تعرف على العالمة المصرية الراحلة مها عاشور وإنجازاتها في مجال الفيزياء وعلم الفلك

3 دقائق
مها عاشور عبدالله
حقوق الصورة: ديلي برين.

نشأتها ودراستها

وُلدت مها عاشور عبدالله عام 1943 في مدينة الإسكندرية، وبدأت مشوارها الدراسي فيها، فحصلت على درجة البكالوريوس من كلية العلوم في جامعة الإسكندرية عام 1964، قبل أن تنتقل إلى بريطانيا لتتابع تحصيلها العلمي وتنال درجة الدكتوراه في فيزياء الفلك عام 1971 من جامعة "إمبريال كوليدج" في لندن. 

مسيرتها المهنية

بعد حصولها على الدكتوراه في فيزياء الفلك، عملت عاشور في المركز القومي للاتصالات في فرنسا، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة الأميركية وعملت باحثة في الجيوفيزياء في معهد جامعة كاليفورنيا للجيوفيزياء والفيزياء الكوكبية في لوس أنجلوس بين عامي 1976 و1985.

عُيّنت بعد ذلك عام 1985 أستاذة في قسم الفيزياء والفلك بجامعة "كاليفورنيا"، ثم تابعت مسيرتها المهنية بحصولها على الزمالة من الجمعية الفيزيائية الأميركية عام 1986 ومن الاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي عام 1993.

اختارتها جامعة "كاليفورنيا" للعمل ضمن فريق "بعثة ناسا متعددة المهام للغلاف المغناطيسي" (MMS) التي شاركت فيها أربع مركبات فضائية أُرسلت لدراسة فيزياء إعادة الاتصال المغناطيسي، والتي تعتبر إحدى أهم المسائل التي شغلت علماء الفيزياء والفلك. 

وعلى مدى عدة سنوات اختارتها وكالة ناسا و"مؤسسة العلوم الوطنية الأميركية" (NFS) للعمل بصفة باحثة في المنح العلمية المتعلقة بالفيزياء والفلك، كما شاركت في عدد من اللجان الاستشارية منها لجنة (NAS) المتخصصة بأبحاث الطاقة الشمسية الأرضية، ولجنة (NSF) حول الحوسبة العلمية المتقدمة، إضافة للجنة الاستشارية الفرعية التابعة لوكالة ناسا والمختصة بالفيزياء الفضائية.

عملت عاشور اختصاصية في فيزياء الفضاء ضمن المؤسسة الأميركية القومية للعلوم، ومستشارة في مختبر "الدفع النفاث" في كاليفورنيا، وفي مختبر "لوس ألاموس الوطني" في ولاية نيومكسيكو.

وفي إطار سعيها لنشر العلوم الفيزيائية والفضائية والظواهر الفلكية، دأبت عاشور على إعداد المقالات البحثية فكان لها ما يزيد عن 270 مقالة نُشرت في العديد من المجلات العلمية المتخصصة، كما لبت أكثر من 200 دعوة لحضور العديد من المؤتمرات والاجتماعات العلمية على مستوى العالم والمشاركة فيها.

محاكاة البلازما الفضائية

أسست عاشور مجموعة محاكاة البلازما الفضائية (SPSG) في جامعة "كاليفورنيا"، والتي توصلت لأول عملية محاكاة للهيدروديناميكية المغناطيسيّة (MHD) للغلاف المغناطيسي والغلاف الأيوني للأرض والرياح الشمسية

استطاعت مها عاشور ومن خلال إشرافها وتوجيهها لفريق مجموعة محاكاة البلازما الفضائية (SPSG) تطوير تقنية المحاكاة الحركية واسعة النطاق، التي تقوم على تتبع مسار عددٍ هائلٍ من الأيونات والإلكترونات ضمن الحقول المغناطيسية والكهربائية المستمدة من محاكاة الهيدروديناميكية المغناطيسيّة (MHD).

قدمت أيضاً العديد من الأبحاث في مجال الغلاف المغناطيسي للأرض وعلم الفلك وعدد من الظواهر الفيزيائية أهمها ظاهرة الشفق القطبي (Aurora) الناتجة عن تصادم المجالات المغناطيسية القادمة من الشمس مع المجال المغناطيسي للأرض، فيؤدي ذلك إلى ظهور حلقات من الألوان تسمى الشفق القطبي، حيث حازت هذه الظاهرة على جزء كبير من اهتمامات عاشور.

