مهندس سابق في جوجل يُطالب يوتيوب بشفافية أكثر فيما يتعلق باقتراحات الفيديوهات

3 دقائق

إذا سبق لك أن استخدمت يوتيوب، فلا بد أنك لاحظت أنك تقع في حالة أشبه بالتنويم المغناطيسي، حيث تبدأ بمشاهدة فيديو مضحك حول القطط، وبعد ساعة تتفاجأ بأنك لم تشعر بمضي الوقت وأنت تشاهد الفيديو تلو الآخر، وكل منها نتيجة اقتراح يعرضه الموقع على يمين الشاشة، وفقاً لخوارزمية تختص بهذه المهمة.

لقد بدأنا ندرك نتيجة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وتويتر، أن الخوارزميات يمكن أن تستخدم للتلاعب بالمستخدمين بالكثير من الأساليب، وذلك بأن تعرض عليهم شيئاً ما أكثر من شيء آخر. قد يكون هذا أمراً لا بأس به، بل وباعثاً على التسلية، عند البحث عن فيديوهات لقطط ظريفة، ولكن في حالات أخرى، مثل مشاهدة فيديوهات عن اللقاحات أو إطلاق النار في المدارس أو التغير المناخي، فقد يؤدي بك إلى الخوف ونظريات المؤامرة والتفكير أحادي الجانب.

يضم يوتيوب أكثر من مليار مستخدم، ويقدم ما يزيد على مليار ساعة مشاهدة يومياً، كما أنه يعرض لنا بعض البيانات، مثل عدد المشاهدات والإعجاب وعدم الإعجاب. غير أنه يخبئ بعض التفاصيل الدقيقة حول كل فيديو، مثل عدد مرات اقتراحه على المستخدمين. وبدون الحصول على كافة التفاصيل، سيكون من الصعب أن نعرف لماذا تقوم الخوارزميات بتوجيهنا باتجاه معين بالضبط.

يعتقد غيجاوميه تشاسلوت، وهو مبرمج أمضى بعض الوقت وهو يعمل على الاقتراحات في يوتيوب وعرض الإعلانات في شركته الأم جوجل، أن هذه مشكلة حقيقية، وهو يكافح من أجل تحقيق المزيد من الشفافية فيما يتعلق بأساليب اقتراح الفيديوهات. قام تشاسلوت ببناء موقع إلكتروني، AlgoTransparency، يتيح لك معرفة أين يمكن أن تأخذك خوارزمية يوتيوب إذا اتبعت اقتراحاتها، سواء أكنت تبحث عن فيديوهات حول الانتخابات الأخيرة، أو حوادث إطلاق النار على التجمعات، أو العلوم، أو مجموعة من المواضيع العامة الأخرى، إضافة إلى مجموعة من مصطلحات البحث المتعلقة بهذه المواضيع، والتي اختارها بعناية. ويقول: "يجب أن يعرف الجميع أين سينتهي بهم المطاف إذا أمضوا وقتاً طويلاً على يوتيوب".

منذ أن بدأ تشاسلوت بتتبع الاقتراحات في 2016، وجد أن بعض الجمل، مثل "حقائق عن اللقاحات" أو "الاحتباس الحراري"، تجعل خوارزمية الاقتراحات في يوتيوب توجه الزوار نحو فيديوهات نظرية المؤامرة، وفيديوهات ضد العلم، وضد الإعلام. كما أن الخوارزمية على ما يبدو تفضل فيديوهات السياسيين الأكثر إثارة للتفرقة والشقاق، والذين يتحدثون بأسلوب عدائي وهجومي، وفقاً لتشاسلوت.

بدأ تشاسلوت أيضاً بتتبع المصطلحات التي تذكر بشكل متكرر في الفيديوهات الأكثر اقتراحاً، وعلى سبيل المثال، في 1 أبريل، كانت نتيجة البحث عن "هل الأرض مسطحة أو مستديرة" تتضمن بشكل رئيسي كلمات مثل "مسطحة"، "ناسا"، "سرّي".

