منذ ظهورها، ساهمت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في جعل الحياة أسهل من أي وقت مضى، لكن من أجل استخلاص نتائج ذات مغزى من نماذج الذكاء الاصطناعي الموجودة الآن، مثل التعلّم العميق والبيانات الضخمة والتعلّم الآلي، هناك حاجة لزيادة قوة الحوسبة، فما هو موجود حالياً من شرائح الذاكرة المتوفرة للأغراض العامة لا يمكنها دعم مثل هذه النماذج المتطورة من الذكاء الاصطناعي.
هذا هو السبب الذي يجعل سوق شرائح الذكاء الاصطناعي مصدر أرباح عالية للشركات المنتجة لها. لذلك، تعمل معظم الشركات المصنّعة لشرائح الذكاء الاصطناعي بكل جهدها لتطوير شرائح فائقة الأداء لأخذ السبق والحصول على أكبر حصة من السوق، فما أبرز الشركات العاملة في تطوير شرائح الذكاء الاصطناعي وإنتاجها؟
شرائح الذكاء الاصطناعي: ما هي ولماذا هي مهمة؟
شرائح الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence Chips)، اختصاراً (AI Chips) هي مسرعات مصممة خصيصاً للشبكات العصبونية الاصطناعية (ANN)، وتتكون من مصفوفات البوابة القابلة للبرمجة الميدانية (FPGA)، ووحدات معالجة الرسومات (GPU)، والدوائر المتكاملة الخاصة بالتطبيقات (ASIC)، وجميعها مصممة خصيصاً للذكاء الاصطناعي.
تأتي أهميتها من قدرتها على معالجة كمية هائلة من البيانات، وتحديد الأنماط الأساسية، وتفسير الاتجاهات، واستخدام الخلاصة لتحقيق أهداف محددة، وإدارة العمليات المتعددة بكفاءة وسرعة في وقت واحد. نتيجة لذلك، يتزايد الطلب على شرائح الذكاء الاصطناعي باستمرار بسبب الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا في كل صناعة تقريباً، وفي مجالات متعددة مثل، التعرف على الصوت، وإنترنت الأشياء، والمحاكاة الطبية أو العسكرية، والتوجيه الذكي، والقيادة الذاتية وغيرها.
اقرأ أيضاً: ما هي البصمة الكربونية الحقيقية للذكاء الاصطناعي؟
سوق واعدة تنمو بقوة
مع التقدم التكنولوجي، تتحول السوق نحو الأجهزة الذكية والمنازل الذكية والمدن الذكية، ما أدى إلى نمو هائل في سوق شرائح الذكاء الاصطناعي. علاوةً على ذلك، من المتوقع أن تؤدي زيادة الاستثمارات في الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي وظهور الحواسيب الكمومية الكمومية إلى زيادة نمو السوق في المستقبل.
كما أن الزيادة الهائلة في البحث والتطوير، وزيادة استخدام الروبوتات في مختلف القطاعات، وإطلاق منتجات تكنولوجية عالية الأداء من شأنها أن تخلق فرصاً جديدة في السوق، ما يؤدي إلى زيادة معدل نمو سوق شرائح الذكاء الاصطناعي، وهذا ما أظهره تقرير شركة التحليلات (Business Wire) الذي أفاد بأن سوق شرائح الذكاء الاصطناعي العالمي قد بلغت قيمتها 20 مليار دولار في عام 2021، ومن المتوقع أن تنمو لتصل إلى 304 مليارات دولار بحلول عام 2030.
اقرأ أيضاً: كأس العالم 2022: الذكاء الاصطناعي لمراقبة الحشود وضبط حرارة الملاعب
أبرز الشركات الرائدة في تطوير شرائح الذكاء الاصطناعي وتصنيعها
1. شركة آي بي أم (IBM)
من أعرق الشركات العالمية العاملة في مجال تطوير شرائح الذكاء الاصطناعي وتصنيعها، لديها خبرة كبيرة في هذا القطاع، وقد تصدرت عناوين الأخبار في عام 2014 عندما أطلقت شريحتها العصبونية المسماة ترو نورث أيه آي (TrueNorth AI) التي احتوت على 5.4 مليار ترانزستور، ومليون خلية عصبية، و256 مليون نقطة تشابكية، وقادرة على إجراء استدلال عميق للشبكة بكفاءة وتقديم تفسير عالي الجودة للبيانات.
