ما هي مضاعفات كورونا على المدى الطويل؟

3 دقائق

على الرغم من التزايد المستمر في أعداد المتعافين من مرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا، إلا أن العديد من المراكز الصحية العالمية والأطباء يشيرون إلى إمكانية وجود مضاعفات للإصابة بفيروس كورونا وتأثيرات صحية حتى بعد ثبوت الشفاء منه باختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل بي سي آر.

يسود الاعتقاد أن أغلب المصابين بكوفيد-19 يتعافون بعد أيام. غير أن بعضاً ممن أصيبوا بالفيروس ما زالوا يعانون من أعراض مثل ضيق التنفس والتعب وغيرها بعد أشهر من الإصابة به، وهو ما أطلق عليه الباحثون اسم “كوفيد طويل الأمد”. وقد تنامى اهتمام المجتمع الطبي مؤخراً بهذا الأمر حتى أن الدكتور تيدروس أدهانوم غبريسيس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، قال منذ يومين: “بالنسبة لعدد لا بأس به من الأشخاص فإن هذا الفيروس يتسبب في مجموعة من التأثيرات الخطيرة طويلة الأمد”.

كوفيد طويل الأمد

في دراسة منشورة في مجلة الجمعية الطبية الأميركية (JAMA) في يوليو الماضي، قام الباحثون بمتابعة حالة 143 مصاباً بكوفيد-19 بعد خروجهم من أحد مستشفيات روما. وقد تراوحت أعمار المرضى بين 19 و84 عاماً و37% منهم نساء. وتوصلت الدراسة إلى أن 87% منهم كانوا ما زالوا يعانون من أحد أعراض كوفيد-19 على الأقل بعد شهرين من مغادرتهم المستشفى، و53% منهم ما زال يشعر بالإنهاك، و43% يعاني من ضيق التنفس، و27% من ألم المفاصل و22% من ألم في الصدر.

لا يدخل العديد من المصابين بكوفيد طويل الأمد المستشفى بسبب عدم بلوغ المرض مستويات عالية من الخطورة، لكن أعراضه تستمر لأسابيع أو لأشهر. ووفقاً لدراسة أجراها باحثون من جامعة كينجز كوليدج لندن بناء على بيانات تطبيق تتبع أعراض كوفيد في المملكة المتحدة، فإنه من المرجح أن يعاني 1 من كل 20 شخص من أعراض مستدامة لكوفيد-19 تستمر لفترة تزيد عن 8 أسابيع. كما وجدت دراسة أخرى من المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها أن 35% من المرضى المشاركين في الدراسة -البالغ عددهم 270 والذين لم يدخلوا المستشفى- لم يعودوا إلى حالتهم الصحية الطبيعية بعد أسبوعين من إصابتهم بكوفيد-19. وكان بعضهم ما زال يعاني من السعال (43%) أو التعب (35%) أو صعوبة التنفس (29%).

أهم التأثيرات بعيدة المدى للإصابة بكوفيد-19

تقول منظمة الصحة العالمية إن أهم أعراض كوفيد-19 التي تستمر لفترة طويلة تتمثل في التعب، والسعال، وضيق التنفس، وفقدان حاستي الشم والتذوق، وآلام في الرأس، والإسهال، وآلام في الصدر، وصعوبة التركيز. كما أشار تقرير حديث أعده المعهد الوطني البريطاني لأبحاث الصحة إلى استمرار معاناة بعض المصابين من اضطرابات في الدماغ والرئتين، والقلب والأمعاء، والكبد والبشرة، وأعضاء أخرى. كما أوضح التقرير أن مجموعة من المصابين تعاني من تغير في الأعراض طويلة الأمد لتنتقل من جهاز في الجسم إلى جهاز آخر.

ووفقاً للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، قد يسبب كوفيد-19 التهاباً وتلفاً في عضلة القلب، والمعروف باسم التهاب عضلة القلب، أو التهاب غشاء القلب، والمعروف باسم التهاب التامور. وتشير إلى أن تضرر عضلة القلب قد يكون أحد أهم أسباب المرض الشديد والوفاة عند الإصابة بفيروس كورونا، خاصة عند كبار السن المصابين بمرض آخر. وقد يفسر تلف القلب بعض الأعراض طويلة المدى التي يتم الإبلاغ عنها بشكل متكرر مثل ضيق التنفس وألم الصدر.

كما قام باحثون في النمسا بدراسة صور مقطعية محوسبة لرئتي مرضى كوفيد-19، ووجدوا أن 88% منهم كانوا يعانون من تلف في أنسجة الرئتين بعد 6 أسابيع من مغادرتهم المستشفى. لكن هذه النسبة انخفضت إلى 56% بعد 12 أسبوعاً؛ ما يعطي تفاؤلاً بأن الرئتين تتمتعان بالقدرة على الإصلاح الذاتي وربما الوصول إلى التعافي التام بعد ما يكفي من الوقت.

إن كوفيد طويل الأمد يؤكد الحاجة إلى تكثيف الدراسات واستثمار المزيد من الجهد لفهم هذا المرض بشكل أعمق واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة مضاعفاته وتأثيراته على المدى الطويل سواء على المرضى أو على أنظمة الرعاية الصحية. وكما دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في تغريدة له يوم 30 أكتوبر: “ينبغي على الحكومات الانتباه إلى مسألة التأثيرات طويلة الامد لهذا الفيروس والعمل على ضمان وصول مرضى كوفيد طويل الأمد إلى الخدمات الصحية المناسبة”.