ملخص: سيرش جي بي تي (SearchGPT) هو محرك بحث مدعوم بالذكاء الاصطناعي يجمع بين نقاط القوة الموجودة في محركات البحث التقليدية وقدرات المحادثة المتقدمة التي توفّرها نماذج اللغات الكبيرة، حيث يقدّم إجابات عن استفسارات المستخدم بجمع معلومات في الوقت الفعلي من أنحاء الويب كافة. فبدلاً من عرض قائمة من الروابط للمستخدمين في الواجهة الرئيسية مثل محركات البحث التقليدية، يوفّر سيرش جي بي تي إجابات مباشرة وملخصات ورؤى تستند إلى فهم السياق ونية المستخدم. قد يؤدي ظهور محرك البحث سيرش جي بي تي وطريقة عمله المماثلة لبوت الدردشة تشات جي بي تي وما لاقاه من شعبية، إلى تغيير طريقة بحثنا عن المعلومات عبر الإنترنت، فبدلاً من قضاء ما يقارب 10 دقائق في الحصول على معلومة واحدة من خلال زيارة معظم الروابط التي يظهرها محرك البحث جوجل، سنجد الآن ملخصات سريعة ومباشرة لهذه المعلومات عبر سيرش جي بي تي مدعومة بمصادر موثوقة وواضحة.
أعلنت شركة أوبن أيه آي مؤخراً تطوير محرك بحث مدعوم بالذكاء الاصطناعي التوليدي في تحدٍ صريح لشركة جوجل التي يهيمن منتجها على سوق محركات البحث بصورة شبه مطلقة، بحصة سوقية تصل إلى 90% بفارق كبير عن أقرب منافسيه محرك البحث بينغ التابع لشركة مايكروسوفت.
محرك البحث الجديد التابع لشركة الذكاء الاصطناعي الناشئة يُسمَّى سيرش جي بي تي (SearchGPT)، وهو حالياً في المرحلة التجريبية ومفتوح لقلة مختارة من المستخدمين. يهدف بحسب إعلان الشركة إلى تزويد المستخدمين بإجابات سريعة ودقيقة، ولكنه أيضاً يُعدّ بمثابة تحدٍ مباشر لشركة جوجل.
فماذا نعرف عن محرك البحث الجديد الذي تنوي شركة أوبن أيه آي إطلاقه؟ وكيف يعمل وهل سيشكّل تهديداً لمحرك بحث جوجل؟ والسؤال الأهم: كيف سترد شركة جوجل على هذا التحدي والمنافسة المحتملة القادمة في سوق تسيطر عليه بشكلٍ شبه كامل؟
ما هو سيرش جي بي تي (SearchGPT)؟ وما هي مزاياه؟
سيرش جي بي تي (SearchGPT) هو محرك بحث مدعوم بالذكاء الاصطناعي يجمع بين نقاط القوة الموجودة في محركات البحث التقليدية وقدرات المحادثة المتقدمة التي توفّرها نماذج اللغات الكبيرة، حيث يقدّم إجابات عن استفسارات المستخدم باستخدام معلومات يجمعها في الوقت الفعلي من أنحاء الويب كافة.
اقرأ أيضاً: ما هو الذكاء الاصطناعي المنطقي الذي تعمل عليه أوبن أيه آي؟
فبدلاً من عرض قائمة من الروابط للمستخدمين في الواجهة الرئيسية مثل محركات البحث التقليدية، يوفّر سيرش جي بيتي إجابات مباشرة وملخصات ورؤى تستند إلى فهم السياق ونية المستخدم، وبحسب الشركة يوفّر محرك البحث المزايا الرئيسية التالية:
إجابات مباشرة لعملية البحث
يوفّر سيرش جي بي تي إجابات مباشرة عن استفسارات المستخدم بدلاً من مجرد تقديم قائمة بالروابط كما هو معمول به الآن في محركات البحث الأخرى. على سبيل المثال، إذا سألت سيرش جي بي تي سؤال: "ما هي أفضل الهواتف الذكية التي صدرت عام 2024"، سيقدّم المحرك ملخص إجابة يحتوي على أبرز الهواتف الذكية التي تصدرها كبرى شركات تصنيع الهواتف الذكية، مع تسليط الضوء على نقاط القوة والضعف للهواتف بناءً على مراجعات الخبراء وتعليقات المستخدمين، وهو ما يتناقض مع طريقة عمل محركات البحث الحالية التي تقدّم قائمة بالروابط تؤدي بدورها إلى مقالات ويب أو مقاطع فيديو يوتيوب.
تضمين روابط المصادر ذات الصلة
ترافق إجابات سيرش جي بي تي اقتباسات وروابط واضحة لمصادر المعلومات التي قُدمت لضمان الشفافية والدقة، ما يُتيح للمستخدمين التحقق بسهولة من المعلومات مباشرة واستكشاف الموضوع بشكلٍ أكبر.
