لماذا يرى الخبراء أن إغلاق حساب ترامب على تويتر ليس كافياً؟

4 دقائق
مصدر الصورة: أسوشييتد برس

في أثناء قيام عصابة من المتطرفين اليمينيين باحتلال مبنى الكابيتول الأميركي يوم الثلاثاء، نشر الرئيس ترامب رسالة فيديو قصيرة لمؤيديه المخلصين على وسائل التواصل الاجتماعي، قال فيها: “لقد سُرقت منا الانتخابات”، مكرراً كذبة كان يروج لها على امتداد أشهر. وأضاف: “عودوا إلى منازلكم، نحن نحبكم، أنتم أناس مميزون للغاية. وأنا أعرف ما تشعرون به، لكن اذهبوا بسلام إلى بيوتكم”.

في الاستجابة الأولية لتويتر، اكتفت بفرض قيود على التفاعل مع الفيديو، لكنها قامت لاحقاً بإزالة التغريدة بشكل كامل، وحذفت معها رسالة لاحقة تبرر تصرفات العصابة باعتبارهم “وطنيون عظماء تعرضوا لمعاملة سيئة وغير عادلة لفترة طويلة”. كما أعلنت تويتر أن حساب الرئيس سيظل مغلقاً لمدة 12 ساعة على الأقل.

وجاء قرار تويتر بحذف الفيديو متماشياً مع فيسبوك ويوتيوب اللذين قررا في وقت سابق من ذلك اليوم إزالته لانتهاكه قواعدهما. وقبل برهة من الإعلان عن قرار تويتر، أصبح وسم “احذفوا حسابه” وسماً رائجاً على المنصة.

نشر جاي روزن، نائب رئيس النزاهة في فيسبوك، على العلن أن قرار شركته تم اتخاذه في سياق “حالة طوارئ”، مضيفًا “إننا نتخذ إجراءات تتناسب مع حالة الطوارئ هذه. لقد أزلناه لأننا نعتقد أنه يساهم إجمالاً في إذكاء خطر استمرار العنف بدلاً من تخفيفه”. ثم أصدر روزن لاحقاً بياناً رسمياً، أوضح فيه أن المنصة تعمل بنشاط على إزالة كل المحتوى الذي يتضمن “مديحاً ودعماً لاقتحام مبنى الكابيتول الأميركي”، وأشار إلى تصعيد إجراءات الطوارئ الهادفة إلى كبح إنشاء المحتوى والوصول إلى المشاركات التي قد تنتهك سياسات مجتمع فيسبوك.

بعد عدة ساعات من إعلان تويتر، حذا فيسبوك وإنستقرام حذوها، مما حرم ترامب من القدرة على النشر على تلك المنصات لمدة 24 ساعة.

“من الواضح أن الكيل قد طفح”

من شأن خطوة تويتر الأخيرة أن تحدّ من قدرة الرئيس على التغريد حتى يحذف رسمياً ثلاث تغريدات تعتبرها الشركة خطيرة. كما يشكل هذا الإجراء تصعيداً في صراعها المستمر مع الرئيس طوال عام 2020 بسبب نشره لنظريات المؤامرة حول الانتخابات وكوفيد-19.

لكن القرار لا يوقف حساب الرئيس بالكامل، ولا يمنعه بشكل دائم من استخدام المنصة. استفاد ترامب بصفته قائداً عالمياً من السياسات التي توفر استثناءات لتدابير الإنفاذ العادية بسبب الجدارة الإخبارية المتأصلة في رسائله أو المصلحة العامة في الاطلاع عليها. لكن الخبراء -بما في ذلك المطلعين الحاليين والسابقين على خفايا الأمور في تويتر- يقولون إن الأحداث في مبنى الكابيتول يجب أن تشكل أكثر من دليل كافٍ لإثبات سبب عدم كفاية إجراءات وسم التغريدات وعمليات الإزالة الإفرادية.

وكانت لورا جوميز، الموظفة السابقة في تويتر، قد طلبت مراراً وتكراراً من الرئيس التنفيذي جاك دورسي تعليق حساب ترامب (التي حذرت مؤخراً من أن الرئيس كان يحاول القيام بانقلاب باستخدام المنصة)، وتقول إن مجرد حذف الفيديو هو “مثل وضع ضمادة على ذراع تعرضت للتفجير”.

من ناحية أخرى، كانت دانييل سيترون، أستاذة القانون في جامعة فيرجينيا والتي كانت مستشارة في تويتر لشؤون التعامل مع خطاب الكراهية والمضايقات منذ عام 2009، قد حثّت تويتر علناً على حظر ترامب من المنصة إلى الأبد.

وتقول سيترون: “في محادثاتي مع العاملين في تويتر، من الواضح أنه كان ينبغي عليهم توقع ما حدث منذ أمد بعيد. لقد كنت أطلعهم على هذه الأفكار، لكن من الواضح الآن أن الكيل قد طفح”.

