هل تفوقت الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي على منافسيها؟ حالة جوجل ومايكروسوفت

5 دقائق
هل تفوقت الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي على منافسيها؟ حالة جوجل ومايكروسوفت
حقوق الصورة: shutterstock.com/Deemerwha studio

لدى شركات التكنولوجيا في وادي السيليكون استراتيجيات مختلفة للتفوق على منافسيها وفي بعض الأحيان سحقهم تماماً، ومن ضمن الاستراتيجيات التقليدية المعروفة هي أن التحرك بالسرعة الكافية غالباً ما ستكون نتيجته ضمان حصة كبيرة من السوق مستقبلاً.

وهذا ما فعلته شركة مايكروسوفت، التي كانت من أوائل شركات وادي السيليكون التي تستثمر في شركة أوبن أيه آي التي تقف وراء تطوير بوت الدردشة تشات جي بي تي الذي أُطلق في أواخر العام الماضي، ولم تنتظر مايكروسوفت طويلاً بل دمجت مباشرة بوت الدردشة في منتجاتها المختلفة، وعلى رأسها منتجها الأبرز محرك البحث بينغ (Bing).

وهذا ما أدّى إلى تفوق أسهمها في النصف الأول من هذا العام على أداء شركة ألفابت المالكة لمحرك البحث جوجل، المنافس الأبرز لها. وعلى الرغم من أن جوجل تستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي منذ فترة طويلة في منتجاتها المختلفة، فإن مايكروسوفت في موقف قوي يؤهّلها للتفوق عليها في السنوات القادمة، أو الأقل اللحاق بها وتقليل الفجوة بشكلٍ كبير، سواء في سوق محركات البحث أو تطبيقات المستهلك المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

حيث إن نقطة تفوقها تكمن في أن غالبية أرباحها الحالية تأتي من بيع البرامج والخدمات السحابية للأفراد والشركات التي تميلُ إلى الدفع مبكراً مقابل التكنولوجيا التي يمكن أن تساعد على أتمتة كل شيء، بدءاً من البرمجة إلى تحليل جداول البيانات وإنشاء العروض التقديمية.

على سبيل المثال، ذكرت الشركة مؤخراً أن أكثر من مليون مستخدم و37000 مؤسسة حول العالم تدفع فعلاً مقابل استخدام الإصدار المدفوع من أداة كوبايلوت (CoPilot)، المدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وقد يقفز هذا الرقم بشكلٍ ملحوظ حين تصبح الأداة متاحة عموماً لمستخدمي مجموعة برامج مايكروسوفت 365 الشهر المقبل.

اقرأ أيضاً: مايكروسوفت تحذّر من استمرار احتكار جوجل للبحث و«فيزا» تستثمر في الذكاء الاصطناعي التوليدي

تحرك مايكروسوفت الكبير نحو الذكاء الاصطناعي بدأ يؤتي ثماره بالفعل

وفقاً للتقارير المالية للربع الثالث عام 2023، تجاوزت الشركتان الأرباح والإيرادات المتوقعة، ويأتي ذلك بسبب اهتمام الشركتين المتزايد بالذكاء الاصطناعي، حيث قفزت أسهم ألفابت بنسبة 57% ومايكروسوفت بنسبة 38%، ما يجعل رأس مالهما 1.76 تريليون دولار و2.46 تريليون دولار على التوالي.

ولكن تفوقت شركة مايكروسوفت بصورة واضحة في إيرادات الأعمال السحابية، حيث سجّلت وحدة السحابة التابعة لها مايكروسوفت آزور (Microsoft Azure) مبيعات بلغت 16.7 مليار دولار في الربع الثالث، بنسبة نمو 29%، بينما سجّلت وحدة السحابة التابعة لشركة جوجل (Google Cloud) مبيعات بلغت 8.4 مليار دولار بنسبة نمو 23%، ما يشكّل وفقاً للمحللين أبطأ نمو للوحدة منذ الربع الأول من عام 2021.

وقد أدّت الأرباح التي حققتها شركة مايكروسوفت إلى ارتفاع سهمها بنسبة 4% بعد نشر التقرير، ومع الاستثمار المكثّف في الذكاء الاصطناعي من المتوقع أن تُضيف الشركة بحسب المحللين نحو 100 مليار دولار إلى قيمتها السوقية بحلول عام 2027.

اقرأ أيضاً: مايكروسوفت توظف الذكاء الاصطناعي للاستفادة من البعوض في مكافحة الأمراض

ومن المرجّح أن تُثير هذه النتائج الجدل من جديد حول الشركة التي هي في وضع أفضل للاستفادة من الاهتمام المتزايد بالذكاء الاصطناعي التوليدي، وتبدو شركة مايكروسوفت أكثر استعداداً للمراهنة بكل ما لديها، حيث تمثّل استثمارها الكثيف في شركة أوبن أيه آي أول خطواتها في السير على هذا الطريق بكل قوة.

بينما أصبحت شركة ألفابت، وبعد أن كانت في موقف قوة وتقود السباق في استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تحاول بكل قوتها للحاق بالركب، ونجد هذا التنافس يظهر بصورة واضحة في سوق محركات البحث، حيث لا يزال بوت الدردشة الخاص بشركة جوجل أقل فائدة من منافسيه، فردوده أقل طلاقة وإبداعاً، وتفشل في إظهار مصادر بيانات موثوقة.

