هل أنت مستعد للاتصالات من الجيل السادس 6G؟

3 دقائق
مصدر الصورة: إم إس تك

أدت تكنولوجيا الهواتف الخليوية إلى تغيير فهم البشر وأسلوب تعاملهم مع العالم ومع بعضهم البعض، ومن الصعب أن نجد تكنولوجيا أخرى أثرت بنفس القدر على الحياة في القرن الواحد والعشرين.

يتم تطبيق أحدث تكنولوجيا في الهواتف المحمولة –الجيل الخامس من المعايير الخليوية، أو ما تسمى اختصاراً: 5G- حالياً في مجموعة مختارة من المواقع حول العالم. وهو ما يثير سؤالاً واضحاً: ما العوامل التي ستؤثر على تطوير الجيل السادس من التكنولوجيا الخليوية؟ وكيف سيكون الجيل السادس مختلفاً عن الجيل الخامس؟ وما التفاعلات والنشاطات التي سيسمح بها، والتي لن تكون متاحة في الجيل الخامس؟

حصلنا على الجواب –نوعاً ما- بفضل عمل رازفان أندري ستويكا وجيوسيبي أبريو في جامعة جيكوب في بريمين بألمانيا. فقد قام هذان الباحثان بدراسة حدود تكنولوجيا 5G والعوامل التي يعتقدان أنها ستؤثر على تطوير 6G. واستنتجا أن الذكاء الاصطناعي سيكون العامل المحرك الأساسي للتكنولوجيا الخليوية وأن تكنولوجيا 6G ستكون أساس جيل جديد تماماً من التطبيقات للذكاء الآلي.

لنبدأ ببعض المعلومات الأولية. وفقاً لأي معيار، يُعتبر الجيل الخامس تطوراً كبيراً مقارنة بالجيل الرابع، حيث تقدم شبكات الجيل الخامس سرعات تحميل تصل إلى 600 ميجا بت في الثانية، ومن الممكن أن تصل إلى سرعات أكبر بكثير. وللمقارنة، نذكر أن شبكات الجيل الرابع تعمل عموماً بسرعات تصل إلى حوالي 28 ميجا بت، كما أن معظم مستخدمي الهاتف الخليوي تعرضوا إلى انخفاض هذه السرعة إلى الصفر بين الحين والآخر، ولأسباب ليست واضحة على الدوام.

ومن الواضح أن الجيل الخامس أفضل من هذه الناحية، ومن الممكن حتى أن تحل شبكات الجيل الخامس محل الخطوط الهاتفية الأرضية. ولكن معظم الفوائد الهامة تتجاوز هذه الأرقام الأساسية، وعلى سبيل المثال، فإن محطات الجيل الخامس مصممة للتعامل مع ما يصل إلى مليون وصلة، في حين لا يتجاوز هذا العدد في الجيل الرابع 4,000 وصلة. وهو ما يمكن أن يحدث فرقاً في الاتصالات في التجمعات الكبيرة مثل الأحداث الرياضية والمظاهرات وغير ذلك، ويمكن أن يسمح بالكثير من التطبيقات لإنترنت الأشياء.

هناك أيضاً مسألة التأخير، أي الزمن الذي تستغرقه الإشارات لعبور الشبكة. فقد تم تصميم الجيل الخامس بحيث لا يتجاوز التأخير 1 مللي ثانية فقط، مقارنة مع 50 مللي ثانية أو أكثر في الجيل الرابع. ولا شك في أن أي شخص من هواة الألعاب سيخبرك أن هذا أمر بالغ الأهمية؛ لأنه يجعل من التحكم في شخصيات الألعاب عن بعد أكثر سهولة واستجابة. ولكن العديد من مشغلي الشبكات الخليوية أثبتوا أنه يمكن استخدام نفس الميزة للتحكم في الطائرات المسيرة بشكل دقيق، وحتى إجراء الجراحة عن بعد باستخدام الاتصال الخليوي.

سيكون كل هذا ممكناً مع استهلاك أقل للطاقة، وتشير جميع الادعاءات الحالية إلى أن أجهزة الجيل الخامس من ناحية حياة البطارية تتفوق على أجهزة الجيل الرابع بعشرة أضعاف.

