أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" (FIFA) أن نظام "التسلل شبه الآلي" (Semi Automated Offside) –اختصاراً SAO- المدعوم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي جاهز للعمل في كأس العالم القادمة "فيفا قطر 2022" (Fifa Qatar 2022)، جنباً إلى جنب مع التكنولوجيات الأخرى التي نُشرت سابقاً، وذلك تلافياً للأخطاء البشرية والتقليل منها للحد الأقصى، بالإضافة إلى تقليل الوقت المستغرق لمراجعة حالات التسلل إلى أقل فترة ممكنة.
تجارب ناجحة مهدت لاعتماد نظام التسلل شبه الآلي رسمياً
أتى الإعلان ضمن مؤتمر مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (IFAB) الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة في بداية الشهر الحالي، حيث أكد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، السويسري "جياني إنفانتينو" (Gianni Infantino) أن نظام "التسلل شبه الآلي" أصبح جاهزاً للاستخدام بعد اختباره في أربعة من ملاعب كأس العالم الثمانية ضمن مباريات بطولة كأس العرب التي أقيمت بالعاصمة القطرية الدوحة، ومباريات بطولة كأس العالم للأندية التي أقيمت في العاصمة الإماراتية أبو ظبي في العام السابق، بالإضافة إلى بعض مباريات الشباب في عدد من المدن الأوروبية.
ويأتي اعتماد تكنولوجيا التسلل شبه الآلي لتحسين عمليات اتخاذ القرار وتسريعها، والتي تساعد بها حاليّاً تكنولوجيا حكم الفيديو المساعد "VAR"، التي وعلى الرغم من أهميتها إلا أن الوقت التي تستغرقه لاتخاذ قرار التسلل من عدمه غالباً ما يصبح طويلاً للغاية، حيث يصل في بعض الحالات إلى أربع دقائق، ولكن الآن بمساعدة نظام التسلل شبه الآلي من المتوقع أن تُقلص فترة الانتظار لتصل إلى 3- 4 ثوانٍ فقط، وستكون عمليات إعادة البث متاحة لشاشات البث في الاستادات في غضون 25 ثانية.
اقرأ أيضاً: هل تمكن أحد أنظمة الذكاء الاصطناعي من تطوير لغة سرية فعلاً؟
وفي هذا الصدد، يذكر رئيس لجنة التحكيم في الفيفا الإيطالي "بييرلويجي كولينا": "نريد تحقيق الدقة، واتخاذ قرارات أسرع، وكذلك اتخاذ قرارات أكثر قبولاً. لقد رأينا في المباريات التي تمت تجربة النظام فيها أن الأمر نجح وتم تحقيق هذه الأهداف، حيث أن النظام يستخدم نفس مبدأ تكنولوجيا خط المرمى، وقد تقبلها مجتمع كرة القدم بشكل جيد للغاية، ومن ثم نحن واثقون من أن رد الفعل نفسه سيكون متوقعاً لهذا النظام".
كيف يعمل نظام التسلل شبه الآلي؟
يستخدم نظام التسلل شبه الآلي المدعوم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي 12 كاميرا خاصة يتم تثبيتها تحت سقف الإستاد، والتي تتيح تقييماً أكثر دقة من خلال تتبع 29 نقطة بيانات على اللاعبين بمعدل 50 مرة في الثانية، ثم تتم معالجة هذه البيانات في الوقت الفعلي تقريباً وحسابها بواسطة نظام الذكاء الاصطناعي لإنشاء نموذج لحالة التسلل.
بعبارة أخرى، تستخدم التكنولوجيا المستندة إلى الذكاء الاصطناعي الكشف الآلي للكرة وإنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد لموقف اللاعب على الفور. وتتمثل الخطة في أنها ستعمل على تحسين دقة نقطة الركلة باستخدام بيانات التتبع وأنظمة الاستشعار الموجودة في الكاميرا المثبتة بالأعلى، بينما سيتم تصميم الهيكل العظمي للاعب لتحديد أي جزء من جسم اللاعب هو الأبعد للأمام.
وبمجرد كشف النظام أن اللاعب في موقف تسلل، سيرسل تنبيهاً تلقائياً إلى حكم الفيديو المساعد الذي يجب عليه أن يقرر ما إذا كان هذا اللاعب له تأثير على اللعبة، أو رؤية ما إذا كان اللاعب في موقف تسلل. وإذا كان الأمر كذلك، سيقوم مباشرة بإرسال إشعار إلى الحكم المساعد في أرض الملعب لرفع العلم معلناً عن حالة التسلل.
I've told you all about this for a long time, now see it in action.
Semi-automated VAR has take off at the Club World Cup.
It's a vast improvement with:
- Quick decision-making
- Superior Hawk-Eye visualisationREAD: https://t.co/IBTSkVRSp3pic.twitter.com/tTwPnniK7a
— Dale Johnson (@DaleJohnsonESPN) February 4, 2022
وبحسب مدير قسم تكنولوجيا كرة القدم والابتكار في الفيفا "يوهانس هولزمولر": "هذا النظام يعتمد على تكنولوجيا تتبع الأطراف، أو كما يسميها البعض تكنولوجيا تتبع الهيكل العظمي، ولكن نحن نسميه تكنولوجيا التسلل شبه الآلي لأنه لا يزال يتعين على حكم الفيديو المساعد VAR التحقق من خط التسلل المقترح وتأكيده وتأكيد نقطة الركلة المقترحة، ثم يقوم بإبلاغ الحكم على أرض الملعب بشأن القرار".
