ريوجو: كومة الحطام الفضائي التي قد تحمل أسرار الماء على الأرض

3 دقائق
مصدر الصورة: وكالة الاستكشاف الفضائي اليابانية (جاكسا)

لقد قطعنا ملايين الكيلومترات من الأرض لزيارة كتلة من الحطام في الفضاء. ولكن لحسن الحظ، فإن ريوجو، وهو كويكب قرب الأرض حظي بزيارة من المسبار الياباني هايابوسا 2، أكثر إثارة للاهتمام مما قد يبدو. فهو لا يقدم لنا معلومات فريدة عن كيفية تشكل الصخور الفضائية وحسب، بل يعلمنا أيضاً المزيد حول السبب المحتمل لظهور الماء على الأرض.

انطلقت البعثة هايابوسا 2 في 2014، وقامت بالتقاط عدد من الصور وإجراء عدة عمليات مسح للكويكب. كما تم أيضاً إطلاق عربات جوالة قافزة على سطح الكويكب، وإطلاق رصاصات على صخوره، وذلك بهدف الحصول على المزيد من المعلومات حول بنيته الجيولوجية. والآن، نُشرت ثلاثة أبحاث في مجلة Science اعتمدت على هذه البيانات لقياس كثافة الكويكب، وكتلته، وشكله، وسرعة دورانه. وستساعد هذه النتائج العلماء على الإحاطة بشكل أفضل بطبيعة العينات الصخرية التي يُفترض بهايابوسا 2 إحضارها إلى الأرض في 2020.

هذه بعض المعلومات التي توصلنا إليها حتى الآن:

  • يتمتع الكويكب بكثافة منخفضة. وهو ما يشير إلى أن بنيته الداخلية مسامية حطامية.
  • يبلغ عرض الكويكب في المنتصف حوالي 1 كيلومتر، وتبلغ كتلته التقريبية حوالي 450 مليار كيلوجرام.
  • من المرجح أن ريوجو انفصل عن جسم أكبر بكثير.
  • أخذ الكويكب شكله الحالي الخذروفي عندما كان يدور بحوالي ضعف سرعة دورانه الحالية.
  • اكتشف مطياف بالمجال قرب تحت الأحمر مواد معدنية مائية –أي تحوي الماء ضمن تركيبها الكيميائي- على سطح الكويكب، ولكن كمية المياه كانت أقل مما توقعه الباحثون. يحمل ريوجو كمية من الماء أقل بكثير مما هو موجود في بينو، وهو أيضاً كويكب قريب من الأرض، وتقوم ناسا حالياً بدراسته.

ظهرت مفاجآت أخرى أيضاً، كما يقول سيجي سوجيتا، أحد مؤلفي البحث الأساسيين: "بالنسبة لي، كانت أكبر مفاجأة أن سطح ريوجو مغطى بصخور من نفس اللون". وهو ما يعني على الأرجح أن الكويكب الأب لريوجو – الذي انفصل ريوجو عنه – كان يتمتع ببنية داخلية متجانسة.

فاجأت هذه الصخور فرقاً أخرى أيضاً، ولكن لسبب آخر. حيث كان من المفترض أن تهبط المركبة على ريوجو في أكتوبر 2018، ولكن الحصى على سطح الكوكب كان أكبر من المتوقع، وهو ما تطلب إجراء بعض الاختبارات على الأرض قبل الهبوط، الذي تم أخيراً في فبراير.

مصدر الصورة: جو ميازاكي – ويكيميديا كومونز

تتيح دراسة ريوجو عن كثب أيضاً معلومات عن أجسام أخرى في النظام الشمسي، بما في ذلك الأرض. ففي الماضي، افترض العلماء أن كمية المواد المعدنية المائية والمواد العضوية في الكويكبات كانت تتعلق بشكل أساسي بدرجة الحرارة في الفضاء حيث تشكلت. ففي الفضاء البارد، يتكتل الجليد مع المواد العضوية إلى أجسام صغيرة تسمى الكواكب المصغرة. وفي نهاية المطاف، تتحد هذه الكواكب المصغرة مع أمثالها بتشكيل كويكبات أو حتى كواكب.

أما في المناطق الأكثر دفئاً في الفضاء، لا تتكتل هذه المواد بهذه السهولة، ما يعني أن الكواكب المصغرة التي تتحد معاً لتشكيل الكويكبات تحوي كميات أقل من الماء. يقول سوجيتا: "من المحتمل أن هذا قد أثر على كمية المياه والمواد العضوية التي تلقتها الأرض من حزام الكويكبات عندما ولدت الحياة".

منذ مليارات السنوات، تعرضت الأرض إلى عدد كبير من ضربات الكويكبات، ومن المحتمل أن هذا قد أدى إلى نقل الماء المحتبس فيها إلى الأرض بعد التصادم، وهو ما ساهم بدوره في ظهور الحياة. ويقول سايتشيرو واتانابي، مؤلف أحد الأبحاث الأخرى، أن الكويكبات الغنية بالكربون مثل ريوجو تُعتبر من الأجسام التي يُرجح أنها أوصلت المياه والمواد العضوية إلى الأرض. وهو ما يجعل من قلة كمية الماء أمراً محيراً.

قد تؤدي النتائج التي ظهرت بعد دراسة ريوجو إلى تغيير نماذجنا لبدايات النظام الشمسي، وتعديل نظرياتنا حول تركيب الصخور التي جلبت الماء إلى الأرض. ووفقاً لسوجيتا، فإن الملاحظات على ريوجو تشير إلى سبب آخر لقلة كمية المواد الحاملة للمياه والمواد العضوية في الكويكب مقارنة بما هو متوقع، وهو الحرارة الإشعاعية في بداية عمر الصخور، والتي أدت إلى تجفيفها. ولكن ما زال هناك الكثير من العمل في البعثة قبل أن نحصل على أجوبة مؤكدة. وسيحصل الباحثون بدون شك على استنتاجات أكثر تحديداً بعد مقارنة النتائج من ريوجو وبينو.

تمثل المرحلة التالية الرئيسية في البعثة خطوة حساسة للغاية، وتتمثل بإسقاط جهاز بوزن كيلوجرامين على سطح ريوجو في 5 أبريل. وبذلك سيتمكن المسبار هايابوسا 2 من أخذ العينات من المناطق الداخلية المغطاة. وسيتطلب هذا العمل حركات طيران سريعة بحيث يبتعد المسبار عن مسار أجزاء الكويكب عندما تندفع إلى الفضاء.

على الرغم من أن كل هذه البيانات ستعزز فهمنا للكويكبات، يجب على العلماء أن ينتظروا حتى 2020 قبل أن يتمكنوا فعلياً من دراسة العينات الصغيرة التي تمكن هايابوسا 2 من جمعها بعد إطلاق الرصاصات على الصخرة. وبفضل هذه الكتل الصغيرة من سطح ريوجو (والتي يقدر وزنها بحوالي 10 إلى 100 كيلوجرام)، قد يتمكن العلماء أخيراً من حل الأسئلة الغامضة حول هذه الكتلة المذهلة من الصخور الفضائية.