هل تصبح شركة روكيت لاب المنافس الأكبر لسبيس إكس؟

4 دقائق
صاروخ نيوترون من شركة روكيت لاب
التصميم الانسيابي لصاروخ نيوترون من روكيت لاب.

في الصناعة الفضائية في القطاع الخاص، يبدو أن سبيس إكس تحتل موقعاً خاصاً ومتميزاً بمعزل عن جميع الشركات الأخرى. ويبدو أن بلو أوريجين -التي يدعمها مؤسس ملياردير خاص بها، وهو جيف بيزوس- هي الشركة الأخرى الوحيدة القادرة على جذب نفس الدرجة من الاهتمام. على الرغم من أن بلو أوريجين لم تتجاوز الفضاء تحت المداري حتى. 

غير أن روكيت لاب قد تتمكن قريباً من كسر هذا الاحتكار الثنائي؛ حيث إن هذه الشركة -التي تأسست في نيوزيلندا وأقامت مقرها الأساسي في لونج بيتش بكاليفورنيا- تتفوق على جميع الشركات الأخرى، باستثناء سبيس إكس، من حيث عدد عمليات الإطلاق، ويكاد يبدو أنهما الشركتان الوحيدتان اللتان تذهبان إلى المدار بشكل منتظم؛ فقد حلق صاروخها الأساسي إلكترون 18 مرة خلال أقل من 4 سنوات، وأوصل ما يقارب 100 قمر اصطناعي إلى الفضاء، وأخفق في الإقلاع مرتين فقط.

وفي 1 مارس، أعلنت الشركة بوضوح أكبر عن طموحاتها عندما كشفت الستار عن خططها لبناء صاروخ جديد يحمل اسم نيوترون. يبلغ ارتفاع الصاروخ نيوترون 40 متراً ويستطيع حمل 20 ضعفاً من حمولة إلكترون، وتروج له روكيت لاب بوصفه بطاقة دخولها إلى أسواق عمليات الإطلاق للأقمار الاصطناعية الكبيرة ومجموعات الأقمار الاصطناعية الضخمة، إضافة إلى البعثات الروبوتية المستقبلية إلى القمر والمريخ. ولمزيد من الإثارة، تقول روكيت لاب إن نيوترون سيُصمم للتحليق البشري أيضاً. كما وصفت الشركة هذا الصاروخ بأنه “بديل مباشر” للصاروخ فالكون 9 من سبيس إكس.

يقول روجر هاندبيرج، وهو خبير في السياسات الفضائية بجامعة سنترال فلوريدا: “تمثل روكيت لاب إحدى قصص النجاح في شركات الإطلاق الصغيرة. وقد بدأت تتمدد نحو نطاق شركات الإطلاق الأكبر والأكثر رسوخاً، خصوصاً سبيس إكس”.

وقد تعاظم هذا الطموح بخبر آخر تم الإعلان عنه في 1 مارس أيضاً؛ وهو اندماج روكيت لاب مع شركة فيكتور أكويزيشن لأغراض الاستحواذ؛ حيث إن التشارك مع شركة استحواذ بأغراض خاصة -وهي شركة تسمح لشركة أخرى بأن تصبح عامة دون طرح أولي عام- سيسمح لروكيت لاب بالاستفادة من تدفق هائل من الأموال التي سترفع قيمتها إلى 4.1 مليار دولار. وسيتم توجيه قسم كبير من هذه الأموال إلى تطوير واختبار نيوترون، الذي ترغب الشركة في أن تبدأ بالتحليق به في 2024.

إن هذا يمثل تغييراً شبه كامل في توجهات روكيت لاب؛ فقد كان الرئيس التنفيذي بيتر بيك غير متحمس إزاء فكرة بناء صاروخ أكبر لنقل حمولات أثقل، وقد يكون تابعاً حتى لعدة عملاء في الوقت نفسه. 

ولكن سوق الأقمار الاصطناعية تبنَّت بعثات النقل التشاركي إلى المدار، خصوصاً بعد ظهور مجموعات الأقمار الاصطناعية الضخمة، التي ستمثل غالبية الأقمار الاصطناعية التي ستُنقل إلى المدار في العقد المقبل. يستطيع نيوترون نقل 8,000 كيلوجرام إلى المدار الأرضي المنخفض، ما يعني أنه قد يستطيع نقل العشرات من الحمولات إلى المدار في نفس الوقت. وفي لفتة طريفة، تضمن الفيديو التقديمي لصاروخ نيوترون لقطة لبيك وهو يأكل قبعته تعبيراً عن اعترافه بالخطأ وتراجعه عنه.

