ما هي الروبوتات اللينة وكيف تستفيد البشرية منها؟

4 دقائق
ما هي الروبوتات اللينة وكيف تستفيد البشرية منها؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Andrea Danti

نرى الروبوتات على أنها كتلة من المعدن، قد تكون على هيئة بشر أو حيوان أو غير ذلك، وتُصنع بهدف تأدية مهام مختلفة وواسعة المجالات، لكنها تتوقف عند حد معين لا يمكن أن يفيد فيه المعدن والصلب، بل يتطلب ليونة ومرونة. ولهذا الغرض تم تطوير «الروبوتات اللينة» التي تخدم أغراضاً مختلفة.

ما هي الروبوتات اللينة؟

الروبوتات اللينة هي روبوتات تُصنع من مواد لينة ومرنة، مثل السيليكون أو المطاط أو المواد الهلامية، بدلاً من المعادن والبلاستيك. يمكنها التحرك بمرونة وسلاسة، بطريقة تشبه الكائنات الحية، وتتفاعل بسهولة مع البيئة المحيطة بها، لأنها مصنوعة من مواد ذات خصائص ميكانيكية مماثلة لتلك الموجودة في الأنسجة الحية، ولها تطبيقات مهمة في عدة مجالات مختلفة. يتراوح حجمها من بضعة ميكرومترات حتى عدة أمتار.

تعتمد الروبوتات اللينة على مبدأ المحاكاة الحيوية، أي إنشاء آلات تحاكي شكل وسلوك وقدرات الكائنات الحية، بهدف زيادة كفاءتها ومرونتها وقدرتها على التكيّف. وغالباً ما تستوحى هذه الروبوتات من الحيوانات مثل الأخطبوط والأسماك وقنديل البحر والثعابين والحشرات، ويمكن أن تستوحى من النباتات والأشجار، وحتى الوحل.

يجمع بعض الروبوتات بين المواد اللينة والصلبة في آنٍ معاً، وتجمع بالتالي بين التفاعلات الآمنة ذات الدقة العالية، أو الوزن المنخفض مع القوى العالية، على سبيل المثال، ما ينتج عنه أنظمة هجينة ليست لينة ولا صلبة.

اقرأ أيضاً: هذه اليد الروبوتية اللينة تستطيع إفراز العرق لتبريد نفسها

مميزات وعيوب الروبوتات اللينة

تتمتع الروبوتات اللينة بعدة ميزات: 

  • توفّر الليونة والحماية والأمان خاصة في المهام التي تنطوي على اتصال بشري وثيق.
  • تكون ضد الكسر.
  • يُزوَّد بعضها بأنماط متعددة من الحركة.
  • تُصنع من مواد ناعمة ومرنة مثل المطاط والسيليكون والمنسوجات.
  • يمكنها التكيّف في مجموعة واسعة من البيئات. 
  • تكون مناسبة للمهام التي تتطلب درجة عالية من المرونة أو تتطلب تفاعلات معقدة مع البيئة.
  • تعد أقل تكلفة من الروبوتات الصلبة لأنها تتطلب موادَّ وتقنيات أقل.
  • تكون خفيفة الوزن وقابلة للحمل ما يجعلها مناسبة للمهام التي تتطلب التنقل أو تتضمن العمل في أماكن بعيدة أو يصعب الوصول إليها.

من ناحية أخرى، لا يتمتع بعضها بدقة الروبوتات الصلبة ومتانتها، وتتطلب برمجة أكثر تعقيداً من الروبوتات الصلبة.

المواد التي تُصنع منها الروبوتات اللينة

تُصنع من مواد لينة يمكنها التمدد، وخفيفة الوزن، بالإضافة إلى كونها متينة، وهي مواد قابلة للتحلل حيوياً في الغالب. يعد الهيدروجيل مادة أساسية في تصنيعها، ويُستخدم كمحركات لينة وأجهزة استشعار.

من المواد المستخدمة في صناعة الروبوتات اللينة أيضاً:

  • اللدائن التي يمكن أن تغيّر شكلها أو لونها مع تغير درجة الحرارة والضوء.
  • المواد المغناطيسية، التي تتحرك استجابة لمجال مغناطيسي.
  • البوليمرات اللينة مثل السيليكون والمطاط والبولي يوريثان، وتُستخدم في صناعة أجهزة الاستشعار والدوائر الإلكترونية المرنة القابلة للانحناء.
  • المواد النسيجية مثل الأقمشة غير المنسوجة والقماش المحبوك والقماش الشبكي.
  • المواد المعدنية اللينة مثل كاوتشي (caucci) وهي سبيكة من النيكل والتيتانيوم.
  • المواد الطبيعية مثل المطاط الطبيعي والصوف.
  • السوائل والغازات المستخدمة في نفخ المواد اللينة أو تبريدها، وغالباً تكون هي المتحكمة في الحركة.

قد يجمع بعض الروبوتات اللينة بين أكثر من واحدة من هذه المواد.

اقرأ أيضاً: باحثون يطوّرون سمكة روبوتية صغيرة تُخلص المحيط من الجزيئات البلاستيكية الدقيقة

آلية عملها

غالباً ما تُستخدم السوائل اللينة لإنشاء حمل متجانس على الروبوت اللين ورفع الضغط المطبق عليه كي تنتج الحركة. تعتمد الروبوتات اللينة على هذا المبدأ لتعمل، إذ يحمل الروبوت "مثانة" مصنوعة من أغشية رقيقة، يمكن نفخها سريعاً بالهواء المضغوط، وبالتالي توليد الدفع اللازم لتحريك الروبوت، أو إنشاء حركة سائلة ميكانيكية. وباستخدام سائل مضغوط، من الممكن أيضاً تقليص الروبوت بدلاً من التمدد. وهذه فكرة محاكاة سلوك العضلات التي تنقبض عند تحفيزها.

كبديل عن السوائل، تُستخدم في بعض الروبوتات اللينة المواد التي تعتمد على الطاقة الحرارية لتغيير حالتها، حيث تسمح التحولات في البنية البلورية للمادة تحت تغيرات درجات الحرارة بإطلاق الطاقة المرنة المخزنة. 

تستخدم الطباعة ثلاثية الأبعاد لتشكيلها في النهاية ضمن رقائق ثلاثية الأبعاد ذات سماكة يتم التحكم فيها بدقة، ويمكن قصها وتكديسها للحصول على الوظائف المطلوبة. 

اقرأ أيضاً: "زينوبوتس": روبوتات ذات خلايا حيّة تمّ صنعها بواسطة خوارزمية تطوّرية

تطبيقات الروبوتات اللينة

تستخدم الروبوتات اللينة في عدة مجالات:  

الطب

الطب هو المجال الأوسع لتطبيقات الروبوتات اللينة، فقد صُنعت منذ البداية لتعمل كعضلات آلية. يمكن أن تحمل وزناً يزيد بمقدار 1000 مرة على وزنها، وتوفّر الدعم العضلي للمرضى الذين يتعافون من جراحة مؤلمة أو ضعف حركي، وتساعد على القيام بالحركة الطبيعية لاستعادة الوظائف الحركية الطبيعية لدى المرضى. 

وقد صُنع البعض منها ليُستخدم أثناء العمليات الجراحية طفيفة التوغل وما بعد الجراحة، فهي توفّر الراحة للمريض، وتتفاعل بأمان مع أعضاء وأنسجة الجسم. 

ما يجب الحذر منه هو ردود الفعل التحسسية التي قد تنشأ عن إدخال الروبوت في الجسم الحي، لذلك يجب الانتباه إلى الاستجابة المناعية الفورية.

تستخدم أيضاً الروبوتات اللينة القابلة للارتداء للمرضى الذين يخضعون لإعادة التأهيل البدني. تحاكي الحركة الطبيعية للجسم أينما وُضِعت، وتساعد المريض على استعادة الوظائف الحركية الطبيعية.

وقد صُنعت أيضاً الروبوتات اللينة الصالحة للأكل فهي تتحلل حيوياً، وتستخدم لإيصال الأدوية بأمان إلى أجزاء مختلفة من الجسم.

اقرأ أيضاً: غرسة روبوتية توفّر علاجاً لمرضى الصرع

الزراعة

تساعد الروبوتات اللينة المزارعين على حصاد المحاصيل والعناية بالأرض وفحص المحاصيل بحثاً عن الأمراض، بسبب قدرتها على الإمساك بالأشياء وحملها بقوة اليد البشرية نفسها.

اقرأ أيضاً: ثورة علمية جديدة في الزراعة: أول بذور روبوتية رباعية الأبعاد

الصناعة

في الصناعة، تسمى الروبوتات اللينة بالروبوتات التعاونية، وتحاكي أسلوب عمل البشر. وتستخدم اليد الروبوتية اللينة التي تحاكي حركة اليد البشري، وتسهم في تقليل الإصابات البشرية التي تحدث غالباً أثناء تجميع المنتجات. 

الروبوتات المتسلقة

تُستخدم هذه الأنواع من الروبوتات لأغراض التفتيش أو صيانة المباني وبعثات الإنقاذ والبحث. 

روبوتات الألعاب 

تستخدم كألعاب تعليمية أو جلساء للأطفال وكبار السن.

يمكن أن تستخدم الروبوتات اللينة لبناء هياكل جديدة يمكن أن يكون لها سلوك ذكي عند تعرضها لظروف معينة. يمكن أن تكون هذه الخصائص الذكية إما دائمة وإما قابلة للضبط من أجل تكيّف الهيكل مع بيئة متطورة.

قد نرى مستقبلاً تطبيقات أخرى للروبوتات اللينة، فهذا العلم ما زال في مهده.