من النحاس إلى الضوء: مقارنة شاملة بين كابلات الاتصال ومزايا كل منها

6 دقيقة
من النحاس إلى الضوء: مقارنة شاملة بين كابلات الاتصال ومزايا كل منها
حقوق الصورة: Shutterstock.com/asharkyu
  • الإنترنت العادية تشمل تقنيتي DSL (عبر خطوط الهاتف النحاسية) والكابل Coax (عبر كابلات التلفزيون المحورية بمعيار DOCSIS).
  • الألياف الضوئية تستخدم خيوطاً زجاجية تنقل البيانات كنبضات ضوئية بسرعة كبيرة جداً.
  •  يعتمد دي إس إل على الأسلاك الهاتفية القديمة، وسرعته تتناقص كلما اب…

في السنوات الأخيرة ازداد الحديث عن الكابلات الضوئية أو الفايبر Fiber كخيار أسرع وأكثر موثوقية لتوصيل الإنترنت، بينما ما زال كثير من المستخدمين يعتمدون للوصول إلى الشبكة العنكبوتية على التوصيل العادي للإنترنت بطريقة دي إس إل DSL، وهي تقنية تستخدم أسلاك الهاتف النحاسية التقليدية لتوصيل الإنترنت إلى المنازل والمكاتب، ولكن بطريقة رقمية متقدمة تسمح بسرعة أكبر بكثير من الاتصال الهاتفي القديم، أو على الكوكسيا، وهو كابل محوري يتكون من أربع طبقات رئيسية هي السلك النحاسي المركزي، والعازل البلاستيكي الداخلي، والدرع المعدني وهو شبكة من النحاس أو الألومنيوم، والغلاف الخارجي البلاستيكي، ويعمل بمعيار DOCSIS، وهو معيار تقني يسمح لشركات الاتصالات بتوصيل الإنترنت عبر كابلات التلفزيون المحورية. فما هو الفرق بين الطريقتين؟ وهل حداثة الكابلات الضوئية تعني أنها الأفضل؟ وكيف تختار الأنسب لك؟

ما تعريف كلتا الطريقتين؟

يشار بالإنترنت العادية عموماً إلى تقنيات الوصول الثابتة التقليدية مثل الخط الرقمي المشترك DSL اختصاراً لـ Digital Subscriber Line الذي يستخدم خطوط الهاتف النحاسية، والكابل (الكوكسيا) الذي يستخدم كابلات التلفزيون المحورية بمعيار DOCSIS. هذه التقنيات تعتمد على تيار كهربائي لنقل الإشارة عبر النحاس أو النحاس المطلي.

أما الكابلات الضوئية Fiber-Optic، فتعتمد على ألياف زجاجية أو بلاستيكية تنقل البيانات عبر نبضات ضوئية، ما يسمح بعرض نطاق ترددي أكبر ومسافات أطول وتشتت أقل في الإشارة. هناك أشكال مختلفة مثل الألياف الضوئية إلى المنزل Fiber To The Home اختصاراً FTTH أو الألياف الضوئية إلى الموقع المحدد بـ (x) Fiber To The x اختصاراً FTTx، وتختلف بحسب إلى أي نقطة يتم إيصال الألياف. 

اقرأ أيضاً: تعرّف إلى جهاز «أورب» الذي يُميّز المستخدمين البشر عن بوتات الذكاء الاصطناعي على الإنترنت

 كيف توصل كل تقنية؟

في تقنية الخط الرقمي للمشترك DSL، تُنقل الإنترنت عبر الأسلاك النحاسية نفسها التي كانت تستخدم في السابق للهواتف الأرضية؛ أي أنك لا تحتاج إلى تمديدات جديدة، فقط خط الهاتف الموجود أصلاً.

من مركز الشركة (السنترال):

  1. توجد أجهزة خاصة تسمى مضاعف وصول الخط الرقمي للمشتركين DSLAM (اختصاراً لـ Digital Subscriber Line Access Multiplexer).
  2. وظيفة هذه الأجهزة هي جمع إشارات الإنترنت القادمة من المشتركين عبر الأسلاك النحاسية، ثم ربطها بالشبكة الرئيسية للإنترنت لدى مزود الخدمة.