أسئلة المتابعة
يُتيح سيرش جي بي تي للمستخدمين الدخول في حوار معه، وهذا يعني أنه يمكن طرح أسئلة متابعة أو تحسين سؤال البحث الأولي بناءً على الردود التي يتلقاها المستخدم، ما من شأنه أن يُنشئ تجربة بحث أكثر تفاعلية وتخصصاً.
اقرأ أيضاً: أوبن إيه آي تعلن تطويرها نموذجاً يصل إلى مستوى الذكاء الاصطناعي العام
كيف يعمل محرك البحث سيرش جي بي تي؟
حتى الآن لم تذكر شركة أوبن أيه آي بوضوح التفاصيل الدقيقة لكيفية عمل محرك البحث سيرش جي بي تي، ومع ذلك يرى الكثير من الخبراء أن محرك البحث ربما يستخدم تكنولوجيا الجيل المعزز بالاسترجاع (Retrieval Augmented Generation، اختصاراً أيه آر جي ARG)، وهو نهج شائع تستخدمه محركات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي الأخرى بما في ذلك بيربلكسبي (Perplexity) وحتى جوجل نفسها عبر نموذجها جيميناي.
حيث صُممت تكنولوجيا أيه آر جي لتقليل احتمالية حدوث هلوسة في الاستجابات عبر دمج المعلومات من قاعدة بيانات متوفرة مسبقاً عند رد محرك البحث المدعوم بنموذج اللغة الكبير على الاستفسارات لتعزيز الدقة، من خلال تحويل النموذج استعلام البحث إلى تضمينات رقمية تلتقط معناه، وبحثه في قاعدة بيانات تحتوي على مصادر معلومات موثوقة.
وفي حالة محرك البحث سيرش جي بي تي، من المتوقع أن يوفّر فهرس الويب على الأرجح بواسطة محرك البحث بينغ استناداً إلى شراكة شركة أوبن أيه آي مع شركة مايكروسوفت، ومن ثَمَّ من خلال استرداد المحتوى الأكثر صلة، يمكن لمحرك البحث سيرش جي بي تي إنشاء استجابات دقيقة في أثناء الارتباط مرة أخرى بمحتوى الويب الأصلي، ما يضمن الشفافية والموثوقية، بينما تعمل المصادر سياقاً إضافياً لنموذج اللغة للإجابة بدقة على استعلام المستخدم.
بم يختلف محرك البحث سيرش جي بي تي عن محرك بحث جوجل؟
نسبةً لواجهة المستخدم التي يقدّمها سيرش جي بي تي، فقد بدأ الكثيرون بالتحدث عن أنه قد يكون أكبر منافس لمحرك البحث جوجل، وهذا يعود بشكلٍ أساسي إلى العديد من الاختلافات بينهما في كيفية إجراء عمليات البحث، وهي:
- البحث القائم على الدردشة: يستخدم سيرش جي بي تي واجهة محادثة، ما يُتيح للمستخدمين طرح الأسئلة بلغة طبيعية وتحسينها من خلال أسئلة المتابعة، وقد يخلق ذلك تجربة بحث أكثر ديناميكية وتفاعلية، بدلاً من الطريقة التي يتبعها محرك بحث جوجل المستندة إلى الكلمات الرئيسية، حيث يدخل المستخدم مصطلحات البحث وسيتلقى قائمة بمواقع الويب التي تحتوي على الكلمات ذات الصلة.
- الإجابات المباشرة: أهم ما يُميّز سيرش جي بي تي هو قدرته على تقديم إجابات مباشرة عن الأسئلة من خلال تلخيص المعلومات من مصادر متعددة والاستشهاد بها بوضوح، ما يسهّل على المستخدم الحصول على المعلومات التي يحتاج إليها بسرعة وسهولة، بينما يقدّم محرك بحث جوجل إجابات على شكل قائمة بالروابط إلى مواقع الويب، ما يترك للمستخدم مهمة التدقيق في النتائج والعثور على المعلومات بنفسه.
- الوضوح في تقديم الإجابات: يستخدم سيرش جي بي تي نموذجَ لغة كبيراً لفهم الهدف من سؤال المستخدم، ما يُتيح تقديم نتائج أكثر صلة بالسياق حتى إذا لم تتم صياغة السؤال بشكلٍ مثالي أو أُدخلت مصطلحات غامضة، بينما آلية عمل محرك بحث جوجل الأساسية هي مطابقة الكلمات الرئيسية والتي يمكن أن تؤدي في بعض الأحيان إلى نتائج غير ذات صلة أو أقل فائدة، خاصة بالنسبة لطلبات البحث المعقدة أو الدقيقة.
- السياق الديناميكي: يحافظ سيرش جي بي تي على سياق البحث عبر تفاعلات متعددة، ما يسمح للمستخدم بالبناء على الأسئلة السابقة وتلقي ردود أكثر تخصيصاً، ما يجعل تجربة البحث تبدو أشبه بمحادثة مع مساعد ذكاء اصطناعي واسع المعرفة، وهو عكس ما يفعله محرك بحث جوجل الذي يتعامل عادة مع كل عملية بحث على أنها استعلام معزول، مع عدم وجود ذاكرة للتفاعلات السابقة.
