سباق عالمي لتطوير أول لقاح لفيروس كورونا المستجد

3 دقائق

في الوقت الذي يجتاح فيه الذعر مختلف دول العالم بسبب الانتشار السريع لفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، والذي وصل عدد المصابين به إلى ما يقرب من 190 ألف حالة وتجاوزت أعداد ضحاياه 7,500 شخص، يدور سباق أخر ضد الزمن بين المختبرات العلمية المرموقة لإنتاج لقاح يوقف زحف المرض.

واشنطن تبدأ التجارب السريرية

البداية من الولايات المتحدة، حيث أعلن مسؤولو الصحة الحكوميون، مساء أمس، البدء في تجربة لقاح جديد محتمل ضد الفيروس. وأجريت بالفعل أولى مراحل التجربة السريرية في منشأة كايزر بيرمننت الطبية في مدينة سياتل - التي كانت أول بؤرة للمرض في الأراضي الأميركية - على أربعة متطوعين.

وقالت أولى المتطوعين، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 43 عاماً وتدعى جينيفر هالر، لوكالة أسوشيتد برس، إنها تأمل من خلال التطوع لهذه التجربة في "فعل شيء ما في مواجهة هذا الفيروس، لكي يعود الناس إلى الحياة في أقرب وقت ممكن". ومن المقرر أن يشارك 45 متطوعاً في باقي مراحل التجربة، على أن يحصل المتطوعون على جرعتين يفصل بينهما 28 يوماً.

واللقاح الجديد، الذي يعرف باسم (mRNA-1273) تم تطويره بالتعاون بين علماء من المعاهد الصحية الوطنية الأميركية (NIH) وشركة مودرنا (Moderna) الرائدة في مجال التكنولوجيا الحيوية. وأعلنت الشركة، في بيان، أن الهدف الرئيسي للتجربة هو توفير معلومات حول كيفية تفاعل ثلاث جرعات مختلفة من اللقاح - تبلغ 25 و100 و250 مغ - مع الجسم البشري، وتقييم سلامته، أما الهدف الثانوي فهو تقييم قدرته على توليد المناعة ضد فيروس كورونا المستجد.

وقال تال زاكس، كبير الأطباء في شركة مودرنا، إن "هذه التجربة هي الخطوة الأولى في تطوير لقاح سريري ضد فيروس كورونا المستجد، ونتوقع أن توفر معلومات مهمة حول السلامة والمناعة".

وأوضحت الشركة، في بيانها، أن السلطات الصينية أتاحت في الحادي عشر من يناير الماضي، التسلسل الجيني للفيروس الجديد. وفي الثالث عشر من الشهر نفسه، أنهى فريق مشترك من مودرنا ومركز أبحاث اللقاحات (VRC) التابع للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية (NIAID) تسلسل اللقاح الجديد، وبدأت الشركة تصنيعه. وتم الانتهاء من أول دفعة منه في السابع من فبراير، حيث خضع لاختبارات تحليلية، قبل أن يتم تسليمه في الرابع والعشرين من فبراير إلى المعاهد الصحية الوطنية الأميركية.

وأوضح العلماء أنه ليس ثمة احتمال لإصابة المتطوعين بالفيروس، إذ أن اللقاح لا يحتوي على الفيروس نفسه، وإنما على جزء صغير من شفرته الجينية يُطلق عليه اسم جزئ الحمض النووي الريبوزي الرسول أو الرنا (mRNA)، والذي استخرجه العلماء من الفيروس وتم تطويره في المختبر.

الشركات الألمانية في المقدمة

في الوقت نفسه، أعلنت شركة (BioNTech) الألمانية أنها تعمل على تطوير لقاح محتمل لفيروس كورونا المستجد بالتعاون مع شركة فايزر الأميركية.

وأوضحت الشركتان، في بيان مشترك اليوم الثلاثاء، أنهما ستستخدمان منصة تطوير الأدوية القائمة على جزئ (mRNA) التابعة لشركة (BioNTech)، وستستخدمان مواقع البحث والتطوير للشركتين، في كلٍ من الولايات المتحدة وألمانيا. وتعمل الشركتان حالياً معاً بالفعل على تطوير لقاحات تعتمد على جزئ (mRNA) لعلاج الإنفلونزا.

ومن المقرر أن يوزع اللقاح الجديد خارج الصين، وذلك بعدما وقعت (BioNtech) صفقة مع شركة شنغهاي فوسون للصناعات الدوائية، تحدد حقوقها في الصين فيما يتعلق باللقاح التجريبي. وتهدف الشركات إلى بدء الاختبارات على البشر في أواخر أبريل القادم.

وفي سياق أخر، أشارت عدة تقارير إعلامية ألمانية، أمس، إلى محاولات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إقناع شركة كيورفاك (CureVac) الألمانية العاملة في مجال الصيدلة الحيوية بنقل أبحاثها الخاصة بتطوير لقاح محتمل ضد فيروس كورونا المستجد إلى الولايات المتحدة، وذلك من خلال إغرائهم مالياً "لتأمين اللقاح للولايات المتحدة بشكل حصري"، وهو ما دفع الحكومة الألمانية لتقديم عروض مضادة لإغراء الشركة بالبقاء داخل أراضيها.

وكان فلوريان فون دير مولبي، كبير مسؤولي الإنتاج في الشركة قال، الأسبوع الماضي، لوكالة رويترز للأنباء، إن الشركة أجرت تقييمات على عدة لقاحات لفيروس كورونا، وإنها تختار الآن أفضل خيارين لإجراء التجارب السريرية، مضيفاً أن اللقاح سيكون جاهز للاختبار على البشر بحلول يونيو أو يوليو القادمين.

الصين تجيز أول تجاربها

وننتقل إلى الصين، حيث ذكر تقرير نشرته صحيفة الشعب اليومية التابعة للحزب الشيوعي، اليوم الثلاثاء، أن بكين أجازت إجراء التجارب السريرية على أول لقاح تطوره لمحاربة فيروس كورونا المستجد. وأضاف التقرير أن فريق الباحثين يقوده تشين واي من أكاديمية العلوم الطبية العسكرية في الصين.

وفي مؤتمر صحفي عقد اليوم، أعلن عدد من المسؤولين والأكاديميين الصينين أن بعض اللقاحات الخاصة بالفيروس ستدخل مرحلة التجارب السريرية في أسرع وقت. وقال وانج جونزي، الباحث بالأكاديمية الصينية للهندسة، إن العلماء يتسابقون لتطوير لقاحات الفيروس عبر خمسة مناهج وهي: اللقاحات المُعطلة، ولقاحات الهندسة الوراثية، ولقاحات ناقلات الفيروسات الغدانية، ولقاحات الأحماض النووية، ولقاحات تستخدم فيروس إنفلونزا مُخفف كناقلات.

وأضاف أن بعض تلك الفرق البحثية بدأت بالفعل في تسجيل المتطوعين، وتقدمت بطلب لإجراء التجارب السريرية لدى الإدارة الوطنية الصينية للمنتجات الطبية، مشيراً إلى أن سلامة اللقاحات كانت أولوية خلال عملية البحث والتطوير.

إضافة إلى هذه التجارب الرائدة، يجري العلماء في نحو 36 مركزاً علمياً حول العالم، تجارب للوصول إلى لقاح سريع يقي البشرية خطر الفيروس. ومع ذلك، يجدر بنا القول إنه حتى إذا سارت التجارب وفقاً لما هو مخطط له، فقد يستغرق الأمر ما يصل إلى 18 شهراً حتى يصبح أي لقاح محتمل متاحاً للجمهور.

المحتوى محمي