ما هي المزارع الشمسية العائمة؟ مشاريع تجريبية في الإمارات والمغرب

منذ الستينيات، أصبحنا نرى ألواح الطاقة الشمسية في أماكن مختلفة، مثل أسطح المنازل والصحارى. وخلال العقد الماضي، ظهر نوع جديد من المزارع الشمسية التي يتم إنشاؤها على المسطحات المائية الكبيرة مثل البحيرات والبحار والمحيطات.

تُعرف هذه المزارع باسم المزارع الشمسية العائمة (Floating solar farms)، وتزيد تكلفة إنشائها بنحو 10-15% على المزارع الشمسية العادية المقامة على اليابسة. هذه التكلفة الإضافية توفر مزايا عديدة، فهي لا تشغل أي مساحة على الأرض، وهو أمر مفيد في الأماكن المكتظة بالسكان أو المناطق الزراعية، كما أن كفاءتها في توليد الطاقة الكهربائية أعلى بنسبة تصل إلى 16% بسبب تأثير التبريد عن طريق الماء. وإذا تم تركيبها على البحيرات الاصطناعية المقامة خلف السدود، يمكنها تغطية الماء والمساعدة في منع تبخره بتأثير الشمس، وهذا الماء يمكن أن يساعد في توليد المزيد من الطاقة الكهرومائية.

المزارع الشمسية العائمة في العالم

في عام 2021، قدّرت القيمة السوقية لسوق الطاقة الشمسية العائمة في جميع أنحاء العالم بنحو 2.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن تتجاوز 10 مليارات دولار بحلول عام 2030.

في عام 2021، كان هناك أكثر من 300 مزرعة شمسية عائمة في العالم، وتستخدم جميعها من أجل الطفو نفس نوع البلاستيك الذي يستخدم في إنتاج علب الحليب والمنظفات. وهو بلاستيك خفيف الوزن ومتين للغاية وميسور التكلفة ويمكن إعادة تدويره بسهولة، ما يجعله مادة مثالية لهياكل بحاجة إلى الطفو على الماء لفترة طويلة.

في الولايات المتحدة الأميركية، تعمل شركة إن جي آر كلين إنيرجي فينتشرز (NJR Clean Energy Ventures) على بناء مزرعة شمسية عائمة بقدرة 8.9 ميغاوات في ولاية نيوجيرسي، وستكون هذه المزرعة أكبر مزرعة شمسية عائمة في الولايات المتحدة.

مزارع الطاقة الشمسية العائمة في الدول العربية

أنشأت بعض الدول العربية مزارع طاقة شمسية عائمة كنموذج اختبار أو لتوفير المساحة، من بين هذه الدول:

الإمارات العربية المتحدة

في فبراير/ شباط 2020، كشفت الإمارات عن مزرعة للطاقة الشمسية العائمة قبالة ساحل جزيرة نوراي. هذا المشروع التجريبي هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويعتبر بمثابة اختبار مهم لتحديد ما إذا كانت المشاريع الأخرى المماثلة في المنطقة ستمضي قدماً.

يمكن أن تستفيد جزر دبي الاصطناعية بشكلٍ كبير من مزارع الطاقة الشمسية العائمة، حيث ستمكّنها من توليد كهرباء نظيفة لا تطلق انبعاثات ضارة ودون التضحية بمساحات على الجزر لتثبيت ألواح الطاقة الشمسية.

المغرب

في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، دشنت أول محطة للطاقة الشمسية العائمة في شمال إفريقيا، هذه المحطة أقيمت بمدينة سيدي سليمان شمال شرق العاصمة المغربية الرباط.

اختير هذا الحل لما يقدمه من فوائد، مثل توفير المساحة، والأهم من ذلك كله، تقليل تبخر الماء بنسبة 90% من الأسطح التي تتم تغطيتها بالألواح الشمسية، فالمسطحات المائية التي شيدت عليها المزرعة عبارة عن عدة أحواض تتم تعبئتها بالمياه الجوفية المستخرجة من الآبار، وقبل تشييد المزرعة، كان جزء كبير من هذه المياه يتبخر بتأثير الشمس.

هذه التقنية مناسبة جداً لإنتاج الكهرباء بتكلفة منخفضة، فبحسب القائمين على المشروع، فإن تكلفة إنتاج الكهرباء في هذه المزارع أقل بثلاث مرات من الكهرباء العامة.

مراحل إنشاء مزرعة شمسية عائمة

مزرعة شمسية عائمة في ولاية كاليفورنيا الأميركية. مصدر الصورة: ويكيميديا كومنز

يتم إنشاء المزارع الشمسية العائمة عن طريق تركيب الألواح الشمسية على منصات عائمة، ثم توضع هذه المنصات على المسطحات المائية مثل البحيرات والبحار والمحيطات. وفيما يلي مراحل بناء أي مزرعة شمسية عائمة:

بناء المنصة

الخطوة الأولى لإنشاء مزرعة شمسية عائمة هي تصميم المنصة وبناؤها، إذ يجب أن تكون المنصة قادرة على تحمل وزن الألواح الشمسية وأي معدات أخرى سيتم تركيبها عليها. كما يجب أن تكون قادرة على تحمل الرياح والأمواج القوية، بالإضافة إلى أي ظروف بيئية أخرى قد تتعرض لها.

