لماذا لا تتماشى التوجهات السائدة المقترحة من تويتر مع الواقع؟

4 دقائق
لماذا تعاني تويتر من مشكلة تحديد التوجهات السائدة بشكل صحيح؟
MS TECH | ENVATO

بالنظر إلى أسبوع واحد من التريندات (التوجهات، أو المواضيع الأكثر انتشاراً على المنصة) نكتشف أن هذه الميزة ما زالت تعاني من مشكلات مستعصية، على الرغم من المحاولات الكثيرة من المنصة لإصلاحها.

فعندما قدمت تويتر (Twitter) ميزة جديدة تحمل اسم تريندز (Trends) في منتصف عام 2008، وصفها جاك دورسي -أحد مؤسسي الشركة- بأنها الخطوة التطورية التالية لجرعة الإعلام الصباحية. فقد كان الشخص من قبل يأخذ فكرة عن أهم التطورات الجارية في العالم بقراءة الصحف أو الإعلام الإلكتروني، أما دورسي فقد كتب في منشور قصير ضمن صفحة إحدى المدونات، أن التريندات تتيح له "وبنظرة واحدة رؤية ما يعتبره العالم مهماً في أي لحظة، وهو ما يتيح لي استكشاف ما هو مهم بالنسبة لي شخصياً".  

اقرأ أيضاً: ما الذي ينقص خطة إيلون ماسك حتى تنجح في تحديد الحسابات المزيفة على تويتر؟

وقد غيرت التريندات من وجهة نظره منذ ذلك الحين. فما زالت هناك قوائم مرتبة بالمواضيع المهمة على مستوى البلاد ومستوى العالم، ولكن بعض المواضيع التي يراها الناس تتوافق بشكل خاص مع اهتماماتهم وأماكن تواجدهم. وفي هذه الأيام، تقوم تويتر بإرفاق تغريدات تمثيلية أو إضافة السياق إلى بعض المواضيع.  

توجهات تريندات تويتر

إذاً، أي التريندات تحقق انتشاراً كبيراً في العالم حالياً؟ في الأسبوع الماضي، حقق الوسم #ClimateScam انتشاراً كبيراً، ووجه المستخدمين نحو سيل متواصل من الميمات حول التغيّر المناخي ممن يعتبرونه مجرد خدعة. وفي الأسبوع الأخير من شهر يوليو، حققت العبارة "Sodom and Gomorrah " (سَدوم وعَمُورة) انتشاراً واسعاً في الولايات المتحدة، مدفوعة من عشاق نظرية المؤامرة من اليمين المتطرف المعادي لمجتمع الميم. أما المصطلح "Satanic Panic" (اعتداء الشعائر الشيطانية) فقد حقق قفزة كبيرة لاحقاً، مرفقاً باسم آشلي بابيت، وهي امرأة لاقت مصرعها خلال محاولة الانقلاب في 6 يناير/ كانون الثاني عام 2021، وأصبحت مركز نظريات المؤامرة بسبب ظروف مقتلها.  

وبطبيعة الحال، لم يعد تأثير قوائم التريندات الخوارزمية في تضخيم الأمور السلبية للجمهور العريض أمراً جديداً. إذاً، لماذا ما زالت هذه الميزة موجودة في تويتر في 2022؟  

ما زالت ذريعة تويتر الأساسية للحفاظ على التريندات دون تغيير يُذكر منذ منشور دورسي. وكما قالت الناطقة باسم تويتر ليندسي ماكالوم في رسالة بالبريد الإلكتروني، فإن التريندات ميزة مصممة حتى تعرض للناس ما يحدث في أنحاء العالم وعلى تويتر في أي لحظة. وعندما تعمل التريندات بأفضل صورة ممكنة، تتحول إلى ما يشبه أحداثاً مهمة على الإنترنت: فقد ازداد انتشار عبارة "تشوكو تاكو" (Choco Taco)، وهو اسم أحد أنواع المثلجات، بعد أن توقف إنتاجها، ما دفع بالآخرين إلى التغريد حول رأيهم الخاص بما حدث.  

اقرأ أيضاً: ما قصة الحسابات الوهمية التي تسببت بتعليق استحواذ إيلون ماسك على تويتر؟

تقول محللة التكنولوجيا ومؤسسة منظمة "أوقفوا العنف ضد النساء عبر الإنترنت" (Stop Online Violence Against Women)، شيرين ميتشل، إن التريندات تمثل عنصراً أساسياً في القصة التي ترغب تويتر بأن ترويها عن نفسها، وهي القصة التي تقول إن تويتر قادرة على التقاط الجدل العام وخدمته. ولكن التلاعب بالتريندات (بما فيها التافهة) وتضخيم التطرف على قائمة التريندات المولدة باستخدام الخوارزميات يؤدي إلى تقويض هذه القصة.  

وتضيف قائلة: "تواصل تويتر الادعاء بأن التريندات حقيقية ومعبّرة بصدق عن المواضيع التي تهم الناس، ولكنها مصطنعة في أغلب الأحيان".  

وإضافة إلى مزاعم تويتر بأن التريندات تقوم بدور أساسي أقرب إلى وظيفة عامة، فهناك سبب آخر لبقاء هذه الميزة. فهي أحد مصادر الدخل بالنسبة للمنصة. لقد بدأت تويتر ببيع المساحات الترويجية على التريندات في 2010. وحالياً، تبيع تويتر ما تطلق عليه اسم "مراتب التريندات الاستحواذية" (Trend Takeover spots)، وتعرض الإعلانات في نتائج البحث عن مواضيع التريندات الأوسع انتشاراً.  

