كيف يُغيّر الذكاء الاصطناعي مستقبل ألعاب الفيديو؟ لعبة ماينكرافت مثالاً

3 دقيقة
كيف يُغيّر الذكاء الاصطناعي مستقبل ألعاب الفيديو؟ لعبة ماينكرافت مثالاً
حقوق الصورة: shutterstock.com/Spok83

أنتجت شركتا الذكاء الاصطناعي ديكارت (Decart) وإتشد (Etched) نسخة خاصة من لعبة الفيديو ماينكرافت (Minecraft)، غير أن التنقل ضمن بيئة هذه اللعبة يوحي بوجود شيء غير مألوف نوعاً ما. يستطيع اللاعب بالطبع أن يتحرك إلى الأمام، ويقطع الأشجار، ويضع كتلاً من التراب حيث يريد، تماماً كما في اللعبة الحقيقية. لكن إذا استدار جانباً، ربما يجد أن الكتلة الترابية التي وضعها مكانها للتو قد تحولت إلى عنصر مختلف في بيئة مختلفة تماماً، وهذا لا يحدث في لعبة ماينكرافت الحقيقية. لكن هذه النسخة الجديدة مُوَلدة بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي، ما يجعلها عرضة للهلوسات. لم يعتمد إنشاء هذه اللعبة على كتابة حتى سطر واحد من الرموز البرمجية.

اقرأ أيضاً: لعبة جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تدفعك إلى مواجهة التغيّر المناخي

توليد ألعاب الفيديو في الزمن الحقيقي

وبالنسبة إلى الشركتين ديكارت وإتشد، فإن هذه النسخة التجريبية مجرد إثبات للمفهوم. تتخيل الشركتان إمكانية استخدام هذه التكنولوجيا لتوليد مقاطع الفيديو في الزمن الحقيقي، أو توليد ألعاب الفيديو عموماً في الزمن الحقيقي. "يمكن أن تتحول شاشتك إلى بوابة تنقلك إلى عالم خيالي لا يتطلب كتابة أي سطر من الرموز البرمجية، ويمكن تغييره آنياً. وهذا ما نسعى فعلياً إلى تحقيقه"، على حد قول المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة ديكارت، دين ليترسدورف، الذي أعلن ذلك مؤخراً.

يجري توليد هذه النسخة من ماينكرافت في الزمن الحقيقي، بالاعتماد على تقنية معروفة باسم "التنبؤ باللقطة التالية" (next-frame prediction). وقد حقق المصممون هذا من خلال تدريب نموذجهم أواسيس (Oasis) على ملايين من ساعات اللعب بلعبة ماينكرافت، وتسجيلات الأفعال المقابلة التي ينفذها اللاعب ضمن اللعبة. الذكاء الاصطناعي قادر على إعادة تشكيل الخصائص الفيزيائية والبيئات وضوابط التحكم في لعبة ماينكرافت بالاعتماد على هذه البيانات وحدها.

تعترف الشركتان بأن نسختهما من لعبة ماينكرافت ما زالت غير مثالية، فدقة العرض منخفضة للغاية، كما أن فترة اللعب الممكنة لا تتجاوز دقيقة واحدة، وهي عرضة للهلوسات المماثلة لما وصفناه أعلاه. لكن الشركتين تعتقدان أن إجراء ابتكارات جديدة على تصميم الرقاقات الإلكترونية، مع إضافة تحسينات في أسلوب العمل، ستسمح بتطوير نسخة عالية الدقة من ماينكرافت، أو أي لعبة فعلياً.

التحكم في مكونات اللعبة

مصدر الصورة: ديكارت وإتشد

"ماذا لو كان بوسع المستخدم أن يقول: ’أضف حيواناً خرافياً طائراً هنا‘؟ لا يتطلب الأمر سوى التحدث إلى النموذج، حرفياً. أو قول: ’حوّل كل شيء هنا بحيث يظهر كأنه في العصور الوسطى‘، وسيتحول كل شيء كأنه ينتمي إلى العصور الوسطى، على الفور. أو قول: ’حوّل كل شيء ليكتسب طابع أفلام حرب الكواكب، وسيصبح كل شيء كأنه من عالم ستار وورز‘"، على حد قول ليترسدورف.