كما أطلقت أيضاً في شهر أبريل من هذا العام 2022، معالج الذكاء الاصطناعي من الجيل التالي آي بي إم تيلوم (IBM Telum Processor)، الذي استغرق تطويره ثلاث سنوات، ويهدف إلى تحسين كفاءة استخدام مجموعات البيانات الضخمة. ووفقاً للشركة، فإن هذا المعالج مناسب للاستخدام في المهام الأكثر تعقيداً مثل منع الاحتيال في الوقت الفعلي.
2. شركة إنفيديا (Nvidia)
تقوم شركة إنفيديا بتطوير وإنتاج معالجات عالية الجودة والأداء لصناعة الألعاب منذ سنوات، حيث تستخدم أشهر منصات الألعاب مثل بلاي ستيشن 3 وإكس بوكس معالجات الرسوميات التابعة لها، كما لدى الشركة أيضاً خط إنتاج لشرائح الذكاء الاصطناعي من الجيل التالي الأكثر تطوراً، مثل إكسافير (Xavier)، وفولتا (Volta)، وتسلا (Tesla) المصممة لحل مشكلات العمل في مختلف الصناعات، مثل القيادة الذاتية ومراكز البيانات.
كما تخطط الشركة للكشف عن شريحة الذكاء الاصطناعي الأكثر تطوراً في عام 2023، والتي تم تصميمها لمراكز البيانات دي جي إكس أيه 100 (DGX A100). ستحتوي الشريحة على 8 وحدات معالجة رسومات (GPU) بسعة ذاكرة تصل إلى 640 غيغابايت، وتهدف شريحة الذكاء الاصطناعي القادمة إلى تسريع التعلم الآلي وأعباء العمل الخاصة بالحوسبة عالية الأداء (HPC) والتي تتراوح من تطبيقات الحوسبة الفائقة إلى تحليلات البيانات الضخمة والمركبات ذاتية القيادة.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي والتطبيق الفائق: حوار مع رئيس قسم البيانات والذكاء الاصطناعي في شركة كريم
3. شركة إنتل (Intel)
تعد شركة إنتل واحدة من أكبر اللاعبين في السوق ولديها تاريخ طويل في هذا المجال. ففي عام 2017، أصبحت إنتل أول شركة منتجة لشرائح الذكاء الاصطناعي في العالم تكسر حاجز مبيعات وصل إلى مليار دولار. علاوةً على ذلك، فإن لتطوير معالجات إنتل إكسيون (Intel Xeon) لمجموعة متنوعة من الوظائف تأثيراً كبيراً على النجاح التجاري للشركة.
وحالياً لدى الشركة إحدى أكثر شرائح الذكاء الاصطناعي تطوراً في العالم، وهي شريحة جاودي (Gaudi) المصممة لتدريب الشبكات العصبونية، حيث إن هذا المنتج بحسب الشركة، يعالج فجوة في الصناعة من خلال تزويد العملاء بخيارات حساب التعلم العميق عالية الأداء وعالية الكفاءة لكل من أعباء العمل التدريبية وعمليات نشر الاستدلال في مركز البيانات، كما لدى الشركة أحدث شريحة للذكاء الاصطناعي تم تطويرها خصيصاً لنموذج التعلم العميق.
اقرأ أيضاً: شرائح جديدة من إنتل تعالج البيانات بسرعة تفوق سرعة الشرائح العادية بألف ضعف
4. شركة ألفابيت (Alphabet)
في العديد من الصناعات بما في ذلك الحوسبة السحابية ومراكز البيانات وأجهزة الجوال وأجهزة الحاسوب المكتبية، تتولى الشركة الأم لشركة جوجل مسؤولية تطوير تكنولوجياتها الخاصة بها، بالإضافة إلى ذلك لديها العديد من شرائح الذكاء الاصطناعي لدعم منتجات الشركة، مثل شريحة التعلم الآلي كلاود تي بي يو (Cloud TPU) المصممة لدعم منتجات جوجل مثل الترجمة والصور والبحث والمساعد الصوتي وجيميل، وشريحة إيدج تي بي يو (Edge TPU) المصممة للأجهزة المتطورة التي تعمل على حافة الشبكة مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة إنترنت الأشياء.
5. شركة أيه إم دي (AMD)
هي شركة تصنيع شرائح تركز بشكل أساسي على معالجات بطاقات الرسومات، كما لدى الشركة العديد من شرائح الذكاء الاصطناعي المصممة لنماذج التعلم الآلي والتعلم العميق. على سبيل المثال، تحتوي شريحة ألفيو يو 50 (Alveo U50) على 50 مليار ترانزستور، قادرة على تشغيل 10 ملايين مجموعة بيانات مضمنة وتنفيذ خوارزميات الرسم البياني في أجزاء من الثانية، والتي تساعد المؤسسات على اتخاذ قرارات أكثر دقة تعتمد على البيانات.