اقرأ أيضاً: علم الشبكات يفسّر أسباب تفوّق برشلونة في عهد جوارديولا على باقي الفرق
ولكن رئيس لجنة التحكيم في الفيفا الإيطالي "بييرلويجي كولينا" لا يوافق تماماً على أن أنظمة الذكاء الاصطناعي هي من ستتولى الأمور، حيث صرح قائلاً: "أعلم أن شخصاً ما أطلق عليه اسم "روبوت تسلل" (Robot Offside)، إنه ليس كذلك. لا يزال الحكام والحكام المساعدون مسؤولين عن القرار في ميدان اللعب. التكنولوجيا تمنحهم فقط دعماً قيماً لاتخاذ قرارات أكثر دقة وأسرع، خاصة عندما تكون حادثة التسلل دقيقة وصعبة للغاية".
وأضاف أيضاً: "التكنولوجيا، اليوم أو غداً، يمكن أن ترسم خطاً، ولكن تقييم التدخل في اللعب أو مع الخصم يظل في أيدي الحكام، وستظل مشاركة الحكام في تقييم التسلل أمراً حاسماً ونهائياً".
اقرأ أيضاً: كيف تستخدم جوجل خوارزميات الذكاء الاصطناعي في إظهار نتائج البحث لك؟
لماذا يتم اعتماد هذا النظام بوجود تكنولوجيا حكم الفيديو المساعد؟
بحسب رئيس لجنة التحكيم في الاتحاد الدولي فإن تكنولوجيا حكم الفيديو المساعد كان لها تأثير إيجابي للغاية حتى الآن في كرة القدم، حيث انخفض عدد الأخطاء المؤثرة بشكل كبير، ولكن مع ذلك أكد أن هناك مجالات يمكن تحسينها، من ضمنها اكتشاف حالات التسلل.
وأضاف: "نحن ندرك أنه في بعض الأحيان تستغرق عملية التحقق من تسلل محتمل وقتاً طويلاً، لا سيما عندما يكون التسلل المراد تقييمه ضيقاً للغاية. وفي بعض الأحيان قد لا تكون الدقة في موقع بنسبة 100%، لهذه الأسباب فإن الفيفا يعمل على تطوير تكنولوجيا يمكن أن تقدم إجابات أسرع وأكثر دقة، وهذا ما يعرف باسم التسلل شبه الآلي".
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يدخل ملاعب كرة القدم ويرسم مستقبل هذه الرياضة
وبصورة أساسية تعمل تكنولوجيا التسلل شبه الآلي على مساعدة حكم الفيديو المساعد للتحقق من الحالات التالية:
- تحديد النقطة الدقيقة التي لمسها ممر الكرة بدقة، والتي غالباً لا يمكن تحديدها بسبب معدل الإطارات لكاميرات التلفزيون المستخدمة في تكنولوجيا حكم الفيديو المساعد.
- استخدام الذكاء الاصطناعي في أتمتة رسم النقطة الأبعد وصولاً إلى الأمام على كل من المدافع والمهاجم تلقائياً، والتي يتم رسمها يدوياً باستخدام تكنولوجيا حكم الفيديو المساعد والتي لا تكون متسقة غالباً ويمكن أن تتغير بشكل هامشي إذا تم رسمها مرة ثانية.
- حل نقطتين أساسيتين هما: النقطة الأولى هي نقطة الركلة أي تحديد اللحظة التي تُلعب فيها الكرة بالضبط، والنقطة الثانية هي تحديد أي جزء من المهاجم أو المدافع هو الأقرب لخط المرمى.
- تخطيط موضع اللاعبين باستخدام تكنولوجيا التصوير ثلاثي الأبعاد والذي عادةً ما يكون دقيقاً للغاية. وذلك لإزالة شكوك المشجعين الذين لا يقبلون النتيجة في كثير من الأحيان بسبب اختلاف رؤية الحالة -زاوية الكاميرا إلى موضع اللاعبين- عبر شاشات التلفزيون ثنائية الأبعاد.
- تقليل الوقت المستغرق للحكم على حالة التسلل، والذي يزيد في بعض الحالات عن خمس دقائق خاصة للقرارات المعقدة.
وهذا يعني أن نظام التسلل شبه الآلي سيكتشف جميع حالات التسلل، لذا سيكون الأمر أكثر دقة من تكنولوجيا حكم الفيديو المساعد، حيث سيتم إخبار حكم الفيديو المساعد بدقة عن مدى تسلل اللاعب المهاجم بتخطيط دقيق يصل إلى السنتيمتر، لذا بمجرد أن تكون جميع التخطيطات في مكانها الصحيح، فلا يوجد سبب للرجوع إلى حكم الفيديو لتحسين دقة اتخاذ القرار.
اقرأ أيضاً: أهم تطبيقات واستخدامات الذكاء الاصطناعي في التعليم
هل يمكن للجماهير الاحتفال مباشرةً بدون الحاجة إلى انتظار تأكيد الهدف؟
بمساعدة نظام التسلل شبه الآلي ستكون قرارات التسلل فورية، وفي كثير من الحالات سيقوم حكم الخط المساعد برفع العلم معلناً عن حالة التسلل حتى قبل تسجيل الهدف، لأن متابعة الكرة واللاعب ستتم بكاميرات خاصة بدلاً من كاميرات التلفزيون العادية التي تنقل المباراة بالكامل.
وهذا لن يتيح لحكم الفيديو المساعد ومشغل حالات إعادة اللعبة تحليل وضع اللاعبين فقط، ولكن أيضاً احتمالية مشاركتهم في اللعبة من عدمها ونقلها مباشرة إلى حكم الخط المساعد، حيث يأمل الاتحاد الدولي لكرة القدم من خلال تسريع العملية إلى بضع ثوانٍ، ألا يشعر المشجعون بعد الآن بأنهم فقدوا شعور الاحتفال التلقائي بالهدف بسبب الخوف من عدم قبول حكم الفيديو المساعد للهدف.