إذا كانت تغريدات ترامب محمية على تويتر بموجب سياسة تستمد إطارها الأخلاقي من حماية المصلحة العامة، كما تقول سيترون، فإن تطبيق هذه السياسة بشكل صحيح سيقود الشركة بشكل محتوم إلى نفس النتيجة.

وترى سيترون إن تويتر تعاملت إلى حد كبير مع تغريدات ترامب باعتبارها منفصلة عن بعضها البعض، لتحدد كيفية تعاطيها مع كل تغريدة على حدة من حيث احتمال انتهاكها للقواعد. وتضيف أنه كان ينبغي على تويتر عوضاً عن ذلك أن تقوم بتطبيق سياستها بطريقة تدرس سلوك ترامب بأكمله على تويتر وخارجه وتتعامل مع تغريداته على هذا الأساس.

وتوضح: “ما يقوله ترامب في المناظرات يتكامل مع ما يغرده ومع ما يصرحه أمام الحشود. لقد حرَّض على العنف طوال أسابيع”.

وتضيف سيترون: “إن أكاذيبه تتسبب في الموت والدمار؛ لذا فإن حظره عن المنصة يصب في المصلحة العامة”.

قالت جوميز، التي كانت رئيسة قسم التوطين في تويتر، إنها عبرت منذ عام 2010 عن مخاوفها من أن السياسيين قد يسيئون استخدام المنصة، عندما انضم الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز إلى الموقع: “لقد سألت الجميع ’هل يجب أن نمتلك سياسات و… بنود مختلفة تنطبق على قادة العالم أو الديكتاتوريين الناشطين على المنصة بهدف حماية مواطنيهم أو خصومهم السياسيين؟”.

لقد رفضت تويتر إنشاء مجموعة منفصلة من السياسات لتطبيقها على السياسيين.

لذلك في عام 2017، كانت جوميز تراقب بقلق متزايد انتهاك ترامب لقواعد الموقع.

لم يتم اتخاذ أي إجراء، وبدا أن دورسي لم يتجاوب مع اقتراحاتها أثناء محادثة شخصية معه. “سألته: كيف تنام في الليل؟”، وتتذكر أن جواب دورسي كان: “قرير العين”.

“تأثير مضاعف”

تشدد جوميز على أن مبعث قلقها لم يكن وجهات نظرها السياسية أو رأيها بترامب، بل كان يتعلق بالتزام تويتر بشروط الخدمة الخاصة بها. وترى أن السؤال يكمن فيما إذا كان التزام تويتر بشروطها سيلقى قبولاً من “أي مستخدم آخر على تويتر” أو حتى “أي ‘قائد’ آخر على تويتر”.

تشير الدلائل إلى أن عمليات الحظر أو القيود قصيرة المدى على أجزاء إفرادية من المحتوى لا تنجح في منع انتشار المعلومات. في الحقيقة، فإن جهود تويتر السابقة للإبلاغ عن تغريدات ترامب المثيرة للجدل قد جذبت المزيد من الانتباه إلى هذه التغريدات، وعلى سبيل المثال، فإن إحدى هذه التغريدات قد حصدت ما يقرب من نصف مليون إعجاب ومشاركة رغم القيود المفروضة عليها. وعلى نحو مماثل، تُظهر البيانات أن محاولات تويتر للحد من انتشار قصة عن هانتر بايدن أدت في الواقع إلى تفاعل أكبر معها، وليس أقل.

وينسحب الأمر نفسه على المنصات الأخرى أيضاً؛ فعلى الرغم من حظر فيسبوك لرسالة ترامب التي وجهها إلى العصابة التي اقتحمت الكونغرس، واصل الفيديو انتشاره عندما قام المستخدمون الآخرون ووسائل الإعلام بنسخه وإعادة بثه بشكل نشط.

تقول جوميز إن هناك الآن المزيد من الأدلة التي تدعم تعليق حساب الرئيس، وإن عدم القيام بذلك سيؤدي إلى “تأثير مضاعف” إذا ما استمر في التغريد بمحتوى مثير يصب الزيت على النار. وبشكل مماثل لما أحدثه فيديو ترامب المنشور يوم أمس، فإن المزيد من التغريدات يمكن أن “تحفز المزيد من الاحتجاجات في مدن أخرى”.

وقد أوردت وكالة أسوشييتد برس بالفعل أنباءً عن نشوب احتجاجات، بعضها مسلح، في 15 مبنى حكومياً في جميع أنحاء البلاد.

– ساهمت كارين هاو وتاتي ريان موسلي في إعداد هذه المقالة.

تحديث 6 يناير، 2020، 10:50 بعد الظهر بتوقيت شرقي الولايات المتحدة:
تمت إضافة قيام فيسبوك وإنستقرام لاحقاً بحظر حسابات ترامب لمدة 24 ساعة.