ثقب أسود فائق الكتلة يتيح رصد تصادم بين ثقبين أسودين صغيرين

2 دقائق
مصدر الصورة: معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا

أفاد فلكيون من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا أنهم تمكنوا من رصد تصادم بين ثقبين أسودين. عادة ما تكون مثل هذه الأحداث غير مرئية، ولكن هذه المرة ساعد وجودُ ثقب أسود أكبر حجماً في منطقة مجاورة للحدث على إضاءة الثقبين الآخرَين أثناء تصادمهما. إذا تم تأكيد صحتها، فإن النتائج التي نُشِرت في مجلة فيزيكال ريفيو ليترز (Physical Review Letters)، ستمثل أولى عمليات الرصد البصرية التي تم إجراؤها على الإطلاق لاندماج ثقب أسود.

ماذا حدث؟

اكتُشف الاندماج لأول مرة في مايو 2019 وأطلق عليه اسم: S190521g، وقد حدث على بعد نحو 4 مليارات سنة ضوئية، في المنطقة المجاورة لثقب أسود فائق الكتلة يسمى J1249+3449 (نجم زائف). هذا الجسم يفوق الشمس كتلةً بمقدار 100 مليون مرة، بنصف قطر يقارب طول مدار الأرض حول الشمس. 

أما الثقبان الأسودان الأصغر حجماً، فكل واحد منهما يفوق الشمس كتلةً بنحو 150 مرة، وقد ارتطما بالقرص التراكمي للثقب الأسود العملاق، وهو عبارة عن دوامة من النجوم والغازات والغبار يتم شفطها ببطء نحو أفق الحدث، والذي لا يمكن حتى للضوء أن يفلت منه. 

عندما تصادمَ الثقبان الأسودان الصغيران، تسببت القوة الناتجة بإطلاق الجسم المندمج خارج القرص التراكمي بسرعة تقارب 700,000 كيلومتر في الساعة، وذلك وفقاً لحسابات الباحثين. وأثناء اندفاعه نحو الفضاء، تسبب الثقب الأسود المندمج باشتعال الغازات المحيطة بالقرص، هو ما أنتج ضوءاً يفوق سطوع الشمس بنحو تريليون مرة.

كيف ربط الفلكيون بين الاندماج والثقب الأسود العملاق؟

تسبب S190521g -مثل العديد من حوادث اندماج الثقوب السوداء الأخرى- في توليد تموّجات في الزمكان تمكن ليجو من رصدها على الأرض، وهو مرصد للأمواج الثقالية. عندما وردت عمليات الرصد، تم إرسال تنبيه آلي إلى المراصد حول العالم لمعرفة ما إذا كان بإمكانها إجراء رصد بصري لأية أحداث في سماء الليل من المحتمل أنها تجري بشكل متزامن مع هذا الاندماج. وبعد نحو 34 يوماً، تمكنت منشأة زفيكي لمسح الأجسام العابرة في الفضاء في كاليفورنيا من رصد الضوء الناتج عن حادثة الاندماج، واقتفى العلماء أثراً ملتهباً قادهم إلى J124942.3+344929. 

الآفاق المستقبلية

لا يفترض بالثقوب السوداء أن تكون مرئية، لكن هذه النتائج الجديدة تشير إلى أنه يمكننا بالفعل تصور هذه الأجسام من خلال رصد المادة المحيطة التي تضيئها. لا يختلف الأمر كثيراً عن كيفية التقاط تلسكوب أفق الحدث للصورة الشهيرة اليوم لأحد الثقوب السوداء فائقة الكتلة، التي تم نشرها العام الماضي. تلك الصورة لا تمثل الثقب الأسود بحد ذاته، بل السحب المتوهجة من الغازات والغبار المتاخمة لأفق الحدث الخاص به.

إن وضع طريقة لرصد اندماجات الثقوب السوداء عن كثب ضمن أقراص تراكمية قد يتيح لنا الإجابة عن أسئلة حول كيفية تفاعل المادة مع هذه الأجسام، وإمكانية توقع الاندماجات قبل حدوثها. يعتقد فريق معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا أنه ربما تكون هذه الثقوب السوداء قد نتجت عن سلسلة طويلة من الاندماجات السابقة، وبالتالي كان الاندماج S190521g هو آخرها ببساطة.

ماذا بعد

لا تزال النتائج في حاجة للتأكيد. وسيُجري الفلكيون تحليلاً أكثر تفصيلاً للاندماج S190512g؛ من أجل معرفة ما إذا كان هناك صلة فعلية تربط بين الاندماج والتوهج المرتبط بالنجم الزائف J124942.3+344929.