باحثون يطورون ملصقاً يعمل بالأمواج فوق الصوتية يتيح رؤية الأعضاء داخل الجسم

4 دقائق
باحثون يطورون ملصقاً يعمل بالأمواج فوق الصوتية تتيح رؤية الأعضاء داخل الجسم
حقوق الصورة: إم آي تي.

صمم مهندسون من إم آي تي، بالتعاون مع أطباء من مايوكلينك، رقعة لاصقة تُسمى (BAUS)، تبلغ مساحتها 2 سم2، وبسمك 3 مم، تأخذ صوراً للأعضاء الداخلية للجسم بالموجات فوق الصوتية. ويمكن عبر هذه اللصاقات تصوير الأعضاء الداخلية بشكل مستمر لمدة تصل حتى 48 ساعة. ونُشرت نتائج أعمالهم في دراستين منفصلتين في دورية ساينس العلمية.

التصوير بالموجات فوق الصوتية ومشكلاته

التصوير بالموجات فوق الصوتية هو طريقة تصوير تستخدم موجات صوتية عالية التردد لإنتاج صور حية لهياكل داخل الجسم، ويمكن أن توفر الصور معلومات قيّمة لتشخيص مجموعة متنوعة من الأمراض والحالات، ومن ثم علاجها. تُجرى معظم فحوصات الموجات فوق الصوتية باستخدام جهاز الموجات فوق الصوتية خارج الجسم، على الرغم من أن بعضها يتضمن وضع جهاز داخل الجسم. تُستخدم طريقة التصوير هذه في عدة حالات؛ منها: تصوير الرحم والمبيض أثناء الحمل، ومراقبة صحة الجنين، وفي تشخيص مرض المرارة، ومراقبة تدفق الدم والقلب والرئتين، وللتأكد من وجود كتلة في الثدي، وفحص الغدة الدرقية، والكشف عن مشكلات الأعضاء التناسلية والبروستات، وغيرها.

يُعد التصوير بالموجات فوق الصوتية إجراءً آمناً، نظراً لأنه يستخدم موجات صوتية منخفضة الطاقة، ولا توجد مخاطر معروفة له. قبل التصوير، يضع الطبيب جلاً أو هلاماً مخصصاً على المنطقة المراد فحصها، ثم يضع جهازاً صغيراً محمولاً باليد يرسل موجات صوتية نحو الجسم، ويلتقط الموجات التي ترتد منه ليرسلها نحو جهاز حاسوب؛ يحلل هذه الموجات ويحولها إلى صور يمكن مشاهدتها وأخذ المعلومات منها. 

تتوفر أجهزة التصوير بالموجات فوق الصوتية في المستشفيات أو عيادات الأطباء أو مراكز التصوير الشعاعية، فهي ضخمة ولا يمكن نقلها من مكان إلى آخر بسهولة، وبالتأكيد لن يأخذه الطبيب أو المريض إلى منزله، ولن يوفر صوراً بشكل مستمر للعضو المريض.

يحتاج بعض المرضى إلى البقاء لمدة طويلة أمام جهاز التصوير. في هذه الحالة، يثبت المختصون مقبض الجهاز على ذراع آلية، لكن المشكلة التي يواجهونها هي جفاف الهلام بمرور الوقت، ما يؤدي إلى توقف التصوير. سابقاً، تم تصميم مجسات قابلة للتمدد وتتوافق مع جسم المريض، في محاولة لحل مشكلة جفاف الهلام، لكن للأسف كانت الصور الناتجة عنها منخفضة الدقة، كما لم يكن بالإمكان تصوير الأعضاء العميقة بهذه الطريقة.

اقرأ أيضاً: باحثون من إم آي تي يطورون روبوتات مضيئة بحجم الحشرات

لصاقات التصوير بالموجات فوق الصوتية

لتجاوز هذه المشكلات، صمم المهندسون في إم آي تي جهازاً صغيراً يلتصق بالجلد، ويوفر صوراً بالموجات فوق الصوتية بشكل مستمر للأعضاء الداخلية لمدة 48 ساعة، حسب واحدة من الدراسات. 

اختبر المهندسون اللصاقات على متطوعين ارتدوها على أجزاء مختلفة من الجسم، مثل العنق والصدر والبطن والذراعين، وهم يمارسون أنشطة مختلفة، مثل الجلوس والوقوف والركض وركوب الدراجات ورفع الأثقال، وحصلوا على صور عالية الدقة للأوعية الدموية الرئيسية والأعضاء العميقة مثل القلب والرئتين والمعدة. بقيت الأجهزة ملتصقة بقوة على الجلد على الرغم من جميع الأنشطة التي كان يؤديها المتطوعون.