في الطريق إلى منزلك:

  1. تمتد الكابلات النحاسية من المركز إلى الحي الذي تسكن فيه، ومنها إلى منزلك مباشرة.
  2. هذه الكابلات غالباً قديمة لأنها صممت أساساً لنقل الصوت، لكنها ما زالت تستخدم لنقل البيانات الرقمية في هذه الطريقة.

داخل المنزل:

  1. خط الهاتف يدخل إلى جهاز التوجيه لديك (المودم أو الراوتر).
  2. هذا الجهاز يفك ترميز الإشارات الرقمية التي تصل عبر السلك، ويحولها إلى اتصال إنترنت يمكن لأجهزتك (الكمبيوتر أو الهاتف) استخدامه.

سرعة الإنترنت بهذه الطريقة تعتمد بشدة على المسافة بين منزلك وجهاز الـ DSLAM في مركز الشركة؛ فكلما كانت المسافة أطول، ضعفت الإشارة وانخفضت السرعة، لأن الإشارة الرقمية تتدهور تدريجياً عبر النحاس.

يعتمد توصيل الإنترنت عبر الكابل على شبكة هجينة تجمع بين الألياف الضوئية والأسلاك النحاسية HFC – Hybrid Fiber-Coaxial.

كيف تصل الإشارة إلى منطقتك؟

تمد شركة الإنترنت (مزود الكابل) الأحياء بألياف ضوئية تصل إلى نقاط رئيسية قريبة من المنازل تسمى العقد أو الصناديق الموزعة. من هذه النقاط، تستكمل المسافة الأخيرة إلى المنازل باستخدام كابلات نحاسية من نوع كوكسيال Coaxial، وهي الكابلات نفسه التي تُستخدم عادةً في التلفزيون الكبلي.

هذه الطريقة أقل تكلفة بكثير من مد الألياف إلى كل منزل على حدة، لكنها لا تزال توفر سرعات عالية نسبياً.

في مركز الشركة (الطرف المركزي)

يوجد جهاز أساسي يسمى جهاز إدارة مودم الكابل المركزي CMTS اختصاراً لـ Cable Modem Termination System وظيفته استقبال إشارات الإنترنت من شبكة الشركة، وإرسال البيانات إلى المشتركين جميعهم عبر شبكة الكابل، وتنظيم حركة البيانات بين المستخدمين (رفع وتنزيل). ببساطة، يمكن اعتباره العقل المركزي الذي يدير الاتصالات بين المشتركين والإنترنت.

في منزلك

يدخل كابل الكوكس (كابل التلفزيون نفسه) إلى الحائط. يتم توصيله بجهاز يسمى مودم الكابل. هذا المودم يفك تشفير الإشارات ويحولها إلى بيانات رقمية يمكن نقلها عبر كابل إيثرنت إلى الراوتر أو مباشرة إلى الكمبيوتر. بعد ذلك، يوزع الراوتر الإنترنت عبر واي-فاي أو كابلات داخلية لأجهزتك.

تعتمد شبكة الكابل على نطاق ترددي مشترك بين مجموعة من المنازل المتصلة بالعقدة المحلية نفسه. هذا يعني أن سرعة الإنترنت قد تنخفض مؤقتاً في أثناء ساعات الذروة، عندما يستخدم عدد كبير من الجيران الشبكة في الوقت نفسه، مثل وقت المساء.

في طريقة الألياف الضوئية، يمد مزود الخدمة شبكته بألياف ضوئية من مراكز التوزيع إلى الأحياء والمباني. إذا كانت الشبكة تمد الألياف إلى المنزل، يتم تركيب جهاز يسمى ONT (Optical Network Terminal) داخل المنزل، وهو المنفذ الذي يستقبل الألياف ويحول الإشارة للمنزل.

الأجهزة المركزية في الشبكة

  • في مركز مزود الخدمة يوجد جهاز OLT – Optical Line Terminal.
  • هذا الجهاز يربط بين الإنترنت العام والألياف التي ترسل إلى المشتركين.
  • تستخدم الشبكة أيضاً تقسيم ودمج بصري Passive Splitters: تسمح لألياف واحدة بخدمة عدة منازل في الوقت نفسه دون الحاجة إلى توصيل كابل لكل منزل بشكل منفصل.

