 مليون عنصر – مثل أعمدة الكهرباء، والمقاعد، وأغطية غرف التفتيش وفتحات الصرف الصحي – على الخريطة، يرتبط كل منها بموقع معين مع الإحداثيات.

بعد أن يتم رفع الصور إلى مخدمات الشركة، يقوم البرنامج بتحليلها بحثاً عن الأشياء ليتم تحديدها. ثم تتم إتاحة الخرائط بعد ذلك أمام الجميع لرؤيتها على الإنترنت. الخدمة متاحة مجاناً للجمعيات الخيرية، وللأغراض التعليمية والشخصية، أما العملاء التجاريين فعليهم أن يدفعوا رسوم الترخيص.

يجري استخدام مابيلاري في الوقت الحالي، فكل من مدينة أمستردام، ومسؤولو النقل في فيرمونت بولاية أريزونا، وحتى ليتوانيا، جميعهم يستخدمون خرائط الشركة ليحسنوا تصورهم عن الشوارع في بلدانهم.

يقول ستيفن هيويت الذي يعمل لصالح مدينة كولفيس في نيومكسيكو: "إذا نظرت إلى أي غرض في أحد الشوارع، فهناك جهة ما مسؤولة عنه. جميع هذه الأغراض يجب أن تتم فهرستها والتحقق منها".

تستخدم كلوفيس خدمة مابيلاري للتأكد من أنها تفي بالتزاماتها تجاه السكان عن طريق إبقاء مداخل الطرق والممرات خالية، واللافتات الطرقية في أحدث حالة لها، والحفاظ على خلو الطرق من الحفر. وقد اعتادت المدينة القيام بذلك عن طريق الدفع لأحد المقاولين لكي يجوب الشوارع ويسجل بدقة كل صندوق بريدي، وصنبور لإطفاء الحريق، وإشارات التوقف، وذلك مقابل بضعة دولارات لكل منها.

وقد قامت الآن بأتمتة العملية بأكملها فعلياً باستخدام خدمة مابيلاري. يقول هيويت: "لولا هذا البرنامج، لكنا الآن نتجول سيراً على الأقدام لكي نجمع كافة البيانات يدوياً، ولا يمكنني حتى تخمين المدة التي سيستغرقها ذلك في مدينة تبلغ مساحتها قرابة 60 كيلومتر مربع".

من جهته جابرييل بروستو، أستاذ علم الحاسوب في كلية لندن الجامعية، يوافق على أن هذا النوع من إعداد الخرائط يجب أن يكون مؤتمتاً ليكون قابلاً للتطبيق على نطاق واسع.

يوماً ما، قد تكون السيارات العاملة بدون سائق مستهلكة ومنتجة لهذا النوع من البيانات، حيث تلتقط صوراً على مستوى الشوارع أثناء تنقلها (حيث يقوم برنامج مابيلاري تلقائياً بإخفاء الوجوه ولوحات الأرقام). في الواقع، يتنبأ هيويت بمستقبل حيث يمكن للسيارات المرتبطة بشبكات المعلومات أن تتعرف على المشاكل تلقائياً مثل الأشجار المتساقطة في الطرقات، أو الحوادث المرورية، وإخطار السلطات العامة ذات الصلة بصورة تلقائية.

يضيف بروستو أنه يمكن للبيانات أيضاً أن تساعد في تزويد المدن بمستوى أفضل من المعرفة المتعلقة بشوارعها حتى تتمكن من تحسين وسائل النقل، وإمكانية الوصول بالنسبة لأصحاب الهمم.