تمثل المكونات المادية أحد أكبر العوائق حالياً. تعتمد الشركتان حالياً على بطاقات من شركة إنفيديا (Nvidia) للنسخة التجريبية الحالية، لكنهما تخططان لاستخدام بطاقات سوهو (Sohu) في المستقبل، وهي بطاقات جديدة تعمل إتشد على تطويرها، وتزعم أنها ستحسن الأداء 10 أضعاف. سيؤدي هذا التحسين إلى تخفيض كبير في التكلفة والطاقة اللازمتين لإنتاج فيديو تفاعلي في الزمن الحقيقي. وسيسمح لديكارت وإتشد بصنع نسخة أفضل من النسخة التجريبية الحالية، بحيث تعمل اللعبة وقتاً أطول، وبمستوى أقل من الهلوسة، وبدقة أعلى. تقول الشركتان إن الرقاقة الجديدة ستسمح أيضاً لأكثر من لاعب باستخدام النموذج في الوقت نفسه.

يقول أستاذ الهندسة الكهربائية وهندسة الكمبيوتر في كلية تاندون في جامعة نيويورك، سيدهارث غارغ، الذي لا علاقة له بإتشد أو ديكارت: "تتمتع الرقاقات المخصصة للذكاء الاصطناعي بالقدرة على تحقيق مكاسب كبيرة في الأداء وفاعلية استهلاك الطاقة".

اقرأ أيضاً: شاهد فيديو مستقبلياً عن الألعاب الأولمبية يكشف ملامح تطور الذكاء الاصطناعي

من توليد الألعاب إلى توليد الأطباء والمدرسين

تقول إتشد إن مكاسبها ناجمة عن تصميم بطاقاتها خصيصاً لتطوير الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، تستخدم الرقاقة نواة واحدة، بحيث يصبح من الممكن معالجة العمليات الرياضية المعقدة بفاعلية أعلى، على حد قول الشركة. تركز الرقاقة أيضاً على الاستدلال (حيث يجري الذكاء الاصطناعي التنبؤات) على نحو يفوق التدريب (حيث يتعلم الذكاء الاصطناعي من البيانات).

يقول المؤسس المشارك ومدير العمليات التشغيلية في إتشد، روبرت ووتشن: "نحن نعمل على بناء شيء أكثر تخصصاً بكثير من كل الرقائق الموجودة في الأسواق حالياً". تخطط الشركتان لتنفيذ مشاريع على البطاقة الجديدة العام المقبل. وستبقى مزاعم إتشد مجرد مزاعم وحسب حتى تدخل الرقاقة حيز الاستخدام أو حتى يجري التحقق من قدراتها. ونظراً لمستوى تخصص الذكاء الاصطناعي الموجود حالياً في أهم وحدات المعالجة الرسومية في الأسواق، فإن غارغ "متشكك للغاية في إمكانية تحقيق تحسينات تبلغ 10 أضعاف الموجودة حالياً من خلال تصميم أذكى أو أكثر تخصصاً وحسب".

لكن الشركتين طموحتان للغاية. فهما تعتقدان أنهما ستتمكنان من توليد أطباء أو مدرسين افتراضيين في الزمن الحقيقي إذا كانت مكاسب الفاعلية قريبة من مستوى مزاعم إتشد. "سنحقق كل هذا في المستقبل، وستكون هذه الإنجازات ناتجة عن بنية أفضل ومكونات مادية أفضل لتشغيلها. وهذا ما نحاول دفع الناس إلى إدراكه من خلال هذا الإثبات للمفهوم"، على حد قول ووتشن.

أما حالياً، فيمكنك أن تجرب النسخة التجريبية للشركتين من لعبة ماينكرافت هنا.

المحتوى محمي