لولا صعوبة العثور على كابلاتها لأنتجنا المزيد من الحواسيب الكمومية

3 دقائق
من داخل جامعة كاليفورنيا. مصدر الصورة: بيركلي/كيجان هاوزر

ينفق بليك جونسون الكثير من الوقت في التفكير في أشياء مثل الأسلاك ذات الناقلية الخارقة وثلاجات التبريد الخارق. بصفته نائب رئيس قسم الحوسبة الكمومية في شركة ريجيتي كومبيوتينج للحواسيب، وهي شركة ناشئة تُصنّع الحواسيب الكمومية، فإن جونسون مسؤول عن العثور على المكونات المطلوبة لتصنيع هذه الآلات وتوفيرها.
إنها مسألة بالغة الصعوبة، لأن هذه التكنولوجيا التي كانت سرية فيما مضى، تتحول الآن إلى تكنولوجيا شائعة تتبناها شركات كبرى مثل آي بي إم وجوجل وعلي بابا الصينية، فضلاً عن الشركات الناشئة الطموحة مثل ريجيتي وأيون-كيو. نتيجة لهذا، فقد تزايد الطلب سريعاً مقارنة بالعرض فيما يخص بعض الاحتياجات التي يصعب تلبيتها.

على سبيل المثال فالأمر يستغرق شهوراً – أو سنة أو أكثر في بعض الحالات – للحصول على مبردات خاصة قادرة على جعل درجات الحرارة أقل من الفضاء الخارجي، للمساعدة في إنتاج البتات الكمومية، أو الكيوبتات، وهي لا غنى عنها للطاقة الحاسوبية الكمومية. وهناك مشكلة كبرى أخرى على حد قول جونسون، وهي الأسلاك الخاصة اللازمة لنقل الإشارات الموجية متناهية الصغر التي تتحكم في الكيوبتات.

إن أوقات الانتظار المطولة هذه اللازمة لتحصيل بعض المكونات تتسبب بعرقلة التقدم. حيث يقول عرفان صديقي الأستاذ في جامعة كاليفورنيا في بيركلي: "يبطئ هذا من قدرة فرق الإنتاج في العمل على الشق البحثي لهذا المجال بشكل متوازٍ".

تكنولوجيا عجائبية

هناك سبب كبير لهذه المشكلات، هو أن الحواسيب الكمومية لا يمكنها استخدام الكثير من البنية التحتية المتوفرة لإنتاج الحواسيب التقليدية. وقال كريس مونرو الأستاذ بجامعة ميريلاند والمدير التنفيذي لشركة أيون-كيو الناشئة: "هذه الحواسيب تستند إلى مبادئ فيزيائية عجائبية، ويعني هذا أن العتاد الصلب الخاص بها عجيب للغاية".

على النقيض من البتات الكلاسيكية، التي قد تكون إما 1 أو 0، فإن الكيوبتات هي جزيئات مثل الذرات أو الإلكترونات، لها حالة كمومية تأخذ كلا القيمتين 1 و 0 في الوقت نفسه، وتكون لها قيمة محددة في حال قياسها فقط. كما أنها تؤثر على بعضها البعض عن طريق عملية غامضة غير مفهومة تُعرف باسم "التشابك" (Entanglement).
قد تؤدي هذه الخصائص يوماً إلى تمكين الآلات الكمومية من التفوق على أداء أقوى الحواسيب الخارقة المتوفرة حالياً. لكن إنتاج وإدارة الكيوبتات لا يزال تحدياً هندسياً عظيماً.

وتُركز شركة ريجيتي مثل جوجل وآي بي إم على استخدام الإلكترونات المتدفقة من الأسلاك فائقة الناقلية التي يتم تبريدها لدرجات حرارة متدنية للغاية، وهو ما يفسر الحاجة إلى المبردات الخارقة. تكمن المشكلة في أن هذه الآلات الأسطوانية العملاقة – التي تُكلف من 500 ألف إلى مليون دولار للآلة الواحدة – يتم تصنيعها حسب الطلب، ويقول الباحثون إن شركات قليلة مثل بلو فورس في فنلندا وأوكسفورم إنسترومينتس في المملكة المتحدة، هي التي تنتج مبردات خارقة عالية الجودة.

كما تحتاج المبردات إلى مزيج من الغازات للتبريد الخارق، ويشمل المزيج هيليوم-3، وهو نظير للهيليوم يقول جونسون إن العثور عليه "صعب للغاية". هذا الغاز هو من مشتقات البحوث النووية وبرامج الأسلحة التي تديرها الحكومات، ما يحدّ كثيراً من توفره. كما أن ندرة هذا الغاز جعلت ثمن الكمية المطلوبة منه للمبرد الواحد 40 ألف دولار.

شركة الكابلات

ثم إن هناك كابلات فائقة الناقلية تحمل الإشارات المستخدمة في التحكم في الكوبتات. هذه الأسلاك مصممة خصيصاً لبث أقل القليل من الحرارة، بحيث لا تؤدي إلى اضطراب الحالة الكمومية الهشة للكيوبتات داخل المبردات. ويقول جونسون إن هناك شركة واحدة تصنعها، وهي شركة يابانية تسمى كوكس كو.
ويمكن بناء الحواسيب الكمومية بسبل أخرى لا تعتمد على هذه التقنيات، لكن تلك السبل الأخرى لها تحدياتها الكبرى الخاصة بها. فشركة مونرو على سبيل المثال تعمل على حصر الذرات في مجالات كهرومغناطيسية داخل شريحة سيليكون في حجرة فائقة التفريغ. ثم يتم استخدام الليزر في التحكم في الكيوبتات الذرية.

وحتى تنجح تلك العملية، فلابد من وجود كميات صغيرة من الذهب في الشريحة. لكن منشآت صناعة الشرائح السيليكون التقليدية ليست مجهزة لتلبية هذه المتطلبات الخاصة. تعمل شركة يون-كيو على تشكيل فريق يطور لها تصميماتها الخاصة، وبما يلبي الطلب الخارجي على تصنيع تلك الشرائح.
ويقول صديقي من جامعة كاليفورنيا إنه يستعين بخُطبه في المؤتمرات مثل مؤتمر ديزاين-كون DesignCon – وهو فعالية كبيرة للمكونات الإلكترونية في وادي السيليكون الذي كان مقرراً انعقاده أواخر يناير – في تشجيع الشركات على الاهتمام بالصناعة الكمومية. وقد تحفز الخطة الوطنية الأميركية الجديدة لتشجيع تكنولوجيا المعلومات الكمومية – وخطة مماثلة لها في أوروبا – على زيادة نشاط الموردين المحتملين للقطع المطلوبة لتصنيع الحواسيب الكمومية.

ويمكن للشركات الناشئة أن تقدم يد العون أيضاً. فهناك شركة صغيرة في هولندا، هي شركة ديلفت سيركيتس للدوائر الإلكترونية، وتقوم بالفعل بتطوير تكنولوجيا تساعد في رصد الكيوبتات والتحكم فيها، بما يشكل تصنيع كابلات متخصصة لنقل الإشارات الموجية متناهية الصغر.

ويقول جيكوب كامهوبر المدير التنفيذي للشركة إنه بينما تبذل الحواسيب الكمومية اليوم قصارى جهدها لإدارة 100 كيوبت ، فلا بد من زيادة هذا العدد بشكل كبير حتى تصبح تلك الحواسيب مفيدة حقاً، وسرعان ما ستظهر الحاجة إلى ظهور حلول مبتكرة للعتاد الصلب بغية التحكم بها.