اقرأ أيضاً: الموجة التالية من الإنجازات الكبيرة في الذكاء الاصطناعي تتوقف على الشرائح التي نبنيها له
6. شركة بايدو (Baidu)
تتحكم الشركة في سوق محركات البحث في الصين عبر محرك البحث الذي يحمل اسمها. وتعد الشركة أكبر من مجرد محرك بحث، فهي شركة تكنولوجية صينية ضخمة متخصصة في الخدمات والمنتجات ذات الصلة بالإنترنت، بالإضافة إلى أن شركة البحث التي تحمل اسم الشركة تعتبر واحدة من أكبر شركات تطوير شرائح الذكاء الاصطناعي في العالم.
كما أن للشركة استثمارات كبيرة في قطاعات تجارية جديدة وواعدة، مثل السيارات ذاتية القيادة، والتي تتطلب معالجات وشرائح ذكاء اصطناعي دقيقة وقوية. ولتحقيق ذلك، أعلنت الشركة في العام الماضي عن شريحة كون لون (Kun Lun) الأكثر تطوراً والتي وصفتها بأنها (شريحة ذكاء اصطناعي من السحابة إلى الحافة).
اقرأ أيضاً: ما الذي جعل "علي بابا" تراهن على شرائح الذكاء الاصطناعي الإلكترونية والحوسبة الكمومية؟
أبرز الشركات الناشئة الرائدة في مجال تطوير شرائح الذكاء الاصطناعي
على الرغم من أن الشركات التي تم ذكرها سابقاً أكثر قيمة في سوق شرائح الذكاء الاصطناعي ولديها خبرة وشهرة كبيرة، فهناك بعض الشركات الناشئة التي برزت بقوة والتي قد نسمع عنها كثيراً في المستقبل القريب، وأشهرها:
7. سامبانوفا سيستمز (SambaNova Systems)
تأسست الشركة في عام 2017 بهدف تطوير أنظمة برمجيات عالية الأداء والدقة، ويقوم نموذج عملها على بناء مراكز البيانات وتأجيرها للشركات بدلاً من بيع شرائح الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. وتهدف الشركة من اتباع هذا النهج إلى تعزيز الإشراف على المنتجات والعمل على تطوير منتجات أكثر متانة.
8. سربراس سيستمز (Cerebras Systems)
تأسست الشركة في عام 2015. وفي أبريل 2021، أعلنت الشركة عن نموذجها الجديد لشرائح الذكاء الاصطناعي سربراس دبليو إس إي-2 (Cerebras WSE-2) الذي يحتوي على 850 ألف نواة و2.6 تريليون ترانزستور. وتستخدم الشريحة من قِبل العديد من شركات الأدوية العالمية، مثل شركة أسترازينيكا (AstraZeneca)، وذلك يعود إلى أن التكنولوجيا الفعّالة للشريحة التي تطوّرها الشركة تعمل على تسريع البحث الجيني وتقصير وقت اكتشاف الأدوية.
اقرأ أيضاً: هل يكون الذكاء الاصطناعي سبباً في إطلاق الصين لصناعة الشرائح بشكل فعلي؟
9. شركة ًجرافكور (Graphcore)
شركة بريطانية تأسست في عام 2016، جمعت تمويلاً وصل إلى 700 مليون دولار، وقد أعلنت الشركة عن شريحة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها آي بي يو-بي أو دي 256 (IPU-POD256) التي توفر أداءً غير مسبوق وكفاءة في استهلاك الطاقة لابتكارات التعلم الآلي الحالية والمستقبلية. كما لدى الشركة شراكات استراتيجية مع شركات تخزين البيانات وشركات تكنولوجية أخرى رائدة، وتعمل مع معاهد بحثية رائدة في جميع أنحاء العالم تستخدم منتجاتها.
اقرأ أيضاً: هل تتحقق وعود إيلون ماسك في زرع شريحة في دماغ البشر هذه المرة؟
10. شركة جروك (Groq)
تم تأسيس الشركة بواسطة موظفين سابقين في جوجل، وتمثل الشركة نموذجاً جديداً في تطوير شرائح الذكاء الاصطناعي الذي يهدف إلى تسهيل تبني الشركات لأنظمتها. وقد جمعت الشركة تمويلاً وصل إلى 350 مليون دولار في عام 2021، وأنتجت تصاميمها الأولى من شرائح الذكاء الاصطناعي بالفعل، كما استحوذت مؤخراً على شركة ماكسيلير (Maxeler) التي تمتلك حلول حوسبة عالية الأداء (HPC) لتطبيقات الخدمات المالية.