- المعلومات المحدثة: يهدف محرك البحث سيرش جي بي تي إلى توفير معلومات دقيقة وفي الوقت الفعلي، باستخدام بيانات في الوقت الفعلي من الويب، وهذا يعني أنه من المرجّح أن يحصل المستخدم على أحدث المعلومات حول المواضيع التي يبحث عنها، عكس محرك بحث جوجل الذي يعتمد على الفهرسة الواسعة لصفحات الويب الذي قد يتضمن معلومات قديمة أو أقل جودة.
اقرأ أيضاً: تعرّف إلى قدرات «جي بي تي-4 أو»: النموذج الشامل الذي أطلقته أوبن أيه آي حديثاً
هل سيشكّل محرك البحث سيرش جي بي تي تهديداً لمحرك بحث جوجل؟
بينما يظهر محرك البحث سيرش جي بي تي الذي لم تخبرنا الشركة عن موعد إطلاقه الرسمي حتى الآن على أنه تهديد حقيقي لمحركات البحث التقليدية كلها، وعلى رأسها محرك بحث جوجل، إلّا أن شركة جوجل لديها ريادة كبيرة في سوق محركات البحث بسبب عدة عوامل، بما في ذلك:
- البنية التحتية الراسخة: أنشأت جوجل على مدى عقود فهرساً لا مثيل له لصفحات الويب، ما يوفّر الوصول إلى مستودع ضخم من المعلومات.
- الهيمنة على السوق: عززت هيمنة محرك بحث جوجل طويلة الأمد مكانتها في عادات المستخدم، ما جعلها محرك البحث الافتراضي للكثيرين.
- نظام بيئي قوي: قد يمثّل تكامل محرك بحث جوجل مع منتجات الشركة الأخرى مثل الخرائط ومنصة الفيديو يوتيوب تحدياً للوافدين الجدد لمنافسته.
- ميزات إضافية: تقدّم جوجل مجموعة واسعة من الخدمات مثل الخرائط والأخبار والصور والتسوق والتي تُدمج بسلاسة في تجربة البحث الخاصة بها.
ومع ذلك فإن ظهور محرك البحث سيرش جي بي تي وطريقة عمله المماثلة لبوت الدردشة تشات جي بي تي وما لاقاه من شعبية، قد يعمل على تغيير طريقة بحثنا عن المعلومات عبر الإنترنت؛ فبدلاً من قضاء ما يقارب 10 دقائق للحصول على معلومة واحدة من خلال زيارة معظم الروابط التي يظهرها محرك البحث جوجل، سنجد الآن ملخصات سريعة ومباشرة لهذه المعلومات عبر سيرش جي بي تي مدعومة بمصادر موثوقة وواضحة.
هذا الأمر قد يؤثّر بصورة كبيرة في تجربة المستخدم الذي أصبح أكثر ميلاً للعثور على المعلومات مباشرة بتنسيق سهل، والتي يمكن أن توفّرها نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي. بالإضافة إلى ذلك، تعمل شركة أوبن أيه آي للحصول على بعض الإيرادات من سوق محركات البحث، خاصة وأن الشركة من المتوقع أن تخسر نحو 5 مليارات دولار هذا العام على شكل نفقات، لذا فإن مجرد الحصول على نسبة ولو ضئيلة من إيرادات أعمال بحث جوجل التي بلغت نحو 175 مليار دولار عام 2023 وحده، قد يسمح للشركة الناشئة باسترداد بعض من نفقاتها.
اقرأ أيضاً: كيف سيغيّر الذكاء الاصطناعي التوليدي تجربة البحث على جوجل؟
ومع ذلك من المرجّح أن تسرّع جوجل كعادتها لمواجهة هذا التهديد في ابتكار وإيجاد حلول فعّالة للبقاء في صدارة المنافسة، ومن المتوقع أن تحاول جوجل مطابقة ميزات سيرش جي بي تي بطريقة أو أخرى أو حتى تجاوزها، وعلى وجه التحديد يمكننا أن نتوقع أن تركّز جوجل على توفير اقتباسات وروابط واضحة للمصادر الموثوقة وتحسينها.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لشركة جوجل الاستفادة من مواردها الهائلة في دمج الذكاء الاصطناعي بعمق أكثر في محرك بحثها لتقديم إجابات شاملة من مصادر متنوعة، تتضمن بيانات في الوقت الفعلي للحصول على نتائج محدثة، ونتيجة لذلك من المتوقع أن تؤدي المنافسة القادمة بين الشركتين إلى دفع الابتكار في سوق محركات البحث، ما يفيد في النهاية المستخدمين في الحصول على تجربة بحث أكثر قوة و كفاءة وموثوقية.