 عند المنزل

تنتهي الألياف في جهاز ONT/ONU داخل المنزل. وظيفة هذا الجهاز هي تحويل الإشارة الضوئية إلى إشارات رقمية (Ethernet / IP) يمكن لجهاز الراوتر التعامل معها. بعد ذلك، يوزع الراوتر الإنترنت على الأجهزة المنزلية عبر واي-فاي أو كابلات إيثرنت.

اقرأ أيضاً: كيف يستخدم قراصنة الإنترنت الهندسة الاجتماعية لخداع الموظفين؟

مزايا كل طريقة من هذه الطرق في توصيل الإنترنت

تختلف طرق توصيل الإنترنت إلى المنازل والمكاتب باختلاف نوع البنية التحتية المستخدمة، ويكمن الفارق الأساسي بين الألياف الضوئية والإنترنت العادي عبر خطوط الهاتف دي أس إل أو الكوابل المحورية Cable في طبيعة الوسط الناقل وسرعة وكفاءة الأداء. فالألياف الضوئية تعتمد على إرسال البيانات عبر إشارات ضوئية تمر داخل خيوط زجاجية دقيقة، ما يمنحها قدرات غير مسبوقة في السرعة والثبات. تقدم الألياف سرعات تحميل ورفع عالية جداً قد تصل إلى الغيغابت وأكثر، مع إمكانية تقديم سرعات متماثلة في الاتجاهين (symmetric)، وهو ما يميزها عن معظم أنواع الاتصال التقليدي.

كما تتميز بزمن استجابة Latency منخفض جداً، وهو أمر حاسم لمحبي الألعاب الإلكترونية والبث المباشر واجتماعات الفيديو عبر الإنترنت. إضافة إلى ذلك، توفر الألياف عرض نطاق ترددياً واسعاً يمكن تطويره مستقبلاً بمجرد تحديث المعدات دون الحاجة إلى استبدال الكابلات نفسها، ما يجعلها تقنية قابلة للتوسع وملائمة لمتطلبات المستقبل. ومن مزاياها الأخرى مقاومتها العالية للتشويش الكهرومغناطيسي وقدرتها على نقل الإشارة لمسافات طويلة دون فقدان يذكر مقارنة بأسلاك النحاس، وهو ما يعزز موثوقيتها وجودة الاتصال.

في المقابل، لا تزال تقنيات توصيل الإنترنت العادية مثل DSL والكابل تحتفظ بمزاياها الخاصة، أهمها التوفر الواسع وسهولة التركيب، إذ تعتمد على البنى التحتية القائمة مسبقاً مثل خطوط الهاتف أو الكوابل التلفزيونية، ما يجعل عملية التوصيل أسرع وتكلفتها الابتدائية أقل في كثير من المناطق. وتتميز هذه الأنظمة أيضاً بانخفاض تكلفة التثبيت خاصة في الأماكن التي لا تتطلب تمديد كابلات جديدة، ما يجعلها خياراً اقتصادياً في البيئات التي لم تصلها الألياف بعد. كذلك، شهدت شبكات الكابل تطويرات متواصلة من خلال معايير DOCSIS (مثل 3.1 و4.0) التي حسنت السرعات والأداء بشكل كبير، ما سمح لهذه الشبكات بمواكبة الطلب المتزايد على الإنترنت عالية السرعة فترة أطول.

بينما تمثل الألياف الضوئية مستقبل الاتصال بفضل سرعتها وثباتها وقدرتها على التوسع، تظل تقنيات DSL والكابل حلولاً عملية وميسورة التكلفة تعتمد على بنى تحتية متوفرة على نطاق واسع، ما يجعلها خياراً مناسباً في الأماكن التي لم تصلها بعد شبكات الألياف الحديثة.

اقرأ أيضاً: ما هو بروتوكول MCP؟ وكيف سيشكل ملامح الإنترنت في عصر النماذج اللغوية؟

عيوب كل تقنية ومحدوديتها

عيوب الألياف الضوئية

  • تكلفة التركيب الأولى مرتفعة خاصة في المناطق الريفية أو المباني القديمة التي لا تحتوي على وصلات مناسبة.
  • التركيب قد يستغرق وقتاً (حفر أو مد كابلات داخل أحياء)، وقد يطلب مزود الخدمة مواعيد تركيب ميدانية.
  • حساسية مادية: الألياف الزجاجية أرق وهشة نسبياً مقارنة بكابل نحاسي، لذلك تحتاج إلى حماية وتركيب محترف، لكن هذا لا يعوق الأداء بعد التركيب.