وعلى سبيل المثال، وفي 28 يوليو/ تموز، تم الترويج لتريند مُمَوَّل حول فيلم جديد للمخرج كريستوفر نولان في أعلى قائمة التريندات الأميركية في تويتر، وفي عمود "For You" (مخصص لك) للتريندات المخصصة.  

وتقول ميتشل: "لا أعتقد أنهم قاموا بإجراء أي دراسة فعلية للمقارنة بين الفائدة الحقيقية للمستخدمين والفائدة المالية للمنصة". وقد رفضت تويتر التعليق على برنامج الإعلانات في التريندات.  

اقرأ أيضاً: تغريدات متتابعة على تويتر تفضح أسرار وادي السيليكون

ولكن لا يمكننا إنكار أن تويتر حاولت تحسين التريندات من قبل. فقد قدمت الشركة ميزات مثل "مومينتس" (Moments)، والتي سمحت للمستخدمين بتجميع الحوارات على التطبيق ضمن مجموعات خاصة. كما كان الموقع يقوم في بعض الأحيان بالتعامل مع التريندات الإشكالية على وجه الخصوص يدوياً. وحالياً، تقوم تركيبة من الخوارزميات والمشرفين البشر باختيار تغريدة تمثيلية لبعض التريندات، وإضافة السياق. وفي 2020، ومع اقتراب الانتخابات الأميركية، كما لاحظت تويتر، قررت المنصة أن تحد مواضع التريندات التي تظهر على القوائم الخاصة للمستخدمين بتلك المزودة بسياق فقط.  

تأثير تريندات تويتر

وبطبيعة الحال، أدت مواضيع التريندات واسعة الانتشار إلى تضخيم الأصوات المهمشة، وتحولت إلى أدوات فعالة للناشطين. ومن الأمثلة على هذا وسم #BringBackOurGirls، ووسم #IranElection في 2009. وهناك أيضاً الوسم #MeToo والوسم #BlackLivesMatter. وفي السنوات الأخيرة، ظهر شكل من البرمجة المضادة، وهو أشبه ما يكون بعملية استحواذ متعمدة للمواضيع واسعة الانتشار ذات الطابع العنصري أو المؤذي بطرق أخرى، وذلك لكشف الأشخاص الذين يروجون للأفكار المسيئة.  

وتقول تويتر إنه من الأفضل العمل على تحسين التريندات بدلاً من إيقاف الميزة بالكامل، وتؤكد دور المشرفين البشر في توفير السياق والمصادر لأي مجموعة فرعية من المواضيع واسعة الانتشار.  

ولكن، وعلى الرغم من المحاولات المتكررة لمعالجة الآثار المؤذية المحتملة للتريندات، فلم تتغير إلى درجة تستحق الذكر. فهي ميزة تم تصميمها حتى تعكس أهم المواضيع على تويتر، وذلك عن طريق عملية مراقبة آلية للتكرار السريع للمنشورات، وقد تحولت إلى فرصة للتلاعب بالحوار وتوليد تغطية إخبارية.

اقرأ أيضاً: بلبلة على تويتر: ما الذي يفعله عمال أمازون بالضبط؟

وقد نجحت نفس الحيلة مراراً وتكراراً. ففي 2013، تمكن مستخدمو موقع "4chan" من تحقيق انتشار عالمي واسع لوسم يشجع على إيذاء النفس لمعجبي المغني جاستن بيبر. وفي نفس السنة، حقق وسم يدعم أحد مفجري ماراثون بوسطن انتشاراً واسعاً أيضاً. وقد درس كل من رايل إناسا كيام وشفيقة هادسون انتشار الوسم #EndFathersDay في 2014، وأدى العمل إلى كشف شبكة من الحسابات التي كانت تنتحل شخصيات نسوية إفريقية الأصول، وعلى نحو سيئ، في إطار حملة منسقة لتقويض صورة النساء ذوات الأصول الإفريقية على تويتر. وبعد عدة أشهر، تم إطلاق حملة مضايقات منسقة ضد النساء والصحفيين في صناعة ألعاب الفيديو. وتمحورت الحملة حول وسم #Gamergate الذي حقق انتشاراً واسعاً عدة مرات، محققاً البهجة لداعميه.   

وقبل أيام من الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016، حقق الوسم #SpiritCooking انتشاراً واسعاً، ما أدى إلى تضخيم حملة اعتداء شعائر شيطانية مصغرة تحولت إلى نظرية مؤامرة بيتزاغيت. وقد كانت رئاسة ترامب بحد ذاتها دوامة بلا نهاية من محاولات الاستحواذ على انتباه وسائل التواصل الاجتماعي من حساب الرئيس نفسه، ومن حملات منسقة من قبل أصحاب النفوذ من اليمين المتطرف. وقد كان الوسم #StopTheSteal، وهو الوسم الواسع الانتشار والأكثر ارتباطاً مع مزاعم ترامب الكاذبة والمتكررة بوجود تزوير في الأصوات في انتخابات 2020، سبباً في تضخيم حركة أدت إلى أحداث العنف في مبنى الكونغرس الأميركي (الكابيتول).  

وهناك الكثير من الأمثلة الأخرى. فقد أدت الوسوم الواسعة الانتشار دور نقاط تنسيقية في محاولة لتدمير حياة شخص ما بسبب نكتة. وأصبحت أدوات متكررة الاستخدام في مجموعات المعجبين (فاندوم) المسيئة.  

المحتوى محمي