ظهور أول متجر للبرمجيات الكمومية… أو على الأقل هذا ما يأمل مؤسسوه

3 دقائق
الفريق المؤسس لزاباتا كومبيوتينج للحوسبة.

في الحوسبة الكمومية، لا تقتصر الصعوبات على بناء الحواسيب نفسها، بل تصل أيضاً إلى الخوارزميات المعقدة التي تحتاجها هذه الحواسيب، والمصممة خصيصاً لاستغلال كامل قدرات هذه الآلات.

أصبح آلان أسبورو-جوزيك ذائع الصيت في الأوساط الأكاديمية لعمله في تطوير هذا النوع من الخوارزميات، والآن، قرر أن يأخذها إلى سوق كثر اتساعاً. إنه بروفسور في جامعة هارفارد (سينتقل قريباً إلى جامعة تورونتو) وعضو في قائمة مجلة إم آي تي تيكنولوجي ريفيو للمبدعين تحت سن 35 سنة للعام 2010، كما أنه مؤسس مشارك لشركة زاباتا للحوسبة، والتي انطلقت مؤخراً بتمويل معلن يبلغ 5.4 مليون دولار. تهدف الشركة إلى أن تصبح أشبه بمتجر للتطبيقات، ولكن للخوارزميات الكمومية، وتقدم تشكيلة واسعة من البرمجيات الصالحة للاستخدام الفوري، والتي يمكن للشركات استخدامها للحصول على قوة المعالجة الهائلة التي تعد بها الحواسيب الكمومية.

بما أن الحوسبة الكمومية ما زالت في بداياتها، لا يوجد حالياً سوى بضعة خبراء قادرين على تصميم برمجيات متطورة تعمل على هذه الآلات. وبشكل أساسي، ترغب زاباتا بتمكين الشركات من استخدام هذه التقنيات بدون الحاجة إلى توظيف مختص بهذا بالبرمجيات الكمومية

تنبع الحماسة التي تحيط بالحواسيب الكمومية من كونها لا تعتمد على البتات الرقمية، والتي تمثل الصفر أو الواحد، بل تعتمد على بتات كمومية، أو "كيوبتات"، والتي يمكن أن تمثل الصفر والواحد في نفس الوقت بفضل الظاهرة المعروفة باسم التراكب. توجد أيضاً ظاهرة أخرى، وهي غريبة لدرجة أنها تبدو سحرية، وتسمى بالتشابك، وتعني أنه يمكن للكيوبتات أن تؤثر على بعضها حتى لو لم تكن متصلة فيزيائياً.

تؤدي إضافة المزيد من الكيوبتات إلى تضاعف أسي في قدرة الحوسبة للآلات الكمومية، والتي قد تتمكن قريباً من التفوق في أداء بعض المهام على أقوى الحواسيب الخارقة. هذه هي الأخبار الجيدة، أما الأخبار السيئة فهي أن الكيوبتات تفقد حالتها الكمومية الحساسة بعد مرور بضعة ميلي ثوانٍ. ويمكن للتغيرات في درجة الحرارة، أو حتى أصغر الاهتزازات، أن تشوش عملها وتتسبب بظهور أخطاء في الحسابات.

هنا يأتي دور الخوارزميات الكمومية. فهي تجري حسابات خاصة على الآلة الكمومية بأعلى ما يمكن من السرعة والفعالية، وغالباً ما تساعد على التخفيف من الأخطاء. يقول أسبورو-جوزيك: "تشبه هذه العملية دوزنة الغيتار بتعديل الأوتار بحيث تصبح متناغمة، ونقوم نحن بنفس الشيء تقريباً، حيث نغير الكثير من المعاملات المختلفة حتى تتم معايرة الدارة الكمومية لأداء مهمة معينة".

تمكنت زاباتا من الحصول على رخصة حصرية من هارفارد للخوارزميات التي قام أسبورو-جوزيك وفريقه بتطويرها هناك. ويقول المدير التنفيذي لزاباتا، كريس سافوي، أن هدف الشركة هو تطوير خوارزميات لنطاق واسع من الحواسيب، وأن أسبورو-جوزيك وفريقه عملوا من قبل مع كبرى الشركات المصنّعة للعتاد الصلب الكمومي، مثل آي بي إم وجوجل، والشركات الأصغر، مثل ريجيتي للحوسبة وأيون كيو. تعمل هذه الشركات أيضاً على تطوير خوارزمياتها الخاصة، ولكن الرأي الرائج يقول أن المزيد من الابتكار في البرمجيات أمر جيد لهذه السوق الجديدة. يقول جيري تشاو، رئيس قسم الحوسبة الكمومية التجريبية في آي بي إم: "نرغب برؤية الكثير من الأفكار المختلفة تملأ هذا المجال".

إذا نجحت استراتيجية زاباتا، فقد ينتهي بها المطاف بامتلاك نظرة شاملة لأداء التطبيقات المختلفة على نطاق واسع من الحواسيب الكمومية، ما يعطيها أفضلية كبيرة في السوق. ولكن ليس من الواضح مقدار الفرق الذي ستحدثه الحوسبة الكمومية في بعض المجالات، مثل التعلم الآلي، على الرغم من وجود بعض المؤشرات المبكرة التي تدل على تأثير كبير. وبالتالي، فقد يستغرق بناء سجل جيد من الخوارزميات بعض الوقت.

تخطط زاباتا، على المدى القصير، للتركيز بشكل أساسي على خوارزميات الكيمياء وعلم المواد. يعتبر أسبورو-جوزيك من الرواد في أساليب نمذجة الجزيئات، وهي مهمة بالغة الصعوبة حتى على الحواسيب الخارقة العصرية، ويوجد أمل أن الحواسيب الكمومية ستكون قريباً قادرة على تنفيذ عمليات المحاكاة هذه بكفاءة عالية، وهو ما يمكن أن يقود إلى إنجازات تقنية جديدة، مثل بطاريات أكثر فعالية، وجزيئات جديدة مصدرة للضوء من أجل الشاشات. وقد قام فريق من آي بي إم من قبل باستخدام آلة كمومية لنمذجة الجزيئات الصغيرة المكونة من ثلاث ذرات، كما يتساءل بعض الباحثين عن إمكانية جمع الدارات الكمومية مع الشبكات العصبونية المتنافسة في محاولة لتصميم جزيئات جديدة.

يراهن الداعمون الماليون لزاباتا، مثل شركتي بيلار في سي وذا إينجين وصندوق تمويل من إم آي تي للاستثمار في الشركات التي تعمل على "تقنيات صعبة"، على ظهور المزيد من التطبيقات للحوسبة الكمومية في نهاية المطاف، وأن عدد الباحثين القادرين على تصميم الخوارزميات المتطورة المطلوبة سيبقى قليلاً للغاية. يعتقد ريد ستورتيفانت من ذا إينجين أنه يوجد أقل من مائة من هؤلاء الباحثين على مستوى العالم حالياً، وأن أسبورو-جوزيك وأربعة أعضاء سابقين من مجموعته البحثية، والذين قاموا بتأسيس الشركة بالاشتراك معه ومع سافوي، هم من هؤلاء المجموعة المحدودة. وإذا كان ستورتيفانت على حق، فإن هذا التجمع من الكفاءات في زاباتا قد يؤدي إلى قفزات كمومية في أرباحها المستقبلية.