دفعها عشقها للفيزياء عموماً وفيزياء بلازما الفضاء خصوصاً لتأسيس المدرسة الدولية لمحاكاة الفضاء (ISSS) بالتعاون مع عدد من العلماء في اليابان وفرنسا، فكان لها دور في تعريف العديد من العلماء العرب الشباب بأحدث تقنيات المحاكاة العددية.

الابتكار الرقمي

انطلاقاً من حبها للتدريس اهتمت عاشور بتطوير البرامج التعليمية لمختلف المراحل الدراسية وعززت اعتمادها على التقنيات الرقمية المبتكرة. فأسست عام 1999 "مركز الابتكار الرقمي" (CDI) وعملت مديرة له، حيث استطاع هذا المركز إثراء المناهج التعليمية في الفيزياء والكيمياء وعلوم الفضاء بعدد من البرمجيات التعليمية مثل (CyberChem) و(MEPI).

يحسب لمركز "الابتكار الرقمي" بإدارة عاشور أيضاً العديد من الإنجازات التي كان أهمها برنامج التعليم التفاعلي عن بعد (TIDE)، إضافة لتسعة برامج في مجال علوم المدارس الثانوية والرياضيات لجامعة كاليفورنيا، ودورة تحضيرية حول "اختبار الخروج من المدرسة الثانوية بكاليفورنيا" (CAHSEE).

لم تقتصر جهود مها عاشور في تعزيز المناهج التعليمية الرقمية على أميركا وأوروبا فقط، بل شملت عدداً من الدول العربية أهمها مصر والكويت، إذ كان لها دورٌ بارزٌ في إعداد برامج متطورة تخص التربية التكنولوجية في الكويت.

عملها في مجال التدريس

أبدت عاشور اهتماماً كبيراً في مجال التدريس وحققت فيه نجاحاً منقطع النظير، وشهد لها بذلك إقبال الطلاب الكبير على محاضرات فيزياء البلازما والتحليل العددي التي كانت تقدمها في جامعة كاليفورنيا، كما أشرفت على تخريج 11 طالباً بدرجة الدكتوراه في الفيزياء وعلوم الفلك من جامعة كاليفورنيا، إضافة إلى عدد من الباحثين الجامعيين.

الجوائز والتكريمات

تذخر مسيرة عاشور بالعديد من التكريمات والجوائز العلمية والتدريسية، فقد حصلت على "جائزة تقدير المعلم" مقدمة من فرع "تشي ثيتا" في جامعة كاليفورنيا، كما منحتها كلية الفيزياء والفلك في جامعة كاليفورنيا "جائزة المعلم المتميز" 11 مرة بين عامي 1991 و2015. وفي عام 1984 نالت مها عاشور "الزمالة البحثية للجمعية اليابانية لتعزيز العلوم" (JSPS)، وجائزة "نساء العلم" من جامعة كاليفورنيا عام 1986، وجائزة "إنجاز مجموعة ناسا لفريق بولار إم إف إي" (Polar)، وجائزة "فريق تحقيقات علوم الفضاء العالمي" (GGS) لعام 1998.

حصلت عاشور عام 1998 على جائزة "Sun Customer Leadership Award" لدورها الكبير في تطوير تقنيات حديثة تتيح التعلم عن بعد، ونالت "جائزة منتدى الوسائط المتعددة الآسيوي"، إضافة لحصولها على "جائزة الولايات المتحدة الإقليمية" لدورها في تطوير البرامج التعليمية عام 1999.

اختارتها جامعة كاليفورنيا أيضاً عام 2000 لتكون من بين أفضل عشرين أستاذاً ضمن كادرها التدريسي خلال القرن العشرين. 

وفي عام 2004 حصلت عاشور على "وسام الخدمة المدنية المتميزة للجيش الأميركي"، إضافة لنيلها "جائزة وكالة الفضاء الأوروبية" عام 2005 لدورها البارز في استكشاف كلاستر للفضاء الجغرافي.

أما عام 2008 فقد حمل لها جائزة مؤسسة مبادرات شبكة التعليم في كاليفورنيا (CENIC) وذلك بما يتعلق بالتطبيقات التعليمية حول تطوير برنامج "اختبار الخروج من المدرسة الثانوية بكاليفورنيا" (CAHSEE).

وتكريماً لمسيرتها الحافلة بالإنجازات العلمية المتقدمة، أطلق اسمها على منحة أُنشئت لدعم من ترغب من النساء باستكمال الدراسات العليا في مجال فيزياء الفضاء.