كيف توظف العلامات التجارية الذكاء الاصطناعي في عملياتها؟

5 دقائق
كيف توظف العلامات التجارية الذكاء الاصطناعي في عملياتها؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ metamorworks

عندما تفكر في كيفية استخدام العلامات التجارية لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي فمن المحتمل أن تفكر أولاً بالأتمتة، وفي حين أن بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي تتضمن أتمتة العمليات التي بدأها البشر في الأصل، إلا إن ذلك لا يؤدي سوى إلى الاطلاع على قدر طفيف على ما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في مجال الأعمال، فعند استخدامه بشكل استراتيجي ستكون لديه القدرة على إحداث فرق هائل في الطريقة التي نؤدي بها عملنا.

في هذا المقال سنتعرف على فائدة الذكاء الاصطناعي للعلامات التجارية، وبعض حالات الاستخدام التي يمكن فيها تطبيق نماذج الذكاء الاصطناعي في مجال الأعمال.

نمو استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الأعمال

في الوقت الحالي يمكن للشركات الوصول إلى البيانات أكثر من أي وقت مضى، وهذا يعود إلى أن كمية البيانات التي يتم إنشاؤها وجمعها ونسخها واستهلاكها في العقد الأخير قد بلغت نحو 59 تريليون غيغابايت بنسبة نمو وصلت إلى 5000%، حيث أصبحت الشركات والعلامات التجارية بمساعدة التقنيات الناشئة قادرة على جمع بيانات المستخدم بسهولة لتساعدها في اتخاذ قرارات تجارية مستنيرة.

علاوة على ذلك، في السنوات القليلة الماضية، تبنت العديد من الشركات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بشكل مكثف في جهودها للاستفادة بشكل أفضل من البيانات التي تجمعها بالفعل، فوفقاً للإحصائيات:

  • بلغت قيمة سوق الذكاء الاصطناعي العالمي 328 مليار دولار في عام 2021.
  • أفاد 56% من المشاركين في استطلاع حالة الذكاء الاصطناعي في 2021 الذي أجرته شركة ماكنزي أنهم سيتبنون تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في أعمالهم، وهو ما يمثل ارتفاعاً من 50% في عام 2020.
  • وجد تقرير شركة أكسنتشر (Accenture) عن الذكاء الاصطناعي أن 84% من المديرين التنفيذيين يعتقدون أن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي ستساعدهم في تحقيق أهداف النمو الخاصة بهم.

تظهر هذه الإحصائيات أن الذكاء الاصطناعي لم يعد تقنية تجريبية تستخدم فقط من قبل العلامات التجارية، بدلاً من ذلك أصبحت بالنسبة للعديد من الشركات والعلامات التجارية حول العالم جزءاً أساسياً من عملياتها التشغيلية.

اقرأ أيضاً: كيف أصبحت إنفيديا المستفيد الأكبر من سباق الذكاء الاصطناعي المحتدم؟

كيف تستخدم العلامات التجارية الذكاء الاصطناعي في عملياتها التشغيلية؟

هناك العديد من الطرق التي يمكن للعلامات التجارية من خلالها استخدام الذكاء الاصطناعي، لكن معظم التطبيقات تركز على دفع عجلة النمو، حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل الشركات بشكل متكرر أكثر مما نتوقع، وفيما يلي بعض الأمثلة على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في الأعمال التجارية:

