باحثون عرب يطوّرون نظاماً هجيناً للطاقة الشمسية يعتمد على الملح المصهور والمولدات الكهروحرارية

3 دقيقة
بدائل جديدة لبعض مكونات ألواح الطاقة الشمسية تجعلها أقل تكلفة
حقوق الصورة: shutterstock.com/Diyana Dimitrova

مع تزايد الاهتمام العالمي بالحفاظ على البيئة والحد من آثار تغيّر المناخ، أصبحت الطاقة المتجددة الحل الرئيسي. 

تعتمد الطاقة المتجددة على مصادر طبيعية مثل الشمس والرياح والمياه وحرارة الأرض الداخلية، وهي بديل واعد للوقود الأحفوري، إلّا أنها تواجه بعض التحديات التي تمنع انتشارها بشكلٍ واسع، مثل عدم استقرار كمية الطاقة التي تُنتَج بسبب تغير الظروف الطبيعية والحاجة إلى حلول تخزين لضمان توفر الطاقة طوال الوقت.

للتغلب على هذه التحديات، أعد كلٌّ من محمود زيدان مستريحي من جامعة ليوا في الإمارات، وغازي مقابله من جامعة اليرموك في الأردن، وصبا أبو دلو من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية ورقة بحثية تتضمن تصميماً مقترحاً لنظام جديد يهدف إلى تعزيز كفاءة تخزين الطاقة الشمسية الحرارية وتوليد الكهرباء منها، وهو نظام مفيد بشكلٍ خاص في المناطق التي تكون غير متصلة بالشبكة الكهربائية. وسنستعرض في الفقرات القادمة مكونات هذا النظام وآلية عمله وفوائده الاقتصادية والبيئية.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن الاستغناء عن الوقود الأحفوري لصالح الطاقة المتجددة؟

ماذا جاء في الورقة البحثية؟

تتضمن الورقة البحثية اقتراحاً لنظام هجين للطاقة الشمسية يعتمد على دمج المرايا التي تكون بشكل قطع مكافئ مع أنظمة تخزين الحرارة التي تعتمد على الملح المصهور، ثم تحويل الطاقة الحرارية المخزنة إلى كهرباء باستخدام المولدات الكهروحرارية (TEGs).

بحسب الباحثين، النظام المقترح يمكن أن يوفّر طريقة فعّالة وموثوقة من حيث التكلفة، وقد قدموا في الورقة البحثية دراسة أولية للجدوى، في حين يتطلب التحقق من الأداء الفعلي للنظام بناء نموذج تجريبي وإجراء اختبارات عملية لضمان كفاءته وفاعليته.

مكونات النظام المقترح

النظام المقترح في البحث هو نظام هجين للطاقة الشمسية الحرارية، المقصود بالنظام الهجين أنه يجمع عدة تقنيات ومصادر طاقة لضمان توليد مستدام للكهرباء.

يتكون النظام مما يلي:

  • مرايا شمسية على شكل قطع مكافئ: هي مرايا تتميز بقدرة عالية على عكس الإشعاع الشمسي الساقط عليها، تُستخدم لجمع الإشعاع الشمسي وتركيزه، القطع المكافئ هو شكل هندسي يستخدم في أنظمة الطاقة الشمسية الحرارية لتركيز الأشعة الشمسية وتوجيهها نحو نقطة محددة بهدف تسخينها إلى درجة حرارة عالية.
  • الملح المصهور: هو وسط لتخزين الحرارة، يتميز بكفاءته العالية في الحفاظ على الحرارة لفترات طويلة.
  • المولدات الكهروحرارية: هي مولدات يمكنها تحويل الحرارة المخزنة في الملح المصهور إلى طاقة كهربائية.