عادة ما تكون المنصة مصنوعة من البلاستيك خفيف الوزن مع مواد متينة مثل الفولاذ أو الألمنيوم، وغالباً ما يتم تثبيتها في قاع الماء باستخدام الكابلات أو السلاسل.

تركيب الألواح الشمسية

بعد إنشاء المنصة، يتم تركيب الألواح الشمسية عليها. عادة ما يتم توصيل الألواح على التسلسل بحيث يمكنها توليد كهرباء أكثر مما لو تم توصيلها على التفرع، ثم يتم توصيلها بمحول يحول التيار المتواصل الذي تنتجه إلى تيار متناوب.

تركيب المعدات الأخرى

بالإضافة إلى الألواح الكهروضوئية، قد يكون من الضروري تركيب معدات أخرى في المزرعة العائمة. مثل أجهزة الاستشعار لمراقبة الظروف البيئية كدرجة الحرارة والرطوبة.

توصيل المزرعة بشبكة الكهرباء العامة

بمجرد تثبيت كل المعدات على المنصة العائمة، يتم توصيلها بشبكة الكهرباء حتى تتمكن المنازل والشركات من الاستفادة منها.

تحقيق المزيد من الكفاءة

هناك عدة طرق لزيادة كمية الطاقة الكهربائية التي تنتجها الألواح الشمسية في المزارع العائمة، أفضل هذه الطرق هي إمالة الألواح لتكون مواجهة للشمس دائماً، هذا الطريق مستوحى من طريقة تتبع أزهار عباد الشمس لحركة الشمس من الشرق إلى الغرب خلال النهار.

تشير البيانات إلى أن تتبع الشمس لن يحدث فرقاً كبيراً في إنتاج الكهرباء بالمزارع القريبة من خط الاستواء، يمكن في هذه المزارع تثبيت الألواح الشمسية بشكل أفقي لتكون مواجهة للشمس طوال اليوم تقريباً.

التأثيرات الإيجابية والسلبية على البيئة

يمكن تلخيص التأثيرات الإيجابية لمزارع الطاقة الشمسية العائمة على البيئة فيما يلي:

لا تشغل مزارع الطاقة الشمسية العائمة مساحة كبيرة من الأرض. هذا يعني أنها توفر طاقة نظيفة مع المحافظة على الموائل الطبيعية للكائنات الحية.
تمتلك المزارع الشمسية العائمة قدرة على تقليل تبخر المياه، وذلك لأن الألواح تعمل كحاجز يحجب أشعة الشمس ويقلل من كمية الحرارة التي يمتصها الماء. يمكن أن يساعد ذلك في تقليل فقدان المياه، وهو أمر مفيد في المناطق المعرضة للجفاف.
يمكن أن تساعد هذه المزارع في تقليل نمو الطحالب في الماء، وذلك لأن الألواح تحجب أشعة الشمس، ما يقلل من كمية الضوء التي تصل إلى الماء، ويمكن أن يساعد ذلك في تقليل كمية العناصر الغذائية المتاحة لنمو الطحالب.

بينما توفر مزارع الطاقة الشمسية العائمة العديد من الفوائد، يمكن أن تكون لها أيضاً تأثيرات سلبية على البيئة، فيما يلي أبرزها:

قد يؤدي إنشاء هذه المزارع إلى اضطراب في النُظم البيئية المائية، مثل موت النباتات والحيوانات المائية بسبب انخفاض كمية الضوء أو تغيّر درجة حرارة الماء.
يمكن أن يكون لها تأثير على جودة المياه نتيجة تقليل كمية ضوء الشمس الذي يصل إلى الماء، حيث تموت بعض النباتات ما يؤثر على كمية الأوكسجين وغاز ثاني أوكسيد الكربون.
يمكن أن يؤثر وجود المزارع الشمسية العائمة على الأحياء في الماء وخارج الماء. فمن خلال منع ضوء الشمس من الوصول، قد تقل كمية الطعام المتاح للأسماك والمخلوقات المائية الأخرى، ويمكن أن يؤدي وجود المزرعة إلى التأثير على هجرة الطيور أو الحيوانات البرية التي تعبر المسطح المائي.

بشكلٍ عام، يمكن الحد من هذه التأثيرات السلبية إذا تم إنشاء المزارع في المسطحات المائية الكبيرة، بحيث تشغل جزءاً صغيراً فقط من المسطح المائي بدلاً من تغطيته بالكامل.