ما الدافع وراء قرار فرنسا بالعودة إلى استخدام الطاقة النووية؟

2 دقائق
محطة فلامنفيل النووية التابعة لإي دي إف.

بعد سنوات من تراجعها عن استخدام الطاقة النووية، قرّرت فرنسا بناء ستَّ مفاعلات ضخمة بشكل مفاجئ.

فقد أشار تقرير نشرته صحيفة لوموند قبل أسبوعين إلى طَلَب الحكومة الفرنسية من شركة إي دي إف -وهي شركة الطاقة الرئيسية التابعة للدولة- إعدادَ خططٍ لبناء ثلاث محطات نووية جديدة تمتلك كل منها زوجاً من المفاعل النووي الأوروبي المضغوط (اختصاراً: إي بي آر)؛ حيث سيولّد التصميم الجديد من الجيل الثالث طاقة كهربائية كافية لإمداد 1.5 مليون شخص بالكهرباء، كما سيتمتّع بقدرته على الإيقاف التلقائي والتبريد في حالة وقوع حادث ما.

ولم تطرأ أي تطورات فعلية -أو تمويل- لهذا المشروع حتى الآن، كما لم يقلِّل هذا من تفاجؤ خبراء الطاقة بهذا الخبر الذي أشار إلى تغيير فرنسا لموقفها تجاه الطاقة النووية، على الرغم من أن بعض المحاولات المبكرة لبناء نفس النمط من مفاعلات الماء المضغوط قد واجهت بعض العقبات مثل زيادة التكلفة المتوقعة وتأجيل تاريخ الإنجاز.

وكانت فرنسا قد اعتادت على إنتاج أكثر من 70% من طاقتها الكهربائية باستخدام الطاقة النووية، حيث امتلَكَت أعلى نسبة بين جميع دول العالم. وقد تغيّر ذلك بعد كارثة فوكوشيما النووية عام 2011 في اليابان.

وبعد تلك الحادثة، ركّزت الجهات التنظيمية النووية الفرنسية على رفع مستوى الأمان للمحطات النووية القائمة، وبدأت الحكومة في عام 2015 تعمل على خفض نسبة الطاقة النووية المسؤولة عن إنتاج الطاقة الكهربائية إلى 50% بحلول عام 2025 (ثم أجّلت هذا التاريخ إلى 2035).

كما واجهت الصناعات النووية صعوبات مختلفة في السنوات الأخيرة؛ وذلك بسبب ازدياد المخاوف المتعلقة بالسلامة وفشل بعض المشاريع الكبرى المتعلقة بالطاقة النووية، بالإضافة إلى ازدياد استخدام الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة في توليد الكهرباء.

إذن فما مخططات فرنسا الآن؟
تقول جيسيكا لوفرنج، الباحثة النووية في جامعة كارنيجي ميلون، إن فرنسا تعتزم إغلاق حوالي 15 مفاعلاً قديماً قبل عام 2030. لذا فإن بناء 6 مفاعلات جديدة لن يؤدي إلى زيادة حصة الكهرباء التي تنتجها المحطات النووية في جميع أنحاء البلاد بشكل حتميّ، خاصةً أن احتياجات من الكهرباء تزداد أكثر فأكثر كلما مرّت السنوات.

وفي الوقت نفسه، أشار بعض خبراء الطاقة إلى عهد فرنسا في هذا الصيف، الذي تعهدت فيه بإيقاف انبعاثاتها من الكربون بحلول عام 2050، شاملةً للقطاعات الاقتصادية أيضاً؛ مما يعني أنها ستحتاج إلى خفض هذه الانبعاثات في العديد من القطاعات، ابتداءً بقطاع الكهرباء وانتهاءً بقطاع الزراعة والنقل والصناعات الثقيلة. ولهذا السبب، قد يميل المسؤولون إلى المحافظة على وسائل توليد الكهرباء الخالية من هذه الانبعاثات، كما سنستطيع الاستفادة من الحرارة الناجمة عن تفاعلات المحطات النووية في قيادة بعض العمليات الصناعيّة المهمة.

وقد يتفاجأ بعض الأشخاص من خطة فرنسا في استخدام مفاعلات إي بي آر الكبيرة عوضاً عن المفاعلات الصغيرة المركّبة التي قد تخفض التكاليف الأوليّة ومخاطر التطوير بشكل كبير.

وفي المقابل، أشارت لوفرنج وخبراء آخرون إلى تحسّن التصميم وتطوّر الخبرة وسلاسل التوريد مقارنةً بمفاعل إي بي آر الأول، الذي سيؤدي إلى خفض التكاليف وتقليل الوقت الذي سيستغرقه تطوير المفاعلات اللاحقة.

كما أضافت: "أعتقد أنهم يحاولون التعلم من إخفاقات التصميم الأول وتحسين الجيل الجديد، وذلك عوضاً عن البدء من الصفر بتصميمٍ جديد".

المحتوى محمي