وقد بدأ اندفاع شركة مايكروسوفت لإدماج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي في منتجاتها المختلفة يأتي بنتيجة واضحة، حيث ارتفعت نسبة استخدام محرك البحث بينغ (Bing) منذ إقرانه ببوت الدردشة تشات جي بي تي بشكلٍ ملحوظ وصل إلى 9.19% في منتصف هذا العام 2023، بعد أن كان لا يتجاوز 7.2% بنهاية عام 2021.

اقرأ أيضاً: الإمارات تُطلق دليل استخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي

الذكاء الاصطناعي يقلب عالم التكنولوجيا رأساً على عقب

لقد بدأ الذكاء الاصطناعي بالفعل لتغيير الموازين في عالم التكنولوجيا، وأصبح بمثابة تغيير جذري في قواعد اللعبة بالنسبة لشركات التكنولوجيا؛ فوفقاً لتقرير حالة الذكاء الاصطناعي لعام 2023 (The State of AI in 2023) الذي أصدرته شركة الأبحاث ماكنزي (McKinsey)، من المتوقع أن يُضيف الذكاء الاصطناعي قيمة تعادل ما يصل إلى 9% من إيرادات الصناعة العالمية، كما يشير التقرير إلى أن الصناعات القائمة على المعرفة مثل البنوك والأدوية والمنتجات الطبية والتعليم يمكن أن تشهد تأثيرات كبيرة أيضاً.

حيث بدأت الشركات باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بعدة طرق لتحسين الكفاءة وتوفير الوقت وخفض التكاليف، ومع التقدم المستمر أصبح الذكاء الاصطناعي بصورة سريعة مورداً ثميناً للشركات في مختلف الصناعات.

فوفقاً لاستطلاع أجراه موقع فوربس أدفايزر (Forbes Advisor)، وجد أن الشركات تستخدم الذكاء الاصطناعي في مجموعة واسعة من المجالات، وتشمل التطبيقات الأكثر شعبية خدمة العملاء، والأمن السيبراني وإدارة الاحتيال، وإنتاج المحتوى، ودعم العملاء، مستخدمةً بما في ذلك استخدام أفضل بوتات الدردشة.

بالإضافة إلى ذلك، أفصح أكثر من 51% من المستطلَعين عن أنهم يستخدمون أو يخططون لدمج الذكاء الاصطناعي في أعمالهم التجارية، ويعتقد أصحاب الأعمال جميعهم تقريباً أن بوت الدردشة تشات جي بي تي سيساعد أعمالهم، حيث تخطط واحدة من كل ثلاث شركات لاستخدام تشات جي بي تي لكتابة محتوى مواقع الويب.

علاوة على ذلك، كشف الاستطلاع أن ما يصل إلى 61% من أصحاب الشركات يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتحسين رسائل البريد الإلكتروني، بينما تستخدم 55% منها الذكاء الاصطناعي للخدمات المخصصة مثل توصيات المنتجات، وأن 73% من الشركات تستخدم أو تخطط لاستخدام بوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي للمراسلة الفورية.

اقرأ أيضاً: كيف غيّر «تشات جي بي تي» نظرة العالم إلى الذكاء الاصطناعي؟

وبالنظر بشكلٍ أعمق إلى التأثير الثقافي لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وجد الاستطلاع أن الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي أبلغت عن تحسينات عبر أربعة عناصر ثقافية رئيسية، وهي: التعاون، والتعلم الجماعي، ووضوح الأدوار، وارتفاع معنويات الفريق.

هل تفوقت الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي على منافسيها؟

وفقاً لتقرير حديث لشركة الأبحاث أكسنتشر (Accenture)، فإن أكثر من 60% من الشركات حول العالم تجرب فقط تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ما يخلق فرصاً كبيرة لتحقيق القيمة في رحلتها نحو نضوج الذكاء الاصطناعي، وأبرز التقرير أن 12% من الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي تفوقت على منافسيها، بالإضافة إلى أن العديد من الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي قد حصلت بالفعل على ميزة على منافسيها.

ويكشف كتاب "فن نضج الذكاء الاصطناعي: التقدم من الممارسة إلى الأداء" عن استراتيجيات نجاح الذكاء الاصطناعي من خلال إطار عمل شامل يتضمن مؤشراً جديداً للتعبير عن نضج الذكاء الاصطناعي للشركة على مقياس من 0 إلى 100، وتتضمن الأمثلة عن الحالة الحالية والمتوقعة لنضج الذكاء الاصطناعي حسب الصناعة ما يلي:

  • تتمتع شركات التكنولوجيا بالفعل بدرجة عالية من نضج الذكاء الاصطناعي تبلغ 54، والتي سترتفع باعتدال إلى 60 عام 2024.
  • ستقفز شركات صناعة السيارات والتوريد من المركز المعتدل 39 اليوم إلى 57 في غضون عامين، مراهنة على زيادة كبيرة في مبيعات السيارات ذاتية القيادة المدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
  • ستتطور شركات البيع بالتجزئة في مستوى نضج الذكاء الاصطناعي من 38 اليوم إلى 54 عام 2024، حيث أظهر هذا القطاع التزاماً أعمق بتحول الذكاء الاصطناعي مقارنة بالقطاعات الأخرى.

اقرأ أيضاً: أداة جديدة تمنح الفنانين أفضلية في مواجهة الذكاء الاصطناعي

لقد بدأ الذكاء الاصطناعي بالفعل بتغيير الموازين في عالم التكنولوجيا وسيستمر في القيام بذلك في المستقبل، حيث إن اعتماد الذكاء الاصطناعي على نطاقٍ واسع وتضمينه بشكلٍ أعمق في جوانب الأعمال كافة لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة لكل صناعة.

المحتوى محمي