الذكاء الاصطناعي في المغرب يرسم ملامح مستقبل البلاد

4 دقائق
الذكاء الاصطناعي ودوره في رقمنة قطاعات الاقتصاد المغربي
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Coffeemill

كانت الأعوام الأخيرة مهمة للغاية بالنسبة للذكاء الاصطناعي، فقد أدّى وباء كوفيد-19 دوراً كبيراً في الدفع نحو تبني الكثير من التقنيات ودمجها في سوق العمل والتعلم وغيرها من القطاعات. وإذا استمر الاستثمار على حاله، سيصبح الذكاء الاصطناعي في غضون عدة سنوات حجر الأساس في الثورة الرقمية، وسيؤدي إلى إحداث تغييرات في كل القطاعات، بما في ذلك النقل والرعاية الصحية والصناعة والطاقة والتعليم.

في الدول العربية، أبدت بعض الحكومات اهتمامها بالإمكانات التي يمكن أن يوفرها الذكاء الاصطناعي، وضخت الملايين للاستثمار بهذه التكنولوجيا. وتعتبر الإمارات العربية المتحدة رائدةً في هذا المجال، ومؤخراً بدأنا نرى نفس الاهتمام في المغرب.

اقرأ أيضاً: الإمارات الأولى عربياً في مؤشر الجاهزية الحكومية للذكاء الاصطناعي

مؤتمر الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية

تستضيف جامعة الأخوين المغربية بالتعاون مع منظمة إشراك الذكاء الاصطناعي (Engage-AI) غير الربحية مؤتمر الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية (Artificial Intelligence for Development) المعروف اختصاراً بـ(AI4D). ويهدف المؤتمر إلى تمكين القطاعين العام والخاص المغربيين والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني من المشاركة ومناقشة بعض النقاط الرئيسية.

تتعلق هذه النقاط بأهمية وغرض وملاءمة الذكاء الاصطناعي للتنمية، وسيكون التركيز على نموذج التنمية الوطنية وأهداف التنمية المستدامة المتنوعة.​

إنه أول مؤتمر في العالم العربي يركز بشكل خاص على الذكاء الاصطناعي وأهداف التنمية المستدامة، وسيوفر فهماً متعمقاً لدور الذكاء الاصطناعي في تغيير الحياة اليومية للناس، وكيف يمكن استخدامه لمواجهة التحديات العالمية الأكثر إلحاحاً. سيركز المؤتمر أيضاً على كيفية تحسين بعض القطاعات مثل الرعاية الصحية والتعليم والتوظيف في المغرب.

ينعقد المؤتمر يومي 15 و16 سبتمبر 2022، في مركز المؤتمرات بجامعة الأخوين بمدينة إفران المغربية.

دور الذكاء الاصطناعي في رقمنة قطاعات الاقتصاد المغربي

أصبح المسؤولون في المغرب يدركون جيداً الإمكانات القوية لخوارزميات الذكاء الاصطناعي والدور الذي يمكن أن تؤديه في رقمنة قطاعات الاقتصاد المغربي.

الزراعة

تريد المملكة المغربية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحقيق الأمن الغذائي عن طريق الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والهدف الرئيسي هو زيادة إنتاج المزارعين والمساعدة في إنتاج كميات أكبر من الغذاء باستخدام أقل كمية من الماء والطاقة والأسمدة.

يمكن أن يراقب الذكاء الاصطناعي حالة التربة والنباتات ومعدل نموها، ويستطيع بسهولة تحديد المساحات التي يجب ريها بالماء وتقييم كمية المياه والأسمدة التي يجب أن تستخدم. هذا يساعد في تحقيق أقصى استفادة من مساحة الأرض القابلة للزراعة بأقل كمية ممكنة من الماء والموارد.

بالإضافة إلى ذلك، سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بحالة الطقس بشكل أكثر دقة من أجل تحديد مواعيد زراعة المحاصيل الزراعية بشكل دقيق بما يتوافق مع التغيرات الحاصلة في المناخ، والتنبؤ بمواقع الزراعة الأفضل وأوقات نضج المحاصيل وحصادها.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تطوير الزراعة التقليدية؟

توفير المياه

يعتبر المغرب من الدول المتأثرة  بتغير المناخ، وقد عانت الكثير من المناطق المغربية من الجفاف خلال الأعوام الأخيرة، ما يستدعي بالضرورة إيجاد طرق فعّالة لإدارة كمية المياه المتوفرة وتوزيعها بشكل عادل على المناطق المختلفة.

