ما الذي يجب أن تفعله ولاية كاليفورنيا لإعادة إطلاق اقتصادها؟

3 دقائق
حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم يناقش حالات الإصابة بكوفيد-19 في ولايته أثناء مؤتمر صحفي عقد مؤخراً.

إن السؤال الحاضر دوماً في أذهان الأميركيين في الوقت الحالي هو: متى نستطيع الخروج من منازلنا مرة أخرى؟

كانت كاليفورنيا إحدى أوائل الولايات التي تحاول الإجابة عن هذا السؤال يوم 14 أبريل؛ حيث وضع الحاكم جافين نيوسوم المعايير الرئيسية التي سيسترشد بها مسؤولو الولاية والمسؤولون المحليون عندما يحددون موعد -أو إمكانية- تخفيف إجراءات البقاء في المنزل التي استدعى وباء كوفيد-19 فرضها.

وينطوي جزء كبير من هذه المعايير على تعزيز قدرة الولاية على مراقبة انتشار المرض وإبطائه، من خلال تركيبة من الاختبارات المكثفة بشكل أكبر وبذل جهود واسعة النطاق لاستقصاء وتتبع الاحتكاكات الحديثة للمصابين بغيرهم من الأشخاص. ويتيح تتبع الاحتكاك هذا لمسؤولي الصحة تحديد الأشخاص المصابين بالمرض والأشخاص الذين نقلوا العدوى إليهم، ومن ثم اتخاذ خطوات لحجرهم صحياً أو عزلهم عن باقي السكان.

تشمل "المؤشرات" الخمسة الأخرى التي حددتها الولاية لتعديل قواعد البقاء في المنزل ما يلي:

  • ضمان قدرة المستشفيات على التعامل مع ارتفاعات إضافية في عدد الإصابات بكوفيد-19.
  • اتخاذ إجراءات وقائية لمنع انتشار العدوى بين الفئات الأكثر عرضة للخطر، مثل السكان المسنين في دور الرعاية.
  • إلزام المدارس ومرافق رعاية الأطفال والشركات بضمان الحفاظ على مسافات آمنة بين الطلاب والموظفين والزبائن.
  • إنشاء أنظمة لتطوير وتقديم العلاجات اللازمة.
  • وضع خطوط عريضة واضحة بشأن متى ينبغي على المناطق التي تخفف الإجراءات الصارمة أن تعود إلى فرضها من جديد.

وعلى الرغم من أن نيوسوم لم يبين مقاييسَ معينة لتحقيق معظم هذه المؤشرات خلال مؤتمره الصحفي يوم 14 أبريل، لكنه قال بالفعل إنه سيتوجب على الولاية أن تبني فريق تتبع احتكاكات يتألف من آلاف الأشخاص، وسيتم تشكيله بالاعتماد جزئياً على المنظمات التطوعية مثل أميركا كوربز AmericaCorps وكال فولنتيرز Cal Volunteers.

وأضاف مارك جالي، أمين وكالة الخدمات الصحية والبشرية بولاية كاليفورنيا، أنه ينبغي أن تكون الولاية قادرة على إجراء عشرات الآلاف من الاختبارات يومياً لمن يُحتمل أن يكونوا مصابين -وهو الهدف الذي قد تحققه الولاية في غضون "الأسبوعين المقبلين"- وينبغي في نفس الوقت تكثيف اختبارات الأجسام المضادة التي تكشف عما إذا كان الأشخاص قد أصيبوا سابقاً بالفيروس أم لا.

وفي حين شدد نيوسوم على أنه من السابق لأوانه تحديد موعد لإنهاء قواعد العزل المنزلي، لكنه قال إنه إذا انخفضت الحاجة إلى نقل المرضى إلى المستشفيات وإدخالهم إلى العناية المركزة خلال الأسبوعين المقبلين، وإذا تم تطبيق التدابير المذكورة أعلاه على نطاق واسع، فقد يتمكن من تناول هذا السؤال بحلول بداية مايو.

وأضاف نيوسوم: "دعونا لا نرتكب خطأ تخفيف القيود في وقت مبكر جداً، لا أريد اتخاذ قرار سياسي يعرض حياة الناس للخطر".

وشدد أيضاً على أن المسؤولين المحليين سينخرطون بشكل كبير في اتخاذ هذه القرارات على مستوى المدينة والمقاطعة.

