كيف ستؤثر شبكة الجيل الخامس على سوق صناعة الألعاب؟

5 دقائق
كيف ستؤثر شبكة الجيل الخامس على سوق صناعة الألعاب؟
حقوق الصورة: أنسبلاش.

أصبحت شبكات الجيل الخامس متاحة للمستهلكين بالفعل في معظم المدن الكبرى في دول العالم المختلفة. ومع استمرار مزودي خدمات الإنترنت وشركات الهواتف الذكية في طرحها على مدار السنوات القليلة المقبلة، من المتوقع أن نرى اعتماداً واسعاً لها في معظم الدول ومن ضمنها دول المنطقة العربية التي بدأت بالفعل في نشرها في بعض المدن.

شبكات الجيل الخامس ودورها في تحسين لعب الألعاب

أسهل طريقة لشرح تكنولوجيا شبكات الجيل الخامس هي القول بأنها ستوفر سرعات نقل بيانات أسرع بمئات وأحياناً آلاف المرات مما قد تحصل عليه حالياً من خلال شبكتي الجيل الثالث أو الرابع، وفيما يتعلق بألعاب الفيديو فإنها ستعمل بشكل أساسي على تقليل التأخير عند اللعب بألعاب الفيديو، خاصة في الألعاب متعددة اللاعبين التي تعتمد على السحابة.

وعلى الرغم من أن مزودي خدمات الإنترنت المنزلي يوفرون بالفعل سرعات عالية حالياً، إلا أنه قد يحدث تأخير ملحوظ أو توقف مؤقت عند ازدحام الشبكة، والذي يمكن أن يؤدي إلى تدمير تجربة المستخدم تماماً، ويجعل لعب الألعاب التنافسية شبه مستحيل.

اقرأ أيضاً: الصين تتصدر سباق الاتصالات من الجيل الخامس 5G، ولكن ماذا يعني هذا بالضبط؟

ولكن مع شبكة الجيل الخامس التي توفر معدل زمن انتقال منخفض للغاية، وتأخير بين بيانات الإرسال والاستلام يصل إلى 1 ميللي ثانية بدلاً من 200 ميللي ثانية الموجودة الآن في شبكات الجيل الرابع، لن يلاحظ اللاعبون تأخيراً كبيراً أثناء اللعب وسيستمتعون بتجربة لعب أكثر سلاسة.

هذا من شأنه أن يحدث فرقاً كبيراً في تجربة اللعب، حيث يمكن لجميع اللاعبين الآن الحصول على تجربة لعب سلسة مع معدل تأخير منخفض للغاية، ما يشجع المزيد من اللاعبين على لعب الألعاب التنافسية مثل ألعاب الرياضيات الإلكترونية وألعاب إطلاق النار والألعاب الأخرى التي تتطلب أن يكون لجميع المشاركين اتصال إنترنت ثابت ومستقر.

كيف استعدت شركات التكنولوجيا لاستقبال شبكة الجيل الخامس؟

من المتوقع أن تتعدد حالات استخدامات شبكة الجيل الخامس في جميع القطاعات تقريباً، ولكن قطاع صناعة الألعاب من أبرز القطاعات التي تنظر إلى هذه التكنولوجيا بشكل خاص لما توفرها من موثوقية في نقل البيانات بسرعة شبه ثابتة، والأهم الفرص الواعدة لتحقيق الأرباح من خلال توفير لعب الألعاب بدون الحاجة إلى تنزيلها في الجهاز اعتماداً على سرعة الاتصال الموثوق بالإنترنت التي توفرها شبكة الجيل الخامس. فقد دخلت جميع شركات التكنولوجيا الكبرى مجال صناعة الألعاب بطريقة أو أخرى، من خلال توفير منصات "ألعاب قائمة على السحابة" (Cloud gaming) تتيح للمستخدمين لعب آلاف الألعاب المتنوعة على هواتفهم أو أجهزتهم اللوحية بدون الحاجة إلى تنزيلها، بشكل مشابه لعمل منصات بث الفيديو حسب الطلب، مثل "نتفليكس" (Netflix)، أو منصات بث الموسيقى مثل "سبوتيفاي" (Spotify).

