هل ستتدهور حالة المريض خلال الأيام القادمة؟
بعد مرور أكثر من عام على بدء تفشي جائحة كورونا، لا يزال من الصعب على الأطباء التنبؤ بكيفية تغير حالة المرضى على مدار فترة إصابتهم بالعدوى. ويبقى السؤال الأصعب هو ما إذا كان المريض سيتحسن خلال الأيام القليلة المقبلة أم ستزداد حالته سوءاً لدرجة تجعله في حاجة إلى المزيد من أدوات العناية المركزة.
ومع تزايد عدد مرضى كوفيد-19 مرة أخرى، تعاني المستشفيات والمراكز الطبية في جميع أنحاء العالم من ضغط غير مسبوق، يجعل الاستفادة من أدوات التنبؤ والتخطيط أكثر أهمية. فكلما تمكن الأطباء من فهم كيفية تطور الحالة بسرعة، سيتاح لهم وقتاً أكبر للتخطيط لكيفية تخصيص مواردهم خلال الأسابيع والأشهر القادمة، والاستعداد للطفرات التي بدأت في الظهور.
لذا، وللإجابة عن هذا السؤال، صمم باحثون في شركة فيسبوك ثلاثة نماذج تعلم آلي قادرة على التنبؤ بما إذا كانت صحة مريض كوفيد-19 ستتدهور خلال الأيام القادمة أم سيحتاج فقط إلى الأكسجين، وذلك من خلال فحص الأشعة السينية على الصدر.
وقالت الشركة، في منشور على مدونتها الإلكترونية، إن هذه النماذج يمكنها أن تساعد الأطباء على تجنب إرسال المرضى المعرضين للخطر إلى المنزل في وقت مبكر، كما تساعد أيضاً المستشفيات على التخطيط لطلب الأكسجين وتأمين الموارد الكافية لرعاية المرضى.
ثلاثة نماذج مختلفة
أوضحت فيسبوك أن وحدة الذكاء الاصطناعي التابعة لها تعاونت في تطوير هذه النماذج الثلاثة مع وحدة التحليلات التنبؤية وقسم الأشعة في مركز نيويورك لانجون هيلث (NYU Langone Health) الطبي التابع لكلية الطب بجامعة نيويورك. وأضافت أن أحد النماذج يمكنه التنبؤ بتدهور حالة المريض بناءً على صورة أشعة سينية واحدة على الصدر، أما الثاني فيمكنه القيام بذلك بناءً على سلسلة من صور الأشعة السينية. وأخيراً، يمكن للنموذج الثالث التنبؤ بكمية الأكسجين الإضافي الذي قد يحتاجه المريض، بناءً على صورة أشعة سينية واحدة.
ويشير باحثو الذكاء الاصطناعي العشرة المشاركون في الدراسة إلى أن دقة النموذج الثاني -الذي يستخدم صور الأشعة السينية المتتابعة على الصدر- تفوقت بشكل عام على دقة توقعات الخبراء البشريين فيما يتعلق باحتياجات وحدات العناية المركزة ومعدل الوفيات على المدى الطويل (حتى أربعة أيام أي 96 ساعة).
كما جعلت الشركة نماذجها مفتوحة المصدر، وتقول إنها تنشر أبحاثها في هذا المجال حتى يتمكن المجتمع من الاستفادة منها والبناء على ما توصلت إليه.
تدريب النماذج تحت الإشراف الذاتي
لتدريب نماذجها على نحو فعال وسريع، اختارت الشركة مجموعتين كبيرتين من بيانات الأشعة السينية على الصدر، وهما المجموعتان MIMIC-CXR-JPG وCheXpert، كما استخدمت تقنية تعلم تخضع للإشراف الذاتي تسمى Momentum Contrast)MoCo(. وقد سمح لها هذا الأمر باستخدام كميات كبيرة من بيانات الأشعة السينية غير المرتبطة بمرض كوفيد-19، لتدريب شبكة عصبونية يمكنها استخراج المعلومات من صور الأشعة السينية للصدر.
بعد ذلك، أجرى باحثو فيسبوك عملية الضبط الدقيق للنموذج باستخدام نسخة موسعة من مجموعة بيانات كوفيد-19 الخاصة بمركز نيويورك لانجون هيلث. وقد احتوت هذه المجموعة الأخيرة على 26 ألف و838 صورة أشعة سينية مأخوذة من 4914 مريضاً. وتم تصنيف هذه الصور بحسب مدى سوء حالة المريض خلال 24 أو 48 أو 72 أو 96 ساعة من الفحص.
وتشير الشركة إلى أن "بناء نماذج الذكاء الاصطناعي التي يمكنها استخدام تسلسل الأشعة السينية لأغراض التنبؤ يعد أمراً ذا قيمة كبيرة على نحو خاص، لأن هذه الطريقة تماثل كيفية عمل أخصائيي الأشعة البشريين، حيث أن استخدام تسلسل الأشعة السينية أكثر دقة بالنسبة للتنبؤات طويلة المدى. والأهم من ذلك أن هذه الطريقة تفسر أيضاً تطور عدوى كوفيد مع مرور الزمن".