اقرأ أيضاً: طاقة الرياح في دول الخليج: الإمكانات والتحديات والنمو

آلية العمل

يعمل النظام المقترح على عدة مراحل وهي:

  • المرايا الشمسية: تُستخدم مرآتان بشكل قطع مكافئ لعكس الأشعة الشمسية بشكلٍ مباشر نحو خزان الملح المصهور، تتميز المرايا بأنها قابلة للتمدد لتكون قادرة على عكس أكبر قدر ممكن من الأشعة.
  • نظام التوجيه الشمسي: يعتمد هذا النظام على آلية تتبع ذكية لضبط الزوايا المُثلى للمرايا بحيث تستقبل أكبر قدر ممكن من الإشعاع الشمسي خلال النهار.
  • خزان الملح المصهور: يستقبل الأشعة الشمسية المركزة المنعكسة من المرآتين، وتخزن الحرارة لاستخدامها في توليد الكهرباء حتى حين تغيب الشمس.
  • المولدات الكهروحرارية: تحول هذه المولدات الحرارة المخزنة في الملح المصهور مباشرة إلى كهرباء باستخدام تأثير سيبيك (Seebeck Effect)، يحدث هذا التأثير عندما يكون هناك فرق في درجة الحرارة بين طرفين مادة موصلة أو شبه موصلة، ما يؤدي إلى تدفق الإلكترونات من الجانب الساخن إلى الجانب البارد، وبالتالي يتولد فرق جهد كهربائي ينتج عنه تيار كهربائي.

بفضل قدرة الملح المصهور على تخزين الحرارة العالية، يمكن الاحتفاظ بالطاقة الحرارية فترات طويلة، هذا يضمن توفّر الطاقة طوال الوقت، حتى حين تغيب الشمس نهائياً.

اقرأ أيضاً: مصنع وقود يعتمد على المخلفات الزراعية لمواجهة التغير المناخي

التكلفة والجدوى الاقتصادية

قدّم الباحثون تحليلاً اقتصادياً أولياً لتقييم جدوى النظام، يظهر التحليل أن النظام المقترح يتميز بكفاءة عالية، حيث يبلغ معدل التحويل الحراري للملح المصهور 90%، بينما تصل كفاءة المولدات الكهروحرارية إلى 8%، ما يُتيح إنتاج 2.067 كيلوواط/ ساعي يومياً.

تتراوح التكلفة الأولية للنظام بين 2102.63 و2913.76 دولاراً أميركياً، مع إجمالي تكاليف مدى الحياة تتراوح بين 2211.25 و3130.24 دولاراً أميركياً.

عند المقارنة بين التكلفة الأولية والإنتاج، يمكننا أن نستنتج أن تكلفة كل كيلوواط/ ساعي تبلغ نحو 0.117 و0.166 دولار أميركي.

مقارنة بتكلفة إنتاج الكهرباء باستخدام الوقود الأحفوري (الغاز) التي تبلغ 0.10 دولار أميركي لكل كيلوواط/ ساعي، نجد أن تكلفة إنتاج الكهرباء بالنظام المقترح أعلى قليلاً، لكنها تقع ضمن نطاق التكلفة المقبول عالمياً، وعند إضافة مزايا التأثير البيئي، مثل عدم إنتاج أي انبعاثات كربونية، سيكون النظام أفضل بكثير، كما أنه لا يتأثر بتقلبات أسعار الوقود الأحفوري.

بالإضافة إلى ذلك، يظهر تحليل التكلفة أن النظام المقترح أفضل من أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية التي تعتمد على البطاريات لتخزين الطاقة، فعلى الرغم من انخفاض التكلفة الأولية لأنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية، إلى أن البطاريات يجب استبدالها كل عدة سنوات، ما يزيد تكلفة الصيانة، كما أن إنتاج البطاريات والتخلص منها يعد بحد ذاته مشكلة بيئية.

اقرأ أيضاً: ما الفرق بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؟

بحسب الباحثين، يوفّر النظام المقترح توازناً بين التكلفة الأولية المقبولة عالمياً والكفاءة العالية في تخزين الطاقة الشمسية وتوليد الكهرباء دون الحاجة إلى بطاريات، مع إمكانية توليد الطاقة على مدار الساعة حتى حين تكون الشمس غائبة، هذا يجعله خياراً اقتصادياً وموثوقاً خاصة في المناطق النائية غير المتصلة بالشبكة الكهربائية.

المحتوى محمي