إذن فكيف يمكن للجيل السادس أن يتفوق على كل ذلك؟ بطبيعة الحال، ستكون سرعة التحميل أكبر، وتشير المعطيات الحالية إلى أنها قد تصل إلى 1 تيرا بت في الثانية.

ولكن ما التحسينات كبيرة الأثر التي قد يقدمها الجيل السادس؟ الإجابة، وفقا لستويكا وأبريو، هي أنه سيتيح تغيير العمل المشترك بسرعة وعلى مستوى كبير بين الأطراف الذكية التي تواجه التحديات المعقدة فور حدوثها وتتحاور حول المشاكل الصعبة.

لنأخذ على سبيل المثال مشكلة تنسيق حركة السيارات ذاتية القيادة في مدينة كبرى. هذه مشكلة صعبة، نظراً لوجود حوالي 2.7 سيارة تدخل مدينة مثل نيويورك يومياً.

ويجب أن تكون السيارات ذاتية القيادة في المستقبل قادرة على تحديد موضعها، وبيئتها، والتغيرات المحيطة بها، إضافة إلى الآخرين في الطريق مثل راكبي الدراجات والمشاة والسيارات ذاتية القيادة الأخرى. ويجب أن تشق طريقها عبر التقاطعات، وتحسب المسار الأمثل بطريقة تقلل من زمن الرحلة.

هذا تحدٍّ صعب من الناحية الحاسوبية، ويتطلب من السيارات أن تقوم بتشكيل الشبكات بشكل فوري أثناء اقترابها من تقاطع معين، على سبيل المثال، ومن ثم ترك هذه الشبكات بعد وهلة قصيرة. وفي نفس الوقت، يجب أن تكون جزءاً من شبكة أكبر تقوم بحساب المسارات وزمن الرحلات وغير ذلك. يقول الباحثان: "ستصبح التفاعلات ضرورية بأعداد هائلة، وذلك لحل المشاكل الموزعة الكبيرة، حيث سيصبح من الأساسي وجود إمكانية اتصال كبيرة وأحجام بيانات ضخمة وتأخير صغير للغاية، بشكل يتجاوز ما يمكن أن تقدمه شبكات الجيل الخامس".

بالطبع، هذا مجرد مثال واحد على نوع العمل المشترك الذي سيصبح ممكناً بفضل الجيل السادس. وقد تخيل الباحثان نطاقاً واسعاً من التحديات الموزعة الأخرى التي سيصبح من الممكن التعامل معها بهذه الطريقة.

وستكون هذه التطبيقات مبنية على التوليد في الزمن الحقيقي والمعالجة المشتركة لكميات ضخمة من البيانات. ومن التطبيقات الواضحة أمثَلة الشبكات، ولكن تتضمن التطبيقات الأخرى مراقبة الأسواق المالية والتخطيط لها، وتحسين الرعاية الصحية، و"توقع الحاضر"، أي القدرة على توقع الأحداث التي ستحدث على الفور والتعامل معها، وعلى مستوى غير مسبوق.

من الواضح إذن أن البرامج ذات الذكاء الاصطناعي ستلعب دوراً هاماً في المستقبل. يقول الباحثان: "إن الذكاء الاصطناعي المشترك هو المفتاح الحقيقي لاستثمار هذه البرامج بالشكل الأمثل. ونظراً لطبيعة مستخدمي الهاتف الخليوي في هذا القرن، من الواضح أن هذا العمل المشترك لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق الاتصالات اللاسلكية".

هذه رؤية مستقبلية مثيرة للاهتمام. هناك بطبيعة الحال الكثير من المناقشات والجدل قبل وضع الخطوط العريضة لمجموعة من معايير الجيل السادس، ناهيك عن تحديد شكلها النهائي. ولكن إذا كان الباحثان محقَّين، فسوف يكون الذكاء الاصطناعي العامل الأساسي في تحديد شكل شبكات الاتصالات في المستقبل.

مرجع: arxiv.org/abs/1904.03413:
6G: شبكة الاتصالات اللاسلكية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي والتطبيقات التعاونية

المحتوى محمي