كيف تحقق النجاح في برنامج تجريبي للذكاء الاصطناعي؟

4 دقائق
برنامج تجريبي للذكاء الاصطناعي
حقوق الصورة: تارا وينستيد/ بيكسلز.

حتى تتمكن الشركات من استعادة توازنها بسرعة بعد الهزة التي أصابتها بسبب الوباء، أصبحت أكثر استعداداً وتقبلاً لتسريع التحول الرقمي. وقد لجأ الكثيرون إلى الأتمتة كجزء من هذه المقاربة، مع اعتماد الذكاء الاصطناعي كأساس لها. إن تحويل هذه التكنولوجيا إلى حل شامل للأتمتة غالباً ما يبدأ بوضع برنامج تجريبي أو إثبات للفكرة (POC).

ولكن، ومن خلال خبرتنا، فإن هذه البرامج تنتهي بالفشل بسهولة. لماذا؟ أحد أهم الأسباب هو ببساطة اختيار المشكلة الخاطئة لحلها والعمل عليها، فغالباً ما تكون عمليات الشركات الحديثة معقدة، وهي بالتالي تحمل الكثير من الاحتمالات –والآمال الوهمية- للأتمتة. ويعود سبب آخر إلى الاعتقاد الخاطئ بأن تطبيق نظام يعتمد على الذكاء الاصطناعي هو مشروع تكنولوجي بحت. ولكن في الواقع، إذا كنت تحاول حل مشكلة في مجال الأعمال، فهو مشروع أعمال دون شك.

إذن، كيف يجب على المؤسسات أن تتصرف لتخفيف احتمال الفشل؟

خمس خطوات مُثبَتَة للنجاح في أي برنامج تجريبي للذكاء الاصطناعي

إن وجود منهجية واضحة ومنظمة في أي برنامج تجريبي للذكاء الاصطناعي أمر أساسي. وبالاعتماد على خبرتنا مع العملاء، توصلنا إلى مقاربة من خمس خطوات، أطلقنا عليها اسم "معمل الذكاء الاصطناعي"، وتهدف إلى رفع احتمال النجاح في تحديد وكشف البرامج التجريبية وإثباتات الأفكار.

الخطوة 1: جمع حالات الاستخدام

يجب البدء بتحديد جميع الآفاق المحتملة للأتمتة التي ستعتمد على الذكاء الاصطناعي، وهو ما يتطلب إلقاء نظرة مؤسساتية شاملة، وإعادة النظر في الاستراتيجية الحالية، وقد يتطلب الأمر دراسة الحاجات والاختناقات الناشئة في العمليات الحالية، إضافة إلى أي استراتيجية موجودة للبيانات، وكمية البيانات الموجودة أو التي يمكن جمعها.

ولكن، وعند هذه المرحلة، لن تكون كمية أو جودة البيانات مهمة كثيراً، والأهم منها بكثير الاعتماد على عقلية "الأعمال أولاً". وفقط وفق وجهة النظر هذه يمكن رؤية فائدة حالات الاستخدام للشركة، ويجب جمع أكبر عدد ممكن منها دون المبالغة في صرامة المعايير.

اقرأ أيضاً: هل يحتاج العالم بعد كوفيد-19 إلى الرقمنة أم التحول الرقمي؟

الخطوة 2: إجراء تحليل للأعمال

يمكن أن يؤدي جمع حالات الاستخدام دون فلترة إلى الحصول على عدد هائل منها (وقد تمكن أحد عملائنا من جمع مئة حالة)، ولن يكون واقعيّاً بناء إثباتات أفكار لها جميعاً. أما الخطوة التالية فهي اختيار العملية، وقد حددنا خمسة معايير تركز بشكل أكبر على اعتبارات الأعمال بدلاً من تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي نفسها. 

الخطوة 3: تقييم إمكانية التطبيق التكنولوجي

بعد ذلك، يجب تقييم حالات الاستخدام بناء على إيجابياتها التكنولوجية. ويتم تحقيق هذا عبر تجارب قصيرة لاختبار ما تستطيع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي فعله، أو تعجز عنه. كما يجب، عند الإمكان، مقارنة الحلول المحتملة المختلفة: حلول متوافرة تجارياً، وحلول مفتوحة المصدر، وحلول مخصصة. وهي خطوة هامة تسمح بالاطلاع على التكنولوجيا دون هدر وقت طويل مقدماً ودون استثمار رأس مال كبير.

وبالنسبة لكل حالة استخدام، تكون نتيجة هذه الخطوة تقرير توصيات يجمع نتائج تحليل إمكانية التطبيق التكنولوجي وتحليل التطبيق من ناحية الأعمال. وتمثل هذه التقارير دليلاً يوجه التصميم الأولي للحل واقتراحات الهيكلية التي تساعد على نقل هذه الحالات إلى مرحلة التطوير.

