كيف تستخدم أفضل الجامعات تشات جي بي تي؟ دراسة حالة جامعة ييل

4 دقائق
كيف تستخدم أفضل الجامعات تشات جي بي تي؟ دراسة حالة جامعة ييل
حقوق الصورة: ستيفاني أرنيت. إم آي تي تي آر. غيتي إيميدجيز. إنفاتو

بالنسبة للكثيرين، يبدأ العام بالفعل مع بداية شهر سبتمبر/ أيلول. وعلى الرغم من أنه شهر يخلو من الاحتفالات وقرارات السنة الجديدة، فإنه شهر مكتظ تبدأ فيه السنة الدراسية. ربما توافق على أن الموسم الدراسي لا يزال يبدو كأنه بداية لمرحلة جديدة، حتى لو كنت من الذين تخرّجوا في الجامعة منذ وقت طويل مثلي.

يبدو أن الموضوع الأهم في عام 2024/2023 الدراسي هو نفسه الذي كان الأهم في نهاية العام الدراسي الذي سبقه، وهو موضوع تشات جي بي تي والنماذج اللغوية الكبيرة الأخرى. نُشر الكثير من المقالات حول استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في القاعات الدراسية في شتاء عام 2023 وربيعه، وحظر بعض المدارس التي ذُعرت إداراتها استخدام تشات جي بي تي تماماً. كتب زميلي، ويل دوغلاس هيفن، أنه لا حاجة إلى الذعر، وجادل بأن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيغير قطاع التعليم ولكنه لن يدمّره. والآن، بعد أن منحتنا أشهر الصيف بعض الوقت للتفكير، يبدو أن بعض المدارس يعيد النظر في النُهج المتّبعة.

تحدّثت مع عميدة العمداء المشاركة في جامعة ييل والمديرة المؤسِّسة لمركز بورفو للتعليم والتعلّم، الذي يوفّر الموارد لأعضاء هيئة التدريس والطلاب، جيني فريدريك، بهدف التوصّل إلى وجهة نظر حول الطريقة التي تتعامل وفقها مؤسسات التعليم العالي حالياً مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي في القاعات الدراسية. ساعدت فريدريك أيضاً جامعة ييل على التعامل مع نموذج تشات جي بي تي، وشرحت لي في محادثتنا أن الجامعة لم تأخذ في الاعتبار حظر هذا النموذج، بل إنها ترغب في الاستفادة منه. سأستعرض في هذا المقال بعض النقاط الرئيسية والأجزاء الأكثر إثارة للاهتمام من محادثتنا، التي عدّلتها للإيجاز وزيادة الوضوح.

اقرأ أيضاً: ما هو نموذج الذكاء الاصطناعي جيميني الذي ستُطلقه جوجل وتدّعي أنه سيتفوق على تشات جي بي تي؟

تكنولوجيا للذكاء الاصطناعي التوليدي جديدة، لكن مطالبة الطلاب بتعلّم ما تستطيع الآلات تعلّمه ليس كذلك

من الضروري عندما يتعلق الأمر بالتعليم إعادة طرح السؤال الآتي: ما المعلومات التي أريد أن يتعلّمها طلابي في القاعات الدراسية؟ 

إذا كان الروبوت قادراً على التعلّم بطريقة ملائمة، فهل يجب أن أعيد التفكير فيما يُطالب الطلاب بتعلّمه، أو التركيز أكثر على ضرورة شرح أسباب أهمية تعلّم هذه المعلومات؟ كيف نشرح لطلابنا ما تعنيه صياغة فقرة مثلاً، أو إجراء البحث بأنفسهم؟ ما الذي يمكن أن يكتسبه [الطلاب] من هذا المجهود؟ نتعلم جميعنا كيفية إجراء عملية القسمة المطوّلة، على الرغم من أن الآلات الحاسبة تستطيع فعل ذلك. ما هدف تعلّم هذه العملية؟ 

أُدير مجلساً استشارياً لهيئة التدريس في مركز بورفو، وقال أستاذ في حساب التفاضل والتكامل من مجموعتنا ضاحكاً مرة: "مِن المسلي نوعاً ما بالنسبة لي أن أشاهدكم وأنتم تحاولون التوصل إلى حل لهذه المشكلة، وذلك لأننا نحن الرياضيين اضطررنا إلى التعامل مع حقيقة أن الآلات يمكنها أن تنجز عملنا. الآلات قادرة على تعلّم الكثير منذ وقت طويل إلى حد ما، عقود من الزمن".

لذلك، علينا أن نفكّر في طريقة لتبرير ما نطلب من طلابنا تعلّمه عندما يتعلق الأمر بالمواضيع التي تكون الآلات أيضاً قادرة على تعلّمها.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي الإبداعي والحوسبة التطورية: الجيل القادم من التعلم العميق

من السابق لأوانه حالياً وضع سياسات إلزامية حول كيفية استخدام الطلاب لهذه للتكنولوجيا

لم تأخذ إدارة جامعة ييل في الاعتبار ولو للحظة حظر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي. ولكن ما فكّرنا فيه هو كيفية تعزيز ثقافة التعلّم والتجريب ضمن دورنا بصفتنا جامعة. هذه تكنولوجيا جديدة، ولكنها لا تفرض تغييرات تقنية فحسب، بل ما يمر به مجتمعنا حالياً هو فترة تفرض علينا إعادة التفكير بالتعامل مع البشر، وتغيير طريقة تعاملنا مع المعرفة ومنظورنا عن التعلّم وما يعنيه. 

جمعت طاقمي وقلت لهم: "علينا الحصول على توجيه ما في هذه الحالة". لم نتوصل إلى الحلول جميعها بعد، ولكننا بحاجة إلى مجموعة منسّقة من الموارد التي يجب أن يطّلع عليها أعضاء هيئة التدريس. ليس لدينا سياسة توضّح التكنولوجيات التي يجب استخدامها وتلك التي يجب ألا تُستخدم، أو سياسة توضّح أطر عمل استخدام التكنولوجيات. يجب أن نحرص على أن يدرك الطلاب ما علاقة الذكاء الاصطناعي بالمقررات الدراسية، وكيف يمكنهم استخدامه، أو إن كان ينبغي عليهم عدم استخدامه.  

اقرأ أيضاً: ما الدروس التي يمكن تعلمها من استخدام خان أكاديمي لتشات جي بي تي في التعليم؟

استخدام تشات جي بي تي للغش أقل أهمية من السبب الذي دفع الطلاب إلى استخدامه في الغش

عندما نفكّر في دوافع الطلاب للغش، لن نجد جواباً؛ إذ إن الطلاب يدفعون مبالغ كبيرة للحصول على تعليم بمستوى عالٍ. لكن ما يحدث هو أن الطلاب يعانون ضيق الوقت ويبالغون في تقدير إمكاناتهم ويشعرون بالإرهاق ويكتشفون أن المهام صعبة للغاية. بالنتيجة، يشعر الطلاب بالعجز ويتّخذون القرار المؤسف بالغش. 

لذلك، أنا قلقة أكثر بشأن العوامل التي تسهم في حالتهم النفسية تلك وقدرتهم على إدارة الوقت. كيف نساعد طلابنا على عدم وضع أنفسهم في موقف لا يمكنهم فيه تحقيق الاستفادة التي التحقوا بالجامعة لتحقيقها؟

لا شك في أنه يمكن استخدام تشات جي بي تي للغش، ولكن أعتقد أن الأسباب التي تدفع الطلاب إلى استخدامه في الغش هي نفسها التي تجعلهم يغشّون بطرق أخرى. لذلك، علينا معالجة هذه الأسباب. 

اقرأ أيضاً: أهم تطبيقات واستخدامات الذكاء الاصطناعي في التعليم

قد يعرّض الطلاب خصوصيتهم للخطر

أعتقد أن المدرسين شعروا بالقلق بعض الشيء من أن طلابهم يضيفون المعلومات إلى هذا النظام، وهم محقّون في ذلك. في كل مرة تستخدم فيها [تشات جي بي تي أو أحد النماذج المنافسة]، فإنك تزيد كفاءته. وهناك أسئلة أخلاقية متعلقة بالعمالة التي تحصل عليها شركة أوبن أيه آي أو أي شركة أخرى في هذا المجال. لا نعلم بالضبط كيف تعمل هذه النماذج وكيف تُخزّن المدخلات أو تُدار أو تُراقب بمرور الوقت، ولكن لا أريد أن أدخل في مجال نظريات المؤامرة كثيراً. إذا طلبنا من طلابنا استخدام هذه النماذج، فسنكون مسؤولين عن سلامتهم وخصوصيتهم. سياسات إدارة البيانات في جامعة ييل صارمة، وذلك لأسباب وجيهة. 

يجب على المعلّمين أن يستعينوا بطلابهم لإرشادهم

تجاوز الطلاب عموماً هيئة التدريس بأشواط؛ إذ إنهم نشؤوا في عالم يعج بالتكنولوجيات الجديدة، وهم يجربون مختلف هذه التكنولوجيات. بالطبع، نموذج تشات جي بي تي هو تكنولوجيا حديثة، وبالتالي فهم يستخدمونه. يرغب الطلاب في استخدام هذا النموذج بمسؤولية، وهم يطرحون أسئلة مثل "ما المجالات المسموح فيها باستخدامه؟ هناك الكثير من المهام التي يمكن إنجازها باستخدامه. هل يُسمح لي بفعل ذلك؟"

لذلك، النصيحة التي قدّمتها لأعضاء هيئة التدريس هي أنهم بحاجة إلى تجربة استخدام هذا النموذج في العملية التعليمية. يجب على الأقل أن يكونوا على دراية بما يستطيع الطلاب فعله، وأن يفكّروا في الواجبات التي تُقدَّم للطلاب وما تتيحه هذه الأداة. طرحت عليهم أسئلة مثل: "ما السياسات أو الإرشادات التي ستقدّمونها للطلاب فيما يتعلق بما إذا كان استخدام النماذج اللغوية الكبيرة مسموحاً به؟" و"ما الطرق المسموحة لاستخدام هذه النماذج؟"

لن يُضطر أعضاء هيئة التدريس للتوصل إلى هذه السياسات والإرشادات وحدهم، ويمكنهم التشاور مع الطلاب. يمكنهم المشاركة في إنشاء شيء ما؛ إذ لا يوجد ما يمنع الاستفادة من خبرة الطلاب في القاعات الدراسية. 

اقرأ أيضاً: ما هي أبرز فرص وتحديات الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم الأساسي؟

أعتقد أنه إذا كنت مدرّساً، فعليك أن تدرك أن الذكاء الاصطناعي أصبح حقيقية واقعة في العالم حالياً. لذلك، يجب على الطلاب تحضير أنفسهم للعيش في عالم ستُستخدم فيه هذه التكنولوجيا في القطاعات بطرق مختلفة. ويجب علينا تحضيرهم بأنفسنا.