سيفتح نيوترون لروكيت لاب فرصة أفضل للتنافس مع سبيس إكس بطرق أخرى أيضاً؛ حيث إن كلتا الشركتين تستثمران في الرحلات الفضائية الرخيصة عبر استعمال المواد منخفضة التكاليف والأنظمة الصالحة للاستخدام المتكرر. سيتم تصميم المعزز الصاروخي للمرحلة الأولى لنيوترون للهبوط عمودياً على منصة في المحيط، تماماً مثل المعزز الصاروخي للمرحلة الأولى لصاروخ فالكون 9 من سبيس إكس.

غير أن التشابهات مع سبيس إكس لا تقتصر على هذا؛ حيث تزعم روكيت لاب أن نيوترون سيكون مصمماً بحيث يمكن ترخيصه للتحليق بالبعثات البشرية إلى المدار ومحطة الفضاء الدولية، تماماً كما تفعل سبيس إكس حالياً. ويُعتبر تصميم نيوترون مماثلاً لمركبة الإطلاق الروسية سويوز، التي تأخذ رواد الفضاء في دفعات من ثلاث أشخاص إلى محطة الفضاء الدولية. وبطبيعة الحال، فإن الشركتين مهتمتان بالبعثات نحو وجهات أبعد من المدار. وسيكون نيوترون قادراً على إرسال حمولات بوزن 2,000 كيلوجرام إلى القمر و1,500 كيلوجرام إلى المريخ والزهرة.

ولكن ما تزال هناك بعض الاختلافات بين الشركتين. فخلافاً لسبيس إكس التي صممت مركبة كرو دراجون، لم تقم روكيت لاب ببناء كبسولات مأهولة خاصة بها حتى الآن. وإذا بدأ نيوترون بنقل البشر إلى المدار، فليس من الواضح بالضبط أي المركبات التي يمكن أن يحملها. كما أن روكيت لاب لا تعمل على بناء مركبة فضائية للنقل بين الكواكب مثل ستارشيب، ولا تحاول بناء خدمة عالمية لتوفير الإنترنت بالأقمار الاصطناعية مثل ستارلينك. وفي الواقع، فإن المشروع الكبير الوحيد لروكيت لاب خارج نطاق الصواريخ هو ناقل الأقمار الاصطناعية فوتون، وهو البنية التحتية للمركبة الفضائية التي عادة ما تقوم بإبلاغ مركز التحكم الأرضي عن موقع القمر الاصطناعي في المدار. 

إضافة إلى ذلك، فإن نيوترون لن يعمل بشكل ناجح على الفور. وحتى يصبح صالحاً للاستخدام المتكرر، فيجب أن يخضع للاختبار تلو الآخر، ومن الجدير بالذكر أن إلكترون لم يصبح حتى الآن صالحاً للاستخدام المتكرر بشكل كامل. يُعد محرك نيوترون ضخماً ومعقداً إلى درجة تمنع تعديله ببساطة من محرك إلكترون، ولهذا يجب على الشركة أن تبدأ من الصفر وتتوصل إلى طريقة لتضخيم الإنتاج من جديد.

ومن غير المفاجئ أن الرحلات الفضائية المأهولة ستكون أكبر تحدٍّ تواجهه هذه الشركة. يقول هاندبيرج: “سيمنحهم الصاروخ الجديد تنافسية أفضل في مجال الحمولات. غير أن التحليق الفضائي البشري ينطوي على صعوبات أكبر”. تمثل محطة الفضاء الدولية إحدى هذه الوجهات، ولكن روكيت لاب ستضطر إلى الدخول في منافسة على العقود مع سبيس إكس وبوينغ. ومن الممكن أن تجد مجالاً للعمل في السياحة الفضائية، غير أن هذه الصناعة ما زالت في بداياتها.

أيضاً، هناك مسألة تتعلق السلامة. يقول هاندبيرج: “على الرغم من أن المنافسة تمثل مشكلة بالنسبة لروكيت لاب، فإنها لا تُقارن بتكلفة جعل الصاروخ الجديد مؤهلاً لنقل البشر وتأسيس بنية تحتية لدعم العمليات. فقد عانت سبيس إكس من العديد من المشاكل مع مركبة كرو دراجون”. كما أن التحليق التجريبي الفاشل لمركبة ستارلاينر في ديسمبر من العام 2019 قد أخَّر آمال بوينغ بإرسال البشر إلى الفضاء لأكثر من سنة. غير أن نيوترون سيؤدي دون شك -وبسرعة- إلى تقليص الفارق بين سبيس إكس وروكيت لاب فيما يتعلق بالتأثير على صناعة الفضاء التجارية. وإذا أصبح (بل وعندما يصبح) نيوترون جاهزاً للتحليق في 2024، فسوف يكون هذا الفارق صغيراً للغاية.

المحتوى محمي