لقد كانت كاليفورنيا سباقة على مستوى البلاد في اتخاذ إجراءات مبكرة وصارمة لإبطاء تفشي المرض، بالإضافة إلى إصدار تشريعات العزل المنزلي في 19 مارس. ويبدو أن هذه الجهود قد نجحت في تسطيح منحنى المرض، مما أهَّل الولاية حتى تكون من بين أولى الولايات الأميركية التي تفكر في تخفيف القيود بشكل جزئي. وقد تؤثر إرشادات ولاية كاليفورنيا على مناطق أخرى، مع مراعاة خططها الخاصة لتخفيف القيود.

ففي 13 أبريل، أعلن نيوسوم وحكام ولايتي أوريجون وواشنطن عن تشكيل ميثاق الولايات الغربية، الذي اتفقوا من خلاله على العمل "بتنسيق وتعاون وثيق لضمان عدم قدرة الفيروس على الانتشار بشكل كبير في مجتمعاتنا". وعلى نفس المنوال، وافق حكام الساحل الشرقي لولايات كونيتيكت وديلاوير وماساتشوستس ونيوجيرسي ونيويورك وبنسلفانيا ورود آيلاند على تشكيل لجنة مشتركة من الخبراء والمسؤولين لقيادة عملية اتخاذ القرارات بشأن تخفيف القيود.

كان لابدّ للولايات أن تأخذ زمام المبادرة في إدارة الاستجابات العامة طوال فترة تفشي الوباء، ابتداء من تعزيز قدرات الاختبار ووصولاً إلى تأمين المعدات الطبية اللازمة، وسط الفشل الفيدرالي المتتالي. وقد ردَّ الرئيس ترامب، المتحمس لإطلاق الاقتصاد في أقرب وقت ممكن، في تصريحات للصحافيين وعلى تويتر يوم 13 أبريل بأن سلطة اتخاذ هذا النوع من القرارات تعود إليه وليس إلى حكام الولايات، مما يُنبئ بنشوب معارك سياسية محتملة في الأشهر المقبلة.

رفض نيوسوم الردَّ على تصريحات ترامب عندما سأله أحد الصحفيين، واكتفى بالقول: "نريد فقط إنجاز عملنا".

تتماشى إرشادات كاليفورنيا مع التوصيات التي اقترحها خبراء الصحة الآخرون مؤخراً؛ حيث إن منظمة العزم على إنقاذ الأرواح -وهي منظمة توعية بالصحة العامة تمولها مؤسسة جيتس، ومبادرة تشان زوكربيرج، ومؤسسات خيرية أخرى- قد قالت مؤخراً إنه يجب على المناطق التفكير في تخفيف التدابير فقط عندما -من بين أمور أخرى- تنخفض حالات الإصابة والوفاة بفيروس كورونا لمدة 14 يوماً على الأقل، وعندما تتوافر لدى نظام الرعاية الصحية في المنطقة القدرة على التعامل مع أي تضاعف مفاجئ في أعداد الإصابات، بما في ذلك المعدات الوقائية اللازمة والكادر الطبي والأسِرَّة والأجهزة الطبية.

كما ردد نيوسوم ما قاله خبراء الصحة في التأكيد على ضرورة متابعة الأشخاص والشركات في تطبيق تدابير الابتعاد الاجتماعي حتى بعد رفع إجراءات البقاء في المنزل. وقال إن المطاعم قد تحتاج إلى خفض أعداد طاولاتها إلى النصف، وقياس درجات حرارة زبائنها عند الباب، وإلزام طاقم العمل بارتداء أقنعة وقفازات.

بينما قال آخرون إنه ينبغي على الفئات الضعيفة بشكل خاص مواصلة عزل نفسها، وأنه يجب على الجميع ارتداء الأقنعة والبقاء على بعد يقارب المترين عن الآخرين عندما يغادرون المنزل. في الواقع، وفقاً لبحث علمي صدر يوم 14 أبريل، قد يكون "التباعد الاجتماعي المطوَّل أو المتقطع" ضرورياً حتى عام 2022، من أجل تجنب إغراق المستشفيات بحالات الإصابة بكوفيد-19.

وشدد نيوسوم على ضرورة بقاء المناطق على أهبة الاستعداد لالتقاط الإشارات المبكرة على اندلاع تفشيات لاحقة للفيروس، وجاهزة لإعادة فرض إجراءات أكثر صرامة بسرعة عند الحاجة إليها، وقال "لن تعود الحياة إلى طبيعتها حتى نصل إلى مرحلة المناعة الجماعية أو نحصل على اللقاح".

المحتوى محمي