ما هو مستقبل الحوسبة السحابية؟ وما أبرز توجهاتها القادمة؟

5 دقائق
ما هو مستقبل الحوسبة السحابية؟ وما أبرز توجهاتها القادمة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ LookerStudio

أحدثت جائحة كوفيد-19 الكثير من التغييرات في مختلف الصناعات، ولكن الشركات التي كانت تكنولوجيا الحوسبة السحابية ضمن استراتيجيات أعمالها تمكّنت من الحد بعض الشيء من خسائرها، حيث أصبحت هذه التكنولوجيا في الوقت الحالي مكوناً رئيسياً للأعمال، ومن المتوقع أن تزداد أهميتها بشكل أكثر لما تقدمه من فوائد وميزات تجعل الأعمال تستمر بغض النظر عن أي مشكلات أو كوارث تطرأ مستقبلاً.

استخدام الحوسبة السحابية في عالم ما بعد الجائحة

ازداد تعقيد الاحتياجات التكنولوجية للشركات خلال العامين الماضيين، حيث سرعان ما أصبحت أماكن العمل لا مركزية أثناء فترة انتشار الجائحة، ومع ذلك تمكّنت الشركات التي دمجت تكنولوجيا الحوسبة السحابية في عملياتها التشغيلية بشكل مبكر، من إنشاء البيانات ومعالجتها وتحليلها على الفور، ما انعكس إيجابياً على استمرارية أعمالها، حتى في فترات الإغلاق الأشد تطلباً.

والآن مع عودة الاقتصاد العالمي للتعافي مع بدء انحسار الجائحة وعودة الحياة إلى طبيعتها، ستظل الحوسبة السحابية، التي كان لها دور كبير في مساعدة القوى العاملة على العمل عن بُعد، هدفاً أساسياً للشركات التي تبحث عن استمرارية الأعمال، حيث من المتوقع أن تتطلع الشركات إلى إرساء أسس قوية للاستفادة من هذه التكنولوجيا لزيادة خفة الحركة، نظراً إلى فوائدها الكثيرة في تحسين إمكانية الوصول وقابلية التوسع والمرونة.

وفي هذا الصدد، يقول كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة تزويد الخدمات السحابية إنتر فيجن (InterVision)، داستن ميلبيرج: "الشركات التي تنظر إلى تكنولوجيا الحوسبة السحابية على أنها رحلة وليست وجهة ستشهد المزيد من النجاح"، ويضيف: "يعود هذا إلى أن مجرد الوصول إلى السحابة لا يعني تلقائياً أن الشركات ستشهد تحسناً في الأداء والإنفاق، بدلاً من ذلك، تعد الحوسبة السحابية عملية متكررة للتحسين وإنشاء الأمان عن طريق التصميم لمطابقة أهداف الشركة، الآن وعلى المدى الطويل".

اقرأ أيضاً: جسيمات نانوية قد تكون المفتاح لتطوير لقاح شامل لوباء كوفيد-19

نمو كبير للسوق العالمي لتكنولوجيا الحوسبة السحابية

وفقاً للعديد من التقارير، فإن تكنولوجيا الحوسبة السحابية سوق تستمر في احتلال مركز الصدارة في خطط معظم الأعمال بعد الجائحة، حيث إن التحرك القوي نحو اعتماد التكنولوجيا الذي بدأ بالفعل حتى قبل انتشار الجائحة، سوف يرتفع بصورة كبيرة خلال السنوات المقبلة.

تتوقع شركة الأبحاث جارتنر (Gartner) أن ينمو إنفاق المستخدمين النهائيين في جميع أنحاء العالم على الخدمات السحابية العامة بنسبة 20.4% في هذا عام 2022 ليصل إلى إجمالي 494.7 مليار دولار، مقارنة بمبلغ 410 مليارات دولار في عام 2021، بينما من المتوقع أن تصل قيمة إنفاق المستخدم النهائي في عام 2023 إلى 600 مليار دولار.