عمل تشاسلوت في يوتيوب في 2011، ومن ثم في جوجل حتى 2013، ويدعي أنه طُرد من عمله لأنه حاول إعطاء المستخدمين المزيد من التحكم بالخوارزميات التي تقترح المحتوى. لم ترد أي من الشركتين على هذا الادعاء عندما طُلب منهما التعليق عليه وعلى مجموعة أخرى من المسائل التي تحدث عنها تشاسلوت. تمكن تشاسلوت من التوصل إلى هذه النتائج عن طريق تتبع خوارزمية الاقتراحات في يوتيوب. وقام باختبار نظريته عن طريق بناء برنامج يحاكي عملية البدء بمشاهدة فيديو واحد على يوتيوب ومن ثم النقر على الفيديو التالي المقترح (والذي سيتم تشغيله بشكل تلقائي في حال تفعيل ميزة التشغيل التلقائي) بشكل متكرر.

إضافة إلى تتبع مسار اقتراحات الخوارزمية، يريد تشاسلوت أيضاً أن ينبه مشاهدي يوتيوب إلى طريقة استخدام الاقتراحات لزيادة عدد المشاهدات. وعلى سبيل المثال، إذا بحثت عن "إطلاق النار في باركلاند" في يوتيوب، ووجدت مقطعاً يصل عدد مشاهداته إلى 2.5 مليون، فيجب أن تسأل نفسك، هل قامت الخوارزمية باقتراحه 50 مليون مرة لدفع 2.5 مليون شخص إلى مشاهدته، أم أنه اقتُرح 500,000 مرة ومن ثم تمت مشاركته بشكل طبيعي؟

يقول تشاسلوت: "الاختلاف كبير للغاية بين الحالتين"، ولا يوجد حالياً طريقة لمعرفة ما يحدث فعلاً من هذه الناحية. وعند سؤال ناطقة رسمية باسم يوتيوب عن تفاصيل نظام الاقتراحات في الموقع، قالت في تصريح أن نظام الاقتراحات "تغيّر بشكل جذري" مع مرور الوقت، ولم يعد يعمل كما كان منذ خمس سنوات، عندما كان تشاسلوت موظفاً. وورد في التصريح أن إدارة يوتيوب كانت تركز على وقت المشاهدة، أما الآن فهي تأخذ بعين الاعتبار أيضاً "رضا" المستخدمين، وذلك وفقاً لاستبيانات حول مرات الإعجاب وعدم الإعجاب وغيرها.

بدأ يوتيوب أيضاً بإجراء بعض التغييرات لمعالجة بعض المسائل المتعلقة بالاقتراحات. حيث يقال إن أحد إصدارات تطبيق يوتيوب كيدز يوقف الاعتماد على خوارزمية الاقتراحات من أجل السماح للمستخدمين باقتراح الفيديوهات. وفي شهر مارس، قالت سوزان وويسيكي، المديرة التنفيذية ليوتيوب، أن الموقع سيضيف روابط صفحات ويكيبيديا إلى الفيديوهات التي تتضمن مواضيع "تثير الجدل الحاد"، مثل تلك التي تركز على نظرية المؤامرة.

بالنسبة للإجراء الثاني، يتساءل تشاسلوت لماذا لا يضيف يوتيوب روابط ويكيبيديا حول جميع المواضيع الواردة في الفيديوهات، ويضيف: "سيكون هذا الإجراء طبيعياً أكثر من مجرد الاقتصار على مواضيع معينة".

إضافة إلى هذا، يعتقد تشاسلوت أنه ليس من الصعب بناء أدوات تسمح للمستخدمين باستعراض نطاق أكثر اتساعاً من الفيديوهات. وعندما كان في يوتيوب في 2011، قام ببناء نموذج أولي لأداة تعمل بالتعاون مع عمليات البحث على جوجل التي يجريها المستخدمون، وتأخذ تاريخ البحث بعين الاعتبار لتوسع من آفاق الاقتراحات. وعلى سبيل المثال، إذا قمت بالبحث عن "فورد فوكوس"، ستجد نتائج محددة في البداية، ولكن إذا نزلت إلى أسفل الصفحة، ستجد نتائج أكثر عمومية حول السيارات، وفي النهاية ستجد نتائج متعلقة بأشياء أخرى بحثت عنها من قبل، مثل التزلج على الجليد. يقول تشاسلوت: "من السهل بناء أدوات قادرة على إخراج المستخدمين من النطاق الضيق الذي تولده مرشّحات (فلاتر) الموقع، وتمكنهم من الانطلاق إلى آفاق جديدة".