اقرأ أيضاً: ما هي أهم مزايا وعيوب التحول الرقمي في قطاع الرعاية الصحية؟

استطاع الفريق مراقبة العديد من العمليات الحيوية أثناء ممارسة المتطوعين للأنشطة المختلفة، فقد شاهدوا: 

  • القِطر المتغير للأوعية الدموية الرئيسية عند الجلوس والوقوف.
  • المعدة وهي تتوسع ثم تتقلص مرة أخرى عند الشرب.
  • الأنماط الساطعة في العضلات الأساسية في أثناء رفع الأثقال، ما يشير إلى ضرر صغير مؤقت.

في المشاهدة الأخيرة، يقول الباحثون إنه قد يكون بالإمكان مستقبلاً استخدام هذه اللصاقات لتحديد اللحظة التي يصل فيها الشخص إلى مرحلة الإفراط في ممارسة التمارين، والتوقف قبل أن تتألم العضلات.

ميزات لصاقات التصوير بالموجات فوق الصوتية

في الدراسة الثانية، وضح المهندسون كيف تمكنوا عبر هذه اللصقات من حل المشكلات التي كان يواجهها المختصون عند استخدام أجهزة التصوير بالموجات فوق الصوتية التقليدية، لا سيما الوقت والدقة وجفاف الهلام.

توفير الوقت والجهد

توفر هذه الملصقات جهداً ووقتاً كبيرَين على الطبيب أو فني الأشعة، فهي توفر الصور باستمرار دون الحاجة لتثبيت مقبض جهاز التصوير التقليدي باليد لمدة طويلة. 

بعد لصق الجهاز على الجلد وأخذ الصور، يتم توصيله إلى أدوات تترجم الموجات الصوتية المنعكسة إلى صور، وهي خطوة يعمل المهندسون على تخطيها، ويحاولون أن يعمل الجهاز لاسلكياً.

إذا تمكن المهندسون من ذلك، سيصبح بالإمكان تحويل هذه الملصقات إلى منتجات يمكن للمريض الحصول عليها من الطبيب أو شراؤها من الصيدليات وأخذها إلى المنزل. 

يقول كبير مؤلفي الدراسة، أستاذ الهندسة الميكانيكية والمدنية والهندسة البيئية في إم آي تي، تشانهي تشاو "Xuanhe Zhao": "نعتقد أننا بدأنا حقبة جديدة من التصوير القابل للارتداء".

إنتاج صور عالية الدقة وتخطي مشكلة جفاف الهلام

ابتكر المهندسون في إم آي تي مزيجاً من التقنيات لحل مشكلة الثبات لمدة طوية والدقة في التصوير. فقد زوّدوا الملصقات بطبقة لاصقة قابلة للتمدد مع مجموعة صلبة من المحولات. إذ يؤكد طالب الدراسات العليا في إم آي تي تشونغ وانج أنّ: "هذا المزيج يتيح للجهاز التوافق مع الجلد مع الحفاظ على الموقع النسبي للمحولات لتوليد صور أكثر وضوحاً ودقة".

أما حل مشكلة جفاف الهلام، فكان بتضمينه ضمن اللصاقة، إذ صممها المهندسون في 3 طبقات: طبقة وسطى من الهيدروجيل الصلب وهو مادة أساسها الماء تنقل الموجات الصوتية بسهولة، كما أنها مرنة وقابلة للتمدد، وطبقتين رفيعتين من المطاط الصناعي تغلفان الطبقة الوسطى وتمنعان جفاف الهلام، وتلتصق الطبقة المطاطية السفلية بالجلد، وتلتصق الطبقة المطاطية العلوية بمجموعة صلبة من المحولات.

بهذه الطريقة، تم الحفاظ على رطوبة الهلام، وبالتالي أصبح بإمكان الموجات فوق الصوتية اختراقه، وإعطاء صور عالية الدقة للأعضاء الداخلية العميقة.

اقرأ أيضاً: جامعة إم آي تي تقترح إنشاء فقاعات فضائية لحجب الشمس وتبريد كوكب الأرض

مستقبل لصاقات الموجات فوق الصوتية

سيستمر المهندسون بتطوير الملصقات، فهم يرغبون بأن تعمل لاسلكياً. ويبرمجون خوارزميات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتفسير الصور التي تلتقطها الملصقات وتشخيص الأمراض التي قد يكون الشخص مصاباً بها.

ويضع أعضاء الفريق تصوراً مستقبلياً للملصقات، إذ يعتقدون أنه سيكون بالإمكان تصنيع الكثير منها وإنتاجها تجارياً وبيعها للمرضى والمستهلكين، ولمراقبة تطور الأورام ونمو الأجنة في الأرحام بالإضافة إلى تصوير الأعضاء.

يقول الباحثون: "نتخيل أنه يمكن أن يكون لدينا صندوق من الملصقات، كل منها مصمم لتصوير موقع مختلف من الجسم، ويضيف: "نعتقد أن هذا يمثل طفرة في الأجهزة القابلة للارتداء والتصوير الطبي".