اقرأ أيضاً: في ظل الحجر الصحي: لماذا أصبحت الإنترنت أفضل من أي وقت مضى؟

وقد كانت  شركة سوني من أولى الشركات التي بدأت في توفير خدمة لعب ألعاب فيديو قائمة على الاشتراك تُسمى "بلاي ستشين بلس بريميوم" (PlayStation Plus Premium)، تتيح للاعبين لعب أكثر من 700 لعبة عبر السحابة من خلال وحدات التحكم "بلاي ستيشن" (PlayStation) والحاسوب، بالإضافة  إلى شركة جوجل التي أطلقت خدمة تُسمى "جوجل ستاديا" (Google Stadia) تسمح بلعب ألعاب الفيديو بدقة تصل إلى 4K عبر خوادم الشركة. وكذلك شركة أبل وخدمتها "أبل أركادي" (Apple Arcade) والتي تتيح الوصول إلى أكثر من 200 لعبة بما فيها ألعابها المتوفرة في متجر آب ستور أو ما تُسمى "ألعاب الطرف الأول" (First party games)، وشركة مايكروسوفت التي أطلقت خدمة "إكس بوكس كلاود غيمينغ" (Xbox Cloud Gaming) التي تتيح لمالكي وحدات الألعاب "إكس بوكس" (Xbox) وأجهزة الحاسوب لعب مئات الألعاب عبر السحابة، سواء بشكل فردي أو مع شخص آخر.

اقرأ أيضاً: تفشي نظرية مؤامرة تربط بين كورونا وشبكات الجيل الخامس في المملكة المتحدة

كيف ستؤثر شبكة الجيل الخامس على سوق صناعة الألعاب؟

انطلاق حقبة ألعاب الواقع الافتراضي

ستشجع مستويات زمن الانتقال المنخفض الذي توفره شبكة الجيل الخامس على تطوير المزيد من الألعاب المرتبطة بتكنولوجيا الواقع الافتراضي (VR)، ومن خلال التحسينات في النظارات يمكن للاعبين الآن لعب "الألعاب الافتراضية" (Virtual Games) بسلاسة دون القلق من التأخير في اللعبة أو التواصل في الوقت الفعلي. وبحسب التقديرات فإن من المتوقع أن تستحوذ تطبيقات وحالات استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي والمعزز على ما يصل إلى 50% من حركة مرور شبكة الجيل الخامس.

وقد بدأت شركات التكنولوجيا العملاقة بالفعل في الاستثمار بشكل كبير في قطاع ألعاب الواقع الافتراضي وتطبيقاتها، حيث لدى أبل منصة "آركيت" (Arkit) التي تتيح للمطورين تطوير تطبيقات الواقع الافتراضي، كما أن لدى جوجل أيضاً منصة "آركور" (Arcore) لبناء تجارب الواقع الافتراضي والمعزز، والتي قد تكون بداية انطلاق حقبة جديدة من ألعاب الواقع الافتراضي.

اقرأ أيضاً: كيف يتم توظيف الواقع الافتراضي لاكتشاف الهوية الصوتية والشمية للمدن؟

تطوير التكنولوجيات الأخرى

تعتمد معظم شبكات الألعاب القائمة على السحابة حالياً على بنية مركزية غير قادرة على دعم وقت الاستجابة المنخفض للغاية الذي تتطلبه الألعاب المستندة إلى شبكة الجيل الخامس، ولكن عند إقرانها مع تكنولوجيات أخرى مثل "الحوسبة الطرفية" (Edge Computing) فهذا من شأنه أن يجعل عمليات المعالجة في الوقت الحقيقي فعالة وسريعة للغاية.

على سبيل المثال، عند لعب بعض الألعاب عبر الإنترنت يمكن أن يؤدي زمن انتقال قدره 100 ميللي ثانية أو أقل إلى إنشاء تجربة ألعاب مثالية، لكن ألعاب الواقع الافتراضي والواقع المعزز غالباً ما تتطلبان زمن انتقال أقل من 20 ميللي ثانية. ومن ثم إذا تمت ملاحظة أي تأخير فقد يعاني اللاعبون من الغثيان في هذه البيئات، لذا ستعمل تكنولوجيا الحوسبة الطرفية على تقليل مقدار التأخير بشكل ملحوظ عن طريق معالجة البيانات محلياً على حافة الشبكة.