  • تحسين خدمة العملاء: واحدة من أكثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي استخداماً في الأعمال، حيث تسمح بوتات الدردشة للعلامات التجارية بتبسيط عمليات خدمة العملاء الخاصة بها، إذ تستخدم هذه البوتات عادةً مزيجاً من تكنولوجيا معالجة اللغات الطبيعية والتعلم الآلي لفهم طلبات العملاء.
  • تقديم توصيات المنتج: من خلال تتبع سلوك العملاء عند استخدام الخدمة، على سبيل المثال تستخدم شركات بث الفيديو عند الطلب خوارزميات الذكاء الاصطناعي للتوصية الشخصية بمحتوى مشابه لما شاهدته سابقاً من أجل تشجيعك على البقاء لفترات زمنية أطول في الخدمة أو التطبيق.
  • إنشاء حملات إعلانية مستهدفة: في الصناعات شديدة التنافسية من المهم للغاية أن تتواصل العلامات التجارية مع الجمهور المناسب، ومن ثم لجعل الحملات التسويقية أكثر فعالية تستخدم الشركات البيانات لتحديد أنواع المستخدمين التي ستشاهد الإعلانات.
  • تحليل رضا العملاء: من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي العاطفي (Emotion AI) لقياس ردود أفعال العملاء، حيث تتيح الرؤى المكتسبة للعلامات التجارية تحديد فرص التحسين.
  • تحديد حالات الاحتيال: في الصناعة المالية يتم استخدام أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحديد المعاملات المشبوهة من خلال استخدام خوارزميات التعلم الآلي، ومن ثم عندما يتم الكشف عن مخاطر الاحتيال يقوم التطبيق بإيقاف المعاملة وينبه الجهات ذات الصلة.
  • تحسين عمليات سلسلة التوريد: يمكن للحلول التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي أن تساعد العلامات التجارية في تحسين عملياتها التشغيلية، من خلال التنبؤ بسعر المنتجات والشحن وتقدير مدى السرعة التي ستتمكن من خلالها المنتجات من التحرك عبر سلسلة التوريد، وعلى نطاق أصغر يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة سائقي التوصيل على إيجاد طرق أسرع.

اقرأ أيضاً: كيف يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة المخازن؟

التجربة هي وسيلة العلامات التجارية في تبني الذكاء الاصطناعي

للوصول إلى الفوائد الكامنة لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الأعمال، تقوم بعض الشركات بتجربتها بالفعل لفترة من الزمن للتوصل إلى أفكار جديدة والتعامل مع العملاء قبل نشرها واعتمادها بشكل كامل. على سبيل المثال، تقوم شركة الألعاب ماتيل (Mattel) باستخدام أداة توليد الصور المدعومة بالذكاء الاصطناعي دال إي (DALL-E) لابتكار أفكار لسيارات الألعاب الجديدة.

بينما تقوم شركة بيع السيارات المستعملة كار ماكس (CarMax) باستخدام بوت الدردشة تشات جي بي تي لتلخيص الآلاف من آراء العملاء، كما تخطط شركة المشروبات الغازية الرائدة كوكا كولا (Coca-Cola)  لاستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative  AI) للمساعدة في إنشاء محتوى تسويقي جديد.

كما أطلقت منصة التواصل الاجتماعي سناب شات (snapchat) بوت دردشة يُسمى ماي أيه آي (My AI) مدعوماً بالذكاء الاصطناعي في خدمة المراسلة الخاصة بها، بينما تقوم شركة توصيل منتجات البقالة إنستا كارت (Instacart) باختبار دمج بوت الدردشة تشات جي بي تي في خدمة العملاء للإجابة عن أسئلتهم واستفساراتهم.

اقرأ أيضاً: هل يجب عليك استخدام بوت تشات جي بي تي للتقدم للوظائف؟

بينما اتخذت شركة أمازون عبر خدمتها السحابية أمازون ويب سيرفيس (AWS) نهجاً مختلفاً من خلال نشر نماذج الذكاء الاصطناعي التي يمكن للجميع الوصول إليها، حيث قامت بتوقيع شراكة مع شركة هاغينغ فيس (Hugging Face) التي تعمل على تطوير نماذج للذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، لنشر نماذج الذكاء الاصطناعي التي يمكن للجميع الوصول إلى الكود البرمجي الخاص بها.