بالإضافة إلى استخدام الكميات المتوفرة من الماء بشكل صحيح دون هدرها، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تحديد كمية المياه التي يحتاجها كل تجمع سكاني، وذلك من خلال تحليل البيانات التي تتضمن عدد السكان والكثافة السكانية، هذا يساعد في تحديد احتياجات السكان للمياه في المناطق المختلفة.

اقرأ أيضاً: ناسا تطوّر أدوات جديدة لإدارة المياه من أجل الحد من المخاطر

القطاع المالي

تستخدم العديد من البنوك والمؤسسات المغربية الذكاء الاصطناعي في إجراء عمليات التدقيق والتحقق من البيانات وإجراء المهام الروتينية. هذا يساعد في تجنب الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها الموظفون البشر، ويجعل خدمة العملاء أكثر سرعة وأقل تكلفة، كما يفيد في منع الاحتيال المالي.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي في قطاع الخدمات المالية بين الفرص والتحديات

السيارات والنقل

هناك توجه من قبل الحكومة المغربية نحو الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في إدارة المرور لتحسين النقل وتخفيف الازدحام في الشوارع.

مكافحة الفساد

من خلال الاعتماد على الرقمنة والأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في قطاعات الدولة المختلفة، سيتم تقليل التفاعل ما بين المواطنين والموظفين الإداريين في مؤسسات الدولة. وهذا يؤدي لإنهاء العمليات البيروقراطية التي تتطلب الكثير من الوقت ويقلل من احتمال حدوث فساد.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للشركات اتخاذ موقف ضد الرشوة؟

التوظيف

الكثير من الوظائف التي يشغلها عمال أو موظفون في المغرب يمكن استبدالها بالذكاء الاصطناعي، بذلك تستطيع الشركات أن توفر الكثير من التكاليف.

لكن هذا لا يعني أن الذكاء الاصطناعي سيكون عاملاً سلبياً يزيد من نسبة البطالة في المغرب، فقد يؤدي استخدامه ودمجه في الدولة إلى إنشاء العديد من المناصب الوظيفية الجديدة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مؤسسات الدولة سيقلل من البيروقراطية والفساد فيها، فتصبح المغرب بيئة مثالية وجاذبة للاستثمارات الأجنبية التي ستساعد بكل تأكيد في زيادة فرص العمل.

اقرأ أيضاً: هل يشكل الذكاء الاصطناعي تهديداً لوجود البشر؟

الرعاية الصحية

في عام 2017، كشفت الشركة العالمية الرائدة في مجال الطب القائم على البيانات صوفيا جينتيك (SOPHiA GENETICS)، أن 5 مستشفيات مغربية قامت بدمج أدوات الذكاء الاصطناعي في عيادتها للمساعدة في تحديد الأمراض المسببة للطفرات الجينية عند بعض المرضى.

هذه المستشفيات هي جزء من شبكة تضم 260 مستشفى حول العالم في 46 دولة تشارك البيانات الطبية للمرضى فيما بينها للمساعدة في تطوير تقنيات وأدوات التشخيص المبكر للمرض.

اقرأ أيضاً: تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الطب وتشخيص الأمراض

هل المغرب مستعد لثورة الذكاء الاصطناعي؟

تتوفر في المغرب بنية تحتية مستقرة تؤمّن كل متطلبات استخدام التكنولوجيا الحديثة في المؤسسات والشركات. وتشمل هذه البنية شبكة كهرباء مستقرة في كل أنحاء البلاد وخدمة إنترنت جيدة، بالإضافة إلى توفر كل الأجهزة التكنولوجية الحديثة وخدمات الدفع الإلكتروني الضرورية.

ومؤخراً، لم يعد الذكاء الاصطناعي خياراً متاحاً للشركات والمؤسسات المغربية فقط، وإنما للأفراد الذين يملكون مشاريع صغيرة أيضاً. هذا يعني أن المملكة المغربية لديها كل الإمكانات الضرورية لاستيعاب ودمج التكنولوجيا الحديثة وخاصة الذكاء الاصطناعي في بنيتها التحتية العامة والخاصة من أجل تحسين القطاعات المختلفة والخدمات المقدمة للمواطنين.

اقرأ أيضاً: هل هناك حدود أخلاقية في تطوير الذكاء الاصطناعي؟

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي

من المعروف أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤثّر بشكل سلبي إن كان متحيزاً أو غير أخلاقي. لهذا السبب، نفذت المغرب توصيات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة -اليونسكو (UNESCO)- فيما يتعلق بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي. هذا يعني أن كل الشركات والمؤسسات والأفراد في المغرب عليهم التقيد بالمعايير والقيم والمبادئ اللازمة لتطوير الذكاء الاصطناعي الأخلاقي حسب هذه التوصيات.

المحتوى محمي