اقرأ أيضاً: شركات عربية نجحت في دخول عالم الميتافيرس الافتراضي والاستفادة منه

نمو سوق الألعاب والرياضات الإلكترونية

مع شبكات الجيل الرابع الحالية يعد زمن الانتقال والسرعة أكبر مشكلة فنية تواجه سوق الألعاب والرياضات الإلكترونية التي وصلت قيمتها إلى أكثر من مليار دولار في عام 2021، بجمهور عالمي يضم أكثر من 300 مليون مستخدم، حيث يمكن لمشكلات مثل زمن الانتقال في هذه الألعاب التنافسية أن تفصل بين الفائزين والخاسرين. على سبيل المثال، في عام 2015 أنفق الفريق الكوري الجنوبي "دوتا 2" (Dota 2)  أكثر من 13,000 دولار للسفر إلى سنغافورة لتقليل تأخر اللعب بنسبة عُشر ثانية.

ونتيجة لذلك ستكون الألعاب والرياضات الإلكترونية من أولى القطاعات التي ستستفيد من إمكانات تكنولوجيا الجيل الخامس وتكنولوجيا الحوسبة الطرفية، حيث لن يفتح ذلك المجال لتدفقات إيرادات جديدة فقط، ولكن ستلغي الألعاب التي يتم بثها من الخوادم البعيدة الحاجة إلى وحدات تحكم الألعاب غالية الثمن أو حواسيب الألعاب المخصصة.

ازدهار سوق صناعة الألعاب السحابية

على الرغم من أن "الألعاب السحابية" (Cloud Gaming) كانت موجودة منذ أكثر من عقد من الزمن، إلا أن العديد من الخدمات التي توفرها لم تتمكن من الاستمرار بسبب جودة الفيديو الرديئة ووقت التأخير الذي أدى إلى ضعف تجربة اللعب. ولكن يعتقد العديد من الخبراء الآن مع بدء نشر تكنولوجيات الحوسبة الطرفية وشبكات الجيل الخامس أن المسرح مهيأ لازدهار صناعة الألعاب السحابية، حيث لن يحتاج اللاعبون بعد الآن إلى امتلاك وحدات تحكم باهظة الثمن من أجل ممارسة الألعاب، وسيكون لدى مطوري الألعاب المزيد من الطرق للوصول إلى اللاعبين دون الحاجة إلى جذب انتباه شركات أجهزة الألعاب الكبيرة.

ونتيجة لذلك تعتبر الألعاب السحابية جذابة للاعبين لعدد من الأسباب، منها:

  • لا يتعين على اللاعبين شراء وحدة تحكم في الألعاب لممارسة الألعاب، ويمكنهم بدلاً من ذلك استخدام هاتف ذكي أو أي نوع آخر من الأجهزة المتصلة.
  • يمكن لعب الألعاب في أي مكان يتوفر فيه اتصال بالإنترنت، ما يتيح مزيداً من المرونة للاعب.
  • لا يتعين على اللاعبين شراء نسخ مادية من الألعاب، ما يتيح أيضاً سهولة أكبر في الاستخدام.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يدخل ملاعب كرة القدم ويرسم مستقبل هذه الرياضة

تتوقع شركة تحليل البيانات "أومديا" (Omdia) أن تصل عائدات الألعاب القائمة على السحابة إلى 12 مليار دولار بحلول العام 2026، وبالنسبة لمزودي خدمات الإنترنت فإن طفرة الألعاب السحابية هذه يمكن أن تحمل الكثير من الإمكانات، حيث يمكن أن تكون الألعاب السحابية حالة استخدام جذابة للغاية ستدفع المشتركين إلى الترقية إلى أجهزة الجيل الخامس وخطط الأسعار بشكل كبير.

المحتوى محمي