عيوب الإنترنت العادية (دي إس إل وكابل)

  • دي إس إل: سرعة محدودة وتعتمد بشكل كبير على طول الخط النحاسي وجودته؛ وقد تكون الأرقام منخفضة كلما ابتعد المستخدم عن مركز التوزيع.
  •  الكابل: المشاركة في الشريط المحلي قد تخفض السرعات في أثناء أوقات الذروة (شبكات مشتركة على العقدة نفسها). كما أن سرعة رفع الملفات أو إرسال البيانات من المستخدم إلى الإنترنت (مثل رفع فيديو إلى يوتيوب أو إرسال ملف إلى البريد) تكون أبطأ بكثير من سرعة التحميل.
  • التشويش والاهتراء: النحاس عرضة للتداخل الكهرومغناطيسي والتآكل بمرور الزمن، ما يؤثر في جودة الإشارة.

اقرأ أيضاً: كيف يحمي الذكاء الاصطناعي الأطفال من المخاطر والمحتوى الضار عبر الإنترنت؟

كيف تختار الأفضل لك؟

  • إذا كنت تحتاج سرعات عالية جداً، في الحالة التي تعمل فيها على رفع بيانات كبيرة، أو إذا كنت بحاجة إلى زمن استجابة منخفض (بث 4K متعدد القنوات أو استضافة سيرفرات منزلية أو تمارس ألعاباً احترافية أو تعمل على تحرير فيديو عبر السحابة)، فالألياف الضوئية هي الخيار الموصى به.
  • إذا كان التكلفة أو التوفر مهمين، في حال كنت تعيش في مناطق لا تتوفر فيها الألياف بعد، أو تحتاج اتصالاً سريعاً دون انتظار تركيب الألياف، فخدمات الكابل أو حتى دي أس إل في المناطق ذات الخطوط الجيدة هي الخيار الأفضل، خصوصاً إذا كان استخدامك اليومي للإنترنت عادياً.
  • في المناطق الحضرية المتقدمة: كثير من المدن والبلديات توصل الألياف تدريجياً إلى المنازل؛ إن أمكن الاشتراك بخطة منزلية FTTH فغالباً ستكون استثماراً مستقبلياً أفضل.

اقرأ أيضاً:  كيف ستغير المتصفحات المدعومة بالذكاء الاصطناعي طريقة تصفحنا الإنترنت؟

نصائح عملية قبل الاشتراك أو التحويل

  1. تحقق من السرعات الحقيقية في منطقتك ولا تعتمد فقط على الأرقام التسويقية. استعلم عن تقييمات المستخدمين أو اختبارات السرعة التي نشرها مزودون مستقلون.
  2. قارن بين السعر مقابل السرعة والقيمة، فقد تحصل على سرعة ممتازة عبر الكابل بتكلفة أقل في بعض الأسواق، لكن الألياف ستتفوق في الاتساق وقابلية الترقية.
  3. اسأل عن تكاليف التركيب والالتزامات؛ هل هناك رسوم توصيل أحادية؟ هل مطلوب عقد لمدة زمنية؟ هذا يغير قرار الجدوى.
  4. في حال امتلاك عمل منزلي حساس للكمون، وهو أي نشاط يحتاج إلى نقل البيانات بسرعة كبيرة جداً ذهاباً وإياباً دون تأخير ملحوظ، أعطِ الأولوية للألياف إن توفرت.

تمتل الألياف الضوئية مستقبل شبكات الوصول المنزلي بفضل السرعات العالية والكمون المنخفض وقابلية التطوير. ومع ذلك، تبقى الإنترنت عبر كابلات النحاس أو الكوكسيا خياراً عمليا متوفراً في أماكن كثيرة اليوم، خصوصاً مع تحسينات مثل معايير DOCSIS المتقدمة. القرار الواقعي يعتمد على التوفر المحلي والتكلفة واحتياجاتك الفعلية، لذا قبل اتخاذ خطوة، افحص ما هو متاح في منطقتك وخذ بالاعتبار ما ذكرناه أعلاه.

المحتوى محمي