الخطوة 4: تطوير إثبات الفكرة وتحسينه

إن الفوائد المحسوسة من تحديد الحالات يجب أن تتحول إلى أولى النتائج الملموسة، وذلك على شكل إثبات فكرة. وهو ما يتم تقديمه بعد ذلك إلى قاعدة الأعمال الأوسع للحصول على الملاحظات والتعليقات، والتي تشكل بدورها أساساً لمزيد من التحسينات على إثبات الفكرة. وتتكرر هذه الحلقة حتى يحقق إثبات الفكرة معايير النجاح التي وضعتها الشركة.

الخطوة 5: وضع خطة للتطبيق

لا يمكن لأي تكنولوجيا تستخدمها الشركة أن تحقق النجاح ما لم تُدمج بنجاح في عملياتها. وتتلخص الخطوة النهائية بتطوير خطة تطبيق كاملة مبنية على جميع المعلومات المتوافرة، وتقديمها إلى القاعدة الأوسع إلى الشركة لتحفيز ظهور الأفكار التي قد تساعد على تسريع تحقيق النتيجة. وبوجود خطة تطبيق كاملة، تصبح الشركة في أتم الاستعداد لاتخاذ القرار حول استخدام الحل الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي أو لا.

اقرأ أيضاً: تحديث النموذج الذهني حول مفهوم التحول الرقمي

التطبيق العملي 

لقد استخدمنا مقاربة مصنع الذكاء الاصطناعي المؤلفة من خمس خطوات في عملنا الحالي مع وكالة حكومية بريطانية، وهي مؤسسة واجهت ضغوطاً هائلة على عملياتها التي تعتمد على العمال بشكل كبير بسبب الوباء، على غرار الكثير من المؤسسات الأخرى. وقد وجدت الوكالة أنه من الهام تحديد وتطوير حل الأتمتة الصحيح بسرعة، ليس فقط للتعامل مع الطلب الحالي، ولكن لزيادة سعة العمل استعداداً للحاجات المستقبلية.

وقد تمكنت الوكالة من وضع خطة تطبيق كاملة لأربع حالات استخدام، وكل منها مرفقة بخطط دمج ودراسة دقيقة للتكاليف اعتماداً على نتائج إثبات الفكرة، وذلك خلال ثلاثة أشهر وحسب. وتقول التقديرات إن هذا المشروع ساعد الوكالة على تسريع عملية الأتمتة لديها بنسبة 60%. أما النتيجة النهائية فهي أن خدماتها المطلوبة والحساسة ستغدو على أعلى المستويات.

ومن العوامل المؤثرة الهامة، التزام القيادة العليا للوكالة بجلسات التدريب وورشات العمل الخاصة بوضع الأفكار، حيث تمثل جاهزية فريق القيادة لخوض رحلة الأتمتة بالذكاء الاصطناعي أمراً في غاية الأهمية. وبانخراط أفراد الفريق في هذه الرحلة منذ البداية، سيصبحون أكثر معرفة بالذكاء الاصطناعي مع مرور الوقت، وأكثر قدرة على تقديم ملاحظات واقتراحات قيمة لتطوير إثباتات الأفكار.

وبالنسبة لأي مؤسسة تفكر بالذكاء الاصطناعي كجزء من التحول الرقمي، من الهام دراسة جميع الاعتبارات، سواء من ناحية الأعمال أو الناحية التكنولوجية، وذلك بحرص شديد ومنهجية، وبسرعة أيضاً.

اقرأ أيضاً: تعزيز القيمة والارتقاء بكفاءة العمليات في ظل تسارع وتيرة التحول الرقمي

تحديد مشاريع الذكاء الاصطناعي- معايير اختيار الحالات

  • N – need – الحاجة: هل تحل هذه الحالة حاجة أساسية للشركة أو تساهم فيها؟
  • A – alignment – التوافق: هل هذه الحالة متوافقة مع الرؤية الاستراتيجية بعيدة المدى للشركة؟ وهل هي متوافقة مع الأهداف التنافسية للشركة في المستقبل؟
  • F – finances – الوضع المالي: كيف يمكن تحديد التكلفة والفوائد؟ وما هي تكاليف وفوائد كل حالة؟ وما هي العائدات المحتملة للاستثمار. وما هي التحديات الناشئة المحتملة والمتعلقة بسير العمل والعمليات والأشخاص؟
  • T – technological complexity – التعقيد التكنولوجي: ما مدى تعقيد تصميم نموذج ذكاء اصطناعي للحالة؟ وما مدى صعوبة تطبيق نموذج الذكاء الاصطناعي؟
  • A – assessment – التقييم: ما هي مخاطر تطبيق النموذج وفشل النموذج؟ وهل هناك استراتيجية مناسبة لتخفيف الآثار السلبية؟

لقد وفر الوباء دافعاً وسبباً منطقياً للشركات حتى "تعلم نفسها حتى تخرج من المشكلة" خلال فترة قصيرة من الوقت. ومن المرجح أن الشركات المسلحة بأفضل المنهجيات ستكون الأوفر حظاً لتحقيق النجاح في جهودها للتحول الرقمي.

قد يهمك: ما هي إنترنت الأشياء؟

المحتوى محمي