كيف نجحت البنوك الخليجية في مواجهة المخاطر السيبرانية؟

3 دقائق
البنوك الخليجية والهجمات السيبرانية
حقوق الصورة: شترستوك.

تعتبر الهجمات السيبرانية من أخطر التهديدات التي تواجه المؤسسات المالية والبنوك حول العالم، خاصةً بعد انتشار جائحة كوفيد-19 التي زادت اعتماد الناس على البنوك والتحويلات المالية عن بعد في كل أنحاء العالم. لكن على الرغم من ذلك، لم تبلغ البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي سوى عن القليل من الخروقات أو انقطاعات الخدمة في العقد الماضي.

ترى وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال للتصنيفات الائتمانية أن البنوك الخليجية نجحت في مواجهة المخاطر السيبرانية بشكلٍ فعّال، وذلك من خلال الاستثمار في الأمن السيبراني والبنية التحتية الرقمية وإدارة المخاطر بالشكل الصحيح.

كما أن لدى معظم البنوك الخليجية سيولة نقدية كبيرة تساعد في تغطية تكاليف التأمين حال تعرضها لأي مشكلة أو خرق سيبراني، هذه السيولة يمكن استخدامها أيضاً لتعويض العملاء المتضررين.

لا يشكل هذا التقرير أي تصنيف، لكنه سيساهم بكل تأكيد في زيادة الثقة بالبنوك الخليجية، ما سينعكس بشكلٍ إيجابي على أرباحها ونشاطها.

اقرأ أيضاً: في عصر مغامرات الذكاء الاصطناعي: كيف تكسب البنوك ثقة عملائها وتقدم تجربة عملاء فريدة؟

البيانات التي حللتها الوكالة

قامت وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال للتصنيفات الائتمانية بمراجعة بيانات أكبر 19 بنكاً في دول الخليج، هذه البيانات تم جمعها من قبل شركة "جايد وير" (Guidewire) الأميركية المتخصصة في الأمن السيبراني. تعتقد الوكالة أن البيانات تشير إلى أن بنوك دول مجلس التعاون الخليجي لديها رأس مالٍ كافٍ لتغطية الخسائر المتعلقة بالمخاطر السيبرانية.

لكن الوكالة تحذر من أن السيولة النقدية هذه ربما لن تكون كافية لتغطية الخسائر الناجمة عن تضرر سمعة البنك أو فقدان ثقة العملاء به نتيجة تعرضه لخرق سيبراني كبير.

أكدت الوكالة أيضاً أنها لا تستطيع اعتبار أي نظام بنكي محمياً بشكلٍ كامل من مخاطر الأحداث غير المتوقعة، ما يستدعي تطوير معايير الأمان وتطبيقها بشكل صارم، واستثمار المزيد من الموارد في تحديث البنية التحتية الرقمية وتدريب الموظفين.

اقرأ أيضاً: أحدث التهديدات السيبرانية التي تواجه الشركات في 2022

تأثير المخاطر السيبرانية على البنوك

تقوم جميع وكالات التصنيف الائتماني مثل ستاندرد آند بورز جلوبال وغيرها بأخذ المخاطر السيبرانية في الاعتبار عندما ترغب في تصنيف البنوك أو تقييمها، لأن الهجمات السيبرانية يمكن أن تسبب ضرراً كبيراً لسمعة البنك وثقة العملاء به، كما يمكن أن تؤدي إلى خسارة نقدية كبيرة يصعب تغطيتها أو تعويضها.

لهذا السبب، حين تتعرض البنوك في دولة أو منطقة جغرافية ما لسلسلة من الهجمات المتكررة والناجحة، تقوم الوكالات بالتحذير من ذلك، يؤثر ذلك على تصنيف النظام المصرفي. هذا الأمر على الرغم من أنه يؤثر سلباً على عمل البنوك ونشاطها، إلا أنه ضروري لتنبيه المنظمين وإجبارهم على اتخاذ تدابير وقائية وتعزيز معايير الأمن السيبراني.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي في قطاع الخدمات المالية بين الفرص والتحديات

كيف نجحت البنوك الخليجية في التصدي للهجمات السيبرانية؟

على مدى العقد الماضي، أبلغت بنوك دول مجلس التعاون الخليجي عن عدد قليل من الهجمات السيبرانية الناجحة والتي أدت إلى خسائر مالية أو ضرر بالسمعة. تعتقد وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال أن ذلك يعود إلى عدة أسباب هي:

  • استثمارات كبيرة في البنية التحتية والمعدات والبرمجيات، على الرغم من أن بنوك دول مجلس التعاون الخليجي لم تفصح علناً عن حجم هذه الاستثمارات، إلا أن الوكالة لاحظت اهتمام مجالس الإدارة والمسؤولين الكبار بالمخاطر السيبرانية.
  • استثمارات كبيرة من أجل تدريب الموظفين ليكونوا قادرين على الكشف عن التهديدات والتنبؤ بها ومواجهتها.
  • تحديث البنية التحتية الرقمية والبرمجيات بشكلٍ دائم من أجل سد الثغرات والتعامل مع التهديدات الحديثة.
  • إعداد الأطر والمتطلبات التنظيمية المحلية التي تركز على الأمن السيبراني. مثل إطار الأمن السيبراني الذي أصدره البنك المركزي السعودي، والذي حدد معايير إدارة المخاطر والتكنولوجيا واستخدام خدمات الأمن السيبراني التابعة لأطراف ثالثة. كما أنشأ مصرف الإمارات المركزي في أواخر عام 2021 مركز عمليات الشبكات والأمن السيبراني لحماية النظام المالي المحلي بشكلٍ أفضل من الهجمات الإلكترونية.
  • الربحية والسيولة النقدية الكبيرة التي تتيح تعويض خسائر الإيرادات المرتبطة بأي ضرر يلحق بالبنوك أو سمعتها.

اقرأ أيضاً: كيف أصبح كشف الهجمات أداة أساسية في الصراع السيبراني؟

الهجمات السيبرانية هي أكبر خطر يواجه البنوك الخليجية

تُعتبر البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي جذابة لمجرمي الإنترنت، وتشير النتائج التي توصلت إليها شركة جايد وير للأمن السيبراني إلى أن المخاطر السيبرانية التي تتعرض لها البنوك الخليجية يمكن مقارنتها بالبنوك الموجودة في الاقتصادات الكبرى، وليس بنوك الاقتصادات الناشئة.

تتوفر في كل دول الخليج بنية تحتية متقدمة تقدم خدمات الكهرباء والإنترنت المستقرة طوال الوقت، هذا الأمر يجعل البنوك أقل عرضة لتوقف عملها لأسباب غير مباشرة ناتجة عن مشكلة في توفير هذه الخدمات.

اقرأ أيضا: كيف تصبح خبيراً في الأمن السيبراني بنفسك؟

لهذا السبب، تعتبر وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال أن الهجمات السيبرانية هي أكبر خطر يهدد البنوك الخليجية، وأن هذه البنوك تدرك ذلك جيداً وتتعامل معه بطريقة فعّالة وناجحة.