وهذا يعود بحسب نائب رئيس الأبحاث في الشركة إلى أن: "الجائحة قد أثبتت قيمة تكنولوجيا الحوسبة السحابية للشركات والأعمال، حيث يوفر استخدام نماذج السحابة القابلة للتطوير عند الطلب لتحقيق كفاءة التكلفة واستمرارية الأعمال الزخم للمؤسسات لتسريع خطط تحويل الأعمال الرقمية الخاصة بها بسرعة، ومن ثم فقد عزز الاستخدام المتزايد للخدمات السحابية العامة من اعتماد السحابة لتصبح الوضع الطبيعي الجديد الآن أكثر من أي وقت مضى".

وعلى الرغم أن نموذج البرمجيات كخدمة (SaaS) سيظل أكبر شريحة سوقية لإنفاق المستخدم النهائي على تقنية المعلومات السحابية، فإنه من المتوقع أن ينمو نموذج المنصة كخدمة (PaaS) بشكل أكثر من باقي النماذج الأخرى، ويأتي ذلك لأن النمو في هذا النموذج سيكون مدفوعاً بالحاجة المستمرة للقوى العاملة عن بُعد للوصول إلى بنية سحابية عالية الأداء وقابلة للتطوير عبر التطبيقات الحديثة.

اقرأ أيضاً: ما هي أهم تطبيقات الحوسبة السحابية؟ وما أنواعها؟

أبرز توجهات الحوسبة السحابية المستقبلية

تمكّنت العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم من استئناف سير العمل بعد الجائحة، حيث شهدت نمواً كبيراً خلال هذه المرحلة الحاسمة، ويمكن أن يُعزى هذا التحسن بشكل كبير إلى الرقمنة والتقنيات القائمة على السحابة، والتي سمحت لها بتوسيع سوقها المستهدف. وفيما يلي بعض أبرز توجهات تكنولوجيا الحوسبة السحابية، التي من المتوقع لها أن تشكل مستقبلها بشكل كبير:

  • الحوسبة السحابية باستخدام الذكاء الاصطناعي

تتمتع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية بعلاقة متبادلة المنفعة، ولا تعتبر أحد أبرز التوجهات الناجحة فحسب، بل مستقبل الحوسبة السحابية، حيث يمكنهما عند دمجهما معاً نشر خدمات الحوسبة السحابية على نطاق واسع من خلال الوصول إلى جمهور أوسع. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يمكّن المؤسسات الصغيرة من الحصول على حزم محسّنة من نماذج الذكاء الاصطناعي وقدرات حوسبة متقدمة.

  • بيئات السحابة المتعددة والسحابة المتكاملة

تدرك الشركات أن حوكمة الخدمات السحابية لا تتعلق فقط بإنشاء منصة أو شبكة برمجية واحدة، بل يتعلق الأمر بصورة أساسية باختيار أفضل نهج للمهمة، ومن ثم من المتوقع زيادة في استخدام نموذجي السحابية المتعددة والتكامل القائم على السحابة، والذي يتيح لها العديد من الخيارات في تشغيل عملياتها، مع التقليل من التكاليف المالية بصورة كبيرة.

  • نمو نموذج الحوسبة السرية

من المتوقع أن ينمو نموذج الحوسبة السرية (Confidential Computing) بشكل كبير في السنوات القادمة، حيث يوفر هذا النموذج خياراً قوياً لتأمين البيانات الشخصية ومعالجتها في وحدة معالجة آمنة قائمة على السحابة، بحيث لا يمكن الوصول إلى مكونات القطاع إلا في حال الحصول على التصريح الأمني الخاص بذلك، ما يضمن السرية وهي ميزة مهمة مع انتشار الهجمات السيبرانية الكبير.

  • تحسين أمن البيانات في السحابة

يعد تحسين السلامة أمراً ضرورياً في مستقبل تكنولوجيا الحوسبة السحابية، من خلال التخلص من التهديدات المحتملة في الأنظمة السحابية، ويأتي هذا من خلال دمج الأمان مع التكنولوجيات الناشئة، مثل، التعلّم الآلي والذكاء الاصطناعي في السحابة، ما يجعل السحابة المستقبلية أكثر استقراراً ومقاومة ضد الهجمات السيبرانية.

اقرأ أيضاً: تعزيز الأمن المادي ضد الهجمات السيبرانية في أوقات الصراع

ما هو مستقبل الحوسبة السحابية؟

بينما لا يمكن لأحد أن يعرف ما يخبئه المستقبل لتكنولوجيا الحوسبة السحابية، فإنه يمكن التنبؤ به، وهذا يعود إلى الاستخدام المكثّف لهذه التكنولوجيا، حيث يكاد يكون من المستحيل وجود شركة لا تستخدم الحوسبة السحابية في عملياتها بطريقة أو أخرى، وتتضمن بعض التوقعات المستقبلية لتكنولوجيا الحوسبة السحابية، ما يلي:

نمو خدمات الحوسبة السحابية

أظهرت العديد من الدراسات أن الحوسبة السحابية مسؤولة عن أكثر من 60% من جميع الأنشطة عبر الإنترنت، ومن المتوقع أيضاً أن تزداد شعبيتها أكثر بمرور الوقت لسهولة الاستخدام وقابلة للتكيف مع معظم نماذج الأعمال الجديدة والقائمة.

توفير سعة تخزين محسّنة

نظراً إلى وجود الكثير من الحماس لتكنولوجيا الحوسبة السحابية، فمن المتوقع أن يقوم مقدمو الخدمات السحابية بتوفير سعات بيانات إضافية بأسعار مخفضة بسبب الضغط التنافسي الكبير في هذا السوق.

التقليل من استخدام أنظمة المعالجة الحاسوبية

من المتوقع أن ينخفض ​​استخدام أنظمة أجهزة الحواسيب، لأن غالبية البيانات ستتم معالجتها عبر الحوسبة السحابية تقريباً. علاوةً على ذلك، فمع المزيد من التطور من المتوقع أن يتم فحص البيانات المحفوظة في السحابة بواسطة جهاز كمبيوتر دون الحاجة إلى تدخل بشري، ما يؤدي إلى تخفيض النفقات المطلوبة لبناء أنظمة معالجة محلية.

الحوسبة بدون خادم

تم استخدام نموذج الحوسبة بدون خادم (Serverless Computing) منذ عدة سنوات، ومن المتوقع أن تستمر في لعب دور أساسي في إنشاء مشاركة جديدة للمستهلكين، حيث يؤكد جميع اللاعبين الكبار في مجال الخدمات السحابية الآن أنه مستقبل الحوسبة السحابية، من خلال ضمانه نهج الدفع أولاً مقابل الموارد التي يستخدمونها فقط. علاوةً على ذلك تقلل الحوسبة بدون خادم أيضاً من مخاطر أخطاء الخلفية، حيث تمنح الشركات بيئات آمنة لاختبار أكوادها البرمجية.

نمو نموذج الحوسبة الطرفية

بدأت الشركات تتطلع إلى تكنولوجيا الحوسبة الطرفية بشكل جاد لسد الفجوة بين السحابة المركزية والمستخدمين النهائيين، والتي توفر لهم القدرة على نشر الخدمات بسهولة على الحافة دون الحاجة إلى القلق بشأن النفقات التشغيلية لإدارة المزيد من البنية التحتية السحابية. علاوةً على ذلك سيساعد هذا النهج في إنشاء تطبيقات أكثر استجابة وديناميكية وتتوسع عند الحاجة.

اقرأ أيضاً: ما هي تكنولوجيا الحوسبة الطرفية؟ وهل ستؤثر على طريقة معالجة البيانات وتحليلها في المستقبل؟

ختاماً، تتضمن بعض الدوافع الرئيسية التي تدعم التوسع في تكنولوجيا الحوسبة السحابية الاحتياجات المتطورة باستمرار، وزيادة طلبات العملاء، والكم الهائل من البيانات التي يتم إنشاؤها يومياً، والاندفاع إلى أتمتة أنشطة الأعمال الأساسية، وجميعها تساهم في مستقبل أكثر إشراقاً ونمواً مطرداً للتكنولوجيا.

المحتوى محمي