 تنظر الشركة إلى هذه الطريقة على أنها يمكن أن تضع حجر الأساس لبناء منتجات مختلفة، وأن الشفافية مهمة عند بناء أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث تتيح للجميع فهم هذه النماذج وأين يمكن أن تكون التحيزات وكيف تم تدريب النماذج، وهي طريقة من شأنها أن تساعد في التخفيف من تحيز نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي في قفص الاتهام: تلاعب بصور الناس وانتهاك للخصوصية

الحذر عند تبني نماذج الذكاء الاصطناعي في الأعمال

غذى الوعي العام المنافسة المتزايدة بين مزودي الحوسبة السحابية مثل مايكروسوفت وأمازون وجوجل الذين بدؤوا ببيع خدماتهم لشركات الأبحاث التي تطور نماذج الذكاء الاصطناعي، لما لديهم من القوة الحاسوبية المناسبة واللازمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتشغيلها.

ومع ذلك يحذر بعض خبراء الذكاء الاصطناعي من أنه يجب على الشركات النظر بعناية في الأضرار المحتملة على العملاء والمجتمع وسمعتهم قبل التسرع في تبني نماذج الذكاء الاصطناعي، وخاصة النماذج اللغوية الكبيرة مثل تشات جي بي تي وغيرها، في مكان العمل.

حيث يُحذر الرئيس التنفيذي لشركة كوكا كولا جيمس كوينسي (James Quincey) قائلاً: "يجب علينا تحمل المخاطر، وفي الوقت نفسه نحن بحاجة إلى تبني هذه المخاطر بذكاء، من خلال التجربة والبناء عليها للقيادة على نطاق واسع، حيث إن عدم تحمل هذه المخاطر هو وجهة نظر ميؤوس منها للبدء".

اقرأ أيضاً: 5 وظائف مهددة بسبب «تشات جي بي تي»

بينما تذكر الخبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي ومؤسسة المجموعة غير الربحية ذا بارتنرشيب أون أيه آي (The Partnership on AI) اختصاراً بي أيه آي (PAI)، كلير ليبوفيتش (Claire Leibowicz): "أريد أن تفكر الشركات والمستخدمون بعمق قبل نشر هذه التكنولوجيا، بينما على وسائل الإعلام التوقف عن اللعب والتلاعب في مصطلحات الذكاء الاصطناعي، والتفكير بدلاً من ذلك في الإجابة عن أسئلة مهمة مثل، ما هو الغرض الذي تقدمه أدوات الذكاء الاصطناعي في المقام الأول؟".

الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً للبشر ولكنه شريك فكري

بينما يمكن لمولدات النصوص والصور المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تجعل عملية كتابة رسائل البريد الإلكتروني والعروض التقديمية والحملات التسويقية أسرع وأسهل، إلا أنها تميل أيضاً إلى تقديم المعلومات الخاطئة على أنها حقيقة، بالإضافة إلى مخاوف بشأن حقوق الطباعة والنشر من المبدعين الأصليين لتلك الأعمال.

لذا فإن المحامية آنا غريسيل (Anna Gressel) التي تعمل في شركة المحاماة ديبيفويس أند بليمبتون  (Debevoise & Plimpton) التي تقدم المشورة للشركات والعلامات التجارية حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي، تحث المستخدمين على التفكير في أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل عام والنماذج التوليدية على أنها شريك لتبادل الأفكار وليس بديلاً للبشر.

اقرأ أيضاً: كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي طريقة التسوّق في متاجر البقالة؟

وهو ما يوافق عليه المحلل في شركة الأبحاث والاستشارات فوريستر (Forrester)، روان كوران (Rowan Curran) الذي يذكر أن التفكير بهذا المنطق سيساعد على ضمان عدم استبدال البشر بالذكاء الاصطناعي، ويضيف: "إن أدوات الذكاء الاصطناعي يجب أن تسرع من بعض التفاصيل الجوهرية للمهام، كمعالجات الكلمات والتدقيق الإملائي، وهي في النهاية جزء من سير العمل".

ويحذر أنه لاستخدام بوتات الدردشة من أجل الرد على الاستفسارات في تطبيقات الهواتف الذكية يصبح الأمر أكثر تعقيداً، حيث يجب أن يكون هناك المزيد من حواجز الحماية حول التكنولوجيا بطريقة لا يمكنها الرد عن أسئلة